بيروت - رياض شومان
أعلنت منظمة "هيومن رايتس ووتش" ان "اللاجئات الوافدات من سوريا في لبنان، يتعرضن للتحرش الجنسي أو محاولة استغلالهن جنسيا وأحيانا بشكل متكرر، من قبل أصحاب العمل ومالكي المساكن وحتى موزعي المساعدات من الجمعيات ذات الطابع الديني وأفراد من المجتمعات المحلية في بيروت والبقاع وشمال وجنوب لبنان".وقالت مديرة
قسم حقوق المرأة في المنظمة لايزل غيرنهولتز: "يجب أن تجد السيدات اللواتي قمن بالفرار من الموت والدمار في سوريا، الملاذ الآمن في لبنان، وليس الانتهاكات الجنسية. يجب أن تفتح الحكومة ووكالات المساعدة الإنسانية عيونها أمام التحرش الجنسي والاستغلال الذي تتعرض له اللاجئات المستضعفات، وأن تبذل قصارى جهدها لوقف هذه الانتهاكات".
وأشار التقرير الى مقابلات اجرتها المنظمة مع 12 سيدة تعرضن لهذه المحاولات ولم يبلغن السلطات المحلية بهذه الوقائع نظرا لغياب ثقتهن في أن السلطات قد تتخذ إجراءات، وكذلك خشية الانتقام من قبل الجناة أو خشية القبض عليهن بسبب عدم حيازتهن أوراق إقامة قانونية.
واوضح التقرير ان ثماني من السيدات بين أرامل وغير متزوجات ويقمن في لبنان دون أزواجهن. جميع السيدات الـ12 مسجلات كلاجئات من قبل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وهي وكالة اللاجئين الأممية.
هالة البالغة من العمر 53 سنة وهي من دمشق، قالت إن السلطات السورية تحتجز زوجها، وهي تنظف المنازل في إحدى ضواحي بيروت لتعيل نفسها وأبناءها الأربعة. قالت لـ"هيومن رايتس ووتش" إنها تعرضت لتحرش جنسي ومحاولة استغلال جنسي في تسعة من عشرة بيوت عملت فيها. حاول أصحاب العمل الذكور ملامسة ثديها وإكراهها على ممارسة الجنس، أو طلب يد ابنتها البالغة من العمر 16 عاما للزواج. قالت: "يقولون لي: سنعطيك نقودا أكثر إذا قدمت لنا خدمات جنسية أو أعطيتنا ابنتك".
اما زهرة ( 25 سنة من حمص) فهي تعيش مع والديها وأشقائها في شمال لبنان، وقالت لـ"هيومن رايتس" إن صاحب عملها في متجر للثياب أمسك بها من الخلف ولامس ثديها وضغط عليها لكي تمارس الجنس. تركت العمل لكنها تعرضت للتحرش الجنسي من صاحبي متاجر آخرين عملت لديهما. بعد الواقعة الثالثة أصيبت بالاكتئاب وامتنعت عن العمل. اعتمدت عائلة زهرة عليها في كسب الدخل لتسديد الإيجار الشهري وقيمته 300 دولار.
ولفت تقرير "هيومن رايتس ووتش" الى انه "بشكل عام رحب لبنان كثيرا باللاجئين السوريين وألغى رسوم الدخول المعتادة للأجانب ولم يقيّد حركة الوافدين في مخيمات للاجئين. لكن محدودية الملاجئ وخيارات كسب الدخل تؤدي إلى انعدام الأمان المالي وتعرض اللاجئات للاستغلال على يد أصحاب المساكن الخاصة وأصحاب العمل وموزعي المساعدات غير الرسميين. كما أن الافتقار إلى التوثيق الكافي يزيد من تعرضهن للأذى".
وأفاد انه "بالنسبة للاجئين الوافدين من سوريا الذين يدخلون لبنان بصفة رسمية، يمنحهم لبنان تصريح إقامة لمدة ستة أشهر مع إمكانية التمديد لستة أشهر أخرى. بعد عام، فإن على اللاجئ – مثل أي أجنبي في لبنان – تسديد مبلغ 200 دولار سنويا للحصول على تصريح – وهو مبلغ يكاد يكون مستحيلا على العديد من اللاجئين. دون تصريح الإقامة فقد يتعرض اللاجئ للتوقيف.
وتابع التقرير: "حتى 20 تشرين الثاني كان أكثر من 824 ألف لاجئ من سوريا قد سجلوا أو في انتظار التسجيل كلاجئين في لبنان، على حد تقدير مفوضية الأمم المتحدة للاجئين". وتقدر المفوضية أن اللاجئين الوافدين من سوريا سوف يشكلون قريبا ربع تعداد سكان لبنان. إن المواطنين اللبنانيين الذين يواجهون بالفعل سوق عمل هش، يتحملون عبء ارتفاع معدلات البطالة والضغط على الموارد، كما ورد في تقييم أصدره البنك الدولي مؤخرا.
واعتبرت "هيومن رايتس ووتش" ان الاستيعاب والتكيّف مع العدد الكبير من اللاجئين السوريين يشكل تحديا للبنان، لذا فعلى الحكومات المانحة أن تزيد بشكل مهم من تمويلها للإسكان والغذاء والرعاية الصحية والاحتياجات الأساسية المقدمة للاجئين، من أجل تقليص قابلية اللاجئين للاستغلال.
واكدت المنظمة أنه "على وزارة الشؤون الاجتماعية وضع إجراءات عملية للاستجابة للقضايا الخاصة باللاجئات. ويجب أن يشتمل هذا – بموافقة من الضحية – على الإحالة للخدمات الصحية والنفسية - الاجتماعية والقانونية بما يتفق مع ضوابط اللجنة الدائمة بين الوكالات المعنية بالعنف المبني على الجنس في الأوضاع الإنسانية، وهي الضوابط المقبولة بصفتها المعايير الدولية المرعية، من قبل الأمم المتحدة والحكومة وجماعات المساعدات الإنسانية".
ولفتت الى ان لبنان ليس من الدول الموقعة على اتفاقية 1951 للاجئين، لكن على الحكومة أن تضم قانون اللاجئين إلى القوانين الوطنية وأن تلغي رسوم تجديد تصاريح الإقامة لجميع اللاجئين. ويتعين على السلطات اللبنانية أن تمارس سلطة تقديرية في ما يتعلق بالادعاء، بحيث لا تحتجز أو تقبض على اللاجئين غير المسجلين بشكل سليم في حال تقدمهم للإبلاغ عن جرائم.
واضافت: "يتعين على الحكومة اللبنانية – من خلال هذه الوزارات – ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أن تبلغ اللاجئات بشكل واضح، ممن تعرضن للتحرش والاستغلال الجنسي، في حقهن في تقديم شكاوى، وكيف يتم تقديم الشكوى وطبيعة العملية القضائية التالية على الشكوى. يجب على هذه الهيئات المذكورة ضمان أن أي مزاعم تظهر، يجري التحقيق فيها، مع محاسبة الجناة"، مؤكدة ان "على وزارتي الشؤون الاجتماعية والداخلية إعداد قنوات إحالة بين موفري الخدمات الاجتماعية في الحكومة وبين الشرطة. وعلى السلطات أن تبحث في أمر إمداد السيدات المتعاونات في الملاحقات القضائية للمتهمين بالعنف الجنسي والعنف المبني على الجنس حصانة من الملاحقة القضائية على مخالفات قانون الهجرة".
وأكدت "هيومن رايتس ووتش" ان ثمة حاجة أيضا إلى استيفاء تقديم جميع الأموال التي تم التعهد بتقديمها كمساعدات وزيادة المساعدات من الحكومات المانحة، مشيرة الى انه وطبقا لمفوضية شؤون اللاجئين فإن مبلغ 1.2 مليار دولار طلب لصالح اللاجئين في لبنان استوفي 51 في المائة منه فقط حتى 31 تشرين الأول.
أرسل تعليقك