رئيس الحكومة التونسية
تونس ـ أزهار الجربوعي
أعلن ، حمادي الجبالي، مساء السبت، أن ائتلاف "الترويكا" الحاكم، لم يوفق قي التوصل إلى قرار نهائي بشأن التعديل الوزاري المرتقب والذي امتدت المفاوضات بشأنه طيلة ثلاثة أشهر مع أكثر من طرف سياسي، وقال الجبالي في ندوة صحافية في مقر الضيافة في قرطاج أنه "بناءً على هذا الفشل فإنه
سيقدم مقترحًا بشأن التشكيلة الحكومية التي يراها مناسبة إلى المجلس التأسيسي التونسي (البرلمان)، لمناقشتها وتزكيتها، وذلك بصفته رئيسًا للحكومة"، فيما أكدت مصادر حزبية تحدثت لـ"العرب اليوم" أن حزبي المؤتمر والتكتل، شريكا حركة النهضة في الحكم يصران على إدخال تغيير جوهري على السياسات الحكومية، وليس مجرد تغيير أشخاص، وأستبعدت المصادر مرور اقتراح بتشكيلة حكومة إلى البرلمان من دون الوصول إلى توافق.
واعتبر رئيس الحكومة التونسية أن المفاوضات بشأن التشكيلة الوزارية الجديدة كانت "صحية ومثمرة" رغم أنها لم تنجح في التوصل إلى اتفاق بشأن التعديل الوزاري، قائلًا، "لئن لم ننجح في التوصل إلى اتفاق نهائي بشأن التعديل الحكومي ، إلا أن الجميع بدا متفقا حول أرضية مشتركة للحوار، كما أن المفاوضات كانت صريحة وتضمنت تقييما واقعيا للأداء الحكومي واستحقاقات البلاد في الوقت الراهن التي تقتضي مكافحة الفساد وتحقيق التنمية وتوفير الأمن والحد من إشتعال الأسعار".
ودعا رئيس الحكومة التونسية حمادي الجبالي إلى التعجيل بالإنتخابات التي يجب ألا تتجاوز بداية الصيف المقبل ،" لأن وضع البلاد لم يعد يحتمل التأجيل والتمديد في الفترة الإنتقالية"، على حد قوله. مشددًا على أن الجميع في الداخل والخاريج ينتظر الإنتخابات التي ستساهم في إزالة الغموض وطمأنة اللنفوس، وبخاصة المستثمرين، وهو ما سيؤدي إلى التركيز على مشاغل وهموم المواطنين التنموية والإقتصادية. كما أكد الجبالي أن الإنتهاء من الإنتخابات التشريعية والرئاسية وتشكيل حكومة جديدة دائمة ومنتخبة، بداية أيلول / سبتمبر المقبل " أمر ممكن ولا مناص منه".
وجاء إعلان رئيس الحكومة التونسية حمادي الجبالي، عن فشل المفاوضات في التوصل لإتفاق نهائي بشأن التعديل الوزاري، ليخالف جميع التوقعات السياسية والإعلامية التي كانت تنتظر منه الإعلان عن التشكيلة الحكومية الجديدة، ويؤكد حالة التخبط التي يعيشها إئتلاف الترويكا الحاكم في البلاد، بعد أن رفضت جل التيارات السياسية في البلاد التحالف معه ولو بصفة وقتية لتأمين ما تبقى من الفترة الإنتقالية الحالية التي لم يعد يفصلها عن الإنتخابات التشريعية أقل من ستة أشهر.
وأكد عضو تنسيقية الترويكا الحاكمة في تونس والقيادي في حزب المؤتمر من أجل الجمهورية طارق الكحلاوي في تصريح خاص بـ"العرب اليوم"، أن المفاوضات الحكومية مازالت جارية إلى حين التوصل لاتفاق نهائي بشأن التعديل الوزاري.
وتعقيبا على تلويح رئيس الحكومة حمادي الجبالي بعرض مقترحه بشأن التركيبة الحكومية على المجلس التأسيسي التونسي بعد أن وصلت المفوضات إلى طريق مسدود، اعتبر الكحلاوي أن المرور إلى التأسيسي لن يكون قبل اتمام المفاوضات والتوافق بشأن الخطوط العريضة للتعديل داخل ائتلاف الترويكا الحاكم ومع بقية الأطراف المشاركة في المفاوضات، معللا ذلك بان الجبالي لم يحدد تاريخا واضحا للجوء الى المجلس التأسيسي وأبقى على المجال مفتوحا لإستكمال المشاورات .
وردًا على سؤال بشأن معوقات التوصل إلى صيغة نهائية للتعديل الوزاري، أكد القيادي في حزب المؤتمر طارق الكحلاوي أن موطن الخلاف يكمن في مستويين اثنين، أولاهما أن حزبي التكتل والمؤتمر (شريكا حركة النهضة في إئتلاف الترويكا الحاكم)، متمسكان بضرورة إدخال تغيير صلب وزارتين من مواقع السيادة، رافضا الكشف عن هذين الحقيبتين، إلا أن مصادر مطلعة أكدت لـ"العرب اليوم" أن الخلاف يتعلق بوزارتي العدل والخارجية، كما شدد الكحلاوي على أن حركة النهضة لم تستجب بصفة كلية لهذا المطلب الذي يراه شركاؤها جديا وضروريا.
وأضاف القيادي في حزب الرئيس المنصف المرزوقي ، أن موطن الخلاف الثاني يتمثل في رغبة التكتل والمؤتمر أن يكون التعديل الوزاري القادم عميقا ويشمل الخطط والبرامج وليس مجرد استبدال شخصيات بأخرى فقط.
من جانبه كشف، المتحدث الرسمي باسم حركة وفاء التونسية، سليم بوخذير لـ"العرب اليوم"، أن حزبه رفض عرض الحكومة الثاني للمشاركة في التعديل الوزاري، وأشار إلى ان ائتلاف الترويكا الحاكم اقترح على "وفاء" حقيبتين هما وزارة العدالة الإنتقالية والمستشار السياسي للحكومة (برتبة وزير)، وهو ما رفضه المكتب التنفيذي للحزب لأن مقترح الحكومة يتعلق باستبدال أسماء ومناصب وليس بتغيير بسياسات عميقة وبرامج جوهرية، وهو ما من شانه المواصلة في نفس البرامج القديمة التي أثبتت ضعف وعدم نجاعتها، حسب رأيه.
واكد بوخذير لـ"العرب اليوم" أن حزبه رفض مقترح الترويكا بالانضمام للتشكيلة الوزارية لأنه فرض مواصلة هيمنة الترويكا كما أنه جاء بعناوين فضفاضة وشعارات جوفاء دون أن يأتي بمقاربات واضحة لمضامين تغيير سياسي عميق، والتي تتطلب نقاشات وجدل، وأضاف أن الحكومة غير جدية في تفعيل استحقاق التطهير والمحاسبة الذي يعد أحد أبرز ركائز الثورة التونسية، قائلا "لا يمكن لحكومة تأوي في رحمها بقايا رموز الفساد وتعين جلادي النظام السابق على رأس المناصب العليا في الدولة، أن تكون جادة في الإصلاح والتطهير"، وهو ما جعل حزبه يرفض عرض الترويكا بالانضمام للحكومة للمرة الثانية، على حد تعبيره.
وتعقيبا على تصريح رئيس الحكومة حمادي الجبالي بشأن ضرورة إشراك مراقبين دوليين بأكبر عدد ممكن ضمانا لشفافية الإنتخابات القادمة، مشددًا على عدم ربط ذلك بالسيادة الوطنية لأن وجود مراقبة دولية أجنبية سيضفي مزيدًا من المصداقية والشفافية على العملية الإنتخابية القادمة، سيما وأن هناك من بدأ حملة التشكيك في نزاهتها منذ الآن، على حد قوله، أكد القيادي في حركة وفاء سليم بوخذير أن يوم الإنتخاب ليس سوى مرحلة من حلقة كاملة ، ومن السابق لأوانه الدخول في هذه التفاصيل قبل الإعداد للأرضية القانونية والسياسية الملائمة ليوم الإقتراع، بما في ذلك تفعيل خيار المحاسبة وتفكيك منظومة الفساد وتطهير البلاد من المال السياسي المشبوه الذي عاد بقوة في الآونة الأخيرة.
على صعيد آخر، وجهت العريضة الشعبية التي يتزعمها المعارض التونسي الهاشمي الحامدي، رسالة مفتوحة إلى رئيس الحكومة حمادي الجبالي، تدعوه فيها إلى تقديم استقالته مع أعضاء حكومته وتشكيل حكومة كفاءات برئاسة شخصية محايدة تتمتع بخبرة في شؤون الدولة.
كما طالبت العريضة الشعبية إلى التخلي نهائيا عن فكرة التعديل الوزاري ومصارحة الشعب التونسي بالأخطاء السابقة والعودة لأهداف الثورة.
من جهتها، اعتبرت الأمين العامة للحزب الجمهوري مية الجريبي أن التعديل الوزاري لن يغير شيئا في وضع البلاد بل من الممكن أن يزيد في تعميق ، مشددة على أن المسألة على درجة كبيرة من الأهمية، بحيث لا يمكن أن تتم خلال أسابيع بل تتطلب نقاشات وبرامج قد تطول لعدة أشهر .
وأبرزت الجريبي أن تكوين حكومة ائتلاف وطني أو حكومة كفاءات مصغرة تستوجب تحييد وزارات السيادة والاتفاق على خارطة طريق واضحة وضمان مناخ سياسي يُحي الاستقرار والأمن للبلاد ويضمن تكافؤ الفرص في الانتخابات القادمة.
ودعت الأمين العامة للحزب الجمهوري جميع القوى السياسية إلى طي صفحة التعديل الوزاري والعمل سويا على بلورة توافق وطني حول خارطة طريق للمحطات القادمة.
وفي سياق متصل، اعتبر نائب رئيس حركة النهضة عبد الفتاح مورو غياب برنامج حكومي واضح المعالم والأهداف للمرحلة القادمة ، قد يكون أحد أبرز أسباب رفض الأحزاب الانضمام للتشكيلة الوزارية الجديدة، مشددا على أن تغيير وزير بوزير، أمر لا يفضي إلى أي جدوى، على حد قوله.
أرسل تعليقك