قصة فتيات يحاربن الفقر في الريف بسلاح التعليم
آخر تحديث GMT02:08:19
 العرب اليوم -

في عمق جبال الأطلس الكبيرة في المغرب

قصة فتيات يحاربن الفقر في الريف بسلاح التعليم

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - قصة فتيات يحاربن الفقر في الريف بسلاح التعليم

مالكية وزهراء على شرفة منزلهن في تازلات
الرباط - وسيم الجندي

تغسل امرأتان على تيار من الماء في عمق جبال الأطلس الكبيرة في المغرب في قرية تسمى تازلات تعيشان داخل البيوت الحجرية الصغيرة، وتدعى إحدى النساء "مليكة" وتبلغ من العمر 38 عاما وتشرب الشاي بالنعناع بعد الانتهاء من الغسيل وتنظر في صورة لها وتهز رأسها بينما تشاهد صغر سنها في الصورة.

وينام في الغرفة المجاورة خمسة أطفال من أصل ستة على فرشتين على الأرض، وتستعد ابنة مليكة وتسمى زهراء وتبلغ من العمر 19 عامًا لترك هذا المشهد الكلاسيكي من حياة القرية الريفية وتشارك في تجربة جديدة وجريئة يمكن أن تغير حياة الفتيات والشابات في المنطقة فعلى عكس الغالبية العظمى من زميلاتها ستحظى هذه الفتاة بفرصة للتعليم.

وعاشت على مدى الأعوام السبعة الماضية في منزل تديره منظمة غير حكومية صغيرة معرفية تحت عنوان "التعليم للجميع" في بلدة أسني التي تبعد عن قريتهم 56 كليومترًا، ويقع المنزل الذي تسكن فيه على بعد خمس دقائق سيرًا على الأقدام من المدرسة، وتأمل في الالتحاق بالجامعة في مراكش.

وتزوجت أمها بينما كانت في عمر 16 عامًا وأدركت مدى الاختلاف في حياة بنتها زهراء إذا أنهت تعليمها عند عمر الـ 12 مثل معظم الفتيات في الوادي، وتقول مليكة: "ما زلت أتمنى لو أنني تمكنت من الذهاب إلى المدرسة، حتى بعد كل تلك الأعوام من الزواج وإنجاب الأطفال ما زلت نادمة على عدم إنهاء دراستي؛ فأنا لا أخرج خارج حدود القرية وأبقى في المنزل وكأنني طائر بدون أجنحة".

ولا تزال معدلات الأمية بين النساء والفتيات في الريف المغربي تصل إلى 90%، لا سيما في منطقة الأطلس الكبير وهم أكثر عرضة للتسرب بعد المرحلة الابتدائية، وتنتسب ما يصل إلى 26% من الفتيات في المناطق الريفية إلى التعليم الثانوي وفق بيانات البنك الدولي.

وتؤثر هذه المشكلة على الامازيغ والمعروفون باسم البربر وهم الساكن الأصليون للمغرب وبالرغم من انهم اعتنقوا الاسلام يتحدثون العربية بعد فتوحات القرن السابع إلا انهم حافظوا على لهجتهم وثقافتهم الى حد كبير وخاصة في الأطلس الكبير، ويتلقون تعليمهم في المدارس باللغة العربية، التي تعتبر لغة ثانية في ثقافتهم فلا عجب في انهم ضعاف في تلقى التعليم بالمقارنة مع الأطفال العرب.

قصة فتيات يحاربن الفقر في الريف بسلاح التعليم

وتعتبر المسافة الطويلة عن المدرسة الثانوية في المناطق الريفية أكبر حجاز وخاصة بالنسبة للفتيات، ويشير أخصائي التعليم في اليونسيف في المغرب خالد شنغوتي "لا يزال تعليم الفتيات وخاصة في المرحلة الثانوية تحدي كبير وهناك أسباب كثيرة بما فيها سوء تجهيز المدارسة التي لا تمتلك صرف صحي، وفي بعض المناطق ينظر الى الفتيات على أن مكانهن المنزل ويواجهن حواجز اجتماعية وثقافية لإكمال تعليمهن، وهناك عوامل تؤثر على نحو غير متناسب في المناطق الريفية".

ويضيف أن هذه المشكلة حساسة ويجب حلها من خلال توفير فرص للفتيات للتعليم لكسر حلقة الفقر، حتى يصبحن أقل عرضة للزواج المكبر وأقل عرضة للوفاة أثناء الولادة وإنجاب أطفال اصحاء وإرسالهم الى المدارس، ويكمن الحل في جلب الفتيات إلى المدارس وهو نهج كبداية لتغيير حياة الفتيات البربر على طريقة تحويل المنطقة مستقبلًا، من خلال توفير سكن وغذاء صحي ودعم الواجبات المنزلية والدروس الفرنسية والإنكليزية، وأدى هذا النهج إلى نجاح 97% من المستفيدات منه في جميع الأعوام الدراسية.

وتتحمس زهراء للحصول على فرصة لها وتقول: "في المدرسة الابتدائية تحمست بالفعل للدراسة ولكني كنت أعرف أن هناك فرصة ضئيلة لدخولي المدرسة الثانوية حتى اختارني برنامج التعليم للجميع وأنا سعيدة جدا، وأشعر بأنني وجدت نفسي، أعتقد انني سأحصل على مستقبل جيد وأكون قادرة على تحسين أمور عائلتي وكان والداي يدعماني لذلك وأرادوا لي أن أحظى بحياة أفضل، انا متأكدة أن حياتي ستكون مختلفة ولكنها ستكون جيدا جدا بالنسبة لي."

وتعرف خديجة البالغة من العمر 21 عامًا كيف تشعر زهراء فقبل ثلاثة أعوام؛ فكانت في نفس الموقف ولم تندم أبدا بالرغم من انها بعيدة كل البعد عن منزلها، وتوضح موضحة أنه المواضيع الجديدة كان صعبا بالنسبة لي وخاصة لأنني كنت للتو قد اعتدت على التعلم بالعربية ولكن في الجامعة كل شيء باللغة الفرنسية، وكان من الصعب أن اعتاد على حياة المدينة المختلفة".

ولم تكن الصدمة الثقافية هي الشيء الوحيد الذي ناضلت خديجة ضده بل وفاة والدتها ايضا أثرت فيها بينما كانت في المدرسة الثانوية وبعد ذلك بوقت قصير فقدت نسيبها وتابعت " كان عندي بعض المشاكل العائلية وكان والدي تزوج بعد وفاة والدتي، وعلى الرغم من انني وصلت الجامعة بعد عام ونصف من وفاتها الا أن سنتي الجامعية الأولى كانت صعبة فلم يكن لدي دافع للدراسة وقررت أن أعيد العام الأول بعد ذلك."

وتعتبر هي واحدة من 10 فتيات ذهبن للعيش في اسني مع برنامج التعليم للجميع عندما فتح اول منزل له قبل تسعة أعوام وكانت والدتها متحمسة كي تحظى بتعليمها لأنها كبرت في الدار البيضاء وكانت تشعر انه من الطبيعي أو تذهب الفتيات الى المدرسة ولكن كان عليهن أن يقنعن الأب أولًا، مضيفة: "وافق والدي ان نذهب ونرى المنزل وعندما وجدناه قال انه موافق، وسألني اذا كنت ارغب في البقاء وبالطبع قلت نعم فالدراسة كانت هدفي في الحياة." وخديجة اليوم ليست فقط الفتاة الاعلى تعليما في قريتها ولكنها الأعلى تعليم في الوادي كله، ويحترمها الناس لدرجة انها عندما تعود الى منزلها يأتي اليها القرويون ليطلبوا منها مشورة حول مشاكلهم العائلية".

وأكدت أن في العام الأخير من المدرسة بدأت بإعداد والداي لفكرة ذهابي الي الجامعة وبحلول ذلك الوقت وثق والدي في ولكني كنت أستحق هذه الثقة، وخلال الأعوام التي قضيتها مع البرنامج تعلمت كيف أتحدث إلى الناس وكيف انفق النقود وكيف أكون محترمة، ولان الأسر الاخرى نظرت الى كمثال أرسلوا بناتهم الى المدرسة، انا أشعر انني يجب أن أكون مسئولة حتى يعرفوا أن التعليم يجعل الإنسان يتصرف ويفكر خارج السجن الذي كان فيه".

ويبين أحد مؤسسي برنامج التعليم من أجل الجميع ماريك ستروسنبغدير "أعتقد أنه من الصعب جدا للفتيات الأوائل لأن الجميع ينظر إليهن ويرقبهن ولكن المواقف تتغير ببطئ، وبينما خاطر الأباء الأوائل مع بناتهن إلا أن المزيد من الأباء اليوم يرسلن بناتهن"، ولا عجب بالنسبة لماريك أن تشعر والدة زهراء بأنها طائر بلا اجنحة ولذلك فهن يعطين الأجنحة لبناتهن".

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قصة فتيات يحاربن الفقر في الريف بسلاح التعليم قصة فتيات يحاربن الفقر في الريف بسلاح التعليم



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 20:15 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

جعجع يُطالب حزب الله إلقاء سلاحه لإنهاء الحرب مع إسرائيل
 العرب اليوم - جعجع يُطالب حزب الله إلقاء سلاحه لإنهاء الحرب مع إسرائيل

GMT 23:16 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية تقتل 12 عنصرا من الدفاع المدني في بعلبك
 العرب اليوم - غارة إسرائيلية تقتل 12 عنصرا من الدفاع المدني في بعلبك

GMT 22:43 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية
 العرب اليوم - حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية

GMT 03:43 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

ليلة ليلاء؟!

GMT 07:03 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 03:23 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

تناول المكسرات يوميًا يخفض خطر الإصابة بالخرف

GMT 08:21 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

ذكرى عيد الجهاد!

GMT 13:15 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 7 جنود إسرائيليين في تفجير مبنى مفخخ جنوب لبنان

GMT 12:42 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد تكالة يُنتخب رئيساً للمجلس الأعلى للدولة في ليبيا

GMT 13:13 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

ريال مدريد يدرس ضم أرنولد من ليفربول في يناير القادم

GMT 08:02 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الرياض... بيانٌ للناس

GMT 13:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

برشلونة يعلن إصابة أنسو فاتي وغيابه 4 أسابيع

GMT 11:44 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

"فيتنام أيرلاينز" بصدد شراء 50 طائرة في النصف الأول من 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab