عيد الأم العراقية يتحول من احتفالات إلى صور أليمة وحرمان
آخر تحديث GMT20:00:36
 العرب اليوم -

تمثلت هويتها بـ"أم الشهيد" وجبل الصبر الذي لا يلين

عيد الأم العراقية يتحول من احتفالات إلى صور أليمة وحرمان

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - عيد الأم العراقية يتحول من احتفالات إلى صور أليمة وحرمان

عيد الأم يتحول إلى صور أليمة وحرمان
بغداد – نجلاء الطائي

تُعد الأم العراقية نموذجاً مهمًا عن السيدة التي تتميّز بصفات التضحية والحنان والصبر. فبعد أن مرّ العراق بحقبة يصعب على الإنسانية أن تمر بمثلها، عانت الأم العراقية سنوات حزن ودمار وسجون وقتل وفقر وحرمان أضافت إلى هوية الأم العراقية تسميات توجع القلب وتدمي العين كـ"أم الشهيد"، "أم المفقود"، "الأرملة"، "الثكلى" ، "الضحية" فتجدها في أغلب الأحيان تقبّل صورة ابنها بدلاً من أن تعانقه بيديها. إن الاحتفال بعيد الأم العراقية بمثابة تقدير لكل امرأة قوية، مجاهدة وصلبة، عاشت معاناة عقود طويلة، إذ ودّعت أولادها الذاهبين إلى جبهات القتال واستقبلت نعوشهم، أو قضى بعضهم سنوات شبابه في المعتقلات تاركًا على كاهلها أثقال مسؤوليات مضاعفة.

ويعتبر البعض أن الأم العراقية لا تنتظر من حكومتها احتفالات بقدر ما تحتاج إلى دعم وضمان اجتماعي للأرامل والثكالى خصوصا. فالعراق مدين لها بتضحياتها الكبيرة، فضلا عن حاجتها إلى رفع الظلم عنها وتثقيفها وتحسين واقعها الاجتماعي والنفسي ومساعدتها على مواكبة التربية الحديثة بعد التغيير الكبير الذي شهدته القيم والمفاهيم الاسرية. وتحدث الإعلامي والشاعر ضياء الأسدي قائلاً: "إليك أيتها الأم المورقة بالصبر، الضاجّة بالقلق، المتلفعة بالدعاء، تلتوي تحت قدميك، حروفنا اليافعة بالحنين، لننسج من حقول العبارات، أسمى عاطفة تليق بك، أيتها المعطاءة كالمطر، نزِّف إليك ورود أيامنا المبللة بعطر (شيلتك) الفاحمة السواد، نحتطب كلّ شهيق الكون أمام جبل صبرك وأنت تزرعين الحياة بين شفاه طفولتنا، كل عيد وأنت عالمنا المعطاء، ووجهتنا التي لا مفرّ إلا إليها، كل عام وأنت بسلام أيتها الأم العراقية.
 
أما الكاتب حسام كصّاي فقال: نتقدم بأزكى التهاني وأعطر التبريكات وأرقى معاني الوفاء لأمي وكل الأمهات العراقيات الصابرات على المحن ونحن ننحني لذلك النهر المتدفق من العطاء، لذلك الفردوس وقفن ضد عاديات الدهر بثبات الإيمان وشموخ نخلات العراق، وهن يتذرعن بأنْ يعم الأمن والسلم لهذا الوطن الغالي والكبير بمعاناتهِ، لأمنا المخلصة التي نَوّر الله ظلامنا بحضورها ووجهها المُتّقد بهجةً وسروراً، نتذرع للباري أنْ يحفظ أمهاتنا من أجل مستقبلنا, لأننا نحتاج لهن من أجل الدعاء لنا، أمنا منبر الدعاء الذي لا يُرد، اللهم أحفظ أمي وكل أمهات الوطن الجميل برغم عناوين حُزنه.

وبيّن الكاتب السياسي سلام مكي : لا أتصور إن ثمة كلمات يمكن استدراجها إلى المخيلة، لتحقق رغبة تراود الجميع، وهي التعبير عن الشكر والامتنان لكائن، عظيم مثل الأم في عيدها، نقدم القلوب، مغلفة بزهور الكون، وأضواء العيون، إلى الكائن الذي يستحق وحدهٌ ان يقدم على غيره من البشر. وتابع أن: عيد الأم، هو الفرصة الأهم في تتويج الأم تاجًا على الرؤوس، لتجديد البيعة لها، لتذكيرها بأن لا حياة من دونها, فعيد الأم فرصة عظيمة لمن يملك أمًا، لكي يغبط نفسه على النعمة التي بين يديه والتي لا توازيها أي نعمة.

والإعلامية وداد إبراهيم عبرت عن حبها قائلة : "أمي .. يا رحلة طويلة تقطعينها من الإحساس الأول بالحمل حتى الولادة حتى دخولنا المدرسة والجامعة، رحلة محفوفة بالألم والوجع والقلق والفرح والانتظار، انتظار النجاح نهاية العام". وتابعت أن "الأم عوالم من الحنان والحب والدفء والأمان، صدق من قال الأم مدرسة إن اعددتها اعددت شعبًا طيب الأعراق كم أنت عظيمة يا أمي".

أما الإعلامي علي السراي فقال: كل عام وانت بألف خير أيتها النخلة الشامخة (امي) برؤيتك يصبح الهواء أنقى وأصفى، وبحضنك الدافئ طعم الأمان يبقى، بلمساتك الذهبية المريض يشفي كل عام وأنت بخير وأنا لرضاك أسعى.

في الجهة المقابلة تقف الأم العراقية التي تميّزت عن بقية الأمهات في العالم، بمعاناتها الكبيرة وصبرها القوي، وهي تحمل قلبها بيدها، لتهبه إلى من أنزرع في أحشائها وخرج إلى الحياة قطعةً منها، يتنفس ويعيش بصلواتها، الأم العراقية تلك التي أجبرتها الحروب المتوالية والظروف المعاشية الصعبة لتؤدي دور الأم والأب في آن واحد، وتقول إيمان عادل، وهي أم لستة أبناء فقدوا والدهم في حادث إرهابي، إنها عانت طويلاً لتوفير لقمة العيش لهم، ليواصلوا دراستهم بعد أن فقدت رفيق دربها والأمين على بيتها.

وهنا نقف على بعض القصص المحزنة لنرى صبر وشجاعة المرأة العراقية في جميع الأزمان، فلم تكن تتصور أم حقي أن تفقد أبناءها الاثنين بعد معاناة الزمن التي لحق بها جراء فقدانها  زوجها في مرض عضال في ثمانينات القرن السابق ويجعلها أمام حياة صعبة مليئة بالمخاطر وفي عنقها أربعة أطفال صغار لايتجاوز كبيرهم الخمسة أعوام .

وفي حوار خاص لـ"العرب اليوم"  مع الأم العراقية المضحية أم حقي لتسرد لنا حكايتها المؤلمة وهي كما شاهدتها جسد من دون روح تنتظر مغادرتها الدنيا والالتحاق بأولادها لتبدأ الحكاية. وتقول ام حقي لم يكن لدى زوجي تقاعد أعيش به أنا وأطفالي الصغار الذي تركهم ورحل، ولم يكن أمامي سوى ماكينة الخياطة لأستطيع العيش بكرامة ومن دون مد اليد، بعد مساعدة عائلتي ووالدي بمنحي منزلًا اسكن به أنا وأطفالي وعانيت ما عانيت من أجل تربيتهم ووصولهم إلى مشارف الجامعات. وأضافت العمة أم حقي بأن لديها ثلاثة أولاد هم "حقي واحمد وعلي"  وبنت واحدة اسمها شيماء استطاعت بقوتها ونضالها إدخالهم الجامعات حيث تخرج الابن البكر من كلية الادارة والاقتصاد، أما الثاني فقد وصل تعليمه إلى مشارف الثانوية وأخير الابن الأصغر علي أنهى دراسة الماجستير في كلية الفنون الجميلة.

وتروي العمة أم حقي والدموع تذرف من عينها بعد تخرُّج ابني البكري من الجامعة وحصوله على وظيفة جيدة في وزارة العدل صارح والدته برغبته بالزواج من فتاة يحبها فرحت العمة والدنيا لم تكن تسعها وفي اليوم المشؤوم حيث كانت طبيعة عمله حسابية وطلب مدير قسمه الذهاب إلى وزارة المال لإجراء بعض الكشوفات على قوائم الحساب. وعند وصوله إلى مبنى الوزارة المذكورة وخلال ثواني قليلة فصلت حياته في التفجير الذي حدث في وزارة المال وذهب ضحيتها مئات الاشخاص وكان حقي من بين الأشخاص الذين قتلوا، مبينة لنا الصدمة التي عاشتها عند تلقيها الخبر وجراء تلك الحادثة أصاب ابنها الصغير علي مرض السكري لانه كان متلعقًا كثيرا بأخيه.

وتشير العمة أم حقي أنها تركت المنزل ومرت الأعوام ليتزوج ابنها أحمد ويملأ المنزل بالأطفال، فضلا على حصول ابنها الصغير على الماجستير ليصبح استاذ جامعي، وتضيف "ذات يوم لم يعد علي إلى المنزل في وقته المحدد كل يوم قلقت كثيرا لدرجة اتصلت على هاتفه الجوال عدة مرات لكن من دون جدوى لتأتي الفاجعة التي قصمت نصفي اثنين باستشهاد ابني الأصغر عند عودته من مكان عمله حيث كان في منطقة ساخنة وهي "ابو غريب " ، لم تستطيع العمة أم حقي التحمل فأصبحت رقيدت الفراش لا تشعر بفرح وحزن الدنيا هي كما قلت سابقا جسد من غير روح تعد الأيام للذهاب إلى اولادها حسب قولها.

أما قصة عائشة طه عثمان مماثلة فهي لم يخطر ببالها أن القاتل سيخطف ثلاثة من أبنائها الخمسة في لحظة واحدة. لكنه "داعش"،  هذا ما حدث في 25 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي. فذهب اثنان من أبنائها لتفقد ابنها النقيب في البيشمركة المرابط قرب زمار. خلال وجودهما هناك، اندلعت معركة قاسية مع "داعش". أخذتهما الحماسة فذهبا مع شقيقهما للمشاركة. وساهموا في تحرير أجزاء من مدينة زمار، ولدى وصولهم إلى نقطة معينة انفجرت سيارة مفخخة فتطايرت أشلاؤهم. في لحظة واحدة، خسرت عائشة أولادها مولود وأحمد ونجاد. وخسرتهم قوات البيشمركة أيضاً.

بالمقابل زرنا بعض العائلات من مفقودي قاعدة سباكر والتقينا بإحدى أمهات الضحايا وتدعى أم علي وهي تقول بعد ثلاث أعوام على فقدان ابنها حسين  "ما ذنب أولادنا الذين ذهبوا للدفاع عن ارض الوطن؟ ما ذنب هؤلاء الشباب الذين هم بعمر الورود؟ من واجب الحكومة التدخل ومساعدتنا في إيجاد أبنائنا، ونطلب من المسؤولين الحديث مع عشائر المنطقة الغربية من اجل ان نصل إلى أبنائنا.

وتضيف أم علي "أن ولدي حسين كان عمره 20 عاما فقد مع مجموعة من الشباب. و قبل التحاقه بوحدته العسكرية قمت بالتسوق وشراء معدات عسكرية اخذها معه إلى معسكره التدريبي في قاعة سبايكر بصلاح الدين. إن حسين ظل باتصال مستمر معنا طول اليوم  من تكريت، وفي اليوم التالي  حدثنا بالموبايل  بصوت مرتجف وقال لنا "نحن محاصرون من "داعش" ، ثم انقطع الاتصال". بعدها قمنا بالاتصال به عدة مرات إلا أن جهازه كان مغلقا أو خارج نطاق التغطية. ومنذ ذلك اليوم انقطعت أخباره وزملائه الذين كانوا بقاعدة "سبايكر "العسكرية بمدينة تكريت والتي سيطر عليها "داعش"  وبثوا مقطعا مسجلا على الإنترنت يظهر قيامهم بإعدام مئات من جنود "سبايكر" .

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عيد الأم العراقية يتحول من احتفالات إلى صور أليمة وحرمان عيد الأم العراقية يتحول من احتفالات إلى صور أليمة وحرمان



GMT 07:10 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

تحذير أممي من تفشي العنف الجنسي الممنهج ضد النساء في السودان

GMT 23:05 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة رانيا تتابع نشاط برنامج حماية الطفل من الإساءة

GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 20:58 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الأميركي يقصف مواقع عسكرية في صنعاء

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

موسكو تسيطر على قرية بمنطقة أساسية في شرق أوكرانيا

GMT 14:19 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إلغاء إطلاق أقمار "MicroGEO" الصناعية فى اللحظة الأخيرة

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وفاة جورج إيستام الفائز بكأس العالم مع إنجلترا

GMT 17:29 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سائق يدهس شرطيا في لبنان

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قصرة جنوبي نابلس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab