توج الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، الطالبة عفاف شريف من فلسطين بطلةً لتحدي القراءة العربي في دورته الثانية، في حفلة حاشدة في دبي، كما كرَّم "مدراس الإيمان" من البحرين التي نالت لقب "المدرسة الأولى" في تحدي القراءة العربي، وفازت بجائزة المليون دولار، فيما منح الدكتورة حورية الظل من المغرب جائزة "المشرف المتميز" في التحدي، وذلك بعد منافسة قرائية ومعرفية شهدت مشاركة الملايين من الطلبة العرب، كما شهدت متابعة ودعم وتشجيع الملايين من الناس في مختلف أنحاء الوطن العربي خلال العام الجاري.
وحضر الحفلة الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي، والشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم نائب حاكم دبي، والفريق الشيخ سيف بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، والشيخ منصور بن محمد بن راشد آل مكتوم، والشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير الثقافة وتنمية المعرفة، ومحمد بن عبدالله القرقاوي أمين عام مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية.
وأعلن الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في ختام الدورة الثانية من تحدي القراءة العربي عن تحويل التحدي للعالمية، موجهاً الدعوة بالقول "ندعو الجاليات العربية في المهجر وفي كل بقعة من العالم للانضمام لمسيرة القراءة وإحياء الكتاب العربي"، مؤكداً: "نريد أن نجمع كل العرب من كل العالم على تحدي القراءة العربي".
وقال "تحدي القراءة العربي أظهر لنا شغف أبنائنا بالمعرفة.. وأن أمة اقرأ.. تقرأ فعلياً"، لافتاً: "هؤلاء الشباب هم الذين سيبنون مستقبل الأوطان وهم الذين سيواصلون رحلة البناء على أساس معرفي أصيل ومتين"، مشيداً بالنتائج بالقول: "فخور وسعيد ومتفائل بالنجاح الذي حققه تحدي القراءة العربي"، وقال: "عندما يجتمع أكثر من 7 ملايين مشارك في مشروع عربي واحد، نعرف أننا في الطريق الحضاري الصحيح"، مضيفاً سموه: "الفائز الحقيقي اليوم هو الوطن العربي والشباب العربي المتسلح بقوة المعرفة والكتاب".
وحرص على أن يبين بأن "تحدي القراءة العربي لا يخص دولة معينة بل يخص كل عربي حريص على لغته وعلى مستقبل أبنائه"، مشيراً بقوله: "نحن أقوياء بالعلم والمعرفة.. وأقوياء بالشباب العربي الذي يدرك أهمية القراءة.. وأقوياء باجتماع العرب على مشاريع حضارية كتحدي القراءة العربي". وأكد "هناك قوة في الحرف والكتاب.. وقوة في كلمة اقرأ التي بدأ بها التنزيل.. قوة تصنع الحضارة"، مشيراً بأن "التسامح والانفتاح والوعي والاتزان في الفكر.. والعمل يبدأ من الكتاب". وأشار إلى أن "تحدي القراءة العربي هو جزء من منظومة معرفية وحضارية، ضمن مبادراتنا ويستفيد من هذه المنظومة أكثر من 10 ملايين إنسان سنوياً".
وشهدت الحفلة، التي استضافتها "أوبرا دبي"، تكريم الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم الطالبة الجزائرية أسرة الطالبة الجزائرية فاطمة غولام (17 عاماً)، شهيدة القراءة كما وصفها، حيث قلّد ذويها ميدالية الشرف. وكانت فاطمة قد تعرضت في شهر إبريل/نيسان الماضي لحادث أليم أودى بحياتها، بينما كانت في الطريق من بلدتها التي تبعد نحو 1800 كيلومتر عن العاصمة الجزائر للمشاركة في التصفيات النهائية من تحدي القراءة العربي على مستوى بلدها، ليتوقف حلمها قبل أن تواصله. وكان الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم أول المعزين بفاطمة، موجهاً سموه بتجهيز عشر مكتبات تحمل اسم الفقيدة. وأهدا والدا الشهيدة سموه دفتر مذكرات ابنتهما الذي كتبت فيه مجموعة من خواطرها وأفكارها، وهو ما بات من أغلى الأشياء التي تركتها فاطمة بعد رحيلها.
وفازت الطالبة عفاف شريف من فلسطين بالمركز الأول في تحدي القراءة العربي 2017، من بين المتأهلين الخمسة للنهائيات، حيث نالت جائزة مالية مقدارها 150 ألف دولار، منتزعةً لقب البطولة المعرفية الأكبر عربياً من كل من شريف مصطفى من مصر، الذي جاء في الترتيب الثاني، وحفصة الظنحاني من الإمارات التي احتلت المركز الثالث، وشذا الطويرقي من السعودية، التي جاءت في الترتيب الرابع، تلتها بشرى ميسوم من الجزائر في المركز الخامس.
ونالت عفاف شريف الفائزة بلقب "بطل التحدي القراءة العربي" في دورته الثانية إعجاب الحضور في الحفل من خلال الإجابة عن سؤال لجنة التحكيم النهائي بصورة عكست تمكناً وثقة بالنفس وقدرة على التعبير عن أفكارها بوضوح، متحدثة عن قيمة القراءة وكيف أنها تشكل بالنسبة لها حياةً للعقل والروح، كما أكدت أنها بفضل القراءة أصبحت أكثر قدرة على الفهم والتحليل، لتحصد بذلك أعلى نسبة تصويت من جمهور القاعة، عززها تقييم لجنة التحكيم له الذي جاءت متوافقة مع اختيار الجمهور.
وأظهر بقية المتنافسين أيضاً حضوراً مميزاً، فقدمت الطالبة حفصة الظنحاني من الإمارات أداء مميزاً، مؤكدة بأن القراءة بالنسبة لها شغف وحب وجمال، وبأن القراءة هي الطريق إلى المستقبل وبناء شخصية الإنسان. كما فاجأت شذا الطويرقي من السعودية الحضور ولجنة التحكيم بعفويتها، خاصة حين تحدثت عن إعجابها بكتاب "تأملات في السعادة والإيجابية" لسمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، مرددة عدداً من المقولات فيه ببراعة لافتة.
وأظهر شريف مصطفى من مصر قوةً في الشخصية، متحدثاً عن التأثير البالغ الذي تركه تحدي القراءة العربي على حياته، مؤكداً بأنه أصبح إنساناً منتجاً وأكثر تفهماً لمشاعر الناس وحريصاً على التمسك بالقيم والمبادئ الأخلاقية. أما الطالبة بشرى ميسوم من الجزائر فتحدثت عن دور القراءة في تعزيز الثقة بالنفس وصوغ آرائنا وبناء وعينا بطريقة معبرة. وكان الطلبة الخمسة قد بلغوا المراكز الأولى في التصفيات النهائية التي عُقدت في دبي، والتي خضع خلالها أوائل تحدي القراءة العربي من مختلف الدول المشاركة لاختبارات نهائية على مدى يومين.
وطرحت لجنة التحكيم في حفلة تتويج أبطال التحدي عدة أسئلة على الطلبة المتأهلين وسط تفاعل الجمهور داخل القاعة مع إجاباتهم. وتألفت اللجنة من كل من الكاتب الإماراتي بلال البدور والكاتبة والإعلامية السعودية بدرية البشر والأستاذة حنان الحرب، الحائزة على جائزة أفضل معلم في العالم في العام 2016.
وفازت "مدارس الإيمان – قسم البنات" من البحرين بلقب "المدرسة الأولى عربياً"، وبمكافأة مقدارها مليون دولار أميركي، متفوقة بذلك على كل من "مدارس الحصاد التربوي"، من الأردن، التي حلت ثانياً؛ و"مدارس الإمارات الوطنية" في الإمارات التي جاءت في الترتيب الثالث.
واستطاعت "مدارس الإيمان" أن تتميز خلال مسيرة التحدي، من خلال تنظيم العديد من الفعاليات والمبادرات القرائية والمعرفية المتميزة التي انخرطت فيها جميع الطالبات، إلى جانب إشراك المعلمات وأولياء الأمور ومختلف قطاعات المجتمع المحلي. ومن الأنشطة اللافتة التي قامت بها المدرسة على مدار العام الدراسي تنظيم رحلات للطالبات المشاركات في التحدي إلى معارض الكتب وعقد محاضرات دورية عن القراءة في المدرسة تم فيها استضافة عدد من الكتاب للحديث عن تجاربهم الإبداعية إلى جانب تنظيم العديد من البرامج القرائية على مدار العام وسط تفاعل كبير من الطالبات والمعلمات.
وتميزت "مدارس الحصاد التربوي" من خلال تصميم برنامج يغطي مختلف جوانب تحدي القراءة العربي، ضمّ العديد من الأنشطة الصفية والمكتبية والمسابقات التشجيعية والتحفيزية لتكريس القراءة في المدرسة، إلى جانب تصميم فعاليات تشمل المجتمع المحلي. وتبنت مدارس الإمارات الوطنية مشروع تحدي القراءة العربي كنهج متكامل جنباً إلى جنب مع منظومتها التعليمية، مع وضع خطة متكاملة لضمان تحقيق طلبتها نتائج متميزة من خلال إعداد مبادرات وفعاليات ومسابقات قرائية وثقافية متنوعة، لتحويل القراءة إلى ممارسة يومية للطلبة. كما أولت مدراس الإمارات الوطنية اهتماماً خاصاً للمكتبة العامة والمكتبات الصفية، إلى جانب تفعيل دور الأسرة لتقديم الدعم للطلبة المشاركين في التحدي.
وكانت ست مدراس قد نجحت في بلوغ التصفيات النهائية للتحدي؛ فإلى جانب المدارس الثلاث التي احتلت المراكز الأولى، تنافست في النهائيات كل من "مدرسة حسن أبو بكر الرسمية المتكاملة للغات" من مصر، و"مدرسة بنات عرّابة الأساسية" من فلسطين، و"ثانوية عبد الحميد دار عبيد" من الجزائر، حيث قدمت هذه المدراس من خلال أنشطتها وبرامجها الطلابية والمجتمعية نموذجاً للبيئة التعليمية الجاذبة.
وفي سابقة من نوعها، ساهم الجمهور في اختيار المدرسة المتميزة في تحدي القراءة العربي، من بين المدارس الست التي بلغت النهائيات، من خلال التصويت الإلكتروني على موقع التحدي، قبل أسبوع من الحفلة، حيث تفاعل أربعة ملايين شخص مع الحملة. وتم احتساب تصويت الجمهور مع نتائج لجنة التحكيم المعنية بتقييم المدارس.
ونالت المشرفة د. حورية الظل من المغرب جائزة "المشرفة المتميزة" ومكافأة مالية مقدارها 100 ألف دولار أميركي، وهي المرة الأولى التي يتم فيها منح هذه الجائزة، وذلك تقديراً لجهود المشرفين والمنسقين، من معلمي ومعلمات المدراس، في توجيه الطلبة ومساندتهم ومتابعتهم طيلة مراحل التحدي.
وشهدت الحفلة، الذي قدمه الإعلاميان مصطفى الآغا وبروين حبيب، حضور ألفي شخص من بينهم عدد كبير من المسؤولين ووزراء التربية والثقافة في الدول العربية وممثلي البعثات الدبلوماسية في الدولة وحشد من الإعلاميين والمثقفين. كما شارك فيه الفنان المبدع حسين الجسمي وقيصر الغناء العربي كاظم الساهر والفنانة المتألقة عبير نعمة. وتخللت الحفلة العديد من الفقرات التي سلطت الضوء على رحلة تحدي القراءة، مستعرضة تجارب الطلبة والمشرفين والمدارس في مختلف أنحاء الوطن العربي، وسط أجواء حماسية كبيرة لحضور الحفلة داخل مسرح "أوبرا دبي" وتشجيع ومتابعة الملايين من العرب وذلك من خلال بث مباشر للحدث المعرفي الضخم في 15 دولة عربية.
وبلغ إجمالي جوائز تحدي القراءة العربي هذا العام ثلاثة ملايين دولار أميركي؛ فإلى جانب تكريم المدرسة المتميزة والمشرف المتميز والفائزة الأول بالتحدي، تم تكريم جميع الطلبة الذين وصلوا نهائيات التحدي، إلى جانب تكريم أوائل الطلبة المشاركين في التحدي على مستوى دولهم. وكان قد شارك في تحدي القراءة العربي هذا العام أكثر من سبعة ملايين و400 ألف طالب وطالبة، من 25 دولة عربية وأجنبية في التحدي، قرأوا أكثر من 200 مليون كتاب.
وعلى صعيد المدارس، شاركت نحو 41 ألف مدرسة، من القطاعين العام والخاص، ضمن مراحل دراسية مختلفة. وانضم إلى التحدي أيضاً أكثر من 75 ألف مشرف ومشرفة، من معلمين ومعلمات، أشرفوا على تنظيم الأنشطة القرائية المتنوعة في مدارسهم ووفروا كل أشكال الدعم للطلبة. كما شارك في التحدي أكثر من 1500 محكّم في مختلف الدول العربية، حرصوا على تقييم مراحل التحدي بدءاً من التصفيات المدرسية فالتصفيات على مستوى المناطق والمحافظات التي تتبع لها المدارس، وحتى التصفيات على مستوى الدولة، بالاستناد إلى آليات تقييم وتحكيم معتمدة ومحددة بالتنسيق مع فريق تحدي القراءة العربي في الإمارات.
وتعين على الطلبة خلال مراحل التحدي قراءة 50 كتاباً على الأقل، تغطي مختلف المجالات والاهتمامات الثقافية والمعرفية، وتلخيصها في دفاتر خاصة تعرف بـ"جوازات التحدي" ومناقشتها مع المعلمين، قبل الخضوع للاختبار والتقييم أمام لجان تحكيم تم تحديدها حسب مراحل التحدي وتصفياته.
وكان الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم قد أطلق التحدي في العام 2015 بهدف ترسيخ ثقافة القراءة في المجتمع وتكريس عادة القراءة لدى شباب الوطن العري، تحديداً والنهوض باللغة العربية، كلغة حوار وإبداع، وتعزيز قيم الانفتاح الحضاري والتسامح لدى الأجيال الجديدة. واستقطب التحدي في دورته الأولى أكثر من 3.5 ملايين طالب وطالبة قرأوا 150 مليون كتاب خلال عام، حيث فاز الطالب محمد عبدالله جلود من الجزائر بلقب "بطل تحدي القراءة العربي"، بينما نالت "طلائع الأمل الثانوية للبنات" في فلسطين جائزة "المدرسة المتميزة".
ويندرج تحدي القراءة العربي تحت مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية، التي تضم 33 مؤسسة ومبادرة تنفذ أكثر من 1400 برنامج تنموي أسهمت في دعم أكثر من 130 مليون شخص في 116 دولة خلال السنوات الماضية، وذلك بالتعاون مع أكثر من 280 شريكاً استراتيجياً ما بين مؤسسات حكومية وشركات من القطاع الخاص ومنظمات إقليمية ودولية.
أرسل تعليقك