دمشق - نور خوام
أظهرت الحرب في سورية عزيمة كبيرة عند المرأة السورية ليضرب بها المثل لكل نساء العالم، وخاصة اللواتي يعشن في مناطق العصابات المسلحة «النصرة وداعش» فالكثير منهن من أكملن تعليمهن رغم التهديدات الكبيرة من هذين التنظيمين بتطبيق الحدود على كل امرأة تكمل تعليمها أو تعمل، خصوصاً بعدما فرض تنظيم داعش الإرهابي النقاب على نساء الرقة وفرض أشد العقوبات بحقهن في حال خالفن القرار.
وفي شهادة للعديد من النساء اللواتي استطعن الهروب من يد التنظيمين الارهابيين ليروّين قصصاً لا يمكن أن تخطر على بال البشر إلا في خيالهم، قالت طالبة الماجستير في اللغة الإنكليزية دولامات : كنت أعيش مع أسرتي في محافظة دير الزور والمنطقة التي أعيش فيها سيطر عليها تنظيم داعش وهنا بدأت معاناتي خصوصاً وأن التنظيم فرض على النساء النقاب وعدم الخروج إلا للضرورة ومنعهن من الذهاب إلى الجامعات والمدارس. وأضافت دولامة: حاولت الهرب إلى دمشق عدة مرات إلا أنها باءت بالفشل نتيجة تشدد التنظيم في الخروج والدخول مؤكدة أن أي امرأة تحاول الخروج من دون موافقته يطبق بحقها العقوبة المفروضة لهذا الأمر.
وأوضحت دولامة أنها استطاعت الخروج من محافظة دير الزور بمساعدة أناس يعلمون مداخل ومخارج المنطقة تاركةً أسرتها تعاني ويلات القسوة لدى تنظيم داعش مؤكدة أنها حالياً تدرس الماجستير وتعمل في منظمة الأمم المتحدة بعد أشهر من المعاناة في البحث عن عمل يساعدها في دفع تكاليف الإجارة والدراسة.
وتحاول كثيراً أم محمد الماشي أن تنسى أن لديها عشرة أولاد منهم ما زالوا في مرحلة الطفولة في محافظة الرقة إلا أن عاطفة الأمومة أقوى من أي محاولة للنسيان وهنا عزاؤها الوحيد أنها كل فترة تتواصل معهم لعل ذلك يخفّف من مأساتها. وقالت أم محمد إن الأزمة التي مرت على البلاد دفعتني إلى إكمال تعليمي فسجلت بكلية الحقوق في دير الزور إلا أنه بعد سيطرة
داعش على مدينة الرقة لم يعد بإمكاني المتابعة نتيجة الضغوط الكبيرة ومنع الكثير من النساء وخاصة من لم يتجاوزن الأربعين عاماً من مغادرة المدينة مشيرة إلى أنها بدأت بأعمال خيرية عبر تأسيس جمعية في المدينة لمساعدة النساء. وأضافت : حينما علم داعش بنشاطي أصدر بياناً في القبض علي وتطبيق العقوبة وهنا استطعت الفرار من المدينة بعد محاولات عديدة للقبض علي مشيرة إلى أن هناك عدداً كبيراً من النساء فقدن أزواجهن إما بقتلهم على يد داعش أو الهرب إلى خارج البلاد أو بسجنهم ما دفع بالعديد من النساء إلى الهرب إلى دمشق أو إلى محافظات آمنة أخرى للعمل والتخلص من اضطهاد تنظيم داعش.
وروت أم محمد الكثير من القصص التي واجهتها المرأة السورية في الرقة معتبرة أن ما يحدث حالياً للمرأة في تلك المنطقة سيكون وصمة عار بتاريخ البشرية خصوصاً وأن ما يحدث على مسمع ومرأى العالم كله . وأكّد القاضي الشرعي الأول في دمشق محمود المعراوي: إن الأزمة لعبت دوراً كبيراً في إحداث خلل اجتماعي في الأسرة لم تكن موجود أو عهدناه في
مجتمعاتنا مشيراً إلى أن هذا أحدث خللاً في الأسرة وأوضح المعرواي أن وجود الكثير من النساء يكافحن حالياً للعيش وأن العديد منهن أصبح يعمل في المقاهي أو مناطق أخرى لم تكن تعمل فيها المرأة أو كانت من غير المقبول أن تعمل فيها إلا أن الظروف الراهنة أصبح عملها حتى في هذه الأماكن التي لم نعهد أن نشاهد امرأة تعمل فيها طبيعياً.
وأعلن رئيس الهيئة العامة للطب الشرعي في سورية حسين نوفل أن نسبة عمل النساء في البلاد ارتفعت بشكل كبير وذلك نتيجة فقدانها المعيل الأساسي لها وهو الرجل مؤكداً أن نسبة الإناث ارتفعت وانخفضت نسبة الذكور بشكل كبير ما دفع بالكثير منهن إلى العمل ولو بمهن شاقة.
و أوضح نوفل: إن الكثير من النساء يبحثن عن أعمال لا تناسب مؤهلاتهن وهذا ما يشكل خطراً كبيراً على كرامة المرأة باعتبار أن هناك الكثير من أصحاب النفوس الضعيفة يستغلون حاجة المرأة للعمل باستغلالهن جنسياً أو بأشياء أخرى. وحذّر نوفل من فقدان الكثير من النساء اللواتي يعشن في مناطق سيطرة المسلحين وخاصة داعش من فقدان تعليمهن وخصوصاً أن هناك الكثير من الفتيات من تلك المناطق يدرسن في الجامعات وهذا يؤدي إلى ضياع التعليم لدى الكثير منهن.
وأكد نوفل أن تنظيم داعش يعتبر المرأة عبارة عن سلعة للتمتع فقط ولإشباع رغبات الرجال وبالتالي فإنهم جردوها من جميع حقوقها ومنها التعليم وهذا ما يهدد بأمية جيل كامل من الفتيات الصغيرات اللواتي مازلن في المرحلة الابتدائية وكشف أن منظمة الأمم المتحدة اليونسيف ستبدأ قريبا حملة في ريف حلب لوضع مناهج مضغوطة لمدة أربع سنوات باعتبار أن الكثير من الأطفال ومنهم الفتيات لم يرتادوا المدارس منذ سنوات وأصبحت أعمارهم كبيرة معتبرا أن هذه الخطوة ستخفف من المشكلة إلى حد ما.
أرسل تعليقك