لافتة تحمل صورة أوباما والجاسوس جوناثان بولارد على جدار في القدس
نيويورك ـ سناء المرّ
يستقبل الإسرائيليون، الرئيس الأميركي باراك أوباما خلال زيارته القدس المحتلة، الأربعاء، بإضراب عن الطعام، تضامنًا مع الجاسوس الأميركي جوناثان بولارد الذي يقضي عقوبة الَسجن مدى الحياة في أحد سجون نورث كارولينا، بعد إدانته في الثمانينات بالتجسس لحساب إسرائيل، ولن تقتصر الدعوة إلى الإفراج عن
الجاسوس بولارد فقط على المحتجين من الجناح اليميني الإسرائيلي، الذين يعتبرونها فرصة ذهبية لإبداء حُسن النوايا من خلال هذه القضية.
وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، أن "هذه الدعوة ستأتي أيضًا من الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز، وبعض من أبرز الشخصيات العامة من بينهم عُلماء حَصلوا على جائزة نوبل، وجنرالات متقاعدين، وعدد من مشاهير الكتاب والمفكرين، الذين قاموا بالتوقيع مع ما يزيد عن 175 ألف شخص على التماس على شبكة الإنترنت يدعو إلى العفو عن بولارد، وبعد سنوات كانت هذه المسألة في إسرائيل، تبدو هامشية إلى حد ما ومثيرة للخلاف، لكنها أخذت في الآونة الأخيرة شكل حملة قوية، إذ أعيد صياغة المسألة باعتبارها قضية قابلة للحل، وقد لقيَ هذا المسعى استجابة قوية".
ويقول أستاذ القانون ووزير التعليم الإسرائيلي الأسبق، آمنون روبنشتاين، إن "القضية يمكن تلخصيها في عبارة واحدة هي "هذا يكفي، وأنه ليس من الإنسانية الاستمرار في سجنه، ويعود هذا التحول في الأوساط الإسرائيلية في التعامل مع قضية بولارد إلى أن القائمين في إسرائيل على الحملة يقولون إن بولارد (58 عامًا) والذي يتردد بأنه مريض، قد أمضى 28 عامًا، ولم يحدث من قبل أن تعرض جاسوس أميركي لدولة حليفة لمثل هذه العقوبة".
ويبدو أن هناك عاملاً أخر وراء هذا التحول، يتمثل في تنامي عدد المسؤولين السابقين في الولايات المتحدة الذين يدعون إلى العفو عنه، ومن بين هؤلاء وزيرا الخارجية السابقين جورج شولتز، وهنري كيسنجر، ومدير وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية الـ "سي آي إيه" الأسبق، جيمس وولسي الذي كان يعارض بشدة، العفو عن بولارد وهو في منصبه.
وقال وولسي في تصريح لإذاعة الجيش الإسرائيلي إن "فترة سجن ثلاثة متهمين آخرين بالتجسس لحساب دول صديقة، لم تزد عن خمس سنوات"، في حين دعا أخيرًا المدير الأسبق للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، عاموس يادلين، إلى "الإفراج عن بولارد في ضوء حالته الصحية ولأسباب إنسانية، وذلك في وقت تواجه فيه البلدان تحديات غير عادية خلال العام 2013".
وقد وقَع زعيم كتلة "الوسط" الجديدة في إسرائيل، يائير لابيد على الإلتماس، وكذلك فعل الجندي الإسرائيلي السابق جلعاد شاليط الذي كان أسيرًا لدى حركة "حماس" لمدة 5 سنوات، وخلال الأسبوع الماضي أجرى التلفزيون الإسرائيلي لقاءًا مع إيثر زوجة بولارد قالت فيه "إنها وزوجها يشعران بالندم العميق والأسف لما حدث، وتوسلت إلى الرئيس أوباما طالبة منه الرحمة".
وعمل بولارد محللاً استخباراتيًا في البحرية الأميركية، قد بدأ التجسس لحساب إسرائيل بعد اتصاله بأحد الضباط الإسرائيليين العام 1984، وقد اكتشفت السلطات الأميركية أمره بعد 18 شهرًا، وفي تلك الأثناء حاول اللجوء إلى السفارة الإسرائيلية في واشنطن، ولكن السفارة رفضت دخوله، وصدر الحكم آنذاك بإدانته وسجنه مدى الحياة.
ونفت إسرائيل في بداية الأمر علاقتها به وتبرأت منه، ولكنها منحته الجنسية الإسرائيلية العام 1995، وفي أواخر التسعينات اعترف بينامين نتنياهو بأن "بولارد كان عميلاً لإسرائيل، ولا يزال الكثير من تفاصيل القضية طي الكتمان، ولكن بعض وثائق الـ "سي آي إيه" السرية التي نشرت أخيرًا تشير إلى أنه "كان يمد إسرائيل بمعلومات أميركا الاستخباراتية التي تجمعها عن أعداء إسرائيل من العرب والدعم العسكري الذي كانت تتلقاه تلك الدول من الاتحاد السوفيتي، بما في ذلك معلومات عن الأسلحة الكيميائية والبيولوجية العربية، كما قام الجاسوس بتسليم حقائب مملوءة بنسخ من معلومات سرية إلى إسرائيل كل أسبوعين، وهي معلومات كشفت عن الكثير من مصادر المخابرات الأميركية وأساليبها في جمع تلك المعلومات، كما تكشف عن اهتمامات السياسة الخارجية الأميركية وأسلوب الـ"سي آي إيه" في التقدير والتقييم، فيما يشير أنصار بولارد في إسرائيل إلى أنه "لم يطلب منه أن يتجسس على الولايات المتحدة نفسها".
وطرح نتنياهو في الماضي، مسألة الإفراج عن بولارد، مقابل تقديم بعض التنازلات أثناء مفاوضات السلام في الشرق الأوسط، لكن سفير إسرائيل في أميركا سالاي ميريدور خلال الفترة ما بين عامي 2006 و2009، يقول إن "هناك مسؤولين داخل وزارة الدفاع، يرفضون بشدة الإفراج عن بولارد ويمارسون نفوذهم في هذا الشأن على غيرهم من المسؤولين. وأننا لا نعرف تفاصيل وملابسات القضية كافة، ولكننا نفترض أنه إرتكب عملا سيئًا، ولكنه أمضى مقابل ذلك عقوبة امتدت 28 عامًا، وهذا يكفي".
وكان شيمون بيريز قد تعهد بإثارة موضوع العفو خلال زيارة أوباما، وقال المتحدث باسم الحملة إن "رسالة الحملة إنسانية، ونابعة من الصداقة التي تربط بين البلدين، وليس هناك أفضل من بيريز، كي يقوم بتوصيل هذه الرسالة"، لكن الصحيفة تشير إلى أنه "لم تظهر بعد أي مؤشرات تدل على تَحول في التوجه الأميركي في هذا الشأن".
يذكر أن أوباما قد قال من قبل إن "بولارد قد ارتكب جريمة خطيرة وأنه يقضي عقوبته، وأنه يتعاطف مع مشاعر الإسرائيليين تجاهه، وأنه سينظر في تطبيق القواعد المعتادة بشأن قضيته، وأنه لا يعتزم في الوقت الراهن الإفراج عن بولارد فورًا".
أرسل تعليقك