الرئيس اللبناني العماد ميشال سليمان ونظيره النيجيري جوناثان غودلاك
الرئيس اللبناني العماد ميشال سليمان ونظيره النيجيري جوناثان غودلاك
بيروت ـ جورج شاهين
أكد الرئيسان اللبناني العماد ميشال سليمان ونظيره النيجيري جوناثان غودلاك، "متابعة قضية المخطوفين اللبنانيين في نيجيريا من أجل تحريرهما في أقرب وقت". وأوضح الرئيس سليمان أن "عمليات الخطف لا تفيد أحدًا، بل تسيء إلى الجهة الخاطفة وتأتي بنتائج عكسية على الخاطفين". وشدد الرئيسان على "ضرورة
العمل من أجل السلام والاستقرار إقليمياً ودولياً بما في ذلك الشرق الأوسط وأفريقيا، وتوطيد أواصر التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين لبنان ونيجيريا".
وجاءت مواقف الرئيسين سليمان وجوناثان في مؤتمر صحافي مشترك عقداه بعد لقاء القمة والمحادثات الموسعة في القصر الرئاسي النيجيري في أبوجا.
وفي بدء المحادثات الرسمية عقد لقاء ثنائي بين الرئيسين تم في خلاله التطرق إلى سبل تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين، ثم تحول بعد ذلك إلى لقاء موسع ضم إلى الرئيسين سليمان وغودلاك أعضاء الوفدين اللبناني والنيجيري .
وفي نهاية اللقاء، تم توقيع مذكرة تفاهم بين الحكوميتين اللبنانية والنيجيرية من أجل تشكيل آلية التحاور الإستراتيجي. وتركز برامج عمل الآلية على المجالات التالية: الزراعة وصناعة الطعام، النفط، السياحة، التجارة والاستثمار، المال، الثقافة التربية، البنى التحتية والطيران.
وعقد الرئيسان مؤتمرًا صحافيًا مشتركًا عند مدخل القصر وصف فيه الرئيس جوناثان الزيارة الرسمية اللبنانية بالتاريخية وقال"صديقي الرئيس سليمان إنني مسرور جدًا للزيارة الرسمية التي تقومون بها إلى نيجيريا، ولقد حدث تفاهم مشترك في هذه الزيارة الرئاسية اللبنانية الأولى من نوعها إلى بلادنا منذ استقلالها. ونحن نعتبرها تطورًا وإنجازًا، ولقد أكدنا علاقات وطيدة ثنائية تجمعنا، وأشرنا إلى وجود عدد كبير من أبناء الجالية اللبنانية ينشطون في نيجيريا، لقد كانت مناسبة لتعزيز التعاون المشترك في المجالات كافة وبهدف توطيد العلاقات وإن شاء الله سنعمل كثيرًا لتحقيق ما يمكن تحقيقه من الأمور التي تناولتها هذه الزيارة لاسيما في مجالات التعاون التجاري والاقتصادي وغرف التجارة والصناعة بين البلدين". وأدلى الرئيس سليمان بالبيان الآتي"أجريت محادثات مفيدة وبنّاءة مع فخامة الرئيس Goodluck Jonathan تناولت سبل تعزيز علاقات الصداقة والتعاون القائمة بين بلدينا على الصعد السياسيّة والاقتصاديّة والثقافيّة، وشكرت الرئيس جوناثان على الجهود التي تبذلها الحكومة النيجيرية من أجل تحرير الرهائن، وبشكل خاص اللبنانيين كارلوس بو عزيز، وعماد عنداري".
وأضاف البيان"تمّ تأكيد أهميّة الاستقرار وسيادة القانون على الصعيد الداخلي، وتحقيق السلام على الصعيد الخارجي، تمكيناً للشعوب من الانصراف إلى الجهد الهادف لتحقيق نموّها الاقتصادي والاجتماعي وهناء عيشها،
وهذا يتطلّب التزاماً بالأصول الديمقراطيّة والحوكمة الرشيدة وتعاوناً فعليّاً بين الدول وتضامناً إقليميّاً ودوليّاً فاعلاً لمحاربة الإرهاب والجريمة المنظّمة وحلّ النزاعات بالطرق السلميّة وتعزيز ثقافة الديمقراطيّة والعدالة والسلام؛
وفي هذا المجال أكدنا أهميّة إيجاد حلّ عادل وشامل لكل أوجه الصراع العربي الإسرائيلي ولقضيّة فلسطين، على قاعدة قرارات الشرعيّة الدوليّة ذات الصلة ومرجعيّة مؤتمر مدريد والمبادرة العربيّة للسلام.
وأكدنا الرغبة المشتركة في تعزيز آفاق التعاون الاقتصادي والتجاري بين بلدينا وتوسيعه من خلال التوصّل إلى اتفاقات تشمل مجمل القطاعات، وزيادة وتيرة التواصل والتشاور من أجل خلق آليّات دائمة وصلبة لهذا التعاون على صعيد المؤسسات الحكوميّة وغرف الصناعة والتجارة والزراعة وهيئات المجتمع المدني.
ولقد بدأنا بهذا المسار من خلال التوقيع على مذكرة تفاهم تشمل عدداً من مجالات التعاون".
وختم سليمان بالقول "لقد وجّهت إلى فخامته دعوة إلى القيام بزيارة رسميّة للبنان في أقرب الآجال الممكنة".
ثم دار حوار بين الرئيسين سليمان وجوناثان والصحافيين، فسئل الرئيسان عن قضية المخطوفين اللبنانيين في نيجيريا فأجاب الرئيس النيجيري"إن هذه القضية تهمني شخصياً كرئيس لنيجيريا، لأنها حصلت هنا وأقول إن "هناك تضاربًا في المعلومات بشأنها، وهناك معلومات كثيرة، إلا أن تحليلها لا يخولنا إعطاء موقف حاسم بشأن مصير المخطوفين، وما زلنا نعمل على حل هذه القضية". واعتبر أنها "لحظة حزينة وأن الجهود تتواصل ونعمل مع الدول الصديقة وفي طليعتها المملكة المتحدة من أجل تحديد مكان المخطوفين"، لافتاً إلى "صعوبة لتفتيش في المكان الذي وقعت فيه عملية الاختطاف، لأنها منطقة صخرية".
وسئل الرئيس سليمان، لقد حصلت بعض المشكلات الأمنية الأحد في لبنان، وماذا ستقولون للجالية اللبنانية هنا؟ وهل لبنان هو على حافة الانهيار الأمني؟ إن ما حدث الأحد مدان من قبلي ومن قبل جميع الفرقاء اللبنانيين والأطراف. وكما قلت، فإنه "قد تحدث بعض الممارسات الشاذة أحياناً، ولكنها لن تصل إلى اضطرابات عامة، فجميع المرجعيات استنكرت الحادث ورفعت الغطاء، والقوى الأمنية باشرت بعمليات الدهم وهي أوقفت معظم المرتكبين، وتبحث حاليًا عن الباقين منهم.وعلى القضاء اللبناني أن يتخذ أقصى التدابير، لكي هذه التدابير تكون عبرة لمن تسول له نفسه ارتكاب هذه الممارسات".
ومع انتهاء المحادثات الرسمية في أبوجا، انتقل الوفد الرئاسي اللبناني إلى لاغوس، إذ وصل إلى مطار مورتالا محمد الدولي في الساعة السادسة والنصف من مساء الإثنين بتوقيت نيجيريا، وكان في الاستقبال مدير مراسم المطار وقنصل لبنان العام في نيجيريا السيدة ديما حداد وعدد من أفراد الجالية اللبنانية في لاغوس، وعدد من المسؤولين النيجيريين. ووسط لوحات فولكلورية وتراثية نيجيرية شقّ الوفد طريقه إلى مقر الإقامة في فندق أكو.
وكان الرئيس سليمان استقبل صباحاً في مقر إقامته في أبوجا وفدًا من السفراء العرب المعتمدين في نيجيريا. وفي مستهل اللقاء رحّب عميد السلك الدبلوماسي العربي في نيجيريا سفير الكويت علي العسعوسي بالرئيس سليمان.
بعدها ألقى رئيس الجمهورية الكلمة التالية: أشكر لكم حضوركم. نحن في حاجة أكثر للتعاون والتعاضد في كل الشؤون العربية، في ظل التطور السريع في العالم، إذ تحدث ظروف وتطورات مختلفة نعيشها في شكل متسارع، وهذا يتطلّب تضامنًا بين الدول لأنه من دون تعاون، لا يمكن التماشي مع التطور.
إنّ العالم يتجّه إلى العولمة، والعالم بات قرية واحدة، فلا يجوز أن تبقى كل دولة منعزلة، إذ لا تستطيع عندها مواكبة العصر. حتى الديمقراطيات سيعاد النظر فيها، وستصبح الدول شبه متشابهة من حيث التركيبة، ففي كل عاصمة هناك أناس من كل الجنسيات، وهي ظاهرة قوية موجودة في الولايات المتحدة وفي الدول الأوروبية. وهذا ما يفترض التعاون وإعادة النظر بأمور عدة.
لذلك فانّه في الدول العربية حيث الديمقراطيات ناشئة لا يمكن إلّا أن يتم إشراك كل المكونات والأقليات فيها. بمعنى انّه يجب أن تكون لتلك الأقليات أدوار في إدارة الشأن السياسي وغير السياسي، وإلّا تخسر تلك الدول المكونات التي شاركت في حضارتها. لذلك يجب التشبث في الديمقراطيات بأن نشرك تلك المكونات لدحض التعصب والتطرف.
كذلك يجب أن ننظر إلى الديمقراطية كمعيار واحد، من هنا يجب ألا ننسى أو نغفل وجوب ممارسة الديمقراطية على مستوى فلسطين حيث يجب عدم حرمان الفلسطينيين من حقوقهم ومنها إقامة دولتهم. وهذه من الشروط المهمة لاستقرار الديمقراطية في المنطقة.
من هنا يجب علينا التعاون في ما بيننا من أجل قضيتنا المشتركة كما من أجل تطور بلداننا.
وتعرفون كيف أن الإسرائيليين يتصرفون في هذه الدول الأفريقية من أجل أن يدافعوا عن قضيتهم هم وأهدافهم فيها. وأنتم ترون كيف أنهم يطرحون أنفسهم في أفريقيا على أنهم يساعدون في مكافحة الإرهاب. لذلك علينا بالتعاون في ما بيننا لإشعار الدول الأفريقية بحاجتها إلينا في هذا المجال كما في غيره. ويجب أن نظهر لهم أننا أكثر من غيرنا ضد الإرهاب، ومع إزالة الظلم لأسباب عدة منها إنسانية ومنها عربية.
وفي العالم هنالك صراع بين التطرف والانعزال كما بين الانفتاح والاعتدال الذي نؤمن به. ومن المؤكد أن الغلبة ستكون للانفتاح والاعتدال.
وتحدث القائم بالأعمال السوري عن الأوضاع في سورية، وعمّا أسماه الإرهاب الذي تتعرّض له بلاده، إذ أن الغرب هو الذي يغذيّه ويستغلّه، وأن لبنان وسورية لديهما حتمية تاريخية وجغرافية في علاقاتهما.
وردّ الرئيس سليمان بالقول" جميعنا يريد الاستقرار لسورية، ويريد الأمن والاستقرار لسورية ولبنان والعراق، وكل الدول. وإذا كان الغرب ينعت المسلمين بالإرهاب، فإنّ على الدول العربية العمل لوأد الإرهاب وتحقيق الاستقرار. ونحن نأمل أن يتم إطلاق المخطوفين اللبنانيين والسوريين وغيرهم في نيجيريا، ونتمنى لكم كل الخير".
أرسل تعليقك