كاتب الدراما القصيرة الدولة يواجه انتقادات الصحف لبث المسلسل
آخر تحديث GMT17:39:26
 العرب اليوم -

الاحتجاج ارتفع لعرضه في أعقاب عملية متطرّفة استهدفت سياحًا

كاتب الدراما القصيرة "الدولة" يواجه انتقادات الصحف لبث المسلسل

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - كاتب الدراما القصيرة "الدولة" يواجه انتقادات الصحف لبث المسلسل

الدراما القصيرة "الدولة"
لندن - العرب اليوم

واجه كاتب ومخرج الدراما القصيرة “الدولة” وكذلك القناة البريطانية الرابعة، بكثير من الثقة، انتقادات طالتهما عبر الصحف أو وسائل التواصل الاجتماعي، لبث هذا المسلسل الذي يتناول التحاق بريطانيين في تنظيم "داعش"، وارتفع الاحتجاج بشكل خاص لأن موعد عرضه جاء في أعقاب العملية الإرهابية الأخيرة التي استهدفت سياحا، ووصلت الانتقادات إلى حد توجيه تهمة “تمجيد “التطرف” لهذا العمل الذي يلاحق مصائر أربعة بريطانيين مسلمين انضموا لتنظيم داعش في مدينة الرقة السورية، وبرغم كل الانتقادات والضجة التي أثيرت حوله، حقق مسلسل “الدولة”، نسبة متابعة عالية وسجل في يومه الأول، فقط، 1.4 مليون مشاهدة، وانتهت الحلقة الأخيرة يوم الأربعاء الماضي، لصالحه، إذ ارتفعت نسبة المديح النقدي للبريطاني بيتر كوزمينسكي الذي لطالما أثارت أعماله الجدل عند عرضها.

ويتتبع المسلسل هؤلاء الشباب الأربعة إلى مدينة الرقة، مدفوعين كل بدافع مختلف، يجمعهم الهروب من الحياة في بريطانيا والحلم بدولة مثالية تحكمها الشريعة، هؤلاء الأربعة هم أوشنة الطالبة ابنة الثامنة عشرة سنة، جلال (19 سنة) الذي قتل أخوه في المعارك مع داعش” وأراد أن يكمل دوره، شاكيرة (26) سنة وهي ممرضة وأم جلبت معها ابنها الذي في التاسعة من عمره، ثم زياد (19 سنة) صديق جلال الذي تسرب من الدراسة مبكرا.

يبرز منذ الحلقة الأولى التمييز ضد النساء المتجمعات بجناح خاص بهن، يهرعن لاستقبال القادمات الجدد بالأحضان والقبلات، يجلسن في المطبخ أو حول مائدة الطعام، يذكر هذا الجناح بالحرملك وبسيكولوجية الجواري، الفرق هنا أنهن جوارٍ متطوعات في دولة داعش يتعالين على أخريات تم سبيهن في المعارك من الطوائف الأخرى، وفي هذا الجناح تستلم القادمات الجدد التحذيرات من قبل مسؤولات يمثلن القيادة الذكورية في التنظيم وبتشدد مماثل، لا يسمح للعازبات بالبقاء من دون زواج، يتم تزويجهن مرة واثنتين كلما قتل الأزواج في المعارك، فمهمتهن القيام على رعاية رجال التنظيم والسهر على راحتهم، تصدم الممرضة البريطانية الشابة عندما يقال لها أنها لن تعمل في المستشفى لأنها بذلك ستختلط بالرجال، أو أن “زوجك هو من سيقرر عملك” وهي المنفصلة عن الزوج، غير أن إلحاحها ومحاججتها بأن النساء في زمن الرسول اشتغلن في التمريض، يحرج المسؤولين عنها، تفرض إرادتها لكن العوائق تلاحقها، مثل ضرورة ارتداء قفازات سوداء وعدم الكشف عن وجهها، تحاجج بأن القفازات وكثرة الملابس قد تنشر الجراثيم وتنقلها للمرضى، لكن قواعد “داعش” لها الكلمة العليا فوق كل الحقائق العلمية، ويُقطع القادمون الجدد عن ماضيهم، تؤخذ منهم جوازات سفرهم وهوياتهم، جوالاتهم يتم فحص محتوياتها، يطلب من جلال أن يمحو صورة أمه من جهازه، لأنه “لا يسمح بوجود أي صورة لامرأة من دون حجاب” ولو على شكل صورة لا يراها أحد غيره.

ويجذب “داعش” الشباب، كما يظهر المسلسل، بوسائل عدة، بينها الترويج بأن في دولته كل شيء متاح بالمجان، الأكل والملابس والسكن، يستقبل المسؤولون والمسؤولات المنتمين بهذا العرض ويضيفون “فقط أخبرونا باحتياجاتكم”، هذه الدعاية تقدم أيضا لمن يتواصل معهم عبر مواقع التواصل، يأتي الشباب ممسوسين بفكرة العدالة والمشاركة، بما يذكر بانجذاب مماثل بين يساريي الغرب إلى مشاريع مزارع الكيبوتز التي وعدت بحلم الاشتراكية بعد تأسيس إسرائيل في الخمسينات والستينات، حيث لا ملكية خاصة والجميع يتمتع بالخدمات والمسكن والطعام، الفرق أنها هنا تتم باسم “الاشتراكية الإرهابية”، تؤيد هذه الفكرة ظهور لغات مختلفة وملامح من كل أصقاع العالم في المسلسل، ولا تقف اللغات المتعددة عائقا أمام مشاريع مشتركة من بينها الزواج، فإحدى الشابات تقبل بالزواج من مقاتل رغم عدم إجادته للإنجليزية، بتنزيل تطبيق ترجمة على هاتفها، وفي الحلقتين الأوليين من دراما “الدولة” يبدو القادمون الجدد من بريطانيا، مفتونين بالتجربة، حتى وإن طرحوا التساؤلات حول بعض السلبيات، مثل أن يسير المسؤول في الأسواق مع فريق إعلامي يصور شعبيته (الأنظمة الشمولية)، أسلوب التفكير الذي تعلمه هؤلاء الشباب في بريطانيا يستخدم في الدفاع عن فكرة التنظيم ودولته، “نحن الجيل الأول من المهاجرين الذي لن يستثمر إنجازاته، بل سيستثمره أبناؤنا”، أو مقولة، “بدل أن ننتقد السلبيات وندمر التجربة، لنحاول أن نصحح” حماية لهذه الدولة الحلم، غير أن المحاججة تتحول لاحقا إلى عدم قدرة على الاحتمال ومحاولة للهرب، عند اثنين منهم، يفشل بها جلال في إخراج السبية وابنتها وتقتلان عند الحدود وتنجح شاكيرة التي أرادت أن تنقذ نفسها وتنقذ ابنها من أن يتحول مشروع مقاتل صغير “قاتل” من دون رحمة.

ووثق بيتر كوزمينسكي الكثير من التفاصيل واستمع مع فريق إنتاجه إلى شهادات العائدين من التنظيم، واستغرقت مرحلة التحضير 18 شهرا، هذا الدأب منح حلقاته الأربع صبغة واقعية حية، إضافة لاشتغاله على تدريب الممثلين على نطق كلمات أو جمل بالعربية، يتم ترجمة معانيها على الشاشة مباشرة، كان كاتب السيناريو وهو المخرج في آن، وفيا للتفاصيل فبدت مشاهد قطع الرؤوس مماثلة للمقاطع التي بثها داعش لجون السفاح الذي قتل لاحقا في غارة للتحالف، كذلك تفاصيل الأمكنة، وصيحات التكبير، لم يلصق العنف بالدين الإسلامي نفسه، لقد بدت دولة داعش في المسلسل دولة تشبه غيرها من دول بوليسية يحكمها عنف العسكر ورجال الأمن، ولم يفت المخرج وكاتب العمل أن يضمن العمل مجزرة ارتكبها النظام السوري ليلفت إلى أن عنف الأنظمة يمنح المبرر لعنف آخر طائفي وقاس أيضا.

دقة التوثيق في دراما “الدولة” مدحها تشارلي وينتر كبير الباحثين في المركز الدولي لدراسات التطرف، وقال، “فاجأني مستوى التوثيق..، لا يوجد شيء مصطنع فيها” وذلك في رده على من هاجموا المسلسل.

وكان من اللافت تناول صاحب المسلسل للإسلام، فلم يقدم مشاهد تسخر أو تتعمد إهانة معتقد الدين الإسلامي أو تحميله تطرف البريطانيين، وركز على “العصاب” لدى أتباع التنظيم المستندين إلى فهمهم الخاص للدين وهم يهجسون بالقتل والعنف، لا براءة في المسلسل إلا من صدمه الواقع وكان خارج أحلامه الرومانسية الخادعة، أما الآخرون فلا يتورعون عن الكبائر ومنها تدبير المكائد لمقتل رفاقهم في التنظيم، تنافسا على امرأة أو قيادة، وجلال واحد من هؤلاء المصدومين فقد اشترى سبية مع ابنتها لينقذهما تعاطفا معهما، هذا التعاطف لا يتسق مع منطق قادة التنظيم الذين يطلبون منه قطع رأس صديقه ابن مدينة الرقة، تزداد الصدمة عندما يسر له البعض أن شقيقه لم يقتل في المعارك بل قتل لأنه كان يحاول الهرب، (هل اكتشف زيف أحلامه هو الآخر؟)، غير أن وعي جلال بزيف التنظيم ولا إنسانيته يقوده هو نفسه إلى الهلاك.

وانتهى عرض المسلسل إلى درجة أقل من النقد بعد أن اتضحت في الحلقة الأخيرة رسالة العمل التي تكشف عن آيديولوجيا للعنف تستدرج الشباب بوعود براقة، وكان المخرج قد استبق عرض الحلقات بتصريح لوسائل الإعلام، قال فيه، إنه يخشى من “أن يتهم بالتبرير لتنظيم سيئ الصيت من خلال هذا العمل”، وشدد في الوقت نفسه على أنه “لا يمكن فهم أسباب التحاق مسلمين شباب من بريطانيا بموجة عنف بشعة مثل داعش، إلا بفهم الدوافع التي قادتهم إليها”، من هنا تفهم محاولته أنسنة الشخصيات، وإعطاءها إبعادا تخرجها من نمذجتها في البعد الواحد، غير أنها تظهر حماقة الاختيار الذي لا يودي بمصائر هؤلاء الشباب فقط، وليس هذا العمل هو الأول للمخرج الذي تناول فيه انجذاب الشباب للقاعدة، ففي العام 2007 عرض حلقات درامية بعنوان (ذا برتز) وهو اسم شعبي للبريطانيين، حاول فيها إلقاء الضوء على التحاق شباب مسلم بريطاني بتنظيم القاعدة.

ويبحث المخرج في منطق العنف عموما في أعماله، ومسلسله ما قبل الأخير (وولف هول) المأخوذ عن رواية الكاتبة البريطانية هيلاري منتل، كشف من خلاله بيتر كوزمينسكي، عن عنف الدولة في ملكية بريطانيا في القرن السادس عشر التي شهدت حوادث عنف من شنق وتعليق رؤوس في الساحات العامة، عنف ارتبط بالدين والسياسة، بفكرة الهيمنة وإنهاء الآخر المختلف، ولقد شهد التاريخ تجارب عنف كثيرة ومن الظلم أن ينسب عنف تنظيم، مثل داعش، إلى الدين الإسلامي نفسه، بل إلى عقول صادف أن عصابها النفسي والذهني ارتبط بالسلطة في حقبة ما

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كاتب الدراما القصيرة الدولة يواجه انتقادات الصحف لبث المسلسل كاتب الدراما القصيرة الدولة يواجه انتقادات الصحف لبث المسلسل



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 09:16 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل
 العرب اليوم - أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 20:58 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الأميركي يقصف مواقع عسكرية في صنعاء

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

موسكو تسيطر على قرية بمنطقة أساسية في شرق أوكرانيا

GMT 14:19 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إلغاء إطلاق أقمار "MicroGEO" الصناعية فى اللحظة الأخيرة

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وفاة جورج إيستام الفائز بكأس العالم مع إنجلترا

GMT 17:29 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سائق يدهس شرطيا في لبنان

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قصرة جنوبي نابلس

GMT 07:06 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مقتل 6 في غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين بغزة

GMT 17:33 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

حرب غزة ومواجهة ايران محطات حاسمة في مستقبل نتنياهو

GMT 14:05 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab