معركة جنوب السودان من أجل الماشية ودورها في الزواج المبكر
آخر تحديث GMT11:38:38
 العرب اليوم -

يؤدي النزاع والجوع اليائس إلى دفع الأسر للتخلي عن بناتها

معركة جنوب السودان من أجل الماشية ودورها في الزواج المبكر

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - معركة جنوب السودان من أجل الماشية ودورها في الزواج المبكر

زواج القاصرات في جنوب السودان من أجل الماشية
جوبا - عادل سلامه

على الطريق التي تغطيه التربة الحمراء على مشارف رومبيك، وهي مدينة مترامية الأطراف في قلب أصغر بلد في العالم، قطيع صغير من الماشية البيضاء يلتقي جنوبًا، حيث يقترب المساء بسرعة والماشية تمتد بطول الطريق وكأن ليس لها نهاية، ومع انحدار جنوب السودان إلى العنف والمجاعة، فإن الماشية تعتبر صاحبة الدور المحوري في حياة قبائل الدينكا والنوير المتناحرة، فتلقي تلك الماشية بظلالها على مستقبل العديد من الفتيات في عمر المراهقة.

وكانت ريبيكا أموك في الخامسة عشر من عمرها عندما أخبرها والدها في عام 2016 بأنها ستتزوج من سابيت، البالغ من العمر 25 عامًا، وهو رجل لم تقابله أبدًا، لأن العائلة كانت تحتاج إلى 15 رأسًا من الماشية ستدفعها أسرته كمهر لتلك الزيجة.

معركة جنوب السودان من أجل الماشية ودورها في الزواج المبكر

وقالت ريبيكا: "قبل أن أتزوج أردت أن أكون طبيبة، أريد أن أكون رئيسة لجنوب السودان "، كان تقول تلك الكلمات وهي تمرض ابنتها البالغة من العمر سبعة أشهر، يار، على سرير كوخها، واسترسلت قائلة "لم أكن سعيدة بزواجي، كنت في غرفتي أبكي لأنني لم أكن أرغب في الزواج منه ولكن والدي ألحوا علي وأقنعوني وقالوا: "انظري إلينا - ليس لدينا أبقار، نريد الأبقار من أجل حياة الأسرة".

تعد الأبقار كل شيء في جنوب السودان، فإذا أراد الرجل الزواج، يجب أن يكون لعائلته العديد من الماشية لدفع مهر العروس، ولكن مع تدهور الأمن، ازدادت الغارات على الماشية، ولم تتمكن الأسر التي فقدت مواشيها من زواج أبناءها الذين يكافحون من أجل إطعامهم، وبحثًا عن حل، تحول الكثيرون إلى البنات الأصغر سنًا لزوجات كوسيلة للحصول على الماشية.

وتُظهر أرقام الأمم المتحدة أن 52٪ من الفتيات في جنوب السودان يتزوجن في عمر 18 عامًا "ونحو واحد من كل 10 في عمر 15 عامًا"، لكن الناشطين يقولون إن الأعداد آخذة في الارتفاع، وبالنسبة للعديد من الفتيات، الزواج هو نهاية تعليمهن.

معركة جنوب السودان من أجل الماشية ودورها في الزواج المبكر

وأضافت ريبيكا: "أخبرت زوجي أن والدي قالوا لي أن زوجي سيسمح لي بالعودة إلى المدرسة"، إلا أن زوجها رد عليها قائلًا عندما تنتهي من فترة الرضاعة الطبيعية لطفلها،  حتى إنها تجلس في كوخ لها، على بعد أمتار قليلة من حيث أطلق على شقيقها ديفيد النار بسبب أمور قبلية، متابعة: "الناس يخشون الآن زراعة حدائقهم أو النوم في الخارج، إنهم يقفلون النوافذ لأنهم يخافون، أصبح الخوف مسيطر على الأجواء، زوجي يخشى أن يكون هنا وذهب إلى جوبا ".

وأصبح جنوب السودان أحدث دولة في العالم في عام 2011، ولكن في غضون عامين اندلع القتال بين الدينكا الموالين للرئيس سالفا كير وأعضاء قبيلة النوير، الداعمون لنائب الرئيس السابق ريك مشار، ودمر مزيج من العنف والجفاف محاصيل العام الماضي، مما تسبب في نقص الغذاء الذي خلف 100.000 شخص يواجهون المجاعة ومليون آخرين في خطر.

ومن جانبه، أكد دانيال كون، المنسق الميداني في رومبيك، للخطة الخيرية الدولية في المملكة المتحدة: "هناك صراع سياسي وصراع قبلي وغارات على الماشية، كما أن هناك صلة بين الصراع والفقر، فالناس يريدون مداهمة الأغنياء من خلال مداهمة الماشية، ويرون أنه إذا حصل شخص ما على المزيد من الماشية سوف يحصل على المزيد من الزوجات والمزيد من الأطفال والعشيرة وسوف يكون أكبر وأقوى، وبسبب القتال، لا يستطيع الناس التأكد من أن مواشيهم آمنة حتى يعتقدون أنه من الأفضل تمريرهم للزواج ".

فيما تزوجت إليانور ألويل، 17 عامًا، ماخون، البالغ من العمر 30 عامًا، في 1 يناير من هذا العام، وتلقت عائلتها 100 بقرة في المقابل، ولم تكن تخطط للزواج لكن والدها مات وأمها تكافح من أجل رعاية سبعة أطفال، قائلة: "أخي الأكبر يريد الزواج،  فجاء الزوار إلى المنزل والتقوا مع أخي وتحدثوا وبعد ذلك قال أخي إنه زوجني لأننا لن نتمكن من العيش دون الماشية التي سيحصلون عليها من الزواج، شقيقها البالغ من العمر 30 عامًا لا يمكن أن يتزوج"، مواصلة "كنت غاضبة منه ولكنني أعرف أنهم غير قادرين على العيش كنا جائعين فلم يكن لدينا أب لدعمنا".

أما مارثا نيانادونغ، 17 عامًا، تزوجت في فبراير / شباط حتى يتمكن والدها من الحصول على ما يكفي من الماشية لإقناع زوجة شقيقه الميت، من الزواج منه وتكون بذلك زوجته الرابعة، أوضحت "قلت: لماذا ترسلني بعيدًا؟ الحياة جيدة، قال والدي إنه يريد الحصول على الأبقار، فقلت: لا تبعني وتجعلني أرحل، فبكيت لأنني أردت البقاء في المنزل، لكن والدي قال يجب أن أحترم قراره لأنه حصل على الماشية".

وتسعى منظمة بلان إنترناشونال إلى إقناع أولياء الأمور بعدم الموافقة على الزواج لفتياتهم إلى أن يكملن دراستهم، من خلال تقديم وجبات مدرسية مجانية وتقديم حزم غذائية للأسر التي تحضر بناتها إلى المدرسة.

وكانت ماري نيانا دونغ "17 عامًا" تلميذة في المدرسة حتى تزوجت في نيسان / أبريل من العام الماضي، وأنجبت ابنًا، أكولد، قبل ستة أشهر، مبينة: "كان أخي يريد الزواج، ولم يكن لدينا أبقار لدفع ثمنها، لذا كان علي أن أتزوج"، مضيفة "حياتنا تقوم على الأبقار، وبدون الأبقار، لا يمكن لأحد أن يتزوج ".

فيما اختارت العائلة لمريم رجلًا كان يبلغ من العمر 53 عامًا، وكان بالفعل زوج لواحدة، وكانت ماري صديقتها، لكنه لم يستطع أن يرفض عرض 34 بقرة من الرجل الأكبر سنًا، قائلة "كنا نعيش حياة سيئة وارتفعت الأسعار، وقد قتل الناس وجاء مسلحون وقتلوا عمي، وتم أخذ الأبقار لدينا في غارة ولم يكن لدينا أبقار، وأراد أبي حل الأزمة ".

وكشف شقيقها موسى عتيبة، 27 عامًا، وهو مدرس في المدرسة، إنه اختار العريس بعناية، مردفًا "لم يكن لدي المال ولكن كنت بحاجة إلى الأبقار، هذا الرجل جيد ومتواضع وليس مدخن، ولا يشرب الخمر، ولديها الآن طفل، وسوف أتحدث مع زوجها لإرسالها إلى المدرسة ".

ولكن بعض الفتيات أكثر حظًا، حيث تضيف بريسيلا آين، البالغة من العمر 16 عامًا، إن والديها يدركان أن المكاسب القصيرة الأجل لـ100 بقرة لا تقارن بأرباحها المحتملة إذا أصبحت طبيبة، كما تأمل في ذلك، مؤكدة أنها من الفتيات الذين يرغبن في أن يكونوا متزوجين من شباب، محذرة الفتيات من قبول الزواج بحجة أن الزوج  سوف يشتري الملابس والأحذية وأشياء أخرى، مواصلة "من الأفضل بالنسبة لي أن أكون متعلمة وأجني مال، أكثر بكثير من 100 بقرة سوف تحصل عائلتي عليها إذا تزوجت، وتقول بفخر "أنا حرة."

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

معركة جنوب السودان من أجل الماشية ودورها في الزواج المبكر معركة جنوب السودان من أجل الماشية ودورها في الزواج المبكر



GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 09:52 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

أحمد حلمي يكشف تفاصيل لقائه بتركي آل الشيخ وجيسون ستاثام
 العرب اليوم - أحمد حلمي يكشف تفاصيل لقائه بتركي آل الشيخ وجيسون ستاثام

GMT 10:40 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

الكرملين ينفي طلب أسماء الأسد الطلاق أو مغادرة موسكو
 العرب اليوم - الكرملين ينفي طلب أسماء الأسد الطلاق أو مغادرة موسكو

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 20:58 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الأميركي يقصف مواقع عسكرية في صنعاء

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

موسكو تسيطر على قرية بمنطقة أساسية في شرق أوكرانيا

GMT 14:19 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إلغاء إطلاق أقمار "MicroGEO" الصناعية فى اللحظة الأخيرة

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وفاة جورج إيستام الفائز بكأس العالم مع إنجلترا

GMT 17:29 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سائق يدهس شرطيا في لبنان

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قصرة جنوبي نابلس

GMT 07:06 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مقتل 6 في غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين بغزة

GMT 17:33 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

حرب غزة ومواجهة ايران محطات حاسمة في مستقبل نتنياهو

GMT 14:05 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab