دعا الرئيس الأميركي جو بايدن، إيران إلى الإفراج «الفوري» عن ناشطة حقوق الإنسان الإيرانية السجينة نرجس محمدي بعد الإعلان عن فوزها بجائزة «نوبل للسلام» لهذا العام، مشيداً بـ«شجاعتها التي لا تتزعزع».
وقال بايدن في بيان: «هذه الجائزة اعتراف بأن العالم لا يزال يسمع صوت نرجس محمدي الصارخ الداعي إلى الحرية والمساواة». وأضاف: «أحضّ حكومة إيران على الإفراج الفوري عنها وعن زملائها المدافعين عن المساواة الجندرية».
وقبل بايدن، طالبت الأمم المتحدة بدورها بالإفراج عن محمدي. وقالت ليز ثروسل، المتحدثة باسم مفوضيّة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان في جنيف: «إن النساء في إيران كنَّ مصدر إلهام للعالم. رأينا بسالتهن وإصرارهن في مواجهة الأعمال الانتقامية والتخويف والعنف». وأضافت: «نطالب بالإفراج عنها، وعن جميع المدافعين عن حقوق الإنسان السجناء في إيران».
من جهتها، قالت أليساندرا فيلوتشي، المتحدثة باسم الأمم المتحدة، إن الأمين العام للمنظمة الدولية أنطونيو غوتيريش «كان واضحاً للغاية في الدفاع عن حقوق النساء والفتيات في إيران».
قمع النساء
وقالت رئيسة لجنة «نوبل» النرويجية بيريت رايس أندرسن، الجمعة، إن الجائزة كافأت الناشطة والصحافية البالغة 51 عاماً على «معركتها ضد قمع النساء في إيران، وكفاحها من أجل تشجيع حقوق الإنسان والحرية للجميع».
من جانبها، قالت عائلة نرجس محمدي في رسالة خطية إن منح جائزة «نوبل للسلام» لنرجس السجينة يمثل «لحظة تاريخية ومهمة للنضال من أجل الحرية في إيران». وأضافت: «إننا نهدي هذه الجائزة لجميع الإيرانيين، وخاصة للنساء والفتيات الإيرانيات اللاتي ألهمن العالم أجمع بشجاعتهن وكفاحهن من أجل الحرية والمساواة».
كرّست الناشطة نرجس محمدي حياتها للدفاع عن حقوق الإنسان في إيران، ما كلّفها سنوات خلف القضبان وانفصالاً مؤلماً عن عائلتها. وتناضل محمدي ضد إلزامية وضع الحجاب وعقوبة الإعدام، وتندّد بالعنف الجنسي الذي يحدث في السجون، حتى من داخل زنزانتها في سجن «إيفين» في طهران، حيث أعيد احتجازها منذ أكثر من عام.
اعتقالات
أُوقفت نرجس محمدي مرات عدة منذ عام 1998، وحُكم عليها بالسجن مرات عدة، ويفترض أن تحاكم قريباً بتهم جديدة. وتعد منظمة «مراسلون بلا حدود» أن نرجس ضحية «مضايقة قضائية حقيقية». ويعدّ منح جائزة «نوبل للسلام» لهذه الناشطة رمزياً للغاية، في حين تهزّ حركة «امرأة... حياة... حرية» إيران منذ أكثر من عام.
وقُمعت الاحتجاجات التي انطلقت عقب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني بعد توقيفها من «شرطة الأخلاق» لعدم التزامها بقواعد اللباس الصارمة بعنف، لكن بالنسبة إلى محمدي، فإن التغيير في إيران «لا رجعة فيه». وقالت في مقابلة حصرية تمكّنت «وكالة الصحافة الفرنسية» من إجرائها معها بالمراسلة من خلف القضبان، الشهر الماضي، إن «الحركة الاحتجاجية ساهمت في تسريع عملية السعي إلى الديمقراطية والحرية والمساواة» التي أصبحت الآن «لا رجعة فيها»، لافتة إلى أن «الناس أصبحوا مستائين وعدائيين، حتى تجاه الدين».
وقبل شهرين من بدء الاحتجاجات في 16 سبتمبر (أيلول) 2022، نشرت نرجس محمدي منشوراً على حسابها على «إنستغرام» الذي تديره عائلتها، يعارض إلزامية وضع الحجاب. وجاء في المنشور: «في هذا النظام الاستبدادي، أصوات النساء ممنوعة، شعر النساء ممنوع. أنا نرجس محمدي أعلن أنني لن أقبل الحجاب الإلزامي». وبعد شهرين، انتشرت مقاطع فيديو تظهر نساء يحرقن حجابهن في إيران.
رفضت مغادرة إيران
درست نرجس محمدي المولودة عام 1972 في زنجان في شمال غربي إيران، الفيزياء قبل أن تصبح مهندسة. كذلك، انطلقت في مجال الصحافة متعاونة مع صحف إصلاحية. وفي العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، انضمت محمدي إلى مركز المدافعين عن حقوق الإنسان (الذي تشغل اليوم منصب نائبة الرئيس فيه) والذي أسسته المحامية الإيرانية شيرين عبادي، الحائزة جائزة «نوبل للسلام» عام 2003. وهي تناضل خصوصاً من أجل إلغاء عقوبة الإعدام.
وقال رضا معيني، وهو ناشط إيراني في مجال حقوق الإنسان مقيم في باريس يعرف محمدي جيداً، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كانت لدى نرجس فرصة لمغادرة البلاد، لكنها رفضت ذلك، وأصبحت صوت الذين لا صوت لهم. حتى في السجن، لا تنسى واجباتها وتبلغ عن أوضاع السجناء». وندّدت محمدي في كتاب بعنوان «التعذيب الأبيض» بظروف احتجاز السجناء، خصوصاً وضعهم في الحبس الانفرادي الذي تقول إنها كانت هي أيضاً ضحية له. وهي مسجونة حالياً في جناح سجن «إيفين» للنساء مع 50 سجينة، بحسب زوجها تقي رحماني. وشدّد رحماني على أن نرجس «لديها ثلاث معارك في حياتها: احترام حقوق الإنسان، والتزامها النسوي، والمحاسبة على الجرائم التي ارتُكبت».لم ترَ طفليها
وسُجنت نرجس محمدي بين مايو (أيار) 2015 وأكتوبر (تشرين الأول) 2020، بتهمة «تشكيل وفتح مكتب لمنظمة لم تحصل على ترخيص قانوني» تدعو إلى إلغاء عقوبة الإعدام. وحُكم عليها مجدداً بالجلد وبالسجن لسنوات بتهم: «الدعاية ضد النظام»، و«التجمع والتواطؤ لارتكاب جرائم ضد الأمن الوطني»، و«تأسيس جماعة غير مشروعة». وحُرمت محمدي، التي تعدّها منظمة العفو الدولية «سجينة رأي»، من رؤية طفليها، كيانا وعلي، منذ عام 2015. وقالت محمدي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» في مقابلة سابقة: «لم أرَ طفليَّ، كيانا وعلي، منذ أكثر من ثماني سنوات، ولم أسمع صوتهما منذ عام ونصف العام. إنها معاناة لا تُحتمل ولا تُوصف». ويعيش زوجها وطفلاها التوأمان البالغان 16 عاماً في فرنسا.
من جهته، قال زوجها: «خلال 24 عاماً من الزواج، عشنا خمس أو ست سنوات فقط معاً»، لكنّه أضاف أنها «لم تستسلم قَطّ، ولا يمكن كسرها. لقد حاولوا، لكنهم لم ينجحوا حتى الآن، وبدلاً من ذلك عززوا تصميمها». وختم قائلاً: «إن نرجس شخص مفعم بالحيوية ومتفائل جداً».
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
بايدن اتصل بعدد من حلفاء الولايات المتحدة لبحث دعم أوكرانيا
بايدن يؤكد أن واشنطن لن تتخلى عن أوكرانيا رغم الاتفاق لتجنب الإغلاق
أرسل تعليقك