"الخروج من السكن يعرضنا للقتل بالرصاص والبقاء داخله يهددنا بالموت جوعا"، هكذا يلخص بعض أفراد الجالية المصرية في السودان المخاطر التي تحيط بهم عقب اندلاع المواجهات المسلحة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، والتي فرضت عليهم حصارا مفاجئا حول حياتهم إلى جحيم حقيقي أذهب النوم من جفونهم.
عشرة آلاف مصري يعيشون في أنحاء السودان، نصفهم على الأقل طلاب يدرسون في عدد من الجامعات السودانية كجامعة الأفق وجامعة النيل وجامعه "غاردن سيتي" وجامعة إفريقيا العالمية.
مصدر" تحدث إلى بعض هؤلاء الطلاب الذي أطلقوا نداءات استغاثة لتأمين عملية إعادتهم إلى مصر في أقرب وقت، مستخدمين أسماء مستعارة لدواعي سلامتهم الشخصية، في ظل استمرار الاشتباكات ووجودهم في مرمى النيران.
فؤاد درديري الذي يدرس الطب في إحدى جامعات الخرطوم، يؤكد أنه لا يسمع سوى أصوات الرصاص والقذائف منذ اندلاع المواجهات السبت الماضي، مضيفا أنه غير قادر مع زملائه على مغادرة السكن لتدبير احتياجاهم المعيشية، رغم نفاد مخزون المواد الغذائية لديهم، إضافة للانقطاع المتكرر للمياه والكهرباء مما يزيد من معاناتهم المعيشية.
وأضاف أن السفارة المصرية في الخرطوم تطالبهم بالتزام السكن وعدم الخروج مطلقا، كما تواصلت معهم وزيرة الهجرة المصرية، سها جندي، التي أكدت لهم أن أجهزة الدولة تعمل على دراسة خطة لإجلائهم من السودان.
وناشد الطالب فؤاد أجهزة الدولة المصرية بسرعة التحرك لإجلاءهم، لأن حدة الاشتباكات تزداد يوما بعد آخر.
ومنذ اندلاع المواجهات المسلحة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع أوقفت شركة مصر للطيران رحلاتها الجوية من وإلى مطار الخرطوم حتى إشعار آخر نظراً لاستمرار حالة عدم الاستقرار الأمني في البلاد، الأمر الذي يجعل عودة هؤلاء الطلاب إلى مصر في الوقت الراهن مسألة غير واردة.
رصاص وهلع
بصعوبة بالغة تمالكت الطالبة خديجة محمد نفسها لتتحدث عن حالة الهلع التي تعيشها بسبب قيام عناصر مسلحة بدخول العقارات السكنية وطرق الأبواب، إضافة إلى الأجواء التي تحيط بها هي وصديقاتها في السكن بسبب تبادل القصف في مناطق سكنية يقطنها مدنيون مما يهدد حياتهم.
وأضافت خديجة التي تدرس طب الأسنان في إحدى الجامعات السودانية، أن إطلاق الرصاص يتم بصورة عشوائية مما أدى لاختراق الطلقات النارية نوافذ البيوت وتصدع جدرانها.
وأوضحت أنها باتت غير قادرة على توفير احتياجاتها اليومية بعدما نفدت السلع الغذائية من المحال التجارية، كما أنها تواجه صعوبة في التواصل مع أسرتها في مصر باستمرار بسبب عدم انتظام خدمة الانترنت في البلاد.
وتعمل وزارة الهجرة المصرية على متابعة أحوال الجالية المصرية في السودان بشكل متواصل، وعقدت الوزيرة سها جندي لقاء افتراضيًا عبر تقنية الفيديو مع 100 من الطلبة المصريين بالسودان وعدد من أولياء الأمور، للاستماع إليهم والاطمئنان على أوضاعهم، في ظل حالة الاضطرابات في أنحاء الخرطوم.
تنسيق مستمر
وأكدت الوزيرة سها جندي أن هناك تنسيقا مستمرا مع الخارجية المصرية والسفارة المصرية والقنصلية بالسودان، وكذلك رموز الجالية بصورة مباشرة، لضمان سلامة أبناء الجالية المصرية بالسودان، وبشكل خاص الطلاب المصريين الدارسين، مع اقتراب موعد الامتحانات.
وشددت الوزيرة على أن مصر لا تترك أبناءها بالخارج في ظل وجود تحديات أو مخاطر في أماكن إقامتهم، مشيرة إلى إجراء تقييم مستمر لأوضاع الجالية المصرية بالسودان وأن كافة البدائل مطروحة للدراسة بما فيها خطة إخلاء عاجلة إذا استلزم الأمر ووفقًا للموقف والمستجدات على الأرض، وبعد فتح المطارات والحدود البرية المغلقة حاليًا.
ولفتت الوزيرة إلى أنه حتى الآن لم تصل أية تأكيدات لوفاة أو إصابة أي طالب مصري، خلال الأحداث التي تشهدها السودان، مطالبة إياهم بالالتزام منازلهم لحين استقرار الأوضاع.
ويضيف الطالب سليم القناوي أنه وزملاءه يمرون بصدمة نفسية بعدما وجدوا أنفسهم داخل أجواء حرب لم تكن لتخطر ببالهم، مؤكدا أن أمنيتهم الوحيدة هي العودة سالمين إلى مصر.ويشاركه الرأي زميله محمد أبو شنب الذي يدرس طب الأسنان في إحدى الجامعات السودانية، مؤكدا أنهم يفتقدون الأمان حتى داخل مسكنهم.
وأطلقت وزارة الهجرة المصرية عبر موقعها استمارة إلكترونية لتسجيل بيانات الطلاب المصريين في السودان وحصرهم وتجهيز كافة الخطط التي تضمن أمنهم وسلامتهم، وكذلك للتنسيق مع الوزارات المعنية لعدم ضياع العام الدراسي وإتاحة بدائل، ودعت الطلاب إلى سرعة تسجيل بياناتهم لمساعدة الدولة المصرية في وضع خطط للتعامل مع هذا الظرف الطارئ.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
أرسل تعليقك