انعكاس تدمير الانفاق واقفال المعابر إقتصاديًا على القطاع
غزة – محمد حبيب
توقع محللون سياسيون عددًا من السيناريوهات، التي يمكن أن يشهدها قطاع غزة في الفترة القليلة المقبلة، آخذين بعين الاعتبار المتغيرات التي طرأت على المحيط الإقليمي، لاسيما في مصر وسورية، وما رافقها من تهديدات صريحة للقطاع.
واتفق المحللون، في تصريحات منفصلة، على ثلاثة سيناريوهات رئيسية قد يشهدها
القطاع في الفترة المقبلة، أدناها إعادة إنتاج الحصار وتشديده، وصولاً إلى خنق القطاع، وأعقدها شن عدوان جديد على القطاع، سواءًا من الجانب المصري قريبًا، أو الإسرائيلي فيما بعد، ويتوسط السيناريوهان السابقان سيناريو محاولة زعزعة الأمن والاستقرار وبث الفتنة داخل القطاع.
المحلل السياسي مؤمن بسيسو، اعتقد أن القطاع مقبل على تجديد الحصار في صورة أكثر ضراوة عن ذي قبل، تمهيدًا لإغراق القطاع بالفتنة، مستبعدًا شن حرب إسرائيلية في هذا التوقيت، "لأنها (إسرائيل) تقف متفرجة، وتلعب من وراء الستار عبر الدفع باللاعبين الآخرين".
ودعت الأمم المتحدة إلى فتح جميع المعابر أمام حركة الفلسطينيين في قطاع غزة، معربة عن قلقها العميق إزاء القيود والتدابير الأمنية الأخيرة المفروضة على معبر رفح بين مصر والقطاع.
وأشارت إلى أن تلك القيود أدت إلى تأخير الطلبة والمرضى، الذين يبحثون عن علاج طبي عاجل، كما أدت إلى نقص في مواد البناء والوقود والإمدادات الطبية.
وأشار بسيسو إلى أن "اللاعبين الأبرز الذين يخططون للقضاء على حكم حماس في قطاع غزة، أو زعزعته، يتمركزون في رام الله والقاهرة، ويعملون وفق مخطط أعد مسبقًا، وجاري تنفيذه"، معتقدًا أن الكيان الإسرائيلي سيفكر كثيرًا قبل شن أي عدوان جديد على القطاع.
وعن مدى تأثير النفي المتكرر للسياسيين في قطاع غزة، ولاسيما رئيس الوزراء إسماعيل هنية، التدخل في الشؤون الداخلية العربية لاسيما مصر، اعتقد المحلل السياسي أنه "لن يغير المرسوم تجاه غزة، فغرفة العمليات المشتركة، التي شكلت لإجهاض الربيع العربي، وتجربة الإخوان في الحكم، تعمل على أعلى المستويات تحت إشراف الإدارة الأميركية، وبمشاركة السلطة في رام الله، والاحتلال الإسرائيلي، والنظام السعودي، والإماراتي، والأردني، وقيادات في الجيش المصري، وقيادات موالية لنظام مبارك، وقيادات أمنية في بعض الدول العربية".
وتوقع أن يشهد القطاع وضعًا بالغ الصعوبة خلال الفترة المقبلة، لأن الموارد والمشتقات البترولية، التي أتت من الأنفاق شبه توقفت، في الوقت الذي تقنن فيه إسرائيل دخول المواد الأساسية والبترول، معتقدًا أن ذلك سيشكل أرضية مواتية "لأصحاب مخطط الفتنة" وفق المخططين.
وأضاف بسيسو "نأمل أن يتم إجهاض هذه المخطط، عبر مستويات الحكمة من الحكومة، والعمل على إعادة الوحدة الوطنية، والبحث في إطار أوسع لتحقيق المصالحة ولو في حدها الأدنى"، مؤكدًا على "ضرورة الحفاظ على المنجزات الأمنية وغيرها في القطاع"، داعيًا الحكومة والفصائل للتخطيط لحماية تلك المنجزات، وتجنيب غزة لمخططات الضرب والفتنة.
ورأى المحلل السياسي أن العروض العسكرية المشتركة لفصائل المقاومة أخيرًا، هدفت لإيصال رسائل متعددة لأطراف داخلية وخارجية، إضافة إلى تأكيد وحدتها واستعدادها لصد أي عدوان محتمل على القطاع، الرسالة الداخلية لكل من يحاول أن يستثير الفوضى خلال المرحلة المقبلة، أما الخارجية تكمن في رسالة إقليمية للشأنين المصري والسوري، حيث الدور المصري العسكري على الحدود، والذي ربما يصل أبعد من ذلك، وهو رسالة للإدارة الأميركية وإسرائيل بأن "فصائل المقاومة موحدة في حال السعي لجر المقاومة لمعركة ملحقة بضرب سورية".
يأتي هذا في حين قال المحلل السياسي والمختص في الشأن الإسرائيلي ناجي البطة أن "مؤامرة متكاملة الأهداف وواضحة المعالم تستهدف قطاع غزة"، مشيرًا إلى أن أبزر ملامحها كسر الحلف التركي المصري القطري، الذي كان يتبلور في مواجهة المشروع الإسرائيلي الغربي في المنطقة".
وأضاف البطة أن "حجم الاختراق الإسرائيلي لمصر كان أكبر من قوة الرئيس محمد مرسي، والديمقراطية الركيكة، التي لم تمنح لها الفرصة لتكون صلبة، فالملامح الواضحة هي الدموية التي يتم فيها كبح الحريات في مصر، والوقوف ضد التغيير بدعم غربي سعودي إماراتي"، لافتًا إلى أن "الانقلاب على الرئيس محمد مرسي، وإقامة الجيش المصري منطقة عازلة على الحدود مع غزة، وتدمير الأنفاق تدل على وجود ماراثون في المنطقة لمحاولة طمأنة الإسرائيليين وحلفائهم، بأنهم لا يألون جهدًا في تأمين المشروع الإسرائيلي في المنطقة".
ورأى المحلل السياسي أن "أدنى السيناريوهات المتوقعة في غزة استمرار الحصار لدرجة الخنق، أما أقصاها فهجوم عسكري بري أو جوي مصري بذريعة محاربة الإرهاب، وبين هذا وذاك إرسال مجموعات إلى غزة لزعزعة الأمن الداخلي والاستقرار".
وعن كيفية التعاطي مع سيناريو الحصار إقليميًا، أشار المحلل السياسي إلى أن "الصدام بين تركيا وسلطة الانقلاب في مصر لا يعطي أنقرة هامش مناورة لتخفيف الحصار عن غزة، ولكن يمكن المناورة على القانون الدولي، من خلال المنظمات الإنسانية غير الحكومية، وإذا صدر قرار في مجلس الأمن على أساس الفصل السادس سيتم فتح المعابر بقرار من المجلس"، وتابع "أما سيناريو الحرب على غزة، فبإمكان فصائل المقاومة التصدي له، سيما وأن الجيش المصري لا يمتلك قدرات قتالية عالية، ولم يخض حربًا منذ 1973، ولا يستطيع السيطرة على سيناء، وفي حال الدفع بمجموعات لزعزعة الأمن الداخلي والاستقرار، فإن المواجهة ستكون أمنية، من خلال تتبع كل ما يدخل إلى غزة، وإفشال أي مؤامرة".
وفيما يتعلق بالعروض العسكرية المشتركة لفصائل المقاومة، قال البطة إنها "أبلغ رسالة بأنه لا يمكن اختراق الجبهة الداخلية في غزة، وهي من الرسائل القوية التي لا تقل أهمية عن العرض نفسه، عدا عن رسالة لجهاز الشاباك الإسرائيلي، الذي يحاول اختراق فصائل المقاومة والإيقاع بينها"، وأوضح أن سلطة رام الله، وسلطة الانقلاب في مصر، تحاولان بناء جبهة عربية مدعومة من أميركا و"إسرائيل" من خلال "اللوبيات"، لتشديد الحصار والخناق على غزة، وإدخالها في موت بطيء، مستشهدًا بطلب وزير الخارجية المصري من السوادان دعم وجود حركة "فتح" على معبر رفح.
ولفت المحلل السياسي إلى أن "التخبط الذي يعيشه الانقلاب في مصر يخدم قطاع غزة"، معتقداً أن "الاقتصاد المصري منهار ويحتاج فقط لإعلان ذلك، وإذا استمر الانقلاب شهران آخران فإن مصر ستعلن إفلاسها رسميًا".
أرسل تعليقك