ارتفاع كبير في ظاهرة التحرش الجنسي يزيد معاناة العراقيات
آخر تحديث GMT05:10:29
 العرب اليوم -

تمنع النساء من المشاركة في بناء المستقبل

ارتفاع كبير في ظاهرة التحرش الجنسي يزيد معاناة العراقيات

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - ارتفاع كبير في ظاهرة التحرش الجنسي يزيد معاناة العراقيات

التحرّش الجنسي في العراق
بغداد – نجلاء الطائي

يقف المجتمع العراقي عاجزًا أمام استفحال ظاهرة التحرّش الجنسي، على الرغم من القيم المحافظة التي تسوده، حيث تشكل الظاهرة كابحًا يحول دون الاندفاع السريع نحو الانفتاح الاجتماعي والاقتصادي والإعلامي، منذ العام 2003، كما أن التحرش اللفظي والجنسي لا يضايق الفتيات فقط، بل يمنعهن من المشاركة الفعالة في بناء مستقبل العراق، والكل يعلم مدى أهمية مشاركة النساء في بناء المجتمع.

وقالت مها أحمد، 21 سنة، إنها لم تستطع تكملة مشوارها المهني في مجال تسويق منتجات التجميل، في أحد أسواق بغداد، بسبب انتشار الشباب في مكان عملها، وهناك تتم مضايقتها من بعضهم والبعض الآخر يحاول الاقتراب منها والتحرش بها. وأضافت مها: "نحن نعيش في مجتمع دائمًا ما ينصف الرجل ويلقي اللوم على المرأة، لذلك قررت ترك العمل والجلوس في المنزل".

أما حسين عبود، 30 سنة، فرأى أن الشباب والبنات كل منهم يعكس أخلاقه من خلال تصرفاته وملابسه، فإذا كانت الفتاة محتشمة لن يجرؤ أحد على مضايقتها بالكلام أو الأفعال، كذلك الشباب إذا كانوا ذوي أخلاق عالية فلن يتحرشوا بأي فتاة ولو كانت عارية.

ولحساسية الموضوع، اختارت فتاة من الديوانية لنفسها اسم نورهان، وعمرها 28 سنة، وأكدت أنها تتعرض للتحرش اللفظي من قبل الشباب عندما تكون في السوق أو في أماكن عامة، قائلة: "لا أسلم من تحرش الشباب عندما أكون خارج المنزل، مع أني أرتدي العباءة الإسلامية، لكن هذا لم يمنعهم من التحرش بي وهذا شيء مزعج جدًا".

أما سمر، وهي عراقية مُقيمة في تركيا، فاتفقت مع نورهان، بل وأضافت على شهادتها قائلة إن بعض الشباب يعكسون أخلاقهم في مثل هذه التصرفات، فالمرأة لا تسلم من التحرش سواء كانت ترتدي ملابس ضيقة أو محتشمة، في ظل غياب قانون صارم لمنع التحرش اللفظي والجنسي، لذلك انتشرت هذه الظاهرة كثيرًا في المجتمع العراقي، مضيفة: "نتمنى أن تكون هناك جهود كبيرة من قبل جهات حكومية وغير حكومية لوضع قوانين أو نشر توعية تساهم في ردع هذه التصرفات، لبناء جيل حضاري من النسوة، لن تقف في طريقهن أي عقبات، ومن أهمها التحرش".

وأكد الدكتور أمجد هادي، أستاذ الاجتماع في كلية الآداب، أن التحرش الجنسي سلوك عدواني يصدر عن شخص بقصد الاعتداء على كرامة وحرية المرأة الضحية، من دون رضاها، مما يولد لديها مشاعر ارتباك أو انزعاج يؤثر على أدائها في الدراسة والعمل، ويشوش تفكيرها". واعتبر أن أهم سبب لهذه الظاهرة هو النظرة الدونية للمرأة في مجتمعاتنا العربية والإسلامية، إذ ما زلنا نحمل عقلية وأفكارًا قديمة توارثناها، وهي أيضًا جزء من العادات والتقاليد البالية، إضافة إلى الاجتهادات الخاطئة حول ما قيل ويقال عن المرأة ودورها في المجتمع، مضيفًا: "نعرف جميعًا طبيعة النظرة الدونية للمرأة وتمسكنا ومباركتنا للمجتمع الذكوري الذي نعيش فيه، ورفض أي مبادرة لتغيير هذا الواقع الذي يغتصب حقوق المرأة، وبحجج واهية جدًا لا تمت إلى الحقيقة بصلة، كالدين والأعراف والتقاليد، ومما شجع أيضًا على ذلك النظام العشائري المعمول به في العراق، والمؤلم أن هذا يشمل أيضًا طبقة المثقفين".

وأجرت منظمة "بوينت" المتخصصة في استطلاعات الرأي والدراسات الاستراتيجية استطلاعًا شمل خمس مدن عراقية، أظهر أن 73% من المشاركات، وعددهن 500 امرأة من جميع الأعمار، تعرضن فعلاً إلى التحرش الجنسي ضمن نطاق وظائفهن. وأشارت النتائج إلى أن نحو 75% من اللواتي تعرضن للتحرش لم يخبرن أحدًا عن تعرضهن له، لكن المتعرضات يواجهن المتحرش بنسبة 68%، وأن 58% لا يهتممن بالتحرش، والأدهى من ذلك أن 85.1 % من المشاركات يعتقدن أن القانون لن ينصفهن، بينما يُسبب لهن الفضيحة إذا قدمن شكوى، غير أن أغرب ما أظهرته الدراسة هو أن الموظفات يتعرضن للتحرش من ذوي المناصب العليا، وأن 69% يتعرضن للتحرش والابتزاز الجنسي حين يأتي وقت السلـَّم الوظيفي للترفيع، أو حين يكون هناك إيفاد إلى الخارج أو دعوة لحضور مؤتمر في هذه الدولة أو تلك.

وبعد التعرف على ظاهرة التحرش الجنسي، سواء في مؤسسات الدولة أو في الشارع والأماكن العامة،  كان لابدَّ من البحث عن أسباب هذه الظاهرة، وقال الباحث الاجتماعي عبد الوهاب محمد: "هناك أسباب عـدة لهذا التحرش، وهي ليست مقصورة على العراق، بل هي موجودة في كل دول العالم، فإذا بحثنا عن أسباب التحرش نجد أن دافع الشباب وحياة المراهقين، إضافة إلى الانحراف الأخلاقي والانحراف والشذوذ الجنسي، هي من الأسباب الشائعة لهذه الظاهرة الموجودة لدى الشباب بصورة كبيرة، كنوع من الاعتقاد بالرجولة".

وأضاف: "الانحراف الأخلاقي والشذوذ الجنسي أشد خطرًا من بقية الأسباب ، ففي حالة الشباب نستطيع العلاج من خلال التربية والتهذيب، لكن أصحاب الانحراف والشذوذ الجنسي هم الخطر الحقيقي، لأنهم مرضى وقد تراهم أسوياء، وتعتقد أنهم أناس محترمون ذوو ثقة، لتتفاجأ في لحظة ما بتحولهم إلى وحوش ضارية تفترس ضحاياها من دون أية رحمة أو إنصاف ".

وبشأن العقوبات الرادعة ضد ظاهرة التحرش، قال القاضي في محكمة الكرخ، عبد العزيز باسم: "تعد ظاهرة التحرش الجنسي في العراق جريمة مسكوت عنها، بسبب الحياء والضوابط المجتمعية المتشددة التي تحاصر المرأة، وهي ظاهرة لا تقل خطورتها عن التطرف، حيث كشفت الوقائع عن أن التحرش الجنسي كظاهرة تفاقمت حدتها بسبب الأوضاع الأمنية والاقتصادية والاجتماعية، ودخول التكنولوجيا الحديثة كالإنترنت والهاتف الجوال، فضلاً عن قصور القوانين التي تحد من الظاهرة، كما أن دراستها في العراق تواجه صعوبات لعدم وجود إحصاءات، لا سيما أن معظم ضحايا التحرش لا يقدمن بلاغات للجهات الأمنية المعنية، خوفًا من محاسبة المجتمع للضحية وليس المجرم، ووصمها بالقصور والعار".

وعن الوضع القانوني لقضية التحرش الجنسي، قال: "يمكن ان نعرِّف ظاهرة التحرش الجنسي بأنها جريمة خدش الحياء من ذكر على أنثى، تقع بالقول أو الفعل او الإشارة من دون أن تصل إلى حد الملامسة الجسدية، وهذا ما جاء في المادة 402 /1ب من قانون العقوبات العراقي 111، لسنة 1969، أما إذا كان الفعل المادي المكون للجريمة يتعدى إلى الملامسة الجسدية، فيكون عند ذاك جريمة منصوص عليها في المادتين 396، 397 من القانون ذاته، ومن هنا نعرف أن ظاهرة التحرش الجنسي من الظواهر الخطيرة التي تواجه المجتمعات كافة، وهي مصدر قلق كبير لدى العديد من الدول، لما تسببه من آثار وتداعيات اجتماعية عديدة".

وعن العقوبة القانونية للمتحرش، قال باسم: "تم تشريع قوانين رادعة في بعض الدول العربية والأجنبية ، فمثلاً في الولايات المتحدة الأميركية يواجه المُتحرش جنسيًا عقوبة تصل إلى السجن مدى الحياة، وغرامة قدرها ربع مليون دولار، وفي المملكة العربية السعودية يعاقب المُتحرش بالسجن خمس سنوات، وغرامة نصف مليون ريـال، ويحدد الحكم والعقوبة القاضي وفق تفاصيل القضية المعروضة، ومجرياتها".

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ارتفاع كبير في ظاهرة التحرش الجنسي يزيد معاناة العراقيات ارتفاع كبير في ظاهرة التحرش الجنسي يزيد معاناة العراقيات



الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 06:53 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

إيران تتراجع عن تسمية شارع في طهران باسم يحيى السنوار
 العرب اليوم - إيران تتراجع عن تسمية شارع في طهران باسم يحيى السنوار

GMT 08:49 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

بوستر أغنية مسابقة محمد رمضان يثير الجدل
 العرب اليوم - بوستر أغنية مسابقة محمد رمضان يثير الجدل

GMT 09:35 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

طريقة طهي الخضروات قد تزيد خطر الإصابة بأمراض القلب

GMT 18:25 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

إخلاء تجمع سكني في تل أبيب بعد وقوع حادث أمني

GMT 08:49 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

بوستر أغنية مسابقة محمد رمضان يثير الجدل

GMT 12:55 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

شمس البارودي تتحدث للمرة الأولى عن رحيل زوجها وابنها

GMT 10:40 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

الكرملين ينفي طلب أسماء الأسد الطلاق أو مغادرة موسكو

GMT 06:53 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

إيران تتراجع عن تسمية شارع في طهران باسم يحيى السنوار

GMT 10:27 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

عيد بيت لحم غير سعيد

GMT 10:33 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

نيولوك الإخوان وبوتوكس الجماعة

GMT 10:34 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

لِنكَثّف إنارة شجرة الميلاد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab