كتيبة من المجاهدين القوقاز يصلون سورية
دمشق ـ جورج الشامي
أثار فيديو نشره عدد من الناشطين على موقع "يوتيوب" يظهر مجموعة من المجاهدين القوقاز في سورية، في مقدمهم "أمير القوقاز" المدعو عمر القوقازي، تفاوتا في ردود الفعل ، فرحب بهم عدد قليل من النشطاء ، لكن الجزء الأكبر رفض وجودهم ، وقال انه سيكون حجر عثرة في وجه
التسليح المنتظر، واتهم اخرون المخابرات السورية بفبركة هذا الفيديو، لخدمة الحكومة السورية، وإثبات نظرية مكافحة الإرهاب التي تتشدق بها الحكومة السورية.
ويعرّف "الأمير" المجموعة بكتيبة المجاهدين التي أتت إلى بلاد الشام لشرف هذه الأرض ولرفع الظلم عن أهلها، ويضيف: "فوتنا الكثير من الفرص لإقامة شرع الله على الأرض، ولكننا لن نفوت هذه الفرصة، وسنبذل قصارى جهدنا، وسنقاتل للنهاية، وإما الشهادة أو النصر".
ويدعو "الأمير" في هذا التسجيل المسلمين للجهاد، بأنفسهم وأموالهم، ومن لم يستطع فبماله على الأقل، ويتابع: "لا تتقاعصوا عن الجهاد، فالجهاد فرض عين، وليس فرض كفاية في هذه الحالة، ورفع كلمة التوحيد، ورفع راية الإسلام هو هدفنا، وسيكون نهاية الطاغية على أيدينا إن شاء الله".
وقال أحد النشطاء المؤيدين لوجود المجاهدين القوقاز، "هناك من ينتقد نشر هذا المقطع ويتهم من ينشره بالغباء لأنه بنظره يمنع الغرب من تسليح الثوار ويعطيهم الحجة كونهم بنظر الغرب متطرفين إسلاميين، انتقادهم يشعرني بالاشمئزاز والقرف حقيقة من مثل هذه العقليات، طوال كل الاشهر الماضية ونحن نصرخ ونستشهد بمقاطع يبكي لها الحجر لا البشر وما وصلنا من الغرب إلا دعوات الحوار، وحين يصل هؤلاء الأبطال لنصرة أعراضنا وأطفالنا تاركين أموالهم ومنازلهم وأعز ما يملكون من أهل وأحباب من أجل صرخات نسائنا في الداخل يأتي من ينتقد فخرنا بهؤلاء، طبعا لن يكون من ينتقد من الداخل السوري فمن فقد عزيزا أو رأى أمامه أبشع صور القتل والذبح ويصرخ ولا يجيبه الغرب ويأتيه أناس من أقصى بقاع الأرض يحملون راية التوحيد ويلبون صرخات الأطفال والأرامل لن يقول مثل هذا القول، مجاهدو القوقاز الأرض أرضكم والأعراض أعراضكم، وجهادكم لله فطوبى لكم".
فيما قال أحد المعارضين لوجود هؤلاء المقاتلين، أبو معتز درع الإسلام ، إن الهدف الأول والأخير من هذا الفيديو إظهار سورية كبلد حاضن للارهاب ومصدر للقاعدة، وان كل من يتبرع في الخارج هم داعمون للقاعدة وما شابه، ويتابع: الفيديو يسعى إلى إظهار أن الإمارة الإسلامية المتشددة ستكون بالقوة عن طريق التعويض ما حدث من خسائر في مالي وروسيا والعراق وغيرها، وختم "أبو معتز" ان منزلهم يظهر انه إحد القصور في الشيشان والقوقاز، وأشكالهم معلومة ومن أراد أن يتعرف اليه فليراجعهم بمقاطع الفيديو فإشكالهم تختلف كليًا.
فيما قال أحد النشطاء "نشر مثل هذا الفيديو يلحق الضرر الأكبر بالثورة فهو يزيد الدعم الدولي للطاغية على انه يحارب جماعات إرهابية مسلحة ما يبرر أيضًا امعانه في قتل الشعب ويعطي المبرر الشرعي لمن يدعون أنهم أصدقاء الشعب السوري لتشديد حظر السلاح عن الجيش الحر.
واضاف "ثم من قال أن الثورة قامت لتستبدل الحكومة الاستبدادية بأخرى متطرفة، إن أكثر ما يخيفني أن تضيع ثورتنا بضياع البوصلة وتحريكها على غير هدى فالثورة السورية قامت على أكتاف الشباب السوري ولن تنجح إلا به فهذه ليست الشيشان ولا أفغانستان أنها سورية الحرة.
وأضاف آخر "لسنا بحاجه لأحد من خارج الوطن لدينا من الرجل ما يكفي. وهؤلاء عاله على الثورة السورية فليرجعوا إلى بلادهم ونتمنى من الجيش الحر البطل عدم دعمهم وإرغامهم على مغادره الوطن".
فيما اتهم البعض الآخر المخابرات السورية بفبركة هذا الفيديو، لخدمة الحكومة السورية، وإثبات نظرية مكافحة الإرهاب التي تتشدق بها الحكومة السورية.
ونقل المرصد السوري لحقوق الإنسان، في بيان نشرته بعض المواقع الإلكترونية لم نستطع التأكد من صحته، عن مقاتلين إسلاميين في سورية: "بشراكم يا أهل الشام، ردًا على ما يقوم به "حزب اللات" (حزب الله)، وصل أمير القوقاز برفقته أخوة من الموحدين المجاهدين أفغانستان والشيشان وانضموا إلى كتيبة المهاجرين، وذلك ردًا على ما يقوم به حسن ... (نصرالله)، وعصاباته وتخطيطه لاقتحام القصير في حمص في الصباح".
فيما نشرت القيادة العسكرية لجبهة النصرة المرتبطة بتنظيم القاعدة جبهة النصرة - القيادة العسكرية بيانًا جاء فيه "بشراكم يا أهل بلاد الشام.. بشراكم يا أحفاد الصحابة والفاتحين.. بشراكم أيها المستضعفون والمكلومون.. بشراكم يا عباد الله، بشرى بدمع الفرح نزفها إلى أهلنا في شام النبي صلى الله عليه وسلم، ردًا على غطرسة عصابات حزب اللات وحشدها لمليشياتها حول القصير، نبشّركم بوصول رجالٍ أولي بأس شديد، وباع مديد وجهاد أكيد، في صقاع الأرض، ومنهم أئمة في الجهاد، خبروه وأحبهم وأحبوه، وشهدت لهم ربوع بلاد المسلمين بشدة بأسهم، وصلابة عودهم، خرّ لهم الروس، وبكى منهم الأمريكان، وصلوا إلى قُصير الجهاد، واستلموا زمام الركاب، فيا ربنا كن لهم، وأيدهم بملائكتك الكرام، وثبتهم وسدد رميهم، وأذق عصابات الأسد ومليشيات حزب اللات، ما لم يخطر لهم على بال. وأرنا ذلّهم وهوانهم على أيدي أبطالنا وأشاوسنا".
ويرى بعض الساسة السوريون والعرب أن السبب الرئيسي لازدياد التطرف في سورية من أمثال جبهة النصرة أو كتيبة المجاهدين وغيرها من التنظيمات المسلحة المتطرفة، هو حجم الإجرام الذي تتبعه حكومة الأسد في التعامل مع السوريين، والذي بدأ بالرصاص واستمر بالهاون وراجمات الصواريخ والغرات الجوية، وصل أخيرًا إلى صواريخ السكود، ولم يبق أمامه سوى استخدام الأسلحة الكيماوية.
ويعتقد هؤلاء أن زوال المسبب "الحكومة السورية" سيكون كفيلاً بالخلاص من هذه التنظيمات، على غرار ما حدث في العراق في السنوات الأخيرة. فيما يرى آخرون أن الوقت حان لتحديد دور هذه الجماعات مما سيوفر هذا على السوريين، وعلى غير السوريين ربما، بل وربما على عناصر هذه التنظيمات نفسها، المزيد من المآسي.
وكتب الزميل ملاذ الزعبي في جريدة الحياة يفنّد الفكر المتطرف، وأسباب تضخم الأنا الجهادية عند بعض هذه التنظيمات: فرزت الحرب الأفغانية عددًا من الحركات الجهادية التي شكلها من عرفوا لاحقًا بالأفغان العرب، كما أدى الانتصار على إحدى القوتين العظميين آنذاك إلى حصول ما يشبه «تضخم أنا قتالية» لدى هذه الجماعات، فظن قادتها ومنظروها ومنتسبوها أنهم قادرون على كسب أي معركة يخوضونها، سواء كانت في مواجهة حكومة شمولية أو حكم عسكري أو حتى قوى عظمى وتحالفات دولية. تجاهل قادة الجهاد الجدد عوامل رئيسة ساعدت على هزيمة السوفيات، أبرزها الدعم المتفاوت في حجمه وأشكاله الذي كان يتدفق على المجاهدين الأفغان من قوى عالمية وإقليمية، إضافة إلى الوضع المزري الذي كانت تعيشه الإمبراطورية الشيوعية في عقدها الأخير، لا بد من الإشارة إلى الأمد الطويل للحرب التي استمرت حوالى عشر سنوات.
هكذا، خاض الكثير من الحركات الجهادية معارك خاسرة منذ مطلع التسعينات وحتى اليوم، في الجزائر والشيشان والبوسنة وكشمير والعراق والفيليبين وفي أفغانستان نفسها مرة أخرى، وتلك الحركات تبدو على استعداد لخوض معركة جديدة في مالي، الانتصارات التي حققتها هذه الجماعات في جولات قصيرة وسيطرتها على مناطق لفترات متفاوتة لا تعني أبدًا أنها قادرة على فرض سيطرة طويلة الأمد.
قد يبدو مفيدًا مقارنة الحال السورية اليوم بنظيرتها العراقية قبل سنوات، تلك التي تسيّد المشهد فيها "تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين" الذي تحول إلى "دولة العراق الإسلامية"، سحب التنظيم الجهادي البساط من تحت قوى أخرى كانت تقاتل القوات الأميركية، ضمت عسكريين من الجيش العراقي المنحل وبعثيين وأفرادًا من العشائر، وعلى رغم أنه تمكن من إيلام الأمــيركيين إلا أنه انتهى منبوذًا حتى من حاضنته الشعبية المفترضة في مناطق العرب السنّة بينما تم اغتيال معظم قادته، لكن الثمن الذي دفعه العراق كان كبيرًا.
الإشارات الصادرة عن جبهة النصرة حتى الآن، تدل على أنها ستسير في هذا الاتجاه، وسيكون قادتها على خطأ إذا اعتقدوا أنهم قادرون على ملء الفراغ الذي سينجم عن رحيل الحكومة الحالية. المجتمع الدولي أولاً، وشرائح واسعة من المجتمع السوري ثانيًا، لن تقبل بذلك.
سيكون مهمًا تحديد الدور الذي تسعى جبهة النصرة لأن تشغله في سورية المستقبل، منذ مرحلة مبكرة، وقد يوفر هذا على السوريين، وعلى غير السوريين ربما، بل وربما على عناصر في الجبهة نفسها، المزيد من المآسي.
أرسل تعليقك