باريس ـ مارينا منصف
تخبر اللوحة الإلكترونية للسيارة بأن جودة الهواء تهاوت من "السيئة للغاية" إلى "الخطيرة" في ساعة الذروة في أكثر مدن العالم تلوثًا، وعبر الرؤية الصعبة من خلال بطانية الضباب الدخاني الكثيفة، ولو كان ذلك في بكين لأعلنت حالة الطوارئ، بإغلاق المدارس لمدة يوم وتوقيف الإنتاج في المصانع، ولكن هنا في دلهي، حيث ترى الوجوه بالكاد خلف أقنعة ضد التلوث، ويبدو أنه لا أحد يلاحظ ذلك.
وأشار وزير الخارجية الأميركية جون كيري إلى البلد في الأسبوع الماضي على أنها تمثل "تحديًا" للمناخ، فتغيرت المحادثات في باريس، ولم تكن الصين هي ما يشير إليه، ولكنها كانت الهند.
وأعلنت الهند عن مجهوداتها لتدعيم الطاقة المتجددة أيضًا، كما يطلق ناريندرا مودي رئيس وزراء الدولة "التحالف الشمسي" في باريس، والذي يضم 122 دولة من أغنى الدول المستخدمة للطاقة الشمسية، بهدف اجتذاب 100 مليار دولار للاستثمارات العالمية في التكنولوجيا كل عام، كما تحدث عن الاحتياجات لأساليب وطرق جديدة ونظيفة لتوليد الفحم. وفي كلا الحالتين يهدف السيد مودي لتذكير الغرب بوعوده بمساعدة الصناعات النظيفة الناشئة في الدول النامية، وهي الوعود التي قال عنها إنها بينت تقصيرًا في الوفاء بوعودهم.
وتم استقبال تعليق كيري حول "التحدي" بالغضب في نيودلهي، فالمسؤولون هنا يسارعون في توضيح أنهم مازالوا يحرقون فحمصا أقل من الولايات المتحدة أو الصين، وبجانب ذلك فقد استفاد الغرب من احتراق الكربون على مدار عقود.
وقال وزير البيئة الهندي باركاش جافاديكار: " إن تعليق كيري لا مبرر له وغير عادل، فتوجه بعض الدول المتقدمة هو التحدي لمؤتمر باريس، ولم تعتاد الهند على الاستماع للضغوط من أي شخص".
وكتب المستشار الاقتصادي الأول لحكومة الهند أرفيند سوبرامنيان، يقول: "هذه الصفعات من إمبريالية الكربون، وهذه الإمبرالية من قبل الدول المتقدمة قد تسبب الكوارث للهند والدول النامية الأخرى", وبالطبع فإنه ليس الغرب وحده القلق من ذروة الفحم في الهند، فهناك أيضًا ضغوط من مجموعة من الدول النامية تعرف باسم (أمم V20) وهي دول صغيرة وجزر صغيرة.
وحتى بكين التي كانت تعتمد عليها الهند في الماضي باعتبارها بطل التصنيع السريع بأي ثمن، بدأت في الابتعاد عن الفحم، حيث اتجهت محاور الاقتصاد بها من التصنيع إلى الخدمات. وقد كان للطبقة المتوسطة المتعاظمة في الصين بعض النجاحات في الضغط على الحكومة من أجل هواء نظيف، وكان هدفها الواضح هو تقليل استخدام الفحم وزيادة استخدام الطاقة المتجددة خلال 15 سنة المقبلة.
وبالعودة إلى نيودلهي ـ عاصمة الدولة التي يوجد فيها شخص محروم من خدمات الكهرباء الأساسية من بين كل أربعة أشخاص ـ والتي يستمر فيها الفحم ليكون الحل الأرخص، وفي أحسن الأحوال يبدو أن مستقبلَا نظيفًا مازال أمرًا غامضًا هناك.
أرسل تعليقك