تستمر الحرب في تضييق الحصار على السوريين، فلا يستطيعون مواكبة آثارها المباشرة على حياتهم اليومية، ويزيد فصل الشتاء معاناتهم في ظل غياب شبه كامل للكهرباء، وغﻻء المازوت والحطب.
أصبحت مشكلة الكهرباء حديث الكبار والصغار في البلد الذي مزقه الحرب منذ 5 سنوات، حيث تزيد ساعات التقنين عن 16 ساعة يوميا، الأمر الذي جعل من احتمال استخدام الكهرباء في التدفئة ضربا من العبث.
وفي رصد لحالة الشارع السوري في ظل انقطاع الكهرباء وموجة البرد القارس، كانت هناك طرق بديلة يستخدمها السوريون لتدفئة أنفسهم وعائلاتهم خلال موسم الشتاء، الذي يستمر أكثر من ثلاثة أشهر، وسط الشائعات المتداولة حول عواصف ثلجية قد ترافق الشتاء.
يقول أبو محمد، وهو موظف ولديه أربعة أولاد، إنهم توقفوا عن التفكير بعودة الكهرباء حتى أنهم لا يحسبون متى ستأتي ومتى ستقطع، لأن الكهرباء أصبحت حلما يستحيل تحقيقه، فكيف سنفكر بأننا سنستخدمها للتدفئة وعدد الساعات التي تأتي بها الكهرباء لا يكفينا لشحن هواتفنا أو تشغيل الغسالة.
وتابع أبو محمد "أنا كموظف راتبي لا يساعدني على تركيب مدفئة تعمل على المازوت، لأن سعر ليتر المازوت الواحد 135 ليرة، وإذا أردت أن أشغل "الصوبية" أربع ساعات يوميا هذا يعني أنني احتاج إلى 500 ليرة يوميا، أي ما يعادل 15 ألف ليرة شهريا، فقط للتدفئة وليس طوال النهار، وإنما فقط في المساء، وهذا مبلغ لا يتناسب مع راتبي المحدود ولا أستطيع أن أدفعه".
يضيف أبو محمد "الحطب أيضا أصبح سعره مرتفعا كالمازوت، ولكي يصلني الحطب من التاجر سأدفع أكثر من سعر المازوت، إضافة إلى أنني لا أمتلك مدفأة حطب، وسعرها يفوق الـ 12 ألف ليرة سورية أيضا".
وأوضح أبو محمد "كل هذه الوسائل لا يمكنني استخدامها لأن راتبي لا يساعد على تخصيص هذه المبالغ فقط للتدفئة، ويكفي الحاجات الأساسية كالطعام واللباس والمواصلات، أما التدفئة بعد غلاء الأسعار بهذا الشكل أصبحت بالنسبة لي أمرا صعبا جدا".
وتابع أبو محمد "ولأن لدي أطفال لا يستطيعون تحمّل البرد أقوم كل يوم بتعبئة وعاء كبيرة بالماء وأتركه يغلي على الغاز ثم أدخله إلى غرفة الجلوس، ويعطي بخارا ساخنا يملأ الغرفة، ويكسر شدة البرد لفترة، ويتجمع حوله الأطفال إلى أن يبرد، وأعود وأغلي الماء مرة أخرى".
وقالت عبير، وهي أم لطفلتين، إنها اشترت مدفئة تعمل على الغاز، حيث وجدتها أقل تكلفة من المدفئة التي تعمل على المازوت، التي تحتاج إلى دفع الكثير من المال.
وتابعت "المدفئة التي تعمل على الغاز تستهلك بمعدل كل 10 أيام أسطوانة غاز ثمنها ألفي ليرة، ربما لا تكون الأفضل لكنها أرخصن وحل مناسب في ظل انقطاع الكهرباء المتواصل".
وقال أبو علي "قمت بالاستعداد لموسم الشتاء قبل بدايته بأربعة أشهر، حيث اشتريت الحطب الأخضر من تجار الحطب ووضعته في الشمس حتى يصبح يابسا، ثم أقوم بتقطيع وترتيبه قرب البيت لاستخدمه للتدفئة في الشتاء".
وتابع أبو علي "اشتريت طن الحطب الأخضر بـ 17 ألف ليرة، واحتاج إلى ثلاثة أطنان لفصل الشتاء، أي معدل 52 ألف ليرة، أقوم بتجميعها خلال فصل الصيف عن طريق جمعية أحصل عليها في بداية الشتاء، وأشتري الحطب مباشرة لأضمن تدفئة أطفالي في الشتاء".
وقالت جمانة، وهي مدرسة، "لا توجد كهرباء للتدفئة، والمازوت سعره مرتفع جدا، والحطب لا يمكن استخدامه في المدينة بسهولة، والغاز أيضا سعره مرتفع، كيف يمكن أن نقي أنفسنا برد الشتاء؟ هو سؤال موجه للحكومة".
وتابعت جمانة "كل ما أفعله أنني أرتدي الكثير من الثياب وأضع غطاء وانتظر الساعتين التي تأتي فيهم الكهرباء لأشغّل "الدفاية" الكهربائية لتعدّل جو الغرفة البارد، أما أن أشتري مازوت كل يوم فهذا أمر مستحيل ولا يتناسب مع راتبي المتواضع".
أرسل تعليقك