أوصى المرصد العمالي الأردني التابع لـ"مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية"، بضرورة تحسين قدرات الاقتصاد الأردني النظامي بهدف خلق فرص عمل كافية ولائقة لجميع الداخلين الجدد له، وتحسين شروط العمل في الأردن بشكل عام وخاصة للنساء، لتصبح أكثر جاذبية لهن. جاء ذلك في "ورقة تقدير موقف" أصدرها المرصد العمالي بالتعاون مع مؤسسة "فريدريش ايبرت"، بمناسبة اليوم العالمي للمرأة الذي يصادف اليوم اللأربعاء الثامن من آذار/مارس.
وبينت الورقة ان ضعف دور المرأة في الحياة الاقتصادية الأردنية يعد أحد المشكلات الأساسية التي يواجهها الاقتصاد الوطني، الأمر الذي يشكل ضغوطا اضافية على الاقتصاد الأردني، ويحرم الاقتصاد الوطني من قدرات وطاقات اقتصادية كامنة وغير مستغلة.
وطالبت ورقة الموقف بالعمل ليس فقط على قوننة حقوق المرأة وحمايتها فحسب، بل العمل لضمان تنفيذ هذه الحقوق. وهذا يتطلب العمل باتجاهين، يتمثل الأول في تحسين أداء الحكومة وخاصة وزارة العمل لإنفاذ الحقوق المنصوص عليها في اللتشريعات الأردنية، والثاني يتمثل في تسهيل قيام قوى اجتماعية موازية لقوى أصحاب العمل، ويتمثل ذلك في فتح الباب أمام تشكيل نقابات عمالية حقيقية وفعالة لكافة فئات العاملين بأجر، تتمتع بالاستقلالية والديمقراطية لتتمكن من أداء عملها بفاعلية في الضغط لتحسين شروط العمل.
وقدمت ورقة تقدير الموقف قراءة في بعض المؤشرات الاقتصادية للسنوات العشر الماضية (2007 – 2016)، حيث أشارت الى استمرار ثبات معدلات المشاركة الاقتصادية المنقحة للمرأة على انخفاض في الأردن خلال السنوات العشر الأخيرة، حيث سجل في عام 2016 ما نسبته 13.4بالمائة في حين كان في عام 2007 عند مستوى 14.7بالمائة، في ذات الوقت الذي تراجع عن الذكور أيضا،حيث بلغ 57.7 بالمائة في عام 2016، بينما كان 64.4 في عام 2007. وبلغت نسبة النساء المشتركات في المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي 27.2 بالمائة
من مجمل المشتركين في المؤسسة، الأمر الذي يعود في جانب منه الى الاشتراك الاختياري لربات البيوت حسب الورقة.
وأظهرت الورقة كذلك الى أن نسبة مشاركة النساء في سوق العمل بشكل عام بلغت 21 بالمائة، بينما هي عند الذكور 67 بالمائة. هذا وما زالت معدلات البطالة عند النساء في الأردن مرتفعة اذ بلغت في الربع الرابع من عام 2016 ما نسبته 24.8 بالمائة، وكانت قد سجلت في عام 2007 ما نسبته 25.6 بالمائة، كذلك وهي أعلى بشكل كبير من معدل البطالة عن الذكور، اذ بلغت عندهم 13.8 بالمائة خلال الربع الرابع من عام 2016، بينما كانت 10.3 بالمائة في هام 2017. ، خاصة اذا ما علمنا أن نسبة انتظام الاناث في التعليم في الأردن أعلى من الذكور وفي مختلف المراحل التعليمية، وان غالبية المتفوقات في مختلف مراحل التعليم في الأردن أيضا من الاناث، وهو كذلك يزيد من معدلات الإعالة في المجتمع الأردني، اذ بلغت "المشاركة الاقتصادية الخام" لمجمل الأردنيين خلال الربع الرابع من عام 2016 (24.5 بالمائة)، اذ يعيل كل مواطن يعمل أربعة مواطنين آخرين تقريبا بمن فيه نفسه، وهذه النسبة تعد من
أعلى النسب في العالم، الأمر الذي يزيد من الصعوبات التي يواجهها الاقتصاد الأسري.
وبينت الورقة أيضا أن الجهود التي بذلت وما زالت تبذل في سبيل زيادة ادماج المرأة في الحياة الاقتصادية الاردنية لا تزال دون المستوى المطلوب، اذ أن الجهود والبرامج التي بذلت خلال الفترة الماضية، لم تكن إلا جهودا ساهمت في تطوير خطاب تضامني مناصر للمرأة وقضاياها المختلفة، ولم تساهم في زيادة مشاركتها الاقتصادية بشكل ملموس وفعال، ولم تدفع باتجاه زيادة مساهمتها في قطاعات التنمية بمختلف ابعادها.
ويمكن القول أيضا أن الجهود التي بذلت خلال العقود الماضية اخطأت عناوينها، حيث لم يتم تستهدف تذليل المعوقات الحقيقية التي حالت وتحول دون زيادة مشاركتها الاقتصادية بشكل عام، وفي سوق العمل بشكل خاص. ,اشارت الورقة الى اتساع فجوة الأجور لصالح الذكور، أن الفارق بين متوسط الأجور الشهرية للعاملين الذكور 472 دينارا ومتوسط أجور النساء العاملات 437 دينارا بفارق 35 دينارا لصالح الذكور، حسب دائرة الاحصاءآت العامة،وأن متوسط اجور العاملين الذكور المشتركين لديها لدى المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي يبلغ 512 دينار بينما عند الاناث يبلغ 442 دينارا بفارق 70 دينارا لصالح الذكور.
وأكدت ورقة الموقف ان عدم حدوث تقدم ملموس في دور المرأة اقتصادياً في الأردن، يعود بشكل أساسي الى ظروف العمل الطاردة (غير الصديقة) التي يعاني منها سوق العمل الأردني ويعاني منها كل من الرجال والنساء، الا أن النساء يتعرضن لانتهاكات في حقوقهن الأساسية اكثر من الرجال. يضاف الى ذلك، ضعف شبكة النقل العام، التي تؤدي الى استهلاك أوقات طويلة من أوقات العاملين أثناء ذهابهم وعودتهم من أماكن عملهم، ساهم في الضغط أكثر على النساء لعدم الانخراط في سوق العمل.
وأشار التقرير أن ضعف قدرات الاقتصاد الأردني المنظم على التوسع وتوليد فرص عمل كافية ولائقة، في وضع عقبات اضافية أمام النساء في سوق العمل، مما ادى الى توسع الاقتصاد غير المنظم خلال السنوات الماضية بشكل كبير لاستيعاب الأعداد الكبيرة من الداخلين الجدد الى سوق العمل، وهذا القطاع لا يوفر الحدود الدنيا من شروط العمل اللائق للغالبية الكبيرة من
العاملين فيه، وبالتالي تعزف النساء عن الالتحاق به. وهذا يفسر رغبة النساء بالعمل في القطاع العام والقطاع الخاص الكبير والمتوسط المنظم، كونه يوفر حدودا مقبولة من شروط العمل اللائق.
ورغم ذلك هنالك عشرات آلاف النساء يعملن بشكل غير نظامي (شروط عمل غير نظامية)، وخاصة في القطاع الزراعي والمدارس الخاصة وصالونات التجميل ولدى مكاتب المهنيين من اطباء ومهندسين ومحامين وشركات متوسطة وصغيرة، حيث يحرمن من أبسط حقوقهم العمالية والانسانية وخاصة الاشتراك في الضمان الاجتماعي، حيث تشير العديد من الدراسات التي قامت بها المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي أن معدلات التهرب التأميني في بعض هذه القطاعات تزيد عن 90 بالمائة.
وأوضح التقرير كذلك أن غالبية النساء العاملات في القطاع الخاص الصغير والقطاع غير المنظم يتعرضن للعديد من الانتهاكات والتجاوزات المخالفة لنصوص قانون العمل الأردني، فأعداد كبيرة منهن يعملن لساعات أكثر من 8 ساعات يوميا، ومحرومات من الاشتراك في الضمان الاجتماعي، ويعملن أثناء العطل الرسمية، كذلك هنالك أعداد كبيرة منهن يحصلن على اجور تقل كثيرا عن الحد الأدنى للأجور ولا يتمتعن بالاستقرار الوظيفي وبعضهم يتعرضن لأشكال مختلفة من التحرش، وبالتالي فإن ضعف شروط العمل اللائق هو العامل الأساسي في ضعف التحاقهن بسوق العمل.
أرسل تعليقك