صمود الكتاب وسط ما توصلت إلية التكنولوجيا المعرفية من تقدم
آخر تحديث GMT16:39:26
 العرب اليوم -

تراجعت هذه النظرية بعد مرور عقود طويلة

صمود "الكتاب" وسط ما توصلت إلية التكنولوجيا المعرفية من تقدم

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - صمود "الكتاب" وسط ما توصلت إلية التكنولوجيا المعرفية من تقدم

صمود "الكتاب"
لندن - العرب اليوم

في العقد الأول الذي انتشر فيه جهاز التلفزيون في أغلب مناطق العالم وصار قطعة أثاث لا يستغنى عنها في منازل الناس، تنبأ بعض المتخصصين بأن التلفزيون سيكون منافسا قويا للكتاب بسبب سهولة وسرعة الوصول إلى المعلومات فيه، وهي من وجهة نظرهم مجرد قوالب جاهزة سريعة وسطحية للأفكار لا ترقى إلى مستوى الكتب الرصينة وما تحتويه من أفكار مهمة وعميقة وعاجلا أو آجلا سيتحول الأطفال، بفضل التلفزيون، إلى مجموعة كائنات حمقى أميين بعيون محمرة!

تراجعت هذه النظرية بعد مرور عقود طويلة على استخدام التلفزيون، ولم تتراجع مستويات القراءة، عالميا، للحد الذي تنبأ به هؤلاء المتخصصون، بل أن التلفزيون في بعض برامجه أصبح يوفر أساليب جيدة وسهلة للمتلقي لإيصال المعلومة والترويج للأفكار والثقافات المختلفة بل أصبح تقنية تعليمية في المدارس، فصار مرآتنا التي تطل على العالم وتتعرف إلى تضاريس أحداثه وطبائع أناسه، بصورة ربما لا توفرها الكتب بالضرورة أو أنه أصبح وسيلة بديلة في الأقل للأشخاص الذين لا يجيدون القراءة أو من فاقدي البصر وحتى للعاملين وربات البيوت الذين لا يجدون الوقت الكافي للمطالعة.

هذه هي سنة الحياة العصرية، وهذا هو دأب السباق مع الزمن، لكن بعض المتخصصين يعودون اليوم لطرح السؤال ذاته؛ هل ستندثر القراءة بسبب استخدام البدائل مثل الكتب الصوتية وبرامج تحويل النصوص المكتوبة إلى سمعية، إضافة إلى الكتب الإلكترونية؟

اقرأ أيضا:

بنك القدس يقدم رعايته لحفل جمعية أصدقاء جامعة بيرزيت

هناك أسئلة أكثر عمقا يمكن أن يطرحها المتلقي مثل؛ أن جميع المكتبات والنصوص المعلوماتية، الأطاريح الأكاديمية، وسائل الإعلام وحتى البرامج الترفيهية أصبحت تستخدم هذه الوسيلة التقنية الأوفر حظا والأسرع والأسهل وصولا إلى الناس، فهل يطلب من المتلقي الاستغناء عن كل هذا مع أن الأمر لم يعد خياره؟ وإذا كان من السهولة الاستماع إلى أي نص بواسطة الوسيلة الرقمية، فهل ستصبح القراءة الكلاسيكية بالنهاية غير ضرورية؟ هل هناك سبب آخر للقراءة غير البحث عن الترفيه والمتعة والفائدة؟ وهل يختلف الأمر إذا ما اختلفت الوسائل التي تصل فيها المعلومة إلى أدمغتنا؟

تبدو هذه الأسئلة أكثر تعقيدا مما قد نعتقد، في ما تم تناوله من جوانب مختلفة منذ عقود حتى قبل ظهور وسائل التقنية هذه.

في العام 1977 مثلا، وفي دراسة قديمة تبين بأن طلابا في إحدى الجامعات الأميركية استمعوا إلى قصص قصيرة، كانوا قادرين على تلخيصها تماما مثل زملائهم الذين تسنت لهم قراءتها حيث أكدت الدراسة أن عملية الفهم والاستيعاب تكاد تكون متقاربة في حالة الاستماع والقراءة على حد السواء.

 وأثبتت بعض الدراسات الحديثة أن القراءة ما هي إلا مزيج من التعرف إلى الكلمات مع فهم الاستماع. ومعروف أن فهم الاستماع وفهم القراءة أمران مترابطان للغاية، خاصة لدى القراء البالغين والمهرة ويتضح هذا الأمر أكثر عند قراءة الروايات والكتب ذات المنحى القصصي والتاريخي.

وتورد نانسي فلاناغان وزميلتها د.بولا شوانينفلوغل؛ أستاذتان في جامعة جورجيا الأميركية ومتخصصتان في أبحاث القراءة والتعلم، أهم مزايا الاستماع إلى النص بدلا عن قراءته؛ وهي أنه يمكننا القيام ببعض الأعمال الروتينية مثل قيادة السيارة وممارسة التمارين الرياضية وبالطبع القيام بأعمال التنظيف والطبخ في المنزل وربما يكون هذا هو السبب في تزايد شعبية الكتب المسموعة والمدونات الصوتية.

وفي استطلاع أميركي للرأي، أكد أكثر من 18 بالمائة من الأميركيين أنهم استمعوا لكتاب واحد في الأقل خلال عام واحد بوساطة برامج الكتب الصوتية، فيما أفاد قرابة 50 بالمئة منهم بأنهم استمعوا إلى مدونات وتسجيلات صوتية مختلفة خلال الأعوام القليلة الماضية.

وفي كتابهما المشترك “سيكولوجية القراءة: النظرية والتطبيق”، تشير كل من نانسي وبولا إلى أن النص المسموع والمنطوق من قبل ممثلين أو قرّاء مهرة يتوضح تميزه أكثر في النصوص الشعرية؛ حيث تساعد اللغة المنطوقة القارئ على فهم النص بشكل جيد خاصة إذا كانت طريقة النقل هذه تعتمد على لحن معين وغير تقليدي لنقل معان مجازية وعاطفية، يسهل استيعابها من قبل القارئ العادي.

الأهم من كل هذا، أن النصوص المسموعة هي الخيار الوحيد ربما لذوي الاحتياجات والإعاقات الخاصة، حيث تكون القراءة التقليدية لديهم شبه مستحيلة غير ممكنة أو عسيرة في أفضل الأحوال، حيث أسهمت الكتب المسموعة وبرامج تحويل النصوص المكتوبة إلى منطوقة في تذليل هذه المصاعب، خاصة للأشخاص من ذوي الإعاقات البصرية في الوقت الذي تساعد فيه أشخاصا آخرين يعانون من عسر القراءة وتسهم بشكل كبير في تحسين مهاراتهم في القراءة.

عموما، تعتمد القراءة بصوت مسموع كأسلوب ناجع تم استخدامه في حقول التعليم المختلفة ومع تلاميذ من مختلف الأعمار، لتعريفهم بنصوص وأفكار قد تبدو أكثر تعقيدا إذا ما تصدوا لقراءتها بمفردهم. وفي ما يتعلق بحقل تعلّم اللغات فإن جزءا كبيرا من عملية تعلمها يعتمد في الأساس على اللغة المنطوقة، لحنها وطريقة نطق الحروف ودمجها في الكلام السريع.

وفي النهاية، تبقى أفضلية القراءة على الاستماع في النصوص البحثية والمعلوماتية والعلمية؛ وفي هذه الحالة لا يمكن للمستمع أن يعيد قراءة مقطع معين مثلا لأهمية عملية الإعادة والتركيز والتوثيق، فضلا عن تدوين الملاحظة وتصويب المقاطع المهمة واسترجاع المعلومة.. هذه هي الخاصيات التي تتميز بها طقوس القراءة التقليدية.

وهناك أيضا مدة الاستماع؛ حيث يتحدث فنانو الصوتيات وقارئو النصوص المسموعة عادة بمعدل 150-160 كلمة في الدقيقة وهي السرعة المثالية لمعظم المستمعين، بينما قد يحقق القراء المهرة سرعة 250 كلمة في الدقيقة بواسطة القراءة الكلاسيكية الصامتة. وعلى العكس من ذلك تماما فإن بعض القرّاء وخاصة الباحثين منهم يفضلون التأني في قراءة وفحص المعلومات أثناء تدوين المعلومات وبهذا، فهم لا تروقهم كثيرا طريقة الاستماع للنصوص.

كما أظهرت بعض الدراسات البحثية أن القراءة أكثر فاعلية من الاستماع في عملية التعلم، إذ أن القراء يتذكرون المعلومات من النصوص التجريبية أفضل من أولئك الذين استمعوا إليها.

قد يهمك أيضا:

"تطوير إعلام بيرزيت"يطلق المنتدى الأول لصحافة الحلول

قوات الاحتلال تعتقل المحاضر في جامعة بيرزيت الدكتور مجدي مفارجة الليلة الماضية.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صمود الكتاب وسط ما توصلت إلية التكنولوجيا المعرفية من تقدم صمود الكتاب وسط ما توصلت إلية التكنولوجيا المعرفية من تقدم



جورجينا رودريغيز تتألق بالأسود في حفل إطلاق عطرها الجديد

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 06:01 2024 الإثنين ,07 تشرين الأول / أكتوبر

نجمات تألقن على منصات عروض الأزياء
 العرب اليوم - نجمات تألقن على منصات عروض الأزياء

GMT 16:31 2024 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

أوزبكستان وجهة آسيوية تاريخية تستحق الاستكشاف
 العرب اليوم - أوزبكستان وجهة آسيوية تاريخية تستحق الاستكشاف

GMT 16:23 2024 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

دليل مساعد لإختيار كراسي الطعام المودرن المثالية
 العرب اليوم - دليل مساعد لإختيار كراسي الطعام المودرن المثالية

GMT 03:21 2024 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

ترامب يكشف قيمة المساعدات الخارجية المقدمة لكييف
 العرب اليوم - ترامب يكشف قيمة المساعدات الخارجية المقدمة لكييف

GMT 04:08 2024 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

13 قتيلاً في قصف إسرائيلي على وسط وشمال قطاع غزة
 العرب اليوم - 13 قتيلاً في قصف إسرائيلي على وسط وشمال قطاع غزة

GMT 03:06 2024 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

كامالا هاريس توضح موقفها من عقد لقاء مع بوتين بشأن أوكرانيا
 العرب اليوم - كامالا هاريس توضح موقفها من عقد لقاء مع بوتين بشأن أوكرانيا

GMT 11:43 2024 الإثنين ,07 تشرين الأول / أكتوبر

الذكرى التالية

GMT 20:28 2024 الإثنين ,07 تشرين الأول / أكتوبر

ناسا تؤجل إطلاق مهمة يوروبا كليبر إلى قمر المشتري

GMT 03:01 2024 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

قراصنة يضعون صورة أبو عبيدة على مواقع إسرائيلية

GMT 02:27 2024 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

لذلك ضاع لبنان

GMT 18:01 2024 الإثنين ,07 تشرين الأول / أكتوبر

ليفربول يعلن تمديد عقد مدافعه جاريل كوانساه رسميًا

GMT 15:43 2024 الإثنين ,07 تشرين الأول / أكتوبر

كريم عبد العزيز يتعاقد على عمل مسرحي جديد

GMT 18:12 2024 الإثنين ,07 تشرين الأول / أكتوبر

إنييستا يعلن اعتزاله كرة القدم رسميًا بعمر 40 عامًا

GMT 03:03 2024 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

واشنطن تحذر تل أبيب من استهداف مطار بيروت

GMT 06:18 2024 الإثنين ,07 تشرين الأول / أكتوبر

الخزانة ذات الأدراج قطعة أثاث مهمة في غرفة النوم

GMT 18:29 2024 الإثنين ,07 تشرين الأول / أكتوبر

قيس سعيّد رئيسا لتونس لولاية ثانية بـ90,7% من الأصوات

GMT 21:51 2024 الإثنين ,07 تشرين الأول / أكتوبر

بايرن ميونخ يرصد 25 مليون يورو لحسم ملف تجديد موسيالا حتى 2030

GMT 03:35 2024 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

الجيش الإسرائيلي يشن حملات دهم واحتجاز بعدة قرى في الضفة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab