أجمع عدد من الخبراء والمحللين السياسيين في تصريحات صحافية، أمس الجمعة، على أهمية الدور الذي لعبته المملكة العربية السعودية، في عهد الملك عبد الله بن عبد العزيز رحمه الله، في الوقوف جانب مصر منذ بداية حكمه وحتى اليوم، فضلًا عن مواقفه الصارمة في مواجهة التطرف وإشاعة سيناريوهات الفوضى.
وأوضح مدير المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية محمد صادق إسماعيل، في تصريحات صحافية إنَّ "موقف المملكة تجاه ثورة 30 حزيران/ يونيو بوقوف الراحل إلى جانب الشعب المصري، هو موقف لا يقل عن الموقف السعودي في حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973، وهى ضربة قاسمة بلا شك لكل القوى المعادية لثورة 30 حزيران/يونيو".
وأضاف إسماعيل، "كما أنه يعكس استعادة العلاقات الحميمية بين مصر ودول مجلس التعاون الخليجي، بشكل عام، والسعودية بشكل خاص، وهى العلاقات التي زادت بعد ثورة 25 كانون الثاني/ يناير، إلا أنَّها أخذت البعد الحركي بعد الأزمة المصرية الأخيرة بفضل موقف العاهل السعودي رحمه الله الذي لن ينساه له التاريخ، وكلها مواقف تعكس حكمته في التعامل مع الأزمات التي تعاني منها المنطقة العربية في إطار الأمن القومي العربي".
وتابع: "هى المواقف التي تواصلت فيما بعد من خلال اعتبار "الإخوان" جماعة "محظورة" واضعة في الاعتبار مدى الخطورة التي مثلها حكم جماعة "الإخوان" على الأمن القومي المصري كونهم تنظيمًا دوليًا، ومدركة خطورة سعيهم لتغيير أنظمة الحكم في البلدان العربية، لاسيما دول الخليج عبر أذرع التنظيم الدولي، فكان الموقف السعودي واضحًا في دعم النظام المصري في معركته مع الجماعة".
من جانبه، أكد نقيب المحامين، سامح عاشور، إنَّ "موقف السعودية من الأحداث الجارية في مصر ليس بغريب على دولة شقيقة طالما ساعدت مصر ووقفت إلى جوارها على مر التاريخ، ويكفي أنَّ موقف الراحل وخروجه معلنًا دعم مصر ضد التطرف ورفضه أي تدخل دولي في شؤون مصر الداخلية ساعد مصر كثيرًا في المضي في خارطة الطريق التي رسمتها لنفسها بعد 30 حزيران/ يونيو".
وأبرز عاشور، "الدعم الدبلوماسي الذي وفرته المملكة لمصر في المحافل الدولية لتوضيح حقيقة ما يجري في مصر على مدى الشهور التسع الماضية، وكلها مواقف تثبت أنَّ لمصر شقيقًا كبيرًا هو المملكة العربية السعودية".
من جهته، أشار رئيس لجنة المجتمع المدني في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور أيمن عبدالوهاب، إلى أنَّه "كانت هناك عملية من الصراع السياسي دائرة بين مصر وبين أميركا والإتحاد الأوروبي في مرحلة ما بعد 30 حزيران/يونيو، ما أدى إلى تصاعد حدة المطالبة بالاستغناء عن المعونات المقدمة من أميركا ومن الإتحاد الأوروبي نتيجة لهذا الصراع".
وأردف عبدالوهاب، "جاء موقف الفقيد الداعم لمصر ليصب في مصلحة قدرة مصر على التصدي للتهديد الأميركي المتصاعد ضد مصر، لاسيما أنه تبنى حلًا يقوم على ضرورة استعادة وتقوية مقومات الدولة المصرية من خلال التعاون العربي، وأن تتبنى الحكومة المصرية خطابًا مستمرًا للتوعية لحجم الضغوط التي تواجه مصر، وكذلك توفير حجم كبير من الشفافية حول صندوق دعم مصر والإعلان عن كل البيانات والأرقام الخاصة بصندوق دعم مصر وبالمساعدات والمعونات المقدمة من قبل الدول العربية لدى مصر".
ولفت إلى، "الدورالذي لعبته المملكة بعدما فتحت قنوات حوار مع فرنسا من أجل خارطة الطريق في مصر، وأنَّ موقف السعودية المشرف تجاه مصر أجبر الإتحاد الأوروبي على التراجع، ولا يمكننا تجاهل حقيقة أنه بعد كلمة الملك عبدالله يرحمه الله، التي وعد فيها بدعم مصر وبتعويض العرب للمساعدات الغربية، بدت مصر وكأنها لم تعد بحاجة إلى الغرب، طالما طُرحت أمامها خيارات أخرى".
وذكر الكاتب والناشر الصحافي، هشام قاسم، إنَّ "قراءة مواقف خادم الحرمين في التعامل مع الأزمات التي تعاني منها المنطقة العربية تأتي في إطار الأمن القومي العربي، فالأمن القومي لكل من دول المنطقة يرتبط ببعضه البعض، فالرئيس الراحل جمال عبد الناصر حاول في الستينيات تصدير الثورة المصرية للبلدان العربية، وذلك تدخلًا مرفوضًا في شؤون الدول الشقيقة، دفعها لاتخاذ مواقف غاضبة من مصر".
وأكمل حديثه، "وعندما جاء الرئيس الراحل أنور السادات رأى ضرورة احترام الخصوصية السياسية لكل دولة، فكان أن تحسنت العلاقات ودعمت السعودية بقوة وغيرها من البلدان العربية مصر وسورية في معركة تحرير سيناء والجولان المحتل عام ١٩٧٣، وعند وصول "الإخوان" لحكم مصر عقب ثورة ٢٥ كانون الثاني/ يناير أدرك المصريون خطرهم على الأمن القومي المصري كونهم تنظيمًا دوليًا".
وتابع، "وأدركت الدول العربية خطورتهم لسعيهم لتغيير أنظمة الحكم في البلدان العربية، لاسيما دول الخليج العربي عبر أذرع التنظيم الدولي، وبالتالي معركة مصر مع الجماعة تصب في صالح الأمن القومي العربي كافة، فكان الموقف السعودي واضحًا وصريحًا في دعم النظام المصري في معركته مع الجماعة ، لكن الأهم أنَّه مقدمة لدفاع عربي مشترك فيما يتعلق بما يهدد الأمن القومي العربي بشكل عام".
وثمن المنسق العام لائتلاف الضباط العسكريين المتقاعدين اللواء محمد الهادي، موقف الملك عبد الله، الذي أعلن فيه عن تأييده الكامل للموقف المصري تجاه ما وصفه بالتطرَّف، وعن إدانته للدول التي تحاول التدخل في شؤون مصر، مضيفًا أنَّ "دور الملك عبد الله رحمه الله ليس غريبًا على السعودية، فمن قبل دعمنا ملوك السعودية في حرب تشرين الأول/أكتوبر، ورفضت المزايدة على مصر لعلمها أن سقوط مصر سيسقط المنطقة العربية بالكامل".
ويقول القيادي في الجمعية الوطنية للتغيير، الدكتور أحمد دراج، إنَّ "قرار الملك عبدالله يرحمه الله بإعلان "الإخوان" جماعة متشدّدة عكس مدى تضامنه مع مصر وحرصه عليها، وكان بمثابة رسالة قوية إلى الدول التي تحمى التطرف، بأن هناك موقفًا عربيًا موحدًا على العالم أ يحترمه.
كما أنَّه "ساعد على منع تغول هذه الجماعات، واعتمادها على الأموال التي تجمعها من خلال أعضائها في كثير من الدول العربية".
وبيّن رئيس مجلس أمناء حزب المصريين الأحرار الدكتور أسامة الغزالي حرب، أنَّ "قرار المملكة بإدراج جماعة "الإخوان المسلمون" على قوائم التطرف يعتبر "قرارًا تاريخيًا"، لافتًا أنَّه "سيكون له تأثير سلبي على معنويات جماعة "الإخوان" وإنهاء مسارها السياسي لاسيما داخل مصر، في ظل استمرار الإخوان في تبني منهج الاعتراض بالعنف والتطرف منذ بداية دخولهم العمل السياسي قديمًا وحتى اليوم، فضلًا عما أثبتته فترة حكم الإخوان لمصر من افتقادهم الرؤيا الاستراتيجية التي تضمن بناء دولة".
ورأىّ مساعد وزير الخارجية الأسبق والقيادي في حزب "المصريين الأحرار"، السفير حسين هريدي، أنَّ "قرار السعودية بإعلان "الإخوان" جماعة محظورة، كان جيدًا ودافعًا في اتجاه تغيير الموازين في المنطقة، ويعكس تأييد السعودية للشعب المصري، فضلًا عن أنه زاد من حجم الضغوط على الدول الراعية للتنظيمات المتطرفة".
وأشار أستاذ التاريخ والآثار الدكتور أحمد عيسى، إلى أنَّ "العلاقات بين مصر والسعودية تعد علاقات متميزة نظرًا للمكانة والقدرات الكبيرة التي يتمتع بها البلدان على الأصعدة العربية والإسلامية والدولية"، مضيفًا أنَّه "على الصعيد العربي تؤكد الخبرة التاريخية أنَّ القاهرة والرياض هما قطبا العلاقات والتفاعلات في النظام الإقليمي العربي وعليهما يقع العبء الأكبر في تحقيق التضامن العربي والوصول إلى الأهداف الخيرة المنشودة التي تتطلع إليها الشعوب العربية من المحيط الأطلسي إلى الخليج العربي.
وتابع، "كما أنَّ التشابه في التوجهات بين السياستين المصرية والسعودية يؤدي إلى التقارب إزاء العديد من المشاكل والقضايا الدولية والقضايا العربية والإسلامية كالصراع العربي الإسرائيلي والقضية الفلسطينية"، ومن هنا كان طبيعيًا أن تتسم العلاقات السعودية المصرية بالقوة والاستمرارية".
أرسل تعليقك