غزة - محمد حبيب
كَشََفَ استطلاع جديد لمركز شُؤون المرأة في غَزَّة عن بعض التغييرات في توجّهات الشّباب الفلسطيني بشأن الزّواج المُبكّر، فأغلب الشّباب (ذكور وإناث) يرفضون زواج الشّباب ما دون 18 عاما، وأشارت نتائج الاستطلاع إلى أن سنّ الزّواج المناسب بالنّسبة للشّاب هي في الفئة من(24-29)عاما، حيث كانت نسبتهم 67.8% وجاءت النسبة التالية لفئة العمر من (18-24) عاماً بنسبة (24.5%).
ورأى 74.5% أن سن الزواج المناسب بالنسبة للفتاة
مقبولاً أن يكون في الفئة العمرية (18-24) عاما، وجاءت النسبة التّالية لفئة العمر من (24-29) عاماً بنسبة 22.7%.
وأكدت نتائج الاستطلاع أنّ النّسبة الأكبر لا تؤيد زواج الفتاة قبل (18) عاماً، حيث كانت النّسبة 89% وجاءت نسبة المؤيدين لزواج الفتاة قبل 18 عاماً (11%) فقط، كما اتضح أن النسبة الأكبر لا تؤيّد زواج الشاب قبل (18) عاماً حيث كانت النسبة 96.7% وجاءت نسبة المؤيدين لزواج الشاب قبل (18) عاماً 3.3%.
وجاء اختيار شريك الحياة حسب رأي الشباب بأنفسهم في المرتبة الأولى ضمن خيارات شريك الحياة، وذلك بنسبة 58%، وجاء اختيار "من خلال الأهل" في المرتبة الثانية بنسبة 39% ولم تحُز باقي الخيارات على نتائج تُذكر"من خلال وسائل الإعلام الإلكتروني"، أو خيار"من خلال الجيران والأصدقاء"، وظهر اختلاف في خيارات الذكور والإناث لشريك حياتهم فالإناث جاء اختيار"الأهل" في المرتبة الأولى بنسبة 49% والشّباب الذّكور جاء اختيارهم "بأنفسهم" في المرتبة الأولى بنسبة 69.4%
وجاء إجماع المستطلعة آراؤهم بشأن قيمة المهر يتراوح بين (2000 إلى 4000) دينار بنسبة 73%، واعتقد ما نسبته 15.6% أن قيمة المهر يجب أن تكون فوق (4000) دينار، 11.4% اعتقدوا أنهم يفضلون أن يكون قيمة المهر أقل من 2000 دينار، كما اتّضح أن 76.4% من الشباب والشابات لا يقبلون تقسيط المهر، بينما ما نسبته 23.6% يقبلون تقسيط المهر.
وجاءت النّسبة الأكبر في عدم تأييد زواج الأقارب وهي 75.5%، بينما نسبة المؤيدين لزواج الأقارب كانت 24.5%.
وأشار تقرير صادر عن دائرة صحة وتنمية المرأة في وزارة الصحة وتنمية المرأة إلى أن عدد النساء اللواتي يعانين من الحمل الخطر وصلت إلى قرابة 1007 سيدات ممن تتراوح أعمارهن ما بين 15- 49 عاما وفق الإحصائيات الصادرة عن الدائرة في حين وصلت نسبة الأمهات دون 19 عاما إلى 9.7% مما يُدلّل وبشكل واضح أن ظاهرة الزواج المبكّر مازالت سائدة في المجتمع الفلسطيني وأن 60.1% من السّيدات الحوامل يعانين من فقر الدم والأنيميا.
وفيما يتعلق بخدمات تنظيم الأسرة أوضح التقرير أن عدد المستفيدات من هذه خدمات تنظيم الأسرة في 15عيادة تابعة لوزارة الصحة وصلت خلال نصف الأول من العام الجاري إلى 26979 منهن 2803 مستفيدات جديدات وأن أكثر الوسائل الشائعة الاستخدام هي الحبوب يليها اللولب ثم العازل الذكري في حين كان اللولب أكثر الوسائل استخداما في العيادات التابعة للمؤسسات غير الحكومية.
وأوضح التقرير أن نسبة الولادات القيصرية في المستشفيات التابعة لوزارة الصحة وصلت نسبتها إلى 16.3% من إجمالي عدد الولادات الكلي، في حين بلغت عدد حالات الإجهاض قرابة 117 حالة لكل ألف ولادة، وبيّن التقرير أن نسبة المواليد دون الوزن الطبيعي " الخُدّج" بلغت 6.1% .
وعقّب ممثل صندوق الأمم المتحدة للسكّان في غزة أسامة أبو عيطة على ما ورد من أرقام خصوصا فيما يتعلق بظاهرة الزواج المبكر، مؤكدا أن ما ورد في التقرير ما هو ألا تأكيد آخر على الانعكاسات السلبية للزواج المبكر على المجتمع الفلسطيني، خصوصا المرأة، والتي أثبتتها دراسات وطنية عدّة، حيث اتفقت جميعها على التأثيرات السلبية لهذه الظاهرة على نواح كثيرة، منها التعليم وفرص العمل والرفاه الاجتماعي والجانب الصحي والنفسي.
وأوضح أن الصندوق وبالتعاون مع مختلف القطاعات الحكومية ممثلة في وزارتي الصحة والتعليم وغيرها من المؤسسات والهيئات يقوم بدعم برامج تهدف إلى نشر الوعي والتأييد والمناصرة للجهود الرامية للحد من ظاهرة الزواج المبكر في المجتمع الفلسطيني من خلال أنشطة مختلفة وورش عمل تناقش الظاهرة تستهدف تحسين الجنسين على حد السواء والعاملين في القطاعات الصحية والاجتماعية والتربوية، إضافة إلى حملات الضغط والتأثير على راسمي السياسات وصناع القرار للأخذ بهذه المسألة كأولوية ملحة والعمل على سن تشريعات وقوانين تخدم هذا الموضوع.
وأشار إلى إستراتيجية الصندوق تتعامل مع هذه القضية من محورين رئيسين المحور الأول المفهوم الشمولي للصحة الإنجابية والحقوق الإنجابية وعلاقتها بالتنمية المستدامة وحق من حقوق الإنسان التي أقرت في برنامج عمل مؤتمر القاهرة للسكان والتنمية العام 1994، حيث شاركت فلسطين في أعماله واعتمدت نتائجه وتوصياته والمحور الثاني هو التوافق مع الخطط والبرامج التنموية الفلسطينية المقرة والمعتمدة من برنامج الحكومة الفلسطينية.
وفيما يتعلق بالإجراءات الوقائية والعملية على أرض الواقع للحد من هذه الظاهرة قام الصندوق وبالشراكة مع وزارة الصحة الإنجابية والذي يتضمن أنشطة توعية بشأن هذا الموضوع منها إنتاج المطبوعات والنشرات التثقيفية وعقد اللقاءات والمسرحيات الهادفة والتشبيك مع المؤسسات والمعنيين بهذه المسألة، إضافة إلى قيام الصندوق بالتعاون مع مؤسسة مفتاح بتنفيذ مشروع التوعية والتأثير في قضايا الصحة الإنجابية، حيث ركز المشروع على محاور عدّة في مقدّمتها الزواج المبكّر ,ويقوم بإجراء الدراسات الموثّقة بالإحصاءات التي تظهر حجم المشكلة وانعكاساتها على المرأة الفلسطينية وهناك العديد من النّشاطات الأخرى ذات الصلة التي ينفذها الصندوق بالتنسيق مع المؤسسات الحكومية وغير الحكومية.
وأكّد أن الصّندوق سيواصل في دورته البرامجية الثالثة الممتدّة من 2006-2009 بالعمل على تظافر الجهود مع قطاعات المُجتمع الفلسطيني من أجل تقديم الدّعم اللازم لتحقيق الأهداف والبرامج التنموية الفلسطينية لتحقيق الرفاه للمجتمع.
وأكدت مديرة مركز صحة المرأة في مخيم البريج فريال ثابت والذي يقدّم الخدمة لقطاع عريض من المنطقة الوسطى وتمتد خدماته للمنطقة الجنوبية إنّ هذه الأرقام لا تعكس صورة الواقع بشكل حقيقي لوجود عوامل اقتصادية واجتماعية وثقافية تساهم في وجود ظاهرة الزّواج المبكّر , مشيرة إلى أن مقدّمي الخدمات الصحية يعملون على المستوى المعرفي فقط وأن المسلكيات واتخاذ القرار تحتاج لمشرعين وقوانين تطبق على أرض الواقع للحد من هذه الظاهرة.
وتابعت أنّ مركز صحّة المرأة يقدم الخدمات الشمولية بدءا من تلقّي الخدمة الصّحيّة وانتهاء بعمليات التثقيف والتوعية في المجالات داخل المركز وخارجه , عبر التنسيق مع المؤسسات ذات العلاقة , داعية مؤسسات المجتمع المدني والأهلي إلى ممارسة الضغط على صناع القرار من أجل إقرار قوانين تعالج هذه الظاهرة، ليس هذا فحسب، بل مراقبة تنفيذ القوانين على أرض الواقع، مشددة كذلك على دور الإعلام بأشكاله في التوعية بخطورة الظاهرة وانعكاساتها النفسية والصّحّية والاجتماعية وإعطاء مساحة أكبر لقضايا الصّحّة الإنجابية في الإذاعات والفضائيات والصّحف المحليّة.
واقترحت ثابت وضع خطّة وطنية يشترك في إعدادها وتنفيذها المؤسسات ذات العلاقة مع تحديد الأدوار المنوطة بكل مؤسسة بهدف تقويض هذه الظاهرة الخطيرة في مجتمعنا الفلسطيني للسيطرة على تبعاتها السلبية المستقبلية على الأسرة بل والمجتمع الفلسطيني بأسره.
وتحدثت المساعدة التنفيذية لجمعية تنظيم وحماية الأسرة الفلسطينية في قطاع غزة ميسّر أبو معيلق، عن نشاطات وبرامج الجمعية الهادفة إلى الحد من ظاهرة الزواج المبكر في المجتمع الفلسطيني قائلة "إن الجمعيّة تعمل على تثقيف وتوعية الشباب سواء المقبلين على الزواج أو المتردّدين على مركز الشباب وتنمية العائلة التابع للجمعية إضافة إلى برامج العمل التي تنفذها المدارس الإعدادية , ناهيك عن توعية الأهل باعتبارهم مالكي القرار وكذلك عقد الندوات واللقاءات المفتوحة في مراكز النشاطات النسائية وتجمعات النساء ورياض الأطفال ورغم كل هذه الإجراءات الوقائية إلا أنّ الظّاهرة الزّواج المبكّر مازالت سائدة في المجتمع الفلسطيني معزية أسباب وجودها إلى العوامل الاقتصادية وتفشّي البطالة والوضع السياسي والأمني إبان الانتفاضة .
وتتابع أبو معيلق أن هناك عادات وتقاليد وموروثات اجتماعية تشجّع الزّواج المبكر مستشهدة بقولها إن هناك حالات عدّة من طالبات المدارس تتابع الحمل في الجمعيّة وحين تم الحديث عن ذوي الفتيات لم يبدين أيّ معارضة لذلك، مادامت أن هناك فرصة لإكمال تعليمهنّ، معتبرة أنّ هذه المؤشرات خطيرة وستنعكس آثارها مستقبلا على الأسرة في كافة الجوانب وجزمت بالقول إن الحل الجذري لهذه المشكلة الاجتماعية يكمن ليس في التوعية والتثقيف فحسب، ولكن المطلوب هو الإسراع في سن قانون للأحوال الشخصية , يتضمن تحديد سن الزواج بالثامنة عشرة , مع عدم وجود أية استثناءات للهيئة أو الشكل، إضافة إلى الضغط باتجاه تنفيذ وتطبيق القانون على أرض الواقع ومعاقبة كل من يخالف ذلك، كما شدّدت على دور المساجد في حمل لواء التوعية والتثقيف بمخاطر الزواج المبكر الجسيمة والاجتماعية والنفسية، خصوصا في خطب الجمعة باعتبار رجال الدين عنصراً فاعلاً ومؤثراً قوياً في المجتمع الفلسطيني الذي يولي الدين أهمية كبيرة في حياته.
أرسل تعليقك