فعلى سبيل المثال، قدمت المصادر ، وثائق تؤكد حصول 458 شخصًا من المعينين على وظائف بند الأجر اليومي، على رواتب تتراوح بين 3 إلى 4 آلاف ريال شهريًّا، رغم انقطاعهم عن العمل لعدة سنوات، بينهم موظف عسكري بدولة الكويت وآخر متوفى.
وبينت المصادر، أن إدارة تعليم حفر الباطن ظلت تبحث عن أولئك الموظفين حتى توصلت إلى عدد منهم، بينهم شخص متوفى منذ سنتين، فيما تبقى 86 موظفًا لم يُعثر لهم على أثر حتى الآن، وكأنهم أشباح لم يوجدوا يومًا، مبينةً أنه جرى إرسال خطابات شديدة اللهجة لجميع المدارس والأقسام التابعة لإدارتها للبحث عنهم، إلا أن جميع المساعي باءت بالفشل، في الوقت الذي لم يُتخذ فيه إجراء بالفصل ضد الموظفين المختفين.
وأضافت، أن أحد الموظفين المنقطعين، عُيِّن في بداية عمله على وظيفة حارس مدرسة مسائية، وباشر عمله لمدة يوم واحد فقط، قبل أن ينقطع تمامًا عن العمل، مؤكدةً أن هذا الموظف ظل يتقاضى راتبه الشهري طوال هذه السنوات، بالرغم من عمله الحالي بأحد القطاعات العسكرية بدولة الكويت، حتى أنه لم يتواجد في المملكة منذ ما يقرب من عامين.
موظف آخر، حصلت المصادر على مستندات تؤكد تقاضيه إجمالي راتب يقدر بـ125 ألف ريال، رغم انقطاعه عن العمل، مبينة أنه جرى التحقيق مع هذا الموظف، وتم رفع توصية بتحويل ملف القضية إلى هيئة الرقابة والتحقيق؛ إلا أن الملف لم يُحوَّل لها حتى الآن، كما أن الموظف عاد للعمل دون محاسبة.
الأغرب، أن التحقيق فُتح في واقعة الموظف السابق، بعلم مدير التعليم، ومدير المتابعة الذي طُلب منه تقديم استقالته أثناء مجريات التحقيق، وتم قبولها، في مخالفة صريحة للأنظمة والقوانين؛ حيث بات غير مسؤول عما ارتكبه من مخالفات، وأُغلق ملف القضية على ذلك دون محاسبة المتسبب، أو حتى إلزام الموظف بإعادة الرواتب التي تقاضاها دون وجه حق.
كما شملت حلقات الفساد في تعليم "حفر الباطن"، واقعة حصول معلم على إجازة استثنائية "بدون راتب" لإكمال دراسته في الماجستير خارج المملكة؛ إلا أن المصادر اكتشفت أن المعلم ظل يحصل على راتبه بشكل مستمر ودون توقف، حتى تحصّل على ما مجمله 248 ألف ريال أثناء إجازته، وعند اكتشاف الأمر، تم الاكتفاء بإلزام المعلم بإعادة المرتبات التي حصل عليها، وتسديدها على شكل أقساط شهرية بواقع 1500 ريال كل شهر، أي ما يستغرق 13 عامًا متواصلة، حيث أغلق ملف القضية على ذلك، ولم تُحصَّل هذه المبالغ، ولم يحاسب أحد على هذه المخالفة.
وفي واقعة أخرى، حصلت إحدى معلمات التربية الخاصة على ما مجمله 40 ألف ريال على مدار عام كامل، كبدل "تدريس تربية خاصة"، بالرغم من نقلها من وظيفتها التي تستحق عنها البدل لأخرى لا بدل لها.
كما كشفت المصادر، أن عددًا من الموظفين حصلوا على إجازات استثنائية، وتم تقييدها بأرقام سجلات مدنية غير صحيحة (مزيفة) بهدف تجنب تسجيلها في وزارة الخدمة المدنية.
وتابعت المصادر، أن عددًا من المترقين عادوا بعد يوم واحد من مباشرتهم في وظائفهم الجديدة في مناطق تعليم أخرى، بعد حصولهم على خطابات تكليف من تعليم حفر الباطن، رغم أن الأنظمة والقوانين لا تسمح بذلك إلا بعد مضيّ سنة كاملة من تاريخ الترقية، في الوقت الذي لم يعد فيه أحد رؤساء الأقسام إلى عمله الأساسي حتى الآن، بعد تكليفه عام 1433هـ لمدة شهرين فقط.
من جهته، اعترف رئيس قسم الإعلام التربوي المكلف بتعليم حفر الباطن منديل بن سعود الحربي، بالأخطاء التي وقعت في إدارته، مؤكدًا تفاعل الإدارة بإيجابية تامة مع جميع الجهات الرقابية، وأنها تعمل على تزويد تلك الجهات بجميع المعلومات المطلوبة، وتقدر لها كثيرًا تعاونها البنّاء في اكتشاف الأخطاء، وتصحيحها، ومحاسبة كل مقصر.
وأضاف الحربي ، أن الإدارة بادرت بإصدار تعميم لـ(تحديث بيانات موظفي الأجر اليومي) الذين تم تعيينهم سابقًا عام 1432هـ، وشكلت لها لجنة من جهات الاختصاص، وفق استمارة صممت لهذا الغرض، مؤكدًا أن كل من ثبت عدم تواجده على رأس العمل تم إيقاف راتبه، وطوي قيده وفق النظام، مع إحالة المتسبب لقسم المتابعة للتحقق والتحقيق، وإشعار هيئة الرقابة بهذا الإجراء خطوة بخطوة، حرصًا على مبدأ الشفافية، وتفعيلا للمحاسبية الذاتية للقطاعات.
وبيّن أنه جرى مخاطبة الجهات القضائية كي يتم تحصيل المبالغ التي صُرفت بالخطأ لمن ليس على رأس العمل، واصفًا بعض المعلومات التي حصلت عليها "عاجل" بـ"الملاحظات" وليست "مخالفات" وردت من ديوان المراقبة.
وتابع: "تفعيلا لمبدأ المحاسبية فإن الإدارة حريصة على تحقيق ذلك من خلال قيام الأقسام المعنية لديها بدورها الرقابي والمحاسبي عن طريق أقسام المتابعة والخدمات العامة والأمن والسلامة، وأحيل عدد من الحالات إلى هيئة الادعاء العام وإلى الإدارة القانونية بالشرقية، ولمقام الوزارة للتعامل معها وفق الاختصاص".
وأضح الحربي، أن هناك وحدة للمراجعة الداخلية، تقوم بتدقيق إجراءات العمل في الجانب الإداري والمالي من خلال زيارات مجدولة للأقسام المعنية، وتقدم لها التغذية الراجعة، وترفع تقاريرها الدورية للوزارة.
أرسل تعليقك