دار المسنين حكايات وحنين ووجوه تحكي الجحود والقسوة
آخر تحديث GMT08:57:55
 العرب اليوم -

مأوى لمن انقطعت بهم سبل الحياة

دار المسنين حكايات وحنين ووجوه تحكي الجحود والقسوة

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - دار المسنين حكايات وحنين ووجوه تحكي الجحود والقسوة

وجوه تحكي الجحود والقسوة
بغداد ـ نجلاء الطائي

في دار المسنين لا ترى غير وجوه شاحبة سلبها خريف العمر وجحود الأقربين ملامح الجمال وبريق الحياة فأصبحت ذابلة مقطبة تملؤها تجاعيد الحزن والحسرة لا ترى غير هياكل بشرية خاوية تركها الأهل في عالم العزلة ليغتالها اليأس والاحباط.
في دار المسنين رأينا خلف هذه الوجوه قصصًا تحكي قسوة الإنسان وظلم أقرب الناس إليه، فالسيدة "أم ماجد"، 58 عامًا، لها حكايتها مع الجحود فقلبها يعصره الألم والحسرة، حيث تولى أشقاؤها إدخالها إلى المستشفى لتجري عملية جراحية في المعدة، وفي ذلك الوقت امتنع زوجها من زيارتها بحجة العمل والانشغال، إلا أنه كان منشغلا فعلا بامرأة أخرى.

وتقول أم ماجد: "فتح لها البيت ومنحها ثمرة تعبي وكفاحي معه لينشغل بها ويتركني ولا يسأل عني وولداي اللذان حذيا حذو أبيهما معي، بينما رفض أشقائي أن أعيش معهم أو يتكلفوا بمساعدة أختهم بل زجوا بي في دار العجزة رغم أنني لم أكن عاجزة ولا أعرف لماذا يفعلون بي هذا، لكن لا مكان لي غير هذه الدار.

دار المسنين حكايات وحنين ووجوه تحكي الجحود والقسوة

 وحكاية أبو محسن، 65 عامًا، كان موظفًا يسكن مع زوجته المسنة في غرفة صغيرة بالإيجار، ومضى على وجودهما أربع سنوات وله ستة أولاد، ثلاثة ذكور وثلاث إناث، وجميعهم أرباب أعمال وأصغرهم يتجاوز الخامسة والعشرين من العمر.
وبالرغم من وضعهم المادي الجيد فقد تخلوا عن والديهم بذريعة حاجتهما إلى الرعاية الصحية، وإن كنا بحاجة إليهما فإن المرض العصبي لا يحتاج إلى نفينا وهجرنا، ويقول "أبو محسن"، حيث لم يزرهما أحد من الأولاد: "أليس هذا جحودا من أولادنا؟"، ويواصل أبو محسن كلامه: "لقد عملت الكثير وجاهدت حتى وصلوا إلى هذا المستوى، وكنت أعيش على أمل أن أجني يومًا نتاج زرعي لكنهم رمونا خارج بيوتهم متخلين عني وعن أمهم التي توفيت هنا دون أن يحضر أحد منهم، أنني حزين ومتألم جدًا، كيف لا يؤنبهم ضميرهم؟".

أما حكاية السيدة (فاطمة) 67 عامًا، وهي أرملة رفضت الزواج بعد رحيل زوجها في حرب العراق مع إيران لكي تتفرغ لتربية ولدها الذي أوغل في استغلالها ماديًا حتى تعرضت إلى حادث أقعدها عن العمل كخياطة.
وحين لجأت إلى بيته رفض أن يستضيفها ويرعاها، ما اضطرها إلى أن تلجأ للجيران، وعندما تدخلوا من أجل قيام الولد بواجبه تجاه والدته نقلها إلى دار العجزة وقطع صلته بها تمامًا".

ويقول عبدالكريم الهاشمي، ماجستير في علم النفس، من المهم أن يبقى المسن ضمن أسرته وبيئته، ونحن كمختصين في علم النفس ننصح بذلك لأن الإنسان، أي كائن حي يرفض انتزاعه من بيئته وسلخه من أسرته وتعرضه للأمراض، ولا يمكن التعذر بالظروف الاقتصادية أو السكنية أو غيرها من المبررات، حيث أن ذلك كله تنكرًا وجحودًا للأب والأم، وأنه بالإمكان أن ننظر إلى هذا الشخص على أنه غير مكتمل سواء من الناحية الدينية أو الدنيوية، فالدين السمح أوصانا بطاعة ورعاية الوالدين واحترامهما، فالقرآن الكريم والكتب المقدسة والأحكام السماوية والأحاديث النبوية الشريفة شددت على طاعة الوالدين ورعايتهما، (وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان).

 هذا من الناحية الدينية أما من الناحية الدنيوية فالأعراف الاجتماعية والقيم الإنسانية النبيلة تحثنا على برهما وإعانتهما إذ أن الابن العاق لا يعتبر سويًا بالمفهوم الاجتماعي، وربما على صعيد شخصي أيضًا لأن الشخصية نتاج اجتماعي وبالتالي سيكون الابن شخصية مدانة اجتماعية.
 ويضيف: "إن هذا الإنسان سيعيش دائمًا تحت وطأة الألم وضغط تأنيب الضمير وهذا في حد ذاته يولد له مشكلة نفسية ربما تتفاعل أكثر عندما يفقد والده الذي وضعه في هذه الدار من دون وجه حق وسينتظر مصير ما حدث لوالديه إن كان مصيره هينًا والمشاعر المؤلمة تكون أكبر قصاصًا للولد".

وتقول سعاد خورشيد من مواليد 1952: "دخلت إلى دار المسنين منذ شهرين بعد أن قررت ترك أولادي الثلاثة ، لأنهم مشغولون بعوائلهم  ولا وقت لديهم  للاهتمام بي وقبول انضمامي إلى أسرهم، فكل منهم يلقي بمسؤولية رعايتي على الآخر، رغم أن لي راتبًا تقاعديًا، ولم أكلف أحدًا منهم أي عناء أو عبء مادي يثقل كاهله، ولذلك لجأت إلى الدار ووجدت الرعاية والاهتمام من جميع العاملين فيها، وبدأت بتكوين علاقات اجتماعية مع بعض الزميلات معي، وأخرج بين الحين والآخر إلى السوق لأني كنت معتادة على ذلك قبل دخولي إلى الدار.

 المتقاعد سامي عبد الجبار عبدالله، 76 عامًا، يعيش في دار المسنين منذ ثلاثة أعوام ونصف، قال: "فضلت الانتقال من دار الرشاد في منطقة الشماعية إلى دار الصليخ بعد انتقال الإدارة إلى هذا المبنى الجديد، لأن العدد فيه محدود، مبينًا أن سوء فهم  بينه وبين زوجته أدى إلى انفصاله عنها، وبعد ذلك قامت بتحريض ابنها ضده ما أدى إلى تركه البيت والدخول إلى دار المسنين للابتعاد عن المشاكل وتبعاتها، وأشار عبد الجبار إلى حسن المعاملة من قبل الموظفين العاملين في الدار، وجودة الخدمات المقدمة من قبل القائمين على إدارة هذه المؤسسة، فهي مريحة وفيها اهتمام بالجانب الصحي لنزلاء الدار، فهو يعاني من انسداد بالبطين الأيمن للقلب ويحتاج إلى رعاية خاصة ومراجعة طبيبه الخاص كل شهر، وهذه الرعاية متوفرة ولا يعاني فيها من صعوبة".

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دار المسنين حكايات وحنين ووجوه تحكي الجحود والقسوة دار المسنين حكايات وحنين ووجوه تحكي الجحود والقسوة



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 03:27 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

فلورنسا الإيطالية تتخذ تدابير لمكافحة السياحة المفرطة
 العرب اليوم - فلورنسا الإيطالية تتخذ تدابير لمكافحة السياحة المفرطة

GMT 20:15 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

جعجع يُطالب حزب الله إلقاء سلاحه لإنهاء الحرب مع إسرائيل
 العرب اليوم - جعجع يُطالب حزب الله إلقاء سلاحه لإنهاء الحرب مع إسرائيل

GMT 22:43 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية
 العرب اليوم - حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية

GMT 03:43 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

ليلة ليلاء؟!

GMT 07:03 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 03:23 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

تناول المكسرات يوميًا يخفض خطر الإصابة بالخرف

GMT 08:21 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

ذكرى عيد الجهاد!

GMT 13:15 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 7 جنود إسرائيليين في تفجير مبنى مفخخ جنوب لبنان

GMT 12:42 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد تكالة يُنتخب رئيساً للمجلس الأعلى للدولة في ليبيا

GMT 13:13 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

ريال مدريد يدرس ضم أرنولد من ليفربول في يناير القادم

GMT 08:02 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الرياض... بيانٌ للناس

GMT 13:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

برشلونة يعلن إصابة أنسو فاتي وغيابه 4 أسابيع

GMT 11:44 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

"فيتنام أيرلاينز" بصدد شراء 50 طائرة في النصف الأول من 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab