التربية على القيم تعكس أهمية تنشئة الأفراد التي تلعب المدرسة فيها دورًا مهمًا
آخر تحديث GMT12:58:47
 العرب اليوم -

يسعى النظام التربوي المغربي إلى اختيار المادة المعرفية وتعدد المرجعيات

التربية على القيم تعكس أهمية تنشئة الأفراد التي تلعب المدرسة فيها دورًا مهمًا

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - التربية على القيم تعكس أهمية تنشئة الأفراد التي تلعب المدرسة فيها دورًا مهمًا

النظام التربوي المغربي
الرباط - العرب اليوم

تعكس التربية على القيم أهمية كبرى في تنشئة الأفراد والجماعات، والتي تلعب فيها المدرسة الدور الرئيس، فإن أي تجديد بيداغوجي قد يقبل عيه النظام التربوي المغربي، لابد أن يضع في حسبانه تصورا للتربية على القيم يتجاوز من خلاله تعثرات النموذج الجاري، ويعد مفهوم القيمة، أو القيم، من المفاهيم المعقدة، لها استخدامات كثيرة ومتنوعة، تختلف من حقل معرفي إلى آخر. زد على ذلك أننا لا نجد تعريفا موحدا متفقا عليه حتى في داخل كل اختصاص.

وفي المجال الفلسفي، يفيد مفهوم القيمة على المعنى الخلقي الذي يستحق أن يتطلع المرء إليه بكليته ويجتهد في الإتيان بأفعاله على مقتضاه، أي أنه المعنى الذي يجمع بين استحقاقين اثنين: استحقاق التوجه إليه، واستحقاق التطبيق له .و    في علم الاجتماع، يذهب الفرنسي غي روشيه ، متأثرا في ذلك بكل من دوركايم  وبارسونز،  إلى اعتبار القيمة الركيزة الأساسية التي يستند إليها الفعل، وقال "القيمة طريقة في الحياة أو العمل، ينظر إليها الشخص أو الجماعة بوصفها مفهوما يلتبس ويتشخص به الأفراد وتصرفاتهم ويصبح شعارا لهم ".

وفي علم النفس يأخذ المفهوم أبعادا أخرى من بينها “القيمة بمثابة الدافع والمحرك (ويلسوم وماك ليلاند)، القيمة بمثابة التعلق والاهتمام (باريش، أولبرت، وفرتون)، القيمة بمثابة الاعتقاد (روكيتش). وكما أن هناك مفاهيم تتداخل وتتشابك يصعب تمييزها عن مفهوم القيم مثل الأخلاق، والتي حاول الفرنسي بول ريكور أن يميز بينهما، معتبرا أن الأخلاق تنسحب على المعايير والإلزامات والموانع، وأن الأخلاقية تفيد التطلع إلى حياة مكتملة مع الآخرين، ومن أجلهم وفي مؤسسات عادلة. فالأخلاقية بهذا المعنى ثلاثية الأبعاد: تخص هذا التفاعل بين الذات والآخر والمؤسسة.

ومن خلال هذه المداخلة لن نستعمل مفهوم الأخلاق، و إنما سنعتمد مفهوم القيم والتربية الأخلاقية والقيمية على أساس نفس المعنى. قاصدين بذلك طبيعة القيم التي يستهدف النظام التربوي زرعها وتنميتها في الناشئة رُواد المدرسة.

وقال اوليفيي ريبول في كتابه فلسفة التربية  "لا يولد الإنسان إنسانا… فلا شيء من كل ما يؤلف الإنسانية، أي اللغة والفكر والمشاعر والفن وعلم الأخلاق، ولا شيء من كل ما سعت الحضارة ألاف السنين الحصول عليه قد انتقل إلى جسم المولود الجديد، بل كان عليه أن يكتسبه بالتربية وهو بذلك يؤكد المقولة المشهورة لإيمانويل كانط "لا يصير الإنسان إنسانا إلا بالتربية".

فلا أحد يقلل من أهمية التربية ودورها في تنمية الأفراد معرفيا ومهاريا وأخلاقيا. كما يعرف الصحاح التربية على أنها "تنمية الوظائف الجسمية والعقلية والخلقية كي تبلغ كمالها عن طريق التدريب والتثقيف" .أي بمعنى تنمية الجوانب الثلاثة للشخصية: المعرفية، والحركية والوجدانية، أو القيمية الأخلاقية. بل هناك من يعطي أهمية أكبر لهذه الأخيرة، فإن صلحت صلح الفرد والمجتمع. ومن بين هؤلاء نجد فيلسوف المنطق المغربي طه عبد الرحمن الذي يعتبر أن ما يميز الإنسان عن الحيوان هي الأخلاق وليس العقل “فالأخلاقية هي وحدها التي تجعل أفق الإنسان مستقلا عن أفق البهيمة  .فأهمية التربية على القيم والأخلاق تزداد، بل وتتضاعف أهميتها، بحكم التغيرات التي يعرفها العالم في السنوات الأخيرة في مجال تكنولوجيا الإعلام والاتصال وعولمة الثقافة، وما يرافقهما من تغيرات قيمية وإيديولوجية.

وكلّ الأنظمة التربوية عبر العالم على كامل الوعي بأهمية التربية الأخلاقية والقيمية في التنشئة الاجتماعية، فبفضلها يمكن الحديث عن استمرارية الحياة المشتركة والتعايش والتفاهم. و بدوره أولى  النظام التربوي المغربي أهمية كبرى لمدخل القيم في مختلف الوثائق المؤطرة له، من خلال الميثاق الوطني للتربية والتكوين والكتاب الأبيض، و جعل منه مدخلا من مداخل المنهاج التربوي، كما أكدت عليه الرؤية الاستراتيجية  للإصلاح 2015/2030، ودعمه تقرير المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي  “التربية على القيم بالمنظومة الوطنية للتربية والتكوين والبحث العلمي” الصادر في يناير/كانون الثاني 2017، بحكم أن المدرسة ذرع مجتمعي بالغ الأهمية لصيانة الثوابت الوطنية، ولنقل القيم المشتركة للمجتمع المغربي والمعبر عنها في وثائق الإصلاح المختلفة

وعي مخططي السياسة التربوية بالمغرب بأهمية التربية على القيم، والتنصيص عليها في مختلف الوثائق الرسمية، وباستبعاد تصور هاورد بيكر الذي يعتبر أن القيم ومعايير الحكم الأخلاقي خاضعة لمنطق مصلحة من أسماهم (بمقاولي الأخلاق)  يبقى التنزيل الفعلي للتصورات من أجل الوصول إلى غايات النظام التربوي، وبالأساس على مستوى التربية على القيم يعرف مشكلات جمة، من أهمها:

    اختيار المادة المعرفية الكفيلة بتحققها، ولعل هذا المشكل تعاني منه العديد من الأنظمة التربوية كما قال عالم الاجتماع الفرنسي إدغار موران في مداخلة ألقاها في الرباط، سنة 2004″ إن أهم تحدٍّ يواجه المسؤولين هو ذاك الذي يخص اختيار مضامين التربية ومعارفها، أو بالأصح، المعارف الأساسية التي ينبغي أن تقوم  عليها كلُّ تربية.

 وتعدد المرجعيات و تضاربها أحيانا: "اعتماد مرجعية قيم العقيدة الإسلامية إلى جانب مرجعية المواطنة وحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها دوليا، والمرجعية الحضارية الوطنية، مما يفتح المجال أمام تضارب وتناقض كبيرين في بعض المفاهيم والمواضيع التربوية أثناء وضع البرامج والمناهج.  وتعدد مؤسسات التنشئة الاجتماعية المتدخلة في التربية على القيم: “التربية على القيم مسؤولية متقاسمة تضطلع بها المدرسة، إلى جانب الأسرة ووسائل الإعلام، وباقي المؤسسات التي تؤدي وظائف ذات صلة بالتربية والتثقيف والتأطير. ذلك أن التأكيد على الدور المركزي للمدرسة في هذا الشأن اعتبارا لمكانتها في حياة كل فرد، وبالنظر للفترة الزمنية التي يقضيها فيها، لا يعني تخلي باقي فعاليات وهيئات المجتمع عن القيام بمهامها، بقدر ما هو تأكيد على تكامل الأدوار مع اختلاف الوظائف.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التربية على القيم تعكس أهمية تنشئة الأفراد التي تلعب المدرسة فيها دورًا مهمًا التربية على القيم تعكس أهمية تنشئة الأفراد التي تلعب المدرسة فيها دورًا مهمًا



الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 06:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
 العرب اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 06:36 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية المفضلة للشباب خلال عام 2024
 العرب اليوم - الوجهات السياحية المفضلة للشباب خلال عام 2024

GMT 06:33 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
 العرب اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 05:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
 العرب اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 12:58 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

كريم عبد العزيز يفاجئ الجمهور في مسرحيته الجديدة
 العرب اليوم - كريم عبد العزيز يفاجئ الجمهور في مسرحيته الجديدة

GMT 07:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 15:04 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تعلن أعداد السوريين العائدين منذ سقوط نظام الأسد

GMT 08:04 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

محمد صبحي يواجه أزمتين قبل نهاية العام ويكشف تفاصيلهما

GMT 08:35 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أندلس قاسم سليماني... المفقود

GMT 06:53 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

إسرائيل تكشف نتائج تحقيق جديد حول مقتل 6 رهائن قبل تحريرهم
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab