وزير الخارجية الألماني خلال لقائه المرزوقي
وزير الخارجية الألماني خلال لقائه المرزوقي
تونس - أزهار الجربوعي
اختتم وزير الخارجية الألمانية غويدو فيسترفله الزيارة الرسمية التي يؤديها إلى تونس، الخميس، مؤكّدًا مواصلة دعم بلاده لتونس في هذه المرحلة الدقيقة من مسارها الانتقالي، معلنًا رفع مستوى التعاون الأمني بين تونس وألمانيا التي قرّرت تزويدها بكاشفات ألغام لدعم عملياتها في مكافحة الارهاب، وشدد فيسترفله على أن ما
يحدث في مصر لا يمكن له أن ينتقل على تونس بأي حال من الأحوال، نافيًا قيامه بدور الوساطة بين الفرقاء في تونس، الذين دعاهم إلى التوصل إلى توافق بشأن النقاط الخلافية في الدستور.
والتقى رئيس الحكومة التونسية علي العريض، الخميس، في قصر الحكومة في القصبة وزير الخارجية الألماني غويدو فيسترفيله، الذي كشف أن بلاده تتابع الأوضاع الراهنة في تونس عن كثب، وترى أن الطريق للحل في الأزمة الراهنة التي تعيشها البلاد هو الحوار والاستعداد لإيجاد حلول وسطى من قبل الجميع، وأن الحلول المشتركة والمتفق عليها ممكنة، شرط تمتّع جميع القوى المشاركة بروح المسؤولية وبُعد النظر.
وتعيش تونس أزمة خانقة منذ اغتيال المعارض السياسي محمد البراهمي يوم 25 تموز/ يوليو الماضي، عمّقها تنامي الحركات المتطرفة واستهدافها لمقرات أمنية وعناصر من الجيش التونسي في جبال الشعانبي المتاخمة للحدود الجزائرية، الأمر الذي أدّى إلى استقالة أكثر من 50 نائبًا من "التأسيسي" التونسي، وتعليق أشغاله بقرار من رئيسه مصطفى بن جعفر.
واعتبر وزير الخارجية الألماني غويدو فسترفيله أن عمل المجلس التأسيسي مهم جدًا، ويساهم في إرساء الديمقراطية.
وأكد غيدو فيسترفيله أن الهدف من زيارته، ليس في مبادرة وساطة، قائلاً "نحن هنا لتبادل الأفكار، ومستقبل تونس في النهاية مسألة تونسية، والمسؤولون التونسيون على دراية كاملة بمسؤوليتهم تجاه الشعب التونسي"، موضحًا أن بلاده "لا تدعم حزبًا بعينه، بل تدعم الديمقراطية والمستقبل الجيد لتونس في ظل سيادة القانون".
وأوضح الوزير الألماني أن لقاءه رئيس الحكومة التونسية علي العريض كان جيدًا وبنّاءً، واتسم بالانفتاح، وأن علاقات بلاده مع تونس عريقة ووثيقة، خاصة من حيث المصالح الاقتصادية المتبادلة، مؤكدًا أن ألمانيا ستواصل دعمها لتونس في مسارها الديمقراطي وفي مجال الأمن ومكافحة الإرهاب وفي مجال الاقتصاد والاستثمار، مستشهدًا بانتصاب حوالي 300 شركة ألمانية ناشطة في تونس و100 مشروع ألماني لتدريب الشباب من أجل إدماجهم في الدورة الاقتصادية.
وأكّد وزير خارجية ألمانيا الاتحادية غيدو فسترفيله، عقب اللقاء الذي جمعه مع رئيس الجمهورية التونسية محمد المنصف المرزوقي بقصر قرطاج، أن بلاده تقف دائمًا إلى جانب تونس في هذه المرحلة الدقيقة من مسارها الانتقالي، اعتبارًا لكونها ليست مجرد شريك إستراتيجي فحسب، بل هي مهد لثورات الربيع العربي، وفي حاجة إلى دعم خاص لاستكمال ما بدأته منذ ثورة الحرية والكرامة، وفق قوله.
وأثناء لقائه رئيس الجمهورية التونسية الدكتور محمد المنصف المرزوقي دعا وزير الخارجية الألماني غيدو فيسترفله جميع القوى السياسية وفعاليات المجتمع المدني إلى الوصول إلى توافقات حقيقية تُنهي المرحلة الانتقالية، من خلال إيجاد حلول للمسائل الخلافية في الدستور، معتبرًا أن المسؤولية تقع على عاتق الجميع لإيجاد توازن تُجمِع عليه كل الفعاليات السياسية يقود البلاد نحو مرحلة جديدة من تاريخها.
واعتبر غويدو فيسترفيله أن ّما عاشته مصر من أحداث سياسية متلاحقة عقب عزل الرئيس محمد مرسي يُستبعد حصوله في تونس، نظرًا إلى وجود فوارق كبيرة بين المسارين الانتقاليين في البلدين، مؤكّدًا في السياق ذاته ثقته في قدرة التونسيين على إنجاح ثورتهم المتميزة، مشيرًا إلى أنّه تقدم لرئيس الجمهورية التونسية بمقترحات عدّة لتعزيز التعاون التونسي الألماني، من شأنها أن تسهم في الارتقاء بالعلاقات الثنائية إلى مستوى الشراكة الإستراتيجية، قائلاً في هذا الصدد" تعاوننا أكثر بكثير من مجرد تعاون اقتصادي، وسنواصل شراكة التحول بين تونس وألمانيا".
وبيّن الوزير الألماني أن بلاده على أتم الاستعداد لرفع مستوى تعاونها مع تونس في المجال الأمني، وخاصة في مجال نزع الألغام، لافتاً إلى أن ألمانيا ستُقدّم لتونس التقنيات المتاحة لها وخبرتها في مجال مكافحة الإرهاب.
ولدى تطرّقه للأحداث الأخيرة في مصر أكد غيدو فيسترفيله أن تونس ليست مصر، وأن السيناريو المصري لا يمكن أن يتكرر في تونس بأي حال من الاحوال، مشيرًا إلى أن ألمانيا تدين بشدة ما حدث من أعمال عنف، الأربعاء، في مصر وتدعو الأطراف كافة إلى التهدئة، مضيفًا أن بلاده باشرت سلسلة من المحادثات مع شركائها لبلورة موقف موحّد مما تشهده مصر.
وأضاف الوزير الألماني "قد حان الوقت لعودة مختلف الأطراف المصرية إلى طاولة المفاوضات، وعلى حكومة هذا البلد أن تتحمّل مسؤوليتها في ضمان حق التظاهر السلمي وحمايته".
وشدّد على ضرورة وقف عمليات سفك الدماء في مصر عبر الاعتماد على الخيارات السياسية والوفاقية والحوار الشامل، موضحًا أن الأسرة الدولية لن تسمح بأيّ تصعيد جديد للعنف في هذا البلد.
وأفاد فسترفيله أنه طلب من لجنة الأزمات في الخارجية الألمانية الاجتماع لتقييم تطور الاحداث في مصر، ومتابعة وضع رعاياها.
وتعيش القوى السياسية في تونس خلال الفترة الراهنة على وقع حراك داخلي ودولي كثيف، من أجل تجاوز الأزمة السياسية والأمنية التي تعيشها البلاد، فيما يسعى حزب "النهضة" الإسلامي الحاكم إلى حشد أكبر دعم دولي من أجل مواصلة قيادة البلاد في ما تبقى من مرحلة الانتقال الديمقراطي، والتصدي لدعوات المعارضة بإسقاط الحكومة وحل التأسيسي، ودرء السيناريو المصري الذي أجمع مراقبون أنه أحدث رجّة خلخلت إسلاميي تونس، إلا أن هذه الرّجّة ترجمها، الخميس، زعيم النهضة راشد الغنوشي، عبر التلويح مجددًا باستعمال ورقة قانون العزل السياسي ضد قيادات نظام الرئيس السابق، معلنًا رفض حزبه الاستجابة للمعارضة وتشكيل حكومة إنقاذ غير حزبية.
أرسل تعليقك