عزز "منتدى الإعلام العربي"، الذي ينطلق غداً، مكانته كأهم منصة للحوار الإعلامي في المنطقة، مرسخاً دبي عاصمة للإعلام، وذلك عبر نحو عقدين من الزمان، توالت فيهما الدورات، وتتابعت خلالهما الإنجازات، في سياق من العمل الدؤوب الذي هيأ لهذا الحدث السنوي أن يواكب أهم وأبرز التحولات العربية والدولية عميقة التأثير التي غيرت شكل العالم؛ فيما باتت الحوارات التي تشهدها أروقة المنتدى محطة رئيسة بالنسبة لأهل المهنة يستشرفون من خلالها مستقبل مهنتهم.
ونجاح دبي في ذلك ليس مصادفة، بل كان ذلك بفضل أفقها المفتوح على التفكير "خارج الصندوق"، وبقدرة قيادتها على تحويل الأمل إلى عمل، والطموح إلى أهداف، وتحفيز الإرادات، وتوظيف القدرات، وإطلاق الطاقات، وتنظيم أجندة إنجاز تسير إلى غاياتها بثبات.
هذا الأفق فتحته قيادة ذات رؤية، تمتلك الخبرة والدربة على تشكيل فرق العمل ذات الكفاءة والمؤهلة، القادرة على تحويل الرؤية إلى مشاريع عمل برسم التنفيذ والتطبيق.
هنا القصة قصة قائد تصدى لمهماته، وانفرد بتسمية ووصف برنامجه في الحكم والإدارة بـ«الرؤية»، أوضح أسلوبه وتوجهاته بوصفه حاكماً في كتاب أسماه «رؤيتي». وسم خطواته على الأرض بانسجام مع ما قال وكتب.
هنا رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، الجامعة الشاملة، التي لن يحيط بها أحد لا يستوعب تجربة دبي الكاملة.
وهذه، أيضاً، قصة دبي مع مشاريعها الكثيرة العملاقة، والنجاح الذي تحققه. ومن أبرز هذه المشاريع، ذلك المشروع الجريء المتمثل بـ«منتدى الإعلام العربي»، الذي نجح في أن يكون عنواناً أساسياً وثابتاً على أجندة دبي، والإقليم والعالم، ويصب في خدمة «النموذج الفريد»، ويؤدي دوره بكفاءة في ترجمة «الرؤية»، في مساحات هي حكر على المبادرة الفردية، لا تفكر فيها الأعمال، ولا تنشغل بها الأموال، ولا تتغلغل فيها الإدارة. وهنا، أيضاً، هذه قصة دبي مع "منتدى الإعلام العربي".
1 ببساطة ممتنعة، كان «منتدى الإعلام العربي» واحداً من الأفكار الكبيرة التي واجه بها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، تحديات الدخول في الألفية الجديدة، وأحد أبرز المشاريع للتعامل مع تحولات القرن الحادي والعشرين، ومن أولى مبادرات دبي في القرن الجديد، وأكثرها استدامة واستشرافاً، وشكل التفاتة مبدعة إلى مساحة حرجة، تقع خارج نطاق قطاعات المال والأعمال، ولكن لها تأثير حيوي على كل مجالات الحياة.
ومن هنا، فإن «المنتدى» لم يسر فقط في خط موازٍ لمسار الطفرة التنموية الهائلة التي شهدتها دبي، ولكن رصد كذلك تقلبات الأحوال في منطقتنا، وواكب تحولات الوعي العربي، وكان متيقظاً للمتغيرات التي شهدتها وظيفة الإعلام في بلداننا، في هذه السنوات الحرجة.
وفي هذا كله، تبرز التطلعات التي عبّر عنها سموه في عام تأسيس نادي دبي للصحافة، حينما أشار إلى ضرورة توطيد أركان الصحافة، لتؤدي دورها، وتقوم بمسؤولياتها، منبهاً أن ذلك لن يتحقق إلا بجهود الإعلاميين أنفسهم، شرط أن يجمعوا بين العلم والنزاهة والموضوعية والموهبة، والإيمان بأنهم أصحاب رسالة سامية، نبيلة المقاصد.
ومن هذه الرؤية برزت هذه المهمة الاستشرافية، التي تجسدت في «منتدى الإعلام العربي»، الذي حظي بفريق كفء ترجم الفكرة، وأمّن استدامتها.
2- في العام الأخير من الألفية الماضية، أي العام الذي تأسس فيه نادي دبي للصحافة، استنفرت البشرية بينما هي تستقبل الألفية الثالثة.
كان العنوان الرئيس لهذا القلق هو الأصفار الثلاثة في الأعداد التي تشير إلى التاريخ، التي لم يكن المبرمجون واثقين من أنهم حسبوا حسابها، أو فكروا فيها، وبينما كانت المراكز العلمية والتكنولوجية في وادي السيلكون وغيره تتحقق من وجود المشكلة أصلاً، اندفعت وسائل الإعلام لتشعل موجة من الإثارة حول الموضوع، أدخلت العالم في رعب فشل المعرفة الإنسانية، في أرقى أنواعها، على نحو كلي، وشامل، ودفعة واحدة.
وحلّ العام 2000، وفي يومه الأول اتضح أن كل هذا الضجيج الإعلامي هو مجرد إثارة لا غير، وأن المعرفة هي أفضل ما حصل في تاريخ الإنسانية، ولكن هذه الإثارة الإعلامية أثرت في المحصلة على المال والأعمال وعلى التنمية، ومصائر الأفراد، بل فتحت عيون الإرهاب الدولي على أن التكنولوجيا لا تخلو من الثغرات، فدخلنا في العام الأول بعد الألفية بأفظع الحوادث الإرهابية وقعاً، وأشدها تأثيراً بمسار التاريخ.
وكان لا بد من التوقف، والتساؤل حول دور الإعلام، والمهنة الإعلامية، عموماً، التي يمكن لها أن تلعب دوراً إيجابياً جوهرياً، أو سلبياً فادحاً.
3- رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم الاستشرافية، التي التفتت نحو الإعلام، كان لها أساس قوي، فسموه، منذ البداية، كان يدرك أن إحداث تحول حقيقي في المنطقة يتطلب تغييراً في الوعي على المستويين المحلي والعربي، ويقتضي من جانب آخر تغيير الانطباع العالمي عن المنطقة.
وتغيير الوعي لا يتم بـ«التفاهم» على الحاضر، ولكن بالتوافق على المستقبل، والاتفاق عليه، ما يقتضي، بداية، استشرافه، ومحاولة قياس اتجاهاته، وأهم فرصه واستحقاقاته.
وكان سموه، ببصيرته النافذة، قد أدرك منذ البداية، كذلك، أن هذه المهمة المتمثلة بتغيير الوعي وترويج مفاهيم المستقبل، تحتاج إلى أدوات جبارة، مثل الإعلام، شرط أن يتمتع بمواصفات حددها سموه لدى إطلاق نادي دبي للصحافة بدقة تثير الإعجاب، حيث قال: «إننا نتطلع إلى توطيد أركان صحافة تؤدي دورها، وتقوم بمسؤولياتها، على أحسن وجه، ولا يتحقق ذلك إلا بجهود صحافيين يجمعون بين العلم والمعرفة والنزاهة والموضوعية، ويتمتعون بالموهبة، وتسكنهم القناعة بأنهم أصحاب رسالة سامية الأهداف، نبيلة المقاصد».
في هذه الكلمات الكثير من المعاني التي تؤشر على فكر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، الذي يمتاز بأنه متعدد المسارات، وتجتمع في فكرته الواحدة الجوانب التنموية والاقتصادية والاجتماعية والإعلامية، ومراعاة القطاعات الحيوية في المال والأعمال والإدارة.
هذه المعاني التي أراد لها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد أن تنتمي للمستقبل.
4- ن نادي دبي للصحافة بداية البدايات، فكان إنشاء لفريق عمل كفء، بقيادة منى غانم المرّي، رئيسة نادي دبي للصحافة رئيسة اللجنة التنظيمية لمنتدى الإعلام العربي. الفريق الذي اندفع بحماس لتحقيق قائمة الأهداف الطويلة التي تحقق رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد.
بداية، تم إطلاق منتدى الإعلام العربي، ثم جائزة الصحافة العربية، والتقرير الأشهر والوحيد عربياً الذي يتناول قضايا الإعلام «نظرة على الإعلام العربي»، ومنتدى الإعلام الإماراتي.
في الواقع، رسم منتدى الإعلام العربي منذ دورته الأولى، وعبر دوراته الماضية، خارطة من الاهتمامات الجديدة، التي نقلت المهنة الإعلامية إلى رحاب الألفية الثالثة.
بداية، تمكن من أن يكون منصة لأهل المهنة، يلتقون فيها، ويتحاورون عبرها، وبذا لم يعد الحوار بين وسائل الإعلام مقتصراً على الصراع والتراشق، ولكنه أضحى لقاء أهل مهنة، ونقاش مؤسسات مسؤولة. وهذا أول إنجاز للمنصة الإعلامية العربية الأهم.
5- كبت اهتمامات «منتدى الإعلام» تحولات الواقع العربي، وانعطافاته منذ بداية الألفية الجديدة، وكانت تشخص في كل دورة سنوية هذه التحولات والانعطافات، لا سيما بما يتعلق بالإعلام، بدقة، بحيث يمكن القول إن «المنتدى» كان، عملياً، يؤرّخ للألفية الجديدة.
وفي دليل على عمق الرؤية التي قادت إليه، تزامن انعقاد الدورة الأولى للمنتدى مع حدث مفصلي، عكس الخلل الكبير في العلاقة بين العالم العربي والعصر، حدث ذلك مع أحداث الحادي عشر من سبتمبر، التي ارتبكت وسائل الإعلام العربية في التعامل معها، ما أنذر بانقطاع الحوار التقليدي بين الشرق العربي والغرب بعمومه.وجاء هذا الخلل في الأداء الإعلامي العربي ليؤكد ضرورة وأهمية الحوار الإعلامي، ولقاء أهل المهنة العرب.
وهذا الحوار الذي خلقه «منتدى الإعلام العربي»، وانطلق منذ بداية الألفية، يتواصل إلى اليوم، مسجلاً حضوره في مواكبة حية للنقلات النوعية التي سجلتها دبي في صنع نموذجها الفريد، كما قاد مساراً أثبت أن «الرؤية» المبكرة، التي قادت إلى نادي دبي للصحافة و«المنتدى» نفسه وجائزة الصحافة العربية، هي رؤية شاملة، متكاملة، استباقية، استشرافية، حملت كل السمات التي اتصفت بها الأفكار الكبير التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، الذي أطلق عبر ثلاثة عقود جملة من الأفكار الجريئة، وقادها إلى حيز التنفيذ على أرض الواقع.
6- جوانب الشاملة لـ«الرؤية» تجسدت في التفاتة دبي المبدعة إلى جوانب الإعلام كافة، بدءاً من حرية التعبير الشخصية، مروراً بالمهنة الإعلامية، وصولاً إلى الإعلام بوصفه استثماراً كبيراً حساساً يحتاج إلى بيئة متفهمة، وهذا ما عبّرت عنه دبي، في سياق رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، في المشروع الأول من نوعه، وحمل عنوان «المنطقة الإعلامية الحرة»، الذي جرت محاولات تقليده في أكثر من بلد، ومنيت تلك المحاولات بفشل ذريع، لأن الحسابات المالية والاقتصادية لم تكن لتضمن النجاح في غياب «الرؤية»، التي منحها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد لدبي ومشاريعها.
"رؤية" الشيخ محمد بن راشد التي تجمع بين حاجات الأفراد، وفروض المجتمعات، وضرورات الأعمال، ومقتضيات المستقبل، شكلت الفضاء الذي انطلقت منه فكرة «منتدى الإعلام العربي»، متسلحة بطموحات غير مسبوقة: الحوار بين أهل المهنة الإعلامية، ومد جسور التعارف بين ممثلي الإعلام العربي والغربي، وتوفير الإمكانات التي تتيح تطوير المعرفة لأصحاب المهنة ومنتسبيها.
7- ل المنتدى منذ عامه الأول على تعريف رواده بأهدافه المتمثلة في دعم الحوار بين صناع القرار الإعلامي، وتحليل أبرز التطورات والظواهر الإعلامية، سعياً إلى تبنّي رؤى متناسقة تصف المشهد الإعلامي بدقة وتقف على جلّ التحديات التي تواجهه، ومن ثم وضع الخطط التي من شأنها دعم مسيرة الإعلام العربي.
ويمكن القول إن المنتدى رأى النور وهو يقف على أرض صلبة، إذ حفلت أجندة دورته الأولى بالعديد من المحاور التي واكبت تفاصيل المشهد الإعلامي والسياسي العربي آنذاك، وتعرضت هذه الدورة بالتحليل الدقيق لمجموعة من الموضوعات بالغة الأهمية، كان من أبرزها: مستقبل الإعلام الحكومي، والبث الإعلامي عبر الإنترنت، إضافة إلى صورة الانتفاضة الفلسطينية في الإعلام العربي، كما بحثت كذلك في دور النقابات العربية في تعزيز الحريات والدفاع عن الصحافيين العرب، وقدمت تحليلاً للبرامج الحوارية التلفزيونية.
وفي الوقت نفسه فرض عام انطلاقة المنتدى، الذي شهد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، نفسه وأحداثه على أجندة المنتدى، إذ تسببت هجمات الحادي عشر من سبتمبر في اتساع الهوة بين العالمين العربي والغربي، وبالتالي إعلامهما، وهو ما تفاعل معه المنتدى بطرح تلك القضية في دورته الثانية في عام 2002، التي عقدت تحت شعار «إشكاليات الخطاب العربي في الغرب»، وتناولت مفهوم الثوابت والمتغيرات في الوعي الغربي تجاه العرب والعكس، إلى جانب قدرة الإعلام العربي على اختراق الجدار الإعلامي الغربي، ودور الإعلام والإعلاميين العرب في إيجاد حوار وتفاعل إيجابي بين الشرق والغرب.
وتمكّن المنتدى من أن يكون جسرَ وصل إيجابياً يسهم بصورة إيجابية في رأب الصدع الذي أوجدته تلك الهجمات في العلاقات بين العرب والغرب، اعتماداً على أساس منهجي سليم ومن منطلق إعلامي بحت، بهدف توضيح الحقائق بأسلوب متحضر ومستنير، إذ كان لاستضافة أسماء بارزة من الإعلاميين الأجانب بالغ الأثر في الاستماع إلى وجهة نظر الإعلام الغربي، والتوصل إلى حلول تساعد في تقليص الهوّة بين الإعلام العربي وما تتناوله وسائل الإعلام في الغرب.
8- بعد عامين من ذلك، فرضت الأحداث التي مرّ بها العالم العربي خلال الحرب على العراق نفسها على الدورة الثالثة للمنتدى، التي عقدت تحت عنوان «الإعلام والحرب» لتناقش دور الإعلام خلال الأزمات والحروب في ظل تداعيات الحرب على العراق، وتأثيرها على العلاقة بين دول الغرب والعالم العربي.
وشهدت هذه الدورة الاستثنائية التي خصصت بالكامل لدراسة الحالة العراقية، مناقشة كيفية تعاطي وسائل الإعلام العربية والغربية مع الحرب، وأهمية دور الإعلام خلال الحروب، وبحثت في مسؤولية الصحافي بوصفه ناقلاً للحقيقة، وضرورة تحلي الإعلاميين بالموضوعية والحياد دون الاعتماد على أساليب دعائية تستند إلى معلومات مضللة أو أحادية الجانب، وأفرد المنتدى ندوة كاملة بعنوان «الإعلام كسلاح دمار شامل» للنظر في كيفية تحوّل الإعلام إلى سلاح مدمر حال تبنيه حملات ممنهجة تهدف إلى التأثير السلبي في الرأي العام.
وحرص المنتدى في سعيه لرسم الاستراتيجيات والخطط الرامية إلى التعرف على واقع الإعلام العربي، على إقامة شراكات مع مختلف المنظمات والمؤسسات المهنية والفكرية، فجاءت الدورة الرابعة للمنتدى بالشراكة مع «مؤتمر الفكر العربي» الذي تنظمه "مؤسسة الفكر العربي".
حملت هذه الدورة شعار «الإعلام العربي والعالمي.. تغطية الحقيقة»، وتبنّت أطر تعزيز التفاعل بين الإعلام العربي والعالمي، ليكون الولاء للحقيقة دون سواها هو الهدف الرئيس للطرفين.
وفي السياق نفسه، كان مصطلح «الإسلام السياسي» قد بدأ بفرض نفسه على المشهد، لذا بادرت الدورة الرابعة إلى طرح تلك الظاهرة على طاولة الحوار الإعلامي المتخصص ضمن جلسة حملت عنوان «تغطية الإسلام السياسي».
9- ومنذ وقت مبكر في مسيرته، أولى المنتدى قضية الارتقاء بالعمل الإعلامي العربي اهتماماً كبيراً عبر تسليطه الضوء على التجارب الناجحة والتحديات التي تواجه العاملين في مختلف قطاعاته.
وركّز خلال دوراته المختلفة على بحث تطورات المشهد الإعلامي العربي من خلال مناقشة قضايا مصداقية الإعلام بين تياري الحداثة والمحافظة، والتدريب الإعلامي في الوطن العربي، وحال الإعلاميين العرب، كما سلط الضوء على بعض التجارب الناجحة للمرأة العربية في مجال الإعلام، إلى جانب العلاقة بين الإعلام الحكومي والخاص، واستعرض المنتدى كذلك نماذج للظواهر الجديدة على الإعلام العربي، كتنامي ظاهرة التدوين ومدى تأثيرها في الرأي العام وسياسات الحكومات، وظاهرة برامج الواقع، وصحافة «التابلويد» اليومية وما أضافته إلى المشهد الصحفي العربي.
ودعمًا لصناعة الإعلام وتطوير الكوادر الإعلامية العربية، شهدت الدورة السادسة مناقشة نتائج الإصدار الأول لتقرير «نظرة على الإعلام العربي»، الصادر عن «نادي دبي للصحافة»، واستعرض المنتدى نتائج مجموعة من الدراسات والأبحاث التطبيقية التي أجريت على عدد من المؤسسات الإعلامية في بعض الدول العربية الرائدة في مجال الإعلام، وذلك بهدف رصد الحالة الإعلامية والتوجهات المستقبلية للإعلام العربي، وصياغة استراتيجية متكاملة لتطوير الكفاءات والمؤسسات الإعلامية العربية، إضافة إلى تحديد مكامن القوة والضعف في مسيرة الإعلام العربي.
واستعرض المنتدى في جلسة حملت عنوان «تطوير المؤسسات.. تطوير الكفاءات الإعلامية»، موضوعات تطرقت إلى علاقة حجم المؤسسات الإعلامية بمستويات نموها، ونشوء مؤسسات إعلامية جديدة وتأثيرها على صناعة الإعلام، إضافة إلى قضية الموازنة بين جودة ومصداقية المضمون والربحية، وتأثير الإعلانات على المضمون.
كما تطرقت الدورة ذاتها إلى ظاهرة تحوّل الإعلاميين من التحرير الصحافي إلى العمل التلفزيوني، وبحثت كذلك في قضايا التدريب الإعلامي، وجودة البرامج التدريبية والأكاديمية المتوفرة ومدى توافقها مع المعايير العالمية.
10- وتماشياً مع التطور المستمر والمطرد في عالم التكنولوجيا، اشتملت أجندة المنتدى على موضوعات تبحث «التكنولوجيا وتكامل الإعلام العربي» وكيفية استجابة الإعلام العربي لتحديات التكنولوجيا، ودور القطاعين الحكومي والخاص في صناعة الإعلام، وقدرة هذه المؤسسات على تحقيق نتائج إيجابية، وامتدت الموضوعات لتلقي نظرة على قدرة التكنولوجيا على إحداث التغيير، والفرص والتحديات التي تواجه صناعة الإعلام فيها.
وسلّط المنتدى الضوء على ظاهرة تسرب الكفاءات من وسائل إعلام المشرق العربي، وأسباب عدم قدرتها على الاحتفاظ بكوادرها، كما ناقش تغيّر القالب التقليدي للإعلام من مهنة تعتمد على الحرفية والموهبة إلى صناعة تُشكل التكنولوجيا وتطبيقاتها أبرز عناصرها.
تفاعل مع الأحداث السياسية والاجتماعية
تفاعل المنتدى مع الأحداث السياسة والاجتماعية في عدد من الدول العربية، وما نَجَم عن ذلك من تغيرات عميقة في المشهد الإعلامي، حيث ناقشت دورة المنتدى الثانية عشرة أبرز الظواهر والتحديات التي طفت على السطح خلال المرحلة الانتقالية لبعض الدول، مثل خروج وسائل إعلامية عن قواعد المهنية، وضياع هويات وسائل أخرى، وتحوّل بعضها إلى أبواق دعائية تخدم مصالح مالكيها وأهدافهم.
وخصص المنتدى إحدى جلساته لمناقشة ظاهرة البرامج الحوارية «التوك شو»، متخذاً الفضاء التلفزيوني المصري نموذجاً، كما ناقش الخبراء تطور الإعلام الإلكتروني، والطريق الذي بدأته دول مثل تونس والأردن ومصر والسعودية والإمارات، لاستحداث قوانين وتشريعات منظمة لذلك.
وفي جلسة موسّعة حول الأزمة السورية، بحث المنتدى أبعاد الصراع الإقليمي والدولي داخل الأراضي السورية، وتأثيره في صياغته المستقبل السوري، كما تعرّض بالتحليل إلى السيناريوهات المحتملة للتداعيات الاقتصادية والسياسية والعسكرية للأزمة السورية على المنطقة خلال عشر سنوات.
وكان للإعلام الساخر كذلك نصيبٌ من نقاشات المنتدى، بعد أن أتاح له الفضاء الإلكتروني نافذة يطل منها على أعداد كبيرة من المتابعين، وناقش الخبراء قضية السخرية بين النقد المعتدل واللاذع، وخروج البعض عن التقاليد المهنية والأعراف الراسخة للمجتمعات.
وعمدت الدورة الثالثة عشرة لمنتدى الإعلام العربي إلى تقديم قراءة جديدة لمستقبل الإعلام في المنطقة بتسليط الضوء على مراحل تطوره متأثراً بالمتغيرات العالمية لا سيما الإعلامية منها.
وعرض المنتدى من خلال دراسة علمية عالمية الخط الزمني لافتراض قائل بإمكانية انقراض الصحف الورقية في صورتها التقليدية المتعارف عليها، واعتمدت الدراسة على نتائج دقيقة حول القنوات والمنصات الإعلامية الجديدة.
وأبرز المنتدى إسهام وسائل التواصل الاجتماعي وأدوات الإعلام الجديد في تحقيق الانتشار والتأثير، كما تطرقت حوارات الدورة ذاتها إلى قضية الحروب الافتراضية التي غيّرت مفاهيم الحروب التقليدية والأمن القومي العالمي، من خلال قدرتها على تعطيل شبكات الاتصال والمعلومات لخصومها.
اقرأ أيضا:
الطائرات الإسرائيلية تلقى منشورات تحذيرية على سكان قطاع غزة
متابعة حثيثة لقضايا التنمية والبحث العلمي
لم يبتعد «منتدى الإعلام العربي» يوماً عن القضايا المهمة التي تشكل صلب عملية التنمية في عالمنا العربي، ويظهر ذلك من خلال الدورة التاسعة للمنتدى، التي عنيت بدفع مسيرة التعليم وجهود البحث العلمي في عالمنا العربي من منطلق كونها أساس النهضة الشاملة للدول العربية، فقد استضاف المنتدى العالم العربي العالمي الكبير د.أحمد زويل، الذي تحدث خلال جلسة رئيسية عن تاريخ البحث العلمي في العالم العربي، وإمكانية استعادة العرب للريادة العلمية التي بدؤوها منذ عقود.
وناقش المنتدى تحت عنوان «حراك الإعلام العربي وتطوير المحتوى لتعزيز الأداء»، التطورات والظواهر الجديدة التي طرأت على المشهد الإعلامي العربي وما صاحبه من تطور في المحتوى، كما ألقى الضوء على صحافة المواطنة وميادين حضورها وتأثيراتها المختلفة.
وقدّم المنتدى تحليلاً للمشهد الإعلامي في دول آسيا الصاعدة، وأداء وسائل الإعلام العربية التي تخاطب الرأي العام الغربي بلغته، كما ناقش التحديات والمعوقات التي تحد من تواصل إعلام المغرب العربي مع مشرقه، والأفكار والمشاريع الخاصة بتنظيم الفضاء العربي، وتطورات الإعلام الرياضي في عصر العولمة.
وناقش المنتدى في دورته العاشرة التطور الذي طرأ على المحتوى الإعلامي، وإمكانية دفعه ليصبح أكثر قرباً من المتلقّي، كما تعرّض المنتدى لشكل المنافسة بين وسائل الإعلام المختلفة والفضائيات بصفة خاصة، وقدّم قراءة تفصيلية لظاهرة «العيادات الطبية التلفزيونية» التي انتشرت على الفضائيات العربية آنذاك.
كما ناقش المنتدى أيضاً صورة المواطن العربي في الإعلام الغربي بعد التطورات السياسية والاجتماعية التي حلّت بالمنطقة، وتطور الشبكات الاجتماعية بأبعادها المختلفة، والدور الإعلامي المتنامي للشباب العربي واستخدامه لأدوات الإعلام الجديد من خلال ورشة «الشباب العربي يصنع منبره»، التي شارك في إعداد محاورها عدد من طلاب الإعلام.
مواكبة المتغيرات
من القضايا الهامة التي بحثها «منتدى الإعلام العربي» قضايا مثل ثقافة المصدر المفتوح ونهاية عصر السرية، وقدرة الإعلام على مواكبة التغيرات والتحولات المجتمعية في الشارع العربي، وكذلك التغير في المؤشر الإعلامي العربي بعد التطورات العاصفة التي شهدتها المنطقة، إضافة إلى تطور محتوى وسائل الإعلام من ناحيتي التوجه والأسلوب.
"نظرة على الإعلام العربي"
من أبرز ما شهده «منتدى الإعلام العربي» إطلاق تقرير «نظرة على الإعلام العربي»، الذي يصدر عن نادي دبي للصحافة، وهو ما أكثر التقارير الإعلامية العربية شمولية، حيث يرصد كافة توجهات المشهد الإعلامي في العالم العربي، كما يستشرف إمكانات النمو المستقبلي، والتغيرات المتوقعة على مدى السنوات الخمس التي تلي صدور التقرير.
وناقش الإصدار الأول تحت عنوان «تطوير المؤسسات والكفاءات الإعلامية»، اتجاهات قطاع الإعلام العربي، والتحديات الرئيسة التي تواجه وسائل الإعلام التقليدية والحديثة على حد سواء.
أما الإصدار الثاني «الإعلام والتكنولوجيا» فتناول واقع وآفاق الإعلام العربي، ورصد تطوراته الرقمية مع ظهور الإنترنت واسع النطاق، وتلفزيون الهاتف المتحرك، كما رصد فرص نمو الشركات الإعلامية في العالم العربي في ظل تطور برامج ووسائل الاتصال الحديثة.
وتحت عنوان «تحفيز المحتوى المحلي» أطلق نادي دبي للصحافة الإصدار الثالث ليقف على تنامي حجم الإنفاق الإعلاني عبر الإنترنت، ويسلط الضوء على أهمية تنشيط وتطوير المحتوى المحلي في صناعة الإعلام العربي.
واكتسب الإصدار الرابع «الإعلام العربي: الانكشاف والتحول» أهمية خاصة، حيث جاء في أعقاب التغييرات الاستثنائية التي شهدتها المنطقة العربية.وتزامن صدور تقرير «نظرة على واقع الإعلام الاجتماعي في العالم العربي 2017» مع انعقاد منتدى الإعلام العربي في دورته السابعة عشرة تحت عنوان «نظرة على الإعلام العربي: شباب.. محتوى.. إعلام رقمي».
جائزة الصحافة العربية
في سياق ترسيخ مكانة دبي عاصمة للإعلام تم إنشاء جائزة الصحافة العربية في نوفمبر 1999 بمبادرة من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي.
وتهدف الجائزة إلى المساهمة في تقدم الصحافة العربية، ولتساهم في تعزيز مسيرتها وتشجيع الصحافيين العرب على الإبداع من خلال تكريم المتفوقين والمتميزين منهم.تبلورت فكرة الجائزة لتعزيز الدور البناء الذي تلعبه الصحافة في خدمة قضايا المجتمع، وعرفاناً بإسهامات الصحافيين في إيصال الصوت العربي إلى العالم. وقد جاءت الجائزة لتكريم هؤلاء الصحافيين وتعريف المواطن العربي بأعمالهم وإبداعاتهم المهنية .
وتمنح الجائزة في 13 فئة هي فئات: الصحافة الاستقصائية والصحافة الاقتصادية والصحافة العربية للشباب والرسم الكاريكاتيري والصحافة الثقافية وأفضل صورة صحافية والصحافة الرياضية والحوار الصحافي والصحافة السياسية والعامود الصحافي والصحافة الذكية والصحافة الإنسانية وشخصية العام الإعلامية.
عناية متواصلة بالشباب
يعد عنصر الشباب من القواسم المشتركة الرئيسة على مر دورات منتدى الإعلام العربي، إذ يفرد المنتدى مساحة كبيرة من عنايته بالشباب سواء من خلال الموضوعات المطروحة التي تتناول في جانب كبير منها دور وفرص الشباب في تعزيز صناعة الإعلام العربي، أو من خلال الأنشطة والفعاليات التي يتضمنها المنتدى ويحرص من خلالها على منح الفرصة كاملة للشباب والشابات، لا سيما طلبة وخريجي كليات الإعلام لتحقيق أقصى استفادة ممكنة سواء بإتاحة الفرصة للتطوع ضمن فريق عمل المنتدى بما لذلك من أثر في إثراء تجربتهم العملية في الإعداد والتنفيذ لمثل هذه المنتديات المتخصصة من خلال انخراطهم في مختلف مراحل التحضير النهائية لفعاليات المنتدى.
كما يمثل حضور الجلسات والاستماع إلى النقاشات والأفكار والأطروحات التي يقدمها كبار مسؤولي المؤسسات الإعلامية ونخب المفكرين والكتاب والصحافيين من مختلف أنحاء العالم العربي ميزة عملية كبيرة تسهم في إثراء معارف وأفكار هؤلاء الشباب وتأخذ بيدهم على بداية الطريق الصحيح نحو تبني فكر إعلامي مستنير وسليم.
قد يهمك أيضا:
مصادر عسكرية تؤكد لا صحة للأنباء عن غارة إسرائيلية على سورية
الدبابات والطائرات الإسرائيلية تقصف 6 مواقع مختلفة في قطاع غزة
أرسل تعليقك