تتحكم متطلبات سوق العمل في التخصصات الأكاديمية للطلبة، ومع التطور التقني والتكنولوجي بات لزاماً على الخريجين أن يتحلوا بمهارات متعددة قائمة على الابتكار للحصول على فرصة عمل عقب التخرج، وبمرور الوقت تتضاعف المتطلبات وهو ما يلزم المؤسسات التعليمية والأكاديمية بمزيد من التطوير لتأهيل خريجين يواكبون الوظائف المستقبلية.
أكاديميون طالبوا بإسراع الخطى نحو التعليم القائم على التكنولوجيا الحديثة وتسريع وتيرة اللحاق بالتخصصات المستقبلية لسوق العمل، التي تفرضها الثورة الصناعية الرابعة، مشيرين إلى أنه أصبح لزاماً إعادة النظر في النظام التعليمي الحالي وتأهيله ليتماشى مع المتطلبات الجديدة، بحيث يكون رأس المال البشري العامل الأبرز في تحقيق التغيير، وهو ما يتطلب التعاون بين القطاعين الحكومي والخاص، وتفعيل الشراكة بينهما لبناء وتطوير مناهج جامعية تتماشى مع متطلبات سوق العمل.
وأكدوا أن المؤسسات الأكاديمية التي لاتزال تستخدم التكنولوجيا بشكل محدود لا تلبي احتياجات وظائف المستقبل، لافتين إلى أن هناك أربع ركائز تعليمية للمؤسسات الأكاديمية لمواكبة متطلبات العصر والاستجابة لوظائف المستقبل، تتمثل في التركيز على استخدام التكنولوجيا الحديثة في خدمة الطلاب، ثم قدرة أعضاء الهيئة التدريسية على استخدام هذه التكنولوجيا، ثم مواءمة المناهج الدراسية للتكنولوجيا الحديثة «مناهج رقمية»، وأخيراً البيئة التعليمية القائمة على التكنولوجيا الحديثة.
أكد محمد عبد الله، المدير العام لمجمع دبي للمعرفة ومدينة دبي الأكاديمية العالمية، أن هناك سؤالين مطروحين بقوة، هما كيف نستخدم التكنولوجيا في التعليم؟ وكيف ينبغي أن يكون تعليم التكنولوجيا؟، ومن المثير أن تعليم التكنولوجيا لا يرتبط بها فقط بل بقيم مثل الإبداع والتعاون لحل المشكلات، وهي بالمحصلة قيم مرتبطة بكينونة الإنسان نفسه، كما تبرز في هذا العصر أسئلة وتحديات مثل أهمية التعليم التكيفي والمخصص مع توسع الدروس عبر الإنترنت وانتشار التعليم ودوره بمساعدة مزيد من الطلاب ليكونوا قادرين على تلبية الاحتياجات الجديدة.
وقال: «في الإمارات، عندما أطلقت الحكومة إستراتيجية الثورة الصناعية الرابعة، أصبح لزاماً إعادة النظر في النظام التعليمي الحالي وتأهيله ليتماشى مع المتطلبات الجديدة، فيكون رأس المال البشري العامل الأبرز في تحقيق التغيير، ومن المؤكد أن الاعتناء بالكوادر البشرية وبناءها يتطلب تغيير الطريقة التي يتعلم بها الطلبة، من أجل إعدادهم للمستقبل، وهو ما لا يمكن أن يتم دون التعاون بين القطاعين الحكومي والخاص، وتفعيل الشراكة بينهما لبناء وتطوير مناهج جامعية تتماشى مع متطلبات سوق العمل.
أقرا أيضًا: شوقي يكشف استعدادات تطبيق النظام التعليمي الجديد في مصر
بالأخص زيادة العمل عن بعد والتركيز على خلق فرص إضافية في القطاع الخاص، ولا يمكن إغفال أهمية الدور الذي يقع على عاتق الحكومات والمتمثل بتوحيد معايير المهارات المستقبلية، وإدراج بعضها في المناهج، وتوفير التمويل والبيئات المساعدة على إجراء الأبحاث، وهو ما توليه القيادة في الإمارات أولوية، ويتبدى ذلك من خلال رؤية 2021، وتبني خطة مستقبلية لتطوير التعليم وربط مخرجاته بالتطورات والاحتياجات المستقبلية لسوق العمل بما يلبي احتياجات التنمية الشاملة والمستدامة».
التكنولوجيا الحديثة
وقال الدكتور منصور العور، رئيس جامعة حمدان بن محمد الذكية، إن المؤسسات الأكاديمية التي لا تزال تستخدم التكنولوجيا بشكل محدود لا تبلي احتياجات وظائف المستقبل، وهي مطالبة بإسراع الخطى بأن يصبح التعليم لديها قائماً على التكنولوجيا وبمقدار سرعتها بهذا التحول يتوافق مع سرعتها في اللحاق بالتخصصات المستقبلية لسوق العمل التي تفرضها الثورة الصناعية الرابعة.
وأوضح الدكتور العور أن هناك 4 ركائز تعليمية للمؤسسات الأكاديمية لمواكبة متطلبات العصر والاستجابة لوظائف المستقبل تتمثل: في التركيز على استخدام التكنولوجيا الحديثة في خدمة الطلاب، ثم قدرة أعضاء الهيئة التدريسية على استخدام هذه التكنولوجيا، ثم مواءمة المناهج الدراسية للتكنولوجيا الحديثة «مناهج رقمية»، وأخيراً البيئة التعليمية القائمة على التكنولوجيا الحديثة.
وتابع: إن مقدار التحول في كل ركيزة من هذه الركائز يقرب الطلبة من وظائف المستقبل، واليوم ليس المطلوب طرح تخصصات جديدة فقط بل يتعدى الأمر هذا المفهوم لأن التحول يحتاج إلى أساليب تعلم المستقبل التي تقوم على التكنولوجيا الحديثة، والمستقبل لا ينتظر وعلينا، فلا مجال للتردد في تحويل التعليم إلى تعليم قائم على التكنولوجيا حتى نحقق طموحات الدولة بأن نصبح الأفضل ورقم واحد وواجهة تعليمية تستقطب الجميع.
والحقيقة أن وظائف المستقبل تتعلق بالذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات ومهارات تتوافق مع التكنولوجيا الحديثة ولا مكان للمعلم إذا لم يطور مهاراته بما يتوافق مع متطلبات المستقبل.
وأشار الدكتور منصور العور إلى أن محصلة التكنولوجيا الحديثة في الركائز الأربع تزيد من قوة بصيرة إدارات الجامعات في تصور وتخيل المستقبل وجامعة حمدان سباقة في هذا الأمر سواء في العملية التعليمية أو في إطلاق المبنى الجامعي الذكي بما يلبي متطلبات وظائف المستقبل.
استشراف المستقبل
بدوره قال الدكتور المهندس عبد الرحيم صابوني، رئيس كلية الإمارات للتكنولوجيا بالإنابة، إن استشراف المستقبل أصبح علماً مستقلاً بحد ذاته، وقد أسست له مراكز بحثية للإعداد السليم للخطط المستقبلية، وعلى رأس الأولويات في هذا المجال هو استشراف مستقبل الوظائف ومتطلبات سوق العمل.
وأعتقد بأنه من بين الوظائف الحالية فإن التخصصات الهندسية والتقنية سوف تستمر وتشهد نمواً وطلباً متزايداً في سوق العمل. أما على صعيد الوظائف الأخرى فإنه سيتم تطويرها من خلال توجه العديد من الوظائف المستحدثة نحو التركيز على تطبيق الذكاء الاصطناعي في كل المجالات بما في ذلك المهن والوظائف الطبية والصحية والقانونية والمحاسبية وحتى الأدبية منها.
وأضاف: «كل ما هو قابل للأتمتة واستبدال المهام من خلال الذكاء الاصطناعي سيكون معرضاً للاضمحلال وربما الانقراض. وقد تشمل تلك القائمة العديد من الوظائف التقليدية في مجالات المحاماة والصحافة والتسويق والتحكيم، إضافة إلى الوظائف التدريسية في عدد من المجالات وخاصة ما لا يتطلب التدريب اليدوي، وبشكل عام فإنه على المدى البعيد فإن الوظائف والمهن التي تتطلب عملاً إبداعياً يصعب استبداله بأنظمة الذكاء الاصطناعية ستكون هي الأكثر ديمومة واستمراراً في المستقبل على عكس النشطة القابلة للبرمجة ستكون أكثر عرضة للاختفاء».
وأوضح أن الإمارات تعتبر بين أوائل دول العالم في التأقلم مع كل متطلبات الحداثة واستشراف المستقبل في كل القطاعات بما في ذلك قطاع التعليم، حيث إنه بفعل تطبيق أنظمة متطورة في مجال الاعتماد الأكاديمي للبرامج والتنسيق بين الجهات المعينة بذلك، فإن المؤسسات الأكاديمية تعتبر الأكثر مواكبة في هذا المجال على المستوى الإقليمي على الأقل.
ونحن نتابع باهتمام التركيز على الدخول في قوائم التصنيف الأكاديمي العالمي للجامعات والارتقاء بالعديد من المؤسسات الأكاديمية في الدولة، وقد حقق مؤخراً عدد من الجامعات في الإمارات مراتب متقدمة في التصنيف العالمي في مجالات مختلفة.ثورة صناعية
ويعتبر الدكتور جون إيفانز، نائب رئيس جامعة كرتين - دبي أن العالم يمر حالياً بالثورة الصناعية الرابعة، ويتعين على الطلاب الاستعداد للوظائف التي ستسود خلال الأربعين عاماً المقبلة.
ويجب على الجامعات أن تعلّم الطلبة طرق استخدام التقنيات الحديثة والتفكير بطريقة علمية وهندسية، لأن جميع الوظائف التي ستقدم رواتب كبيرة في المستقبل ستتطلب تلك المهارات، حتى لو كانت خارج مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، وستشمل المجالات التي سيكون عليها الطلب الأكبر جميع تخصصات الهندسة، وعلوم الحاسوب خاصة في مجالات الأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي والبلوك تشين وإنترنت الأشياء، والعلوم المتقدمة، والقانون، والطب. وبشكل عام، يجب على البرامج التعليمية أن تشمل الابتكار والفكر الابتكاري.
رؤى مستقبلية
ويشدد البروفيسور عمار كاكا بروفوست، رئيس جامعة هيريوت وات، فرع دبي على أن التحول المقبل سيركز على البرامج التعليمية التي تدعم الرؤى الحالية والمستقبلية لدولة الإمارات، والتي تتضمن تطوير التنافسية العالمية واقتصاد المعرفة المستدامة.
وقال: اتخذت دولة الإمارات مؤخراً خطوات مهمة نحو تحقيق هذا الهدف من خلال استحداث المناصب الوزارية الجديدة في مجالات الذكاء الاصطناعي والعلوم المتقدمة وتنمية المجتمع، وتقوم الخطة المستقبلية لجامعة هيريوت وات - دبي على مواصلة توفير المعارف اللازمة لعملية التطور الاقتصادي التي تشهدها المنطقة.
وأعرب البروفيسور عمار عن الحرص على مواءمة المعرفة التي يقدمونها مع رؤية الإمارات المستقبلية، وتوفير ما هو مطلوب لإحداث التأثير ومعالجة التحديات العالمية.
خارطة طريق
رسم سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي رئيس مجلس التعليم والموارد البشرية، خلال مشاركته في القمة العالمية للحكومات 2018 بمحاضرة بعنوان «كيف نجعل نظامنا التعليمي يخدم وظائف المستقبل»، خارطة طريق توضح رؤية الإمارات لما يجب أن يكون عليه التعليم، مبيناً سموه أن معايير اليوم لم تعد مقياساً لتقدمنا في المجال التعليمي، ولا تتماشى مع طموحات الدولة، التي تعمل على تطبيق أنظمة تعليمية متقدمة تؤهل أبناءها للمنافسة العالمية، ليصبحوا رواداً في تصدير العلوم.
وبغية تحقيق هذه الأهداف ثمة حاجة إلى جهود تتجاوز الأطر التقليدية، كما أن نجاح الإمارات في ظل هذه الظروف الجديدة يحتم على الاقتصاد الوطني التركيز على قاعدة التنويع، والعمل على جذب الصناعات وأنماط المعرفة الجديدة التي تؤمن النجاح المأمول.
مواكبة
قال الدكتور كودي باريس، نائب مدير جامعة ميدلسكس دبي: يجب أن تعكس البرامج التعليمية المتاحة المسارات الحالية والمستقبلية لدولة الإمارات، وهذا يعني بالنسبة لنا في جامعة ميدلسكس دبي، أننا نركز على تصميم وإطلاق برامج جديدة، بالإضافة إلى تحديث البرامج الحالية لتلبية الاحتياجات الحالية والمستقبلية لطلابنا، ومطالب القطاعين العام والخاص في دولة الإمارات وخارجها.
وسنواصل مساهمتنا في مجموعة متنوعة من المجالات مثل الروبوتات، وعلوم البيانات، والتسويق الرقمي والإعلام، والتنمية المستدامة، وسلسلة التوريد واللوجستيات، والقانون، والسياحة والضيافة، والتعليم، والقطاعات الإبداعية.
وأضاف: «نمت جامعة ميدلسكس دبي بالتوازي مع نمو دبي ودولة الإمارات ككل، وسيرتكز مسار نمونا المستقبلي على التوجهات الاستراتيجية والمبادرات والمشهد العام في البلاد، ونحرص في كل عام على مراجعة توجهاتنا الحالية والمستقبلية بغرض تطوير برامجنا.
وتقدم الجامعة حالياً أكثر من 60 برنامجاً للدراسات الجامعية والعليا لأكثر من 300 طالب، وسنستمر في تقديم البرامج الحالية والجديدة، التي تلبي الاحتياجات الناشئة في دولة الإمارات وخارجها».
9.2
قال مروان عبد العزيز جناحي، المدير العام لمجمع دبي للعلوم ورئيس فريق عمل قطاع الصناعات الدوائية والمعدات الطبية، ضمن استراتيجية دبي الصناعية 2030: «يُتوقع أن يسهم قطاع الأدوية وحده في استقطاب 9.2 مليارات درهم على شكل استثمارات بحلول عام 2030، لكن هذا يعتمد على توافر المواهب وتطوير المهارات في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، وهناك ضرورة أكيدة لسد ثغرة الكفاءة والمهارة بين المناهج الأكاديمية والحاجات المهنية، وخاصة في الاختصاصات المعرفية المتقدمة، مثل المستحضرات الطبية.
وينبغي على الحكومة والأوساط الأكاديمية والصناعية التعاون لتهيئة بيئة تقود قطاع التصنيع في دبي نحو آفاق جديدة. ونحن محظوظون بامتلاكنا أداة تمكين قوية تعتمد على استراتيجية دبي الصناعية 2030 كخارطة طريق لنا».
توصيات
وظائف المستقبل تتعلق بالذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات ومهارات التكنولوجيا الحديثة
ضرورة سد ثغرة الكفاءة والمهارة بين المناهج والحاجات المهنية
تعزيز الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص لبناء وتطوير مناهج تتماشى مع متطلبات سوق العمل
مواءمة المناهج الدراسية بما يتوافق مع التكنولوجيا الحديثة «مناهج رقمية»
التركيز على استخدام التكنولوجيا الحديثة في خدمة الطلاب بحيث تكون البيئة التعليمية قائمة عليها
التركيز على المهارات القيادية التي تحتاجها عمليات التحول الرقمي والتنويع السريع في اقتصاد الإمارات
وقد يهمك أيضًا:
خريجو "أوكسبريدج" يكسبون أضعاف قسط مجموعة "راسل"
النساء تدير 25 % فقط من مناصب المؤسسات التعليمية في بريطانيا
أرسل تعليقك