عدّت منظمة هيومن رايتس ووتش، الخميس، دعوة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر "إنهاء العنف ضد المثليين والمتحولين من الذكور والإناث وهدايتهم بالطرق العقلية والمقبولة وفقًا للقانون، خطوة مهمة وتغيرًا مهمًا في الاتجاه الصحيح، وفيما أكدت على ضرورة أن تتبعها تحركات ملموسة لحمايتهم من العنف، ودعت الجهات العراقية الرسمية إلى اتخاذ إجراءاتها الخاصة لضمان عدم الاعتداء على المثليين والمتحولين وإنهاء تجريم العلاقات الجنسية خارج نطاق الزواج.
وقالت المنظمة في تقرير نشرته، الخميس، إنها وثقت مطلع العام 2009، قيام أعضاء المليشيات العراقية في حملة موسعة من الإعدامات الميدانية والاختطاف والتعذيب بحق المثليين ومن لا يتسق مظهرهم مع معايير الذكورة السائدة، مبينة، أن ذلك بدأ في مدينة الصدر، شرقي بغداد، معقل جيش المهدي، قبل أن تنتشر في مدن عراقية أخرى، حيث عززّ ناطقون باسم جيش المهدي الخوف من الجنس الثالث والتشبه بالنساء في أوساط الرجال العراقيين، مؤكدين أن تحرك الميليشيات هو الحل.
وأضافت هيومن رايتس ووتش، أن عناصر المليشيات بدأوا في شباط/فبراير من العام 2012، موجة هجمات ثانية على الأشخاص المصنفين ضمن ثقافة الإيمو، وهو نمط يربطه الناقدون بموسيقى الهيفي ميتال والراب، حيث ظهرت ملصقات ومنشورات في أحياء مدينة الصدر والحبيبية، شرقي بغداد، وحي العامل، جنوبي غرب العاصمة، تسمي الأشخاص وتهددهم بغضب الله، ما لم يقصروا شعرهم ويخفوا الوشم، يلتزموا بالرجولة الكاملة ويكفوا عن ارتداء الملابس الشيطانية، قبل أن تظهر ملصقات مماثلة في أحياء أخرى، وفيها أسماء لأشخاص معينين.
وتابعت المنظمة، أن الأسابيع التالية شهدت تلقي المنظمة تقارير تفيد بمقتل عشرات الشباب ضمن هذه الحملة، من دون التأكد من منفذيها، لافتة إلى أن زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، وصف المستهدفين في الحملة بأنهم سفهاء ومجانين، وآفة في المجتمع المسلم، وذلك في بيان على الإنترنت، مستدركة لكن الصدر دعا إلى التعامل مع أولئك الأشخاص تحت طائلة القانون.
وأوضحت هيومن رايتس ووتش، أن مجموعة إيراكوير العراقية، ومنظمة آوت-رايت أكشن الدولية، ومقرها الولايات المتحدة، كانت سابقًا تعرف باسم اللجنة الدولية لحقوق الإنسان الخاصة بالمثليين والمثليات، وثقت في تقرير لها صدر عام 2015، وثقت مجموعة أعمال اختطاف وقتل الرجال المثليين على يد أعضاء الميليشيات العراقية، ومنها سرايا الغضب وعصائب أهل الحق، خلال المدة بين 2009 و2015، مؤكدة، أن تلك "الجماعات أدانت الحكومة العراقية على عدم التحرك والسماح في جرائم الكراهية، مع كامل علمها بما يحدث.
وأشارت المنظمة إلى، أن الحكومة العراقية ردّت بتشكيل لجنة للمثليين والمثليات، والمتحولين والمتحولات في أواخر عام 2012 للتصدي للانتهاكات بحقهم، لكن نشطاء مهتمون بحقوق المثليين والمتحولين في بغداد، أبلغوا هيومن رايتس ووتش، بأن هذه اللجنة لم تتخذ خطوات حقيقية تُذكر لحماية أصحاب تلك الهويات الجندرية، مبينة، أن أحد أعضاء اللجنة قال إن اثنين من أعضاء اللجنة التسعة اختفيا في 2015، ويعتقد أن السبب هو دورهما في اللجنة وأن الأخيرة لا تعرف عنهما شيئًا منذ ذلك الحين، ما دفع أعضاء آخرون في اللجنة إلى تركها من دون إبداء أسباب، ولم يعد فيها سوى أربعة أعضاء.
وأكدت هيومن رايتس ووتش، أنه مع تصاعد نشاط تنظيم "داعش" المتطرف أصبح المثليون والمتحولات ومن لا يتبعون هوية جندرية سائدة في خطر أكبر، إذ أعدم "داعش" عددًا ممن اتهمهم باللواط أو من يُتصوَر أنهم مثليون، موضحة، أن قانون العقوبات العراقي لا يجرم مباشرة العلاقات بين شخصين من الجنس نفسه، لكن المادة 394 تجرّم العلاقات الجنسية خارج نطاق الزواج، حيث تجرم هذه المادة فعليًا جميع العلاقات بين الأفراد من الجنس نفسه بما أن القانون لا ينص على زواج المثليين.
وشددّت المنظمة أن زعيم التيار الصدري، عبر في بيانه بتاريخ (السابع من تموز/يوليو 2016)، عن رأيه بأن العلاقات المثلية وارتداء ثياب النساء مسألة غير مقبولة، لكن من لا يتسقون مع قوالب جندرية معينة، لديهم معاناة نفسية، ويستحقون الحق في الحياة، ويجب مقاطعتهم وعدم الاعتداء عليهم بما يزيد من نفورهم وهدايتهم بالطرق العقلية والمقبولة.
وعدّت هيومن رايتس ووتش، أنه برغم غياب التقبل الكامل في بيان الصدر، فإن دعوته لإنهاء العنف ضد المثليين والمتحولين خطوة مهمة، مؤكدة، أنها تعني أن من يشغلون مناصب في المليشيا تحت قيادته في سرايا السلام، سيطيعون الأمر وأن عليه (الصدر) محاسبة القادة الذين لا يلتزمون بذلك، ودعت المنظمة، الحكومة العراقية، إلى اتخاذ إجراءاتها الخاصة لضمان عدم الاعتداء على المثليين والمتحولين، وأن يتحرك المشرعون العراقيون سريعًا لإنهاء تجريم العلاقات الجنسية خارج نطاق الزواج، مطالبة، اللجنة المعنية بـ"شؤونهم، بتنشط في رصد الانتهاكات الحقوقية ضدهم والإبلاغ عنها، وأن توصي الحكومة بخطوات واضحة لحماية المثليين والمتحولين من العنف والتمييز".
بدوره قال نائب مدير قسم الشرق الأوسط في منظمة هيومن رايتس ووتش جو ستورك، "إنه يقوم قائد إحدى الجماعات التي نفذ أعضاؤها انتهاكات جسيمة ضد المثليين ومزدوجي الميول الجنسية ومتحولي النوع الاجتماعي في العراق، بإدانة هذه الاعتداءات البشعة، معربًا عن أمله بأن يغير هذا سلوك جيش المهدي والجماعات الأخرى، ويدفع الحكومة إلى محاسبة من يرتكبون هذه الجرائم".
وأضاف ستورك، أنه في حين ما يزال الصدر بعيدًا عن قبول حقوق الإنسان للمثليين والمتحولين بشكل كامل، فإن بيانه يُظهر فهمه لأهمية الكف عن الانتهاكات ضدهم، ويمثل تغيرًا مهمًا في الاتجاه الصحيح، ويجب أن تتبعه تحركات ملموسة لحمايتهم من العنف.
أرسل تعليقك