القاهرة - العرب اليوم
سُمع دوي الزغاريد من غرفة استقبال بسيطة ومعتادة في المنازل المصرية، لكنها لم تكن إلا لإشهار عقد زواج بشكل صوري ولم تنم عن فرحة حقيقية.ووسط جمع قليل، جلست سيدة إلى جوار رجل يوقعان عقد الزواج ويلتقطان صوراً بآثار حبر البصمة الذي غطى إبهاميهما، ويبتسمان بشكل باهت.
هكذا أظهر مقطع مصور أطلعني عليه محمد الملاح، الشاب الأربعيني، الذي أثار جدلاً كبيراً في مصر حول ما يعرف بـ"زواج المحلل"، الذي يرفضه الدين الإسلامي ولا يجرمه القانون المصري، بعد إعلانه الزواج بثلاثة وثلاثين امرأة خلال أقل من ثلاثة أعوام.يقول محمد الذي يحمل على هاتفه العديد من صور وثائق الزواج التي وقعها: "أنا لا أزني وأفعل ذلك لوجه الله ولا أتقاضى أي أموال".
يعمل محمد محاسباً في شركة خاصة، وهو متزوج من امرأتين واحدة مصرية والأخرى يونانية، ولديه طفل واحد، ويقول إن زوجتيه تتقبلان الأمر."المحلل" هو رجل يتزوج من امرأة طُلقت 3 مرات من زوجها السابق بهدف إتاحة الفرصة للزوجة للعودة مرة أخرى إلى زوجها السابق، إذ لا يمكن وفقاً للمسلمين على المذهب السني الزواج بعد طلاق لثلاث مرات إلا بعد الزواج من شخص آخر.
شرح محمد أن الفكرة جاءته حين حكت إحدى صديقاته عن طلاق صديقتها للمرة الثالثة وأنه لم يعد بإمكانها العودة إلى زوجها السابق، وقتها مزح محمد معها قائلًا: "لماذا لا أتزوجها؟" فردت: "ولم لا فعلاً؟".ووقت احتدام الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي بعد إعلان محمد الملاح أمره، علقت دار الإفتاء المصرية بأن الزواج بشرط التحليل "حرام شرعاً باتفاق الفقهاء".وقالت دار الإفتاء إن وضع أي شروط أو تحديد الزواج بمدة يبطله" وأن نبي الإسلام محمد "لعن المحلل والمحلل له".
يرد الملاح: "لم أتعد أربع زوجات في وقت واحد، وأتزوج بشكل شرعي في وجود ولي العروس الشرعي ويتم الإشهار، هذا ليس زنا"، ويتابع متسائلاً: "ما الخطأ أن أساعد اثنين في العودة إلى حياتهم وأن يكونوا بصحبة أطفالهم؟".
يرى وكيل وزارة الأوقاف المصرية سابقاً سالم عبد الجليل، أن "كل من يتزوج بهدف التحليل فقد وقع في شبهة الزنا".ويضيف عبد الجليل لبي بي سي أن ذلك يعني أن "زواج المحلل والزواج بعده من الزوج الأول فاسد وعلى الزوجين فسخ العقد، لأن ما بني على باطل فهو باطل".ولا يعرف القانون المصري مسألة زواج التحليل، إذ لا تنظر أي من نصوصه سوى في شروط الزواج العامة دون التطرق إلى النية منه.
وطالب عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية التابع لوزارة الأوقاف المصرية، خالد الجندي، مجلس النواب المصري بتعديل القانون "حتى لا يترك مثل هذه الثغرات".ولم يعدل قانون الأحوال الشخصية المصري منذ عشرات السنين، ويطالب حقوقيون بإعادة النظر فيه ليواكب تطورات العصر ومشكلاته.
يوضح المحامي المصري، عبد الفتاح يحيى، أن هذه الأمور يتركها القانون للقبول والرضا ولإرادة الناس، لأنه ليس وصياً وفعل الحرام دينياً لا يعد بالضرورة جرماً في القانون.لكن يحيى يشير في حديث مع بي بي سي إلى ضرورة النظر في تعديل القانون إذا انتشر الزوج المحلل كمهنة أو للاستفادة المادية، لأنه بذلك سيعد استغلالاً لحالات الضعف ويرتبط بالإتجار بالبشر.ويظهر على موقع التواصل الاجتماعي عدد من الصفحات للدعاية إلى أزواج محللين، يتعهدون بالحفاظ على السرية والمساعدة في حل مشكلات الأسر.
ويشتهر زواج المحلل في السينما المصرية، إذ ناقش فيلم "زوج تحت الطلب" الذي أُنتج عام 1985 للممثلين الشهيرين عادل إمام وليلى علوي تلك القضية، كما تناولت مسرحية "الواد سيد الشغال" لعادل إمام في العام ذاته زواج المحلل بشكل كوميدي.وتزايد معدل الطلاق في الأسر المصرية خلال السنوات الأخيرة، وبلغت حالات الطلاق في مصر 214 ألف حالة خلال عام 2020.
أرسل تعليقك