صراع إعلامي ذو خلفيات سياسية في تونس يحتدم عبر المدونين والإعلاميين
آخر تحديث GMT23:59:38
 العرب اليوم -

صراع إعلامي ذو خلفيات سياسية في تونس يحتدم عبر المدونين والإعلاميين

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - صراع إعلامي ذو خلفيات سياسية في تونس يحتدم عبر المدونين والإعلاميين

الصحافة التونسية
تونس- العرب اليوم

تعاقبت أخيراً في تونس صيحات فزع صادرة عن الإعلاميين والمثقفين المستقلين ونشطاء المجتمع المدني والأحزاب بسبب ما اعتبروه «أكبر امتحان» يهدد حرية التعبير ومصداقية الإعلام في بلد تصنفه التقارير الأممية والدولية في الطليعة عربياً في مجال الحريات. وجاء هذا التطور في ظل «تضخم دور لوبيات المال السياسي المشبوه»، بالتزامن مع إحالة بعض المدونين والكتاب المعارضين إلى المحكمة العسكرية وليس على القضاء المدني. القطرة التي أفاضت الكأس كانت إحالة الناشطة النسائية الليبرالية أمينة منصور، وعدد من المدونين والسياسيين، على المحكمة العسكرية بعد اتهامهم بالإساءة إلى رئيس الجمهورية قيس سعيد، وبنشر «أخبار زائفة تنال من شخصه ومن كرامته ومن هيبة الدولة والجيش الوطني».

اعتراضات

لكن المهدي الجلاصي، رئيس نقابة الصحافيين التونسيين، وعدد من نشطاء المجتمع المدني، أصدروا بلاغات رسمية تحذر من «استخدام القضاء العسكري وسيلة لإسكات صوت الكتاب المعارضين في المواقع الاجتماعية وفي بقية وسائل الإعلام». أيضاً انتقد المحامي سمير بن عمر، القيادي في حزب «المؤتمر من أجل الجمهورية» المعارض، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، ما اعتبره «بوادر التضييق على حرية التعبير» في وسائل الإعلام التقليدية والجديدة بسبب تزايد تأثير «لوبيات الفساد المالي والسياسي» التي سيطرت على عدة قنوات تلفزية وإذاعية، وذلك في مرحلة شهدت إحالة ملفات عديدة على القضاء العسكري، ثم إصدار قضاة عسكريين قرارات إيقاف ضد بعض المدونين المتهمين.

وأصدرت كذلك قيادات عدة منظمات وأحزاب، من بينها أحزاب مشاركة في الحكومة مثل حزب «حركة النهضة»، بيانات «تحذيرية» لرئاسة الجمهورية في حال توالي إحالة المدونين والصحافيين على المحكمة العسكرية، والعودة إلى «مربع التضييق على حرية التعبير عبر استعمال القضاء العسكري كوسيلة للتنكيل بالمعارضين».

توظيف سياسي للإعلام

كان بين «المفاجآت» في أمر التحذيرات من «إقحام القضاء العسكري» في تقييم ما يكتبه المعارضون، صدور بعضها عن سياسيين بارزين بينهم الرئيس السابق للجمهورية المنصف المرزوقي ورئيس البرلمان وزعيم «النهضة» راشد الغنوشي. ومن ثم، قلل بعض أنصار الرئيس سعيد، مثل المحامي والخبير القانوني رابح الخرايفي، من انتقادات خصومهم ومعارضيهم. وحذروا من «الحملات الإعلامية» التي تستهدف رئيس الدولة ومشروعه الإصلاحي. واعتبر الخرايفي أن «النيابة العمومية التابعة للمحكمة العسكرية يحق لها رفع قضايا ضد مَن يشتبه في تورطه في الاعتداء على كرامة رئيس الجمهورية والمساس بهيبة الدولة وهيبة القائد العام للقوات المسلحة».

وفي المقابل، يرى المهدي الجلاصي، والذين يناصرونه، أن «من حق رئاسة الجمهورية رفع قضايا عدلية أمام القضاء المدني»، من دون إقحام المؤسسة العسكرية في النزاعات بين السياسيين ومعارضيهم بمن فيهم المدونون والإعلاميون.

صمت... فمساندة... ثم زوبعة

هذا، وكان الجدل حول إقحام القضاء العسكري في مراقبة الإعلام والمواقع الاجتماعية قد طفا على السطح بقوة منذ نحو 3 أشهر عندما صدرت عن النيابة العسكرية بطاقة (مذكرة) جلب ضد المدون راشد الخياري، النائب المعارض في البرلمان، بسبب نشره مقالات وفيديوهات وجهت اتهامات خطيرة إلى الرئيس قيس سعيد، من بينها «الحصول على تمويلات أميركية وأجنبية قبل ترشحه للانتخابات الرئاسية عام 2019» (؟). ولقد فندت سفارة الولايات المتحدة بتونس، ومثلها رئاسة الجمهورية، تلك الاتهامات، وفتحت المحكمة العسكرية قضية عدلية ضد راشد الخياري الذي لاذ بالفرار رغم حصانته البرلمانية.

ومن جهة ثانية، بينما شن أنصار الخياري حملة للدفاع عنه بصفته «كاتباً ومدوناً استقصائياً» يضمن له القانون حرية التعبير كاملة، انتقده آخرون معتبرين أن «النيل من هيبة القائد العام للقوات المسلحة (ورئيس الجمهورية دستورياً هو القائد العام للقوات المسلحة) يؤدي إلى النيل من هيبة مؤسسة الجيش الوطني كاملة». وفي هذا الشأن، بالذات، اعترض بعض كبار الجامعيين على هذا الموقف، واعتبروا أن «الدستور التونسي إنما أسند إلى رئيس الجمهورية المدني المنتخب صفة القائد العام للقوات المسلحة احتراماً للصبغة المدنية للدولة، وحرصاً على أن لا تُسند تلك الخطة (الوظيفة) لأحد جنرالات الجيش»، على حد تعبير عياض بن عاشور، العميد السابق لكلية الحقوق والعلوم الإنسانية والخبير القانوني لدى الأمم المتحدة.

وفي سياق متصل، من الملاحظ أن عدداً من الذين ساندوا مبدأ محاكمة النائب الخياري، واتهموه بـ«الكذب ومحاولة تشويه رئيس الجمهورية المنتخب» اعترضوا بقوة خلال الأسابيع القليلة الماضية على إصدار المحكمة العسكرية قرارات إيقاف ضد بعض الكتاب في المواقع الاجتماعية، بينهم المدون سليم الجبالي الذي سجن بعد شكاية تقدمت بها رئاسة الجمهورية، بسبب «تدوينات اعتبرت مُسيئة لرئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة». واعتبر فرع منظمة «صحافيون بلا حدود» الدولية في تونس في بلاغ رسمي أن إحالة مدنيين على المحاكم العسكرية بدلاً من القضاء المدني يُعد تعسفاً على القانون التحرري الذي يضمن حرية التعبير ويكرس «الاستثناء الديمقراطي التونسي».

هل هي سابقة؟

الجدير بالذكر أن المحاكمات العسكرية للمدونين والكتاب والسياسيين بدأت في تونس منذ 2012، عندما رفع الجنرال رشيد عمار، قائد أركان الجيوش الثلاثة، دعوى ضد أيوب المسعودي، المستشار السياسي السابق للرئيس المنصف المرزوقي، بتهمة «نسبة أمور غير حقيقية إلى موظف عمومي» في أعقاب اتهام المسعودي للجنرال عمار بـ«الخيانة الوطنية» من دون تقديم أدلة. كذلك سُجن المدون المعارض وعضو البرلمان الحالي ياسين العياري، خلال عام 2015 بعد حكم أصدرته ضده محكمة عسكرية بتهمة «نشر الأخبار الزائفة والثلب»... وباستغلال صفته باعتباره ابن العقيد السابق في الجيش الطاهر العياري، الذي قتل في عملية إرهابية في مايو (أيار) 2011.

في المقابل، قلل وزير الدفاع التونسي إبراهيم البرتاجي، خلال جلسة حوار مع البرلمان التونسي من التخوفات على مستقبل حرية الإعلام في البلاد. وأورد أن المؤسسة العسكرية «تحترم القانون ومدنية النظام وليس لديها أي توجه للنيل من حرية التعبير أو التشهير بالمعارضين». لكن المتمسكين بمحاكمة المتهمين بجرائم لديها علاقة بالإعلام أمام محاكم مدنية يشيرون إلى أن إحدى المحاكم المدنية قضت عام 2019 بعدم سماع الدعوى لفائدة الناشط السياسي والمدون المعارض عماد دغيج، إثر قضية تقدم بها الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي ضده.


لعبة المال والسياسة

هذه التطورات تسجل في مرحلة حذرت فيها «الهيئة العليا المستقلة للإعلام السمعي البصري»، التي تشرف على القطاع منذ إلغاء وزارة الاتصال عام 2011، من «تزايد تأثير المال السياسي المشبوه»، بما نال من درجة «المهنية الإعلامية والحيادية» في كثير من القنوات والمواقع.

كذلك، حذرت مؤتمرات علمية ودراسات أكاديمية مستقلة من «توظيف (استغلال) المال السياسي الداخلي والأجنبي» لمناخ الحريات الإعلامية في البلاد لتوريط بعض الإعلاميين والمؤسسات الصحافية في «الانحياز والاصطفاف السياسي»، والانخراط في «لعبة المحاور الإقليمية والدولية» بهدف إجهاض «الاستثناء الديمقراطي» الوحيد الناجح سياسياً في بلدان «الربيع العربي». وأدى هذا الانحياز والاصطفاف إلى معارك «الكل ضد الكل»، بين محورين كبيرين: الأول مساند للحكومة والبرلمان وحزامهما السياسي، والثاني معارض لها يدعو إلى «ثورة جديدة» و«إسقاط كامل المنظومة الإعلامية والسياسية» التي تتزعم المشهد منذ يناير (كانون الثاني) 2011.

قد يهمك ايضا 

تونس تحشد دعماً دولياً لملف صندوق النقد الدولي

أوروبا تنضم إلى جهود عربية لمساعدة تونس في السيطرة على الجائحة

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صراع إعلامي ذو خلفيات سياسية في تونس يحتدم عبر المدونين والإعلاميين صراع إعلامي ذو خلفيات سياسية في تونس يحتدم عبر المدونين والإعلاميين



هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:21 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يؤكد أنه سيقر بهزيمته إذا كانت الانتخابات عادلة
 العرب اليوم - ترامب يؤكد أنه سيقر بهزيمته إذا كانت الانتخابات عادلة

GMT 23:36 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

طرق مختلفة لاستخدام المرايا لتكبير المساحات الصغيرة بصرياً
 العرب اليوم - طرق مختلفة لاستخدام المرايا لتكبير المساحات الصغيرة بصرياً

GMT 22:50 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد هنيدي يتراجع عن تقديم عمّ قنديل في رمضان 2025
 العرب اليوم - محمد هنيدي يتراجع عن تقديم عمّ قنديل في رمضان 2025

GMT 15:16 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

العلاقة بين الاكتئاب وحرارة الجسم دراسة جديدة تسلط الضوء

GMT 05:00 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الأولوية الإسرائيلية في الحرب على لبنان

GMT 04:05 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

ارتفاع عدد المصابين بأخطر سلالة من جدري القرود في بريطانيا

GMT 18:25 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

مانشستر سيتي يرصد 150 مليون يورو لضم رودريغو

GMT 18:20 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

17 ألف ريال غرامة للهلال السعودي بسبب أحداث مواجهة النصر

GMT 02:26 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة لاعب وإصابة 4 بسبب صاعقة رعدية بملعب كرة قدم في بيرو

GMT 03:11 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمطار الغزيرة تغمر مطار برشلونة في إسبانيا

GMT 18:15 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة لاعب وإصابة 5 بـ صاعقة في بيرو

GMT 13:14 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

سقوط مروحية عسكرية مصرية ووفاة ضابطين أثناء تدريب

GMT 15:29 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

تحذير من مخاطر استخدام ChatGPT-4o في عمليات الاحتيال المالي

GMT 03:42 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يواصل هجماته على إسرائيل ويطلق 90 صاروخًا

GMT 18:38 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

آينتراخت فرانكفورت يحدد 60 مليون يورو لبيع عمر مرموش

GMT 19:28 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

قتلى من حزب الله بقصف إسرائيلي على محيط السيدة زينب في دمشق

GMT 03:40 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

فصائل عراقية موالية لإيران تستهدف ميناء حيفا بطائرة مسيرة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab