يعاني طلاب المدارس في العراق من مشكلة التسرّب المدرسي منذ سنوات عدة، خاصة بعد سيطرة داعش على مساحات واسعة من البلاد سنة 2014، حيث وصل عدد الأطفال المتسربين من المدرسة إلى ما يقارب ثلاثة ملايين طفل، في وقت قدّرت الخسائر الاقتصادية لـ"كلفة ومنافع التعليم في العراق" بحوالي مليار دولار أميركي بحسب تقرير أصدرته وزارة التربية بدعم من اليونسيف، عن هدر الأجور جراء التسرب من المدارس في العام الدراسي 2015-2014.
ويحتاج العراق إلى حواليّ ستة آلاف مدرسة جديدة لاحتواء الطلاب وتشجيعهم على مواصلة الدراسة، حيث أنّ أسباب التسرّب ليست نتيجة الظروف الأمنية السيئة وحسب، بل يسببها أيضًا نقص عدد المدارس والمدرسين والأبنية القديمة.
ويقدر أنّ أكثر من نصف مليون طفل باشروا بالعمل بدلًا من الذهاب إلى المدرسة وهو العدد الأكثر ارتفاعًا منذ 1990 حسب تقارير صحافية، وتعود أسباب هذا الارتفاع إلى سوء مستوى المعيشة وتدني دخل الأهالي، ما يضطرهم إلى الاعتماد على أطفالهم، لاإضافة إلى تعرض الأطفال إلى العنف وانتهاك الحقوق والاستغلال، ويتواجد حوالي 140 ألف طفل في مناطق شرق الموصل المحررة، ويتعرض الأطفال إلى خطر المجاعة بسبب قلة الغذاء وحليب الأطفال وقلة المياه النظيفة الصالحة للشرب.
وتوفي خلال شهر كانون الثاني/ديسمبر، حواليّ 25 ألف طفل، حسب تقرير المرصد العراقي لحقوق الإنسان، وتراوحت أعمار هؤلاء الأطفال بين شهر وثلاث سنوات، وتشير تقارير المرصد إلى وجود أطفال آخرين متوفين منذ بداية العمليات العسكرية لتحرير المدينة في 17 تشرين الأول/أكتوبر 2016.
ووجدت دراسة حديثة نشرت في "المجلة العلمية لتقييم ورصد البيئة" أنّ التلوث الحاصل في الهواء بسبب القنابل والشظايا، يعتبر سببًا بارزًا لحدوث تشوهات خلقية وأمراض السرطان عند الأطفال، وأكّد أحد باحثي التقرير بعد تحليل أجراه على أسنان الأطفال العراقيين المصابين بتشوهات خلقية، بأنّ أسنانهم تحتوي على نسبة كبيرة من معدن الرصاص مقارنة بأطفال من بلدان أخرى مثل إيران ولبنان.
وجاء في تقرير لليونسيف أنّ شحّة الاستثمار والموارد في التعليم تهدد مستقبل ملايين الأطفال العراقيين، حيث يفتقر 3.5 ملايين طفل عراقي ممّن وصلوا سن الدراسة، إلى التعليم، وبهذا الأمر يصبحون أكثر عرضةً للزواج المبكر وعمالة الأطفال والتجنيد من قبل الجماعات المسلحة، مشيرًا إلى أنّ نصف الأبنية المدرسية في العراق بحاجة إلى إصلاحات عاجلة، وفيما يتسرّب الأطفال من المدرسة، يرسب أخرون في مراحلهم الدراسية، كما أنّ انخفاض معدلات التحصيل التعليمي للأطفال في الوقت الحال يعني وظائف بأجور منخفضة في المستقبل.
وصرّح المدير الإقليمي لليونسيف في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا غيرت كابيليري أنّ "أطفال العراق يعانون من فترة صراع طال أمدها، حيث أنّ من دون فرص متساوية في الحصول على التعليم الجيد، يصبح الأطفال عرضةً إلى الخطر، ونحن نتحدث عن ضياع جيل كامل من الأطفال"، مضيفًا أنّ "استثمار التعليم حق أساسي من حقوق الإنسان لكل بنت وولد، وضروري لتنمية وتقدّم البلاد، وهو أفضل دواء ممكن ضد التطرّف"، مؤكّدًا أنّه "يجب أن تتوافر لدى جميع أطفال العراق الموارد التي يحتاجونها لتحقيق إمكاناتهم التعليمية، سواء كان ذلك من خلال صفوف دراسية جديدة أو برامج التعليم السريع أو معلمين مهرة أو مستلزمات مدرسية".
ويشدّد تقرير مصاحب لليونيسف عن "فقر الأطفال في العراق"، على أنّ واحدًا من بين كل خمسة أطفال فقراء، قد تسرّب من التعليم قبل إتمام الدراسة الابتدائية لأسباب اقتصادية، وقامت اليونيسف بمناشدة الجهات المانحة للتبرّع بما مقداره 32 مليون دولار أميركي لتمويل برامجها في دعم التعليم في العراق خلال عام 2017، ولم تتلق سوى نصف التمويل المطلوب.
وتزداد نسب الأمية المتمثلة بعدم القدرة على القراءة والكتابة في بلاد الرافدين ولا قدرة على ابتكار وسيلة لتقليصها، حيث تؤكّد إحصاءات وزارة التخطيط أنّ نسبة الأمية في العراق بلغت 18%، فيما أشارت إلى أنّ الإناث يشكلن الجزء الأكبر من هذه النسبة.
وذكرت الوزارة، بأنّ "نتائج المسح الوطني للنازحين لعام 2014 الذي نفذه الجهاز المركزي للإحصاء في بداية 2015 أكّدت أنّ نسبة الأمية في العراق بلغت 18%"، موضحة أنّ "هذه النسبة ارتفعت بين الإناث لتصل إلى 20%"، مشيرة إلى أنّ "نسبة الأمية بين الذكور بلغت 14%، فيما بلغت نسبة الأمية بين النازحين 14%"، مبيّنة أنّ "ما يقارب من 22.4% من النازحين الشباب تركوا التعليم بسبب النزوح"، كما تبيّن الاحصاءات، أنّ هناك 8 ملايين طفل بعمر الدراسة، 2 مليون منهم، لم يلتحق بالمدارس، فيما تضرر 3 ملايين بسبب المعارك الدائرة، مع هروب 14 ألف معلم من مناطقهم، بينما تضررت مدرسة واحدة من بين كل 5 مدارس.
يُشار إلى أن منظمة اليونسكو ترى بأنّ محو الأمية هو حق أساسي من حقوق الإنسان وأساس عملية التعلّم مدى الحياة.
أرسل تعليقك