بغداد ـ نجلاء صلاح الدين
أكَّدت عضو "رابطة الدفاع عن حقوق المرأة"، خيال الجواهري، في تصريحات خاصة إلى "العرب اليوم"، على "معاناة المرأة العراقية من العنف المبني على أساس النوع الاجتماعي، وعلى الأخص العنف الجنسي، وهي قضية خطيرة تُهدِّد حياة المرأة، إضافةً إلى التقاليد الحادة التي تنجرف فيها إلى الوراء شيئًا فشيئًا تحت غطاء الدين، والعرف العشائري، والتي تسلبها حريتها، وتحرمها من كل فرص التقدم، كما تسلب كرامتها وحقوقها المشروعة".
وأضافت عضو "رابطة الدفاع عن حقوق المرأة"، أن "العنف المبني على أساس النوع الاجتماعي، هو إخلال بالقوانين الإنسانية الدولية الخاضعة لحماية المعاهدات الدولية لشؤون حقوق الإنسان، شاملة حق سلامة الفرد والحق في مستوى من المعيشة كافٍ للمحافظة على الصحة الجسدية والعقلية، والحق في حرية التفكير، والحق في عدم التعرض للتعذيب أو المعاملات القاسية أو الوحشية، والتي تحط من الكرامة والحق في الحياة".
ودعت الجواهري، إلى "توعية الأبناء على تعلم رفض المفاهيم والأفكار التي تُحرِّض على ممارسة العنف ضد المرأة، لأن الإنسان الطبيعي لا يُفرِّق بين الذكر والأنثى، وجاء الإسلام وشريعته كثورة تشريعية لضمان تأكيد كرامة المرأة وحقوقها والاعتراف الكامل بدورها الاجتماعي"، مُشيرة إلى "تعزيز ثقافة الحوار واحترام الآخر داخل الأسرة من خلال إشاعة مفهوم الدور لكل من الذكر والأنثى في العائلة، لأن الاختلاف بينهما لا يقتصر على البعد البيولوجي، بل له أبعاد اجتماعية وثقافية تُحدِّد دور كل من الجنسيين كما يتصوره المجتمع بما في ذلك تقسيم العمل داخل الأسرة، والمشاركة الفاعلة بينهما للحفاظ على كيان الأسرة".
وفي السياق ذاته، أكَّدت رئيسة منظمة حقوق الإنسان وداد عزيز إلى "العرب اليوم"، على "واجب الحكومات في الحرص على منع ممارسة العنف ضد المرأة، والتحقيق فيها والقيام، وفقًا لتشريعاتها الوطنية، بالمعاقبة عليها، واتخاذ الإجراءات المناسبة والفعالة بشأنها، سواء ارتكبت الدولة تلك الأعمال أو ارتكبها أشخاص عاديون أو جماعات مُسلَّحة أو فصائل متحاربة"، موضحة أن "العنف ضد المرأة يُشكِّل انتهاكًا لحقوق المرأة ولحرياتها الأساسية، ويعوق أو يمنع تمتعها بتلك الحقوق والحريات".
وأوضحت عزيز أن "التقاليد والقيم الاجتماعي وراء العنف ضد المرأة، فضلًا عن القيِّم العشائرية والثقافة الذكورية، التي تُعلي من شأن الرجل، وتُعامل المرأة بدونية واحتقار، وتضعها في الدرجة الثانية من السلم الإنساني، ويدعم ذلك بعض النصوص الدينية التي تفسر في الكثير من الأحيان لصالح الرجل، فتتمخض عنها أحكام فقهية تنال من المكانة الإنسانية للمرأة أو تسلبها حقوقها ودورها في الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، ما يُدعِّم سلطة الرجل، ويعطيه التبريرات في ممارسة العنف".
ورأت عزيز أن "ارتفاع نسبة الطلاق والعنوسة بشكل كبير في العراق، وخصوصًا في الأعمار ما بين 20 إلى 30، يدل على تخلف الوعي العراقي، ورجوعه إلى الوراء بشكل كبير"، مضيفة أن "العنف المترتب والممارس ضد المرأة يسبب آثارًا جسمية ونفسية واجتماعية، تصيب المرأة، وتكون لها آثارها على الأسرة والمجتمع، إضافةً إلى أضرار جسدية ونفسية، وشعور المرأة بالخوف وانعدام الأمان، والحد من إمكانية حصولها على الموارد، ومنعها من التمتع بحقوقها كإنسان، وجميع تلك الأمور تعرقل مساهمتها في التنمية، وتضخم الشعور بالذنب والخجل والانطواء والعزلة وفقدان الثقة بالنفس واحترام الذات، مما يضطر المرأة بشكل كبير إلى الرجوع إلى الوراء، والوقوف خلف الرجل في جميع الأمور مرة أخرى".
ونوَّهت إلى "تزايد الانتحار لدى الفتيات في الآونة الأخيرة بسبب الضغوطات التي تتعرض لها الفتاة من قِبل المجتمع والمنزل، وحتى في الدوائر الحكومية، وتواجه الكثير من الانتقادات على أية تصرف تقوم بها، مما جعلها تتخوف من الحديث حتى وإن كانت على حق".
وأشارت إلى أن "عددًا من منظمات المجتمع المدني حذرت من تزايد حالات قتل النساء، وتسجيل تلك الجرائم انتحارًا، مما يؤدي إلى إفلات الجناة، مع أن القانون العراقي يتسامح بشكل كبير مع مرتكبي جرائم الشرف، وهو الأمر الذي يواجه انتقادات محلية ودولية، وتشير الإحصاءات إلى ارتفاع نسبة العنف الموجه ضد المرأة في مناطق العراق، والتي صلت إلى 70%".
يذكر أن قيادة شرطة محافظة ذي قار، أعلنت أن "مراهقة انتحرت بشنق نفسها، شمال الناصرية، (350 كم جنوب بغداد)، في ثالث حادث من نوعه خلال أقل من أسبوع"، بينما دانت رئيسة منظمة "وطني"، لحقوق الإنسان، "جميع أنواع العنف الموجهة ضد النساء والفتيات"، داعية إلى "القضاء على جميع أشكال العنف القائم على أساس نوع الجنس، في نطاق الأسرة، وفي إطار المجتمع عمومًا، وفي الحالات التي ترتكب فيها الدولة ذلك العنف أو تتغاضى عنه".
أرسل تعليقك