عناصر من الجيش اللبناني
عناصر من الجيش اللبناني
بيروت ـ جورج شاهين
عاشت مدينة طرابلس ليل الخميس – الجمعة موجات جديدة من مسلسل العنف والدم بعد هدؤ نهاؤري ملؤه الحذر تخللته رمايات متقطعة طيلة فترة قبل الظهر وبعده إلى أن انفجر الوضع الأمني ليلا وافيد عن مقتل أربعة مواطنين وإصابة خمسة عسكريين من الجيش اللبناني، ما رفع عدد القتلى المدنيين والشهداء العسكريين
منذ بداية جولات العنف الأحد الماضي إلى ما يقارب الواحد والعشرين وحوالى 210 جرحى، بينهم عسكريون ومدنيون بعد سقوط قتلين جدد مساء وإصابة خمسة عسكريين في اعتداءآت متفرقة أحدهما حاله خطرة وقد يصاب بالشلل. كما قتل ثلاثة مواطنين اثنان في جبل محسن مساءً، هما علي العلي وسليمان العلي وثالث في القبة هو ميلاد طنوس عوكر .
وبعد السادسة والنصف مساء ارتفعت وتيرة العمليات العسكرية على مختلف المحاور التقليدية في المدينة وامتدت الرشقات النارية من محاور باب التبانة السنية وجبل محسن العلوي وتخللها سقوط قذائف صاروخية بشكل متقطع. وشمل القنص أي هدف متحرك في المنطقتين، ولا سيما عند الاوتوستراد الدولي الذي يربط طربلس بعكار، فشلت الحركة المدنية عليه ووصل رصاص القنص إلى مناطق التل وأبي سمراء والقبة، وأحدث حالة من الخوف بين المواطنين.
وليلاً قتل ميلاد طنوس عوكر في العقد السادس من العمر برصاصة في رأسه في منطقة القبة وجرح أحمد إبراهيم قرب منطقة الملولة.
وتزامناً صدر عن قيادة الجيش - مديرية التوجيه بعد ظهر الخميس البيان الأتي: "ظهر اليوم تعرض أحد مراكز الجيش في محلة ضهر المغر - طرابلس لإطلاق نار أدى إلى إصابة ثلاثة عسكريين بجروح مختلفة، كما تعرضت سيارة مدنية تقل عسكريين اثنين لإطلاق نار أمام مدخل طبابة منطقة الشمال - طرابلس أدى لاصابتهما بجروح خطرة. وقد ردت قوى الجيش على مصادر النيران وباشرت عمليات دهم واسعة بحثاً عن الفاعلين وتم نقل العسكريين الجرحى إلى أحد المستشفيات للمعالجة.
وعلى المحاور الحدودية الشمالية والبقاعية – الشرقية استمرت أعمال العنف وتعرضت القرى اللبنانية المواجهة لمناطق التوتر في الداخل السوري لقصف وقنص متقطع تخللها بعض القذائف الصاروخية وتجددت أعمال نزوح اللبنانيين ليلاً إلى أماكن أكثر أمناً.
وفي مزرعة النبي حويك في بلدة النبي بري في منطقة وادي خالد على الحدود الشمالية مع سوريا أطلق الجيش السوري النار على آلية عسكرية للقوة الأمنية المشتركة اللبنانية، وأصيبت الآلية ولم يبلغ عن وقوع إصابات في الارواح. وتسود البلبلة في المنطقة.وقد تم سحب الألية إلى مركز القوة القريب من موقع الحادث.
وفي حادث هو الأول من نوعه خطف سكان سوريون مهدي وأحمد جعفر من عشائر الهرمل لدى دخولهما الأراضي السورية المقابلة وطالبوا في رسائل هاتفية خلوية من أهاليهما التظاهر ضد حزب الله ورفع شعارات تدين تورطه في القصير شرطاً للإفراج عنهما.
وبهدف مواكبة الوضع انتقل رئيس الحكومة المستقيل نجيب ميقاتي الخميس، إلى طرابلس لمتابعة المعالجات الجارية لضبط الوضع الأمني في المدينة من قبل الجيش اللبناني والقوى الأمنية.وأجرى الرئيس ميقاتي في هذا الإطار سلسلة من الاتصالات مع وزراء ونواب مدينة طرابلس وفاعلياتها وقادة الأجهزة الأمنية. كما عقد بعد الظهر اجتماعاً شارك فيه الوزيران أحمد كرامي وفيصل كرامي، النائبان سمير الجسر ومحمد كبارة وممثل الوزير محمد الصفدي السيد أحمد الصفدي.وشارك في جانب من الاجتماع وفد من هيئات المجتمع المدني في طرابلس طالب بوقف العنف المستشري في طرابلس وبإعادة الهدوء إلى المدينة.
كذلك رأس اجتماعاً شارك فيه المدير العام لقوى الأمن الداخلي بالوكالة العميد روجيه سالم وقائد منطقة الشمال في قوى الأمن الداخلي العميد محمود عنان وقائد سرية طرابلس في قوى الأمن الداخلي العميد بسام الأيوبي.
وقد جدد الرئيس ميقاتي التأكيد في خلال اجتماعاته واتصالاته على وجوب تصدي الجيش اللبناني بحزم وقوة لكل التجاوزات الأمنية التي تستهدف طرابلس وأحياءها السكنيةً . وشدد على وجوب عدم التهاون مع المسلحين إلى أي جهة آنتموا والرد بقوة على مصادر النيران خصوصاً وأن التعديات تجاوزت أعمال القنص العادية وباتت تستخدم فيها القذائف الصاروخية مما يقتضي التشدد أكثر فأكثر في قمع هذا الإخلال الأمني الفاضح، وتوقيف الفاعلين وإحالتهم على القضاء.
كما طلب الرئيس ميقاتي من وزير العدل شكيب قرطباوي الايعاز بتحرك النيابة العامة التمييزية لملاحقة من يقومون بإصدار بيانات التهديد في حق أبناء طرابلس إلى أي جهة انتموا. كما اتصل بوزير الصحة علي حسن خليل وطلب منه الايعاز إلى المستشفيات بتسهيل معالجة الجرحى على حساب وزارة الصحة.
وقال الرئيس ميقاتي في تصريح : إن ما يحصل في طرابلس هو جريمة بحق المدينة وأهلها الآمنين. لقد قلنا مراراً إن طرابلس ليست مكسر عصا لأحد ولا صندوق بريد ولا ساحة لتصفية الحسابات، لكن الإمعان في هذه الممارسات حوّلها إلى ساحة لتنفيس الاحتقان عن كل لبنان والمنطقة.لقد أصبحت طرابلس اليوم منكوبة، فما يحصل تجاوز كل حدود، وبلغ حد الجنون الذي تدفع طرابلس ثمناً باهظاً له.
وقال : إن الشجب والإدانة لم تعد تعابير تكفي لوصف حالة الغضب التي أصابتنا، وأصبح من الملحّ أن يتحمّل جميع الأطراف المعنيين بهذه المعارك العبثية مسؤولياتهم تجاه المدينة وأهلها وأمام التاريخ. إنني أناشد أهلي في كل مناطق طرابلس وأحيائها من دون استثناء إلى وقفة ضمير تضع حدّاً لهذا الانتحار الجماعي، فطرابلس مدينة تستحق الحياة، وليست مدينة للموت المجاني. وأقول بكل صراحة، إن التاريخ لا يكرّر نفسه، لكن الجهل هو الذي يعيد تجارب الماضي المؤلمة، ويستنسخ الأخطاء، ويوقعنا في المآزق التي تأخذنا إلى التاريخ مجدداً.
أضاف: إن المسؤولية جماعية في وقف انزلاق طرابلس إلى الواقع المرير الذي عاشت أبشع صوره خلال الأيام الماضية، وليس لدينا خياراً سوى الرهان على الجيش اللبناني من أجل وقف هذا الجنوح العنفي الذي يقضي على مستقبل طرابلس، وكل استهداف للجيش هو محاولة لاستهداف السلم الأهلي، والمؤامرة التي تستهدف طرابلس وأهلها إنما تستهدف في أحد جوانبها إحراج الجيش تمهيداً لإخراجه من المدينة وإخلاء الساحة للقتال الذي ينتج موتاً مجانياً بحق أبناء المدينة.
وقال : إنني أدعو الجميع إلى التعاون مع الجيش لإعادة الهدوء إلى طرابلس الحبيبة، لأن الاستمرار في هذه المعارك العبثية ستكون نتائجه وخيمة ليس على طرابلس فقط، وإنما على السلم الأهلي في لبنان.كذلك على الجميع تجنب المزايدات التي لن تجني منها طرابلس إلا الأحزان والخراب وتدمير اقتصادها ومصالح أبنائها.
وختم بالقول : من المفترض ان تثمر المساعي التي قمنا بها بمشاركة جميع الأطراف إلى نتائج إيجابية لوقف الة الدمار والقتل وعودة الأمن والاستقرار إلى ربوع المدينة.
وامس عرض وزير الداخلية والبلديات العميد مروان شربل ، في مكتبه في الوزارة ، مع السفيرة الأميركية مورا كونيلي، الوضع السياسي والأمني في لبنان وبخاصة الأحداث الأخيرة في طرابل، وتطرقا إلى ملف النازحين السوريين في ضوء ازدياد أعداد الوافدين منهم إلى لبنان، إضافة إلى مناقشة موضوع الاتجار في البشر وضرورة مكافحة هذه الظاهرة .
وأكد الوزير شربل أن القوى العسكرية والأمنية تتعامل بحزم في الموضوع الأمني في طرابلس لحفظ الاستقرار ووضع حد للاشتباكات، لافتاً إلى أن مشكلة النازحين السوريين في لبنان تتفاقم وباتت تشكل عبئاً بشرياً واجتماعياً وأمنياً لا طاقة للبنان على تحمله وحده، ولا قدرة بامكاناته المحدودة على تلبية حاجاتهم ، داعيا المجتمع الدولي الى تحمل مسؤولياته حيال هذه الأزمة الإنسانية وتقاسم الاعباء بين الدول المجاورة ، مشيراً إلى حرص الحكومة على قرارها بعدم ترحيل أي نازح سوري إلى بلده .
وأبلغ شربل " العرب اليوم" ليلاً أنه كان صريحاً إلى درجة قال فيها للسفيرة كونيللي إن أية أرقام جديدة للنازحين لن يستطيع لبنان تحملها، فكيف إذا صحت التوقعات وارتفع العدد إلى مليون ونصف المليون من النازحين.
وذكر بيان للسفارة الأميركية في بيروت، أن كونيلي لحظت التأييد الشعبي الكاسح في أوساط الشعب اللبناني لإجراء الانتخابات النيابية في موعدها، ورحبت بالجهود التي تبذلها الوزارة للإعداد للانتخابات البرلمانية، وذلك تماشياً مع المتطلبات القانونية والدستورية في لبنان ومن أجل احترام القيم الديمقراطية فيه. وأكدت السفيرة أن العملية الديمقراطية في لبنان هي عامل أساسي للاستقرار.
أثنت السفيرة كونيلي على الجهود التي يبذلها الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي في العمل مع القادة السياسيين للحفاظ على السلام والاستقرار في هذا الوقت العصيب، وأعربت عن قلق الحكومة الأميركية حول اندلاع العنف الحالي في طرابلس وعبّرت عن أسفها للذين قُتلوا.
رحبت السفيرة كونيلي بجهود الوزارة لمكافحة الاتجار بالبشر، وشجعت على زيادة الانخراط لمنع الاتجار ومقاضاة المتاجرين وحماية الضحايا.
وختاماً، جدّدت السفيرة كونيلي التزام الولايات المتحدة بلبنان مستقر وسيّد ومستقلّ.
من جانبه حذر رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري من المؤامرة التي تتعرض لها مدينة طرابلس على أيدي أصحاب المشاريع الهدامة وأدوات الفتنة في لبنان الذين يخططون لضرب هوية طرابلس الوطنية والعربية، وإضعاف موقعها في المعادلة السياسية.
ولفت الحريري إلى أن أدوات الفتنة تتحرك على وقع الأحداث في سوريا، وهي تريد من القتال الدائر في طرابلس أن يشكل غطاء لحرب "حزب الله" والنظام السوري ضد مدينة القصير وبلدات ريف حمص بالقدر الذي تعمل فيه على إغراق طرابلس في جولة جديدة من حروب الأحياء، التي لا وظيفة حقيقية لها سوى المزيد من الضحايا والخراب والدمار وإبقاء البلاد برمتها تحت رحمة الانهيارات الأمنية وتحت رحمة السلاح الذي يتولى حزب الله مهمة نشره وتوزيعه في طرابلس وغير طرابلس.
وأكد ، أن مدينة طرابلس هي عاصمة الشمال بكل مكوناته، وأن أحداً مهما اعتدى بسلاحه لن يكون قادراً على تطويعها أو المس بكرامتها، وسنكون مع أهل طرابلس في مقدمة المدافعين عن هذه الكرامة ودرء مخاطر الفتنة التي تتهددها، فطرابلس، التي كانت على الدوام رأس حربة في مواجهة المشاريع الغريبة والمشبوهة والخارجة عن هويتنا الوطنية والعربية ستبقى عصية على كل هذه المحاولات، ولن تنجح محاولات النظام السوري وأتباعه في النيل منها أو كسر شوكتها، وهو النظام الذي يعلم جيداً أن طرابلس لم تركع لآلته العسكرية عندما كانت هذه الالة في ذروة قوتها."
وناشد رئيس تيار المستقبل أبناء طرابلس عدم الوقوع في فخ مواجهة السلاح بالسلاح، الذي يسعى أصحاب المشاريع الهدامة تعميمه من منطقة لأخرى، مشدداً على أن مشروع تيار المستقبل هو مشروع بناء الوطن والإنسان وتطويره، ولأننا نؤمن ونراهن على مشروع الدولة الذي يبقى صمام أمان لجميع أبناء الوطن بكل مكوناتهم وتوجهاتهم، ولأن السلاح غير الشرعي والمرتهن لمشاريع الخارج التفتيتية، مهما بلغت قوته وجبروته لن يحقق الغلبة على أبناء الوطن، وأكبر مثال على ذلك بأننا نرى كيف ينهار مشروع حزب السلاح أمامنا في الحروب العبثية المستوردة من الخارج.
ودعا أبناء طرابلس إلى مؤازرة القوى الأمنية والعسكرية والوقوف إلى جانبها لتمكينها من القيام بالمهمات المطلوبة منها ووقف التدهور الأمني والتعدي على المواطنين الآمنين، لافتا إلى أنه مهما حدث ويحدث وبالرغم من بعض الاعتراضات على أداء هذه القوى لا يجوز التعرض لها والتشكيك بدورها، لأنه في النهاية لا بديل لنا عن مشروع الدولة، مهما حاولت القوى الميليشياوية المسلحة تعطيل دورها ومصادرة مؤسساتها.
وختم الرئيس الحريري قائلاً: "في المقابل إن الجيش اللبناني مدعو إلى تحمل مسؤولياته في ردع أدوات الفتنة ومكافحة تهريب السلاح الثقيل إلى جهات معروفة تعمل بإمرة النظام السوري واتباعه. وكما وقف أبناء هذه المدينة الأبية، وأبناء الشمال عموماً يوم اعتُدي عليه من بعض القوى المرتزقة المأجورة، وحقق انتصاره عليهم، بفضل هذا الدعم، نطلب منه حماية هذه المدينة ورد الاعتداء عنها وهي التي صبرت طويلاً على التدخل في شؤونها والمحاولات الرامية لضرب استقرارها ووحدة أبنائها، وكلنا ثقة بأن الجيش اللبناني عندما يحزم أمره، فهو قادر على إنهاء محنة أبناء طرابلس ولو اضطره الأمر إلى استعمال القوة ضد الخارجين عن القانون والعاملين على نشر الفوضى والفتنة."
أرسل تعليقك