شكّلت ظاهرة الزواج خارج المحكمة في العراق مشاكل متعددة في الأسرة والعائلات ذات الدخل الاقتصادي الضعيف، فضلًا عن الأضرار الناتجة من زواج القاصرات، والتي بالتالي أدت إلى ازدياد حالات الطلاق، في بلد شهد حروبًا متعددة ومتواصلة على طول تاريخه، والتي خلقت حالة عدم التوازن بين الذكور والإناث، حيث شكلت نسبة الإناث في العراق 49%، بـ 17.685 مليون نسمة، في حين كانت نسبة الذكور 51 %؛ إذ بلغ عددهم (18.319) مليون نسمة.
وأوضح المحامي كنعان الزبيدي لـ"العرب اليوم" ان "ماكنة الحرب التي عاشها العراقيون ولفترات متواصلة خلق عدم التوازن بين الجنسين الذكور والإناث ، مما ادى الى ان الكثير من العائلات العراقية اصبحت تزوج بناتهن خوفا من بقائهن عانسات آملين في حياة سعيدة لهن" .
وأكد الزبيدي، ان "العراق وفي محلة ما بعد 2003 شهد ظهور طبقة اثرت على حساب الشعب، وغالبهم من السراق وبعض السياسيين وهمهم الاول هو اشباع رغباتهم الجنسية، بعيدا عن عيون زوجته الاولى واولاده ، وهذا كان سببا آخر لعقد الزواج خارج المحكمة.
وعن سؤاله عن عقد الزواج خارج المحكمة أعلن: "الزواج خارج المحكمة هو زواج يتماشى مع الشريعة الإسلامية "، معللًا السبب "لانه "قبول بين طرفين بمعنى انه جرى برغبة الطرفين".
واستدرك الزبيدي، الا انه من الناحية القانونية يعد مخالفة صريحة لقانون الأحوال الشخصية الذي يُلزم الطرفين الرجل والمرأة بوجوب تسجيل عقد زواجهما من قبل المحكمة المختصة"، مبينا ان "عقوبات قانونية على كل عقد يتم خارج إطار المحكمة".
وأوضح أن "الماذون الشرعي الذي يعقد الزواج خارج المحكمة لا يشكل له العمر الفتاة شيئًا، أي ان تكون ضمن السن القانوني للزواج والذي حدده المشرع العراقي بـ18 عاما"، مشيرا الى ان "قانون الأحوال الشخصية المرقم 188 لسنة 1959حدد ان تكون الفتاة 18 عامًا لتنظيم عقد للزواج لها".
الاحصائيات تشير الى ارقام كبيرة ومخيفة في الزيجات خارج اسوار القضاء، وتكثر بين مكون ذات الطابع الشيعي ، حيث تؤكد بعض التقارير ان تلك الزيجات زادت نسبة الطلاق في الاونة الاخيرة بسبب عدم الاعتراف بها قانونيا ، اضافة إلى ان الزواج خارج المحاكم الشرعية جعل الفتيات والشباب يفكرون بالزواج من دون معرفة العائلة، مما تسبب في كوارث اجتماعية كبيرة في المجتمع العراقي، وقد اكد مجلس القضاء العراقي في بيان رسمي ارتفاع حالات الطلاق حتى وصل الى 150 حالة كل يوم.
ويعزو جميع تلك الامور الى ظاهرة الزواج الذي يسمى " بالمتعة "، الذي اصبح متدوالًا وشائعًا في الاواسط العراقية، وخصوصًا مدن الجنوب وبعض مناطق العاصمة بغداد ذات الغالبية الشيعية.
وانعكاس تلك الزيجات فيما بعد وكيفية الانفصال الذي غالبا ما يؤدي الى ضياع حقوق البنت، الزوجة القاصرة والطفل الأمر الذي يدعو الى معالجة سريعة وإيقاف هذه التجارة التي لا تقلُّ سوءاً عن تجارة الرقيق.
ويقول المحامي خليل العبيدي، ان من "الاسباب التي دعت البعض من العوائل ذات الدخل المحدود الى عقد زواج بناتهن خارج اسوار المحاكم هو للهروب من شرط العمر، الذي تضمنته المادة السابعة من قانون الأحوال الشخصية إذ نصت (يشترط في تمام أهلية الزواج العقل وإكمال الثامنة عشرة)"، موضحا ان "رجال الدين لم يحددوا الزواج بسن معين".
وأشار محمد إلى أن "الصيغة الشرعية في العقد خارج المحكمة هي ان تقول الزوجة للزوج زوجتك نفسي على مهر مليون دينار معجل، عند ذلك يقول الزوج قبلت الزواج منك على المهر المذكور، وتقول الزوجة للزوج أنكحتك نفسي على مهر مليون دينار، فيقول الزوج قبلت النكاح منك على المهر المذكور".
ويؤكد العبيدي أن "عقد المحكمة هو أثبات حقوق الزوجة للمهر الحاضر والغائب فقط".
وأعلنت ام حيدر، في 35 سنة، طوال عمري لم افكر ان يكون خارج اسوار المحكمة، ولكن عمري جعلني اقبل بالزواج من موظف يشاركني الغرفة التي اجلس فيها في دائرتي، وبعد قصة حب اتفقنا على الزواج بموافقة اهلي بعد اصرار مني، ولكنه طلب ان يكون الزواج "عند السيد" اي بعقد شرعي كونه متزوجًا ولديه أولاد لا يستطيع مصارحتهم بالأمر، وظل الأمر حتى جاءت الطفلة الاولى.
وأكدت والالم يعتصر قلبها، "طول فترة زواجنا السري وانا اطلب منه ان يقوم بتصديق العقد في المحكمة حفاظا على ابنتي التي ولدتها، ولم اتمكن من تسجيلها او حتى الحصول على اوراق تثبت ان والدها هو (......) الا ان زوجي قتل في هجوم مسلح من مجهولين".
وأعلنت بحسرة "أنني لا أمتلك أية ورقة تشير الى انني متزوجة ، لانني لم احصل على العقد الذي جرى بيني وبين زوجي، فهو كان قد احتفظ به ولا اعرف عنه شيئا"
وأعربت :قمت بتوكيل محامٍ للقيام باجراءات طبية تفيد بالزواج من(......) وهذه تاخذ مدة طويلة".
وتزوجت هيام محمد علي، خارج المحكمة ايضا عمرها 36 عاما، موضحة: تزوجت بعقد شرعي على امل ان يقوم باقناع زوجته الاولى بعد الزواج، ووضعها امام الامر الواقع من أنه تزوج عليها زوجة أخرى.
وأوضحت، "أخذ زوجي يماطل في هذا الموضوع مدعيًا الخوف من العقوبة المترتبة على الزواج خارج المحكمة"، مشيرة إلى أنها "في حيرة من امرها الان، وهي حامل في الشهر التاسع، وتنتظر مولودًا سياتي الى هذه الدنيا، ولا نتمكن من تسجيله".
أرسل تعليقك