دمشق - العرب اليوم
بوجوه صبغتها الشمس بالسمرة، وأياد جعدتها المياه المالحة، وكشطتها الصخور الجبلية، تسلحوا بالعزيمة والإرادة وحملوا على كاهلهم مسؤولية التعريف بسوريا.. سوريا الحقيقية التي يعيشون فيها ويعرفونها جيداً! ومع كل مرة تبع فيها أعضاء الجمعية السورية للاستكشاف والتوثيق حدسهم، قادهم لاكتشاف أماكن جديدة، كان آخرها "أول كهف بحري في سوريا". يروي قائد العمليات الميدانية بالجمعية السورية للاستكشاف والتوثيق، خالد نويلاتي، كيف وثقت الجمعية أول كهف بحري في سوريا، فيقول في ": "ضمن إحدى جولاتنا الاعتيادية اليومية المخصصة لاستكشاف شط الأرمن في منطقة كسب بمدينة اللاذقية وتحويله لاحقاً لمحمية طبيعية؛ تفاجأنا بوجود فجوة في صدر جبل صخري قريب من سطح الماء، لفتت نظرنا تلك الفجوة فدخلنا بمساعدة الموج المنخفض حينها لنتفاجأ بوجود كهف دهليزي ملتوي ضيق بداخل الجرف الصخري".
"في هذه الأثناء، انقسم الفريق إلى قسم تمكن بصعوبة من دفع القارب لداخل الدهليز الذي لم يتجاوز عرضه المترين، وقسم آخر أجبر على الغطس لمسافة خمسة أمتار تحت سطح الماء لاستكشاف المنطقة، وكانت الرؤية ضبابية لمسافة تزيد على الـ 30 متراً، حتى وصلنا لفسحة سماوية تمكنا فيها من الرؤية"، يقول نويلاتي. يتابع المستكشف: "لم نستطع التوغل أكثر بسبب صعوبة الغوص في المكان، بالإضافة لكوننا لا نحمل تجهيزات تناسب الغطس في هذه المنطقة الصخرية شديدة الإلتواءات والتعرجات، لكننا تمكنا من توثيق المكان المفعم بكافة أنواع وأنماط الكائنات البحرية وتصويره فخرجنا وطالعنا العالم باكتشافنا: "أول كهف بحري في سوريا"!
يبين قائد الفريق الذي بدأ أولى نشاطاته عام 1988، وحصل على ترخيصه في 2008، أهمية هذا الاكتشاف الذي يعد نقلة نوعية سواء على مستوى البيئة والسياحة، لأن استكشاف البيئة البحرية السورية لا يزال يتم على نطاق ضيق، كما أن رياضة الغوص قليلة الانتشار في سوريا، مشيراً إلى أن الجمعية ستكشف نشاطاتها وستعمل على إنشاء منتجع بيئي صحي لاستقبال الرواد الراغبين باستكشاف البيئة البحرية. ويبدو أن اكتشاف الكهف الأسطوري ليس أول ما سبب تسارع نبضات قلوب هؤلاء المستكشفين، حيث كانت الجمعية سابقاً قد اكتشفت مغارة "سؤادا" بمدينة السويداء في عام 2009، وهي ثاني أكبر مغارة في سوريا، كما اكتشفت وجود معاصر قديمة للزيتون بريف القدموس، وفي عام 2013 رصدت وجود حيوان الفقمة لأول مرة في منطقة وادي القنديل، وسلطت الجمعية الضوء على اكتشافات أخرى كشجرة القتلة وحيوان السلمندر الناري.
تسعى الجمعية لتوسيع النشاط السياحي في جميع المدن السورية، فمنذ تأسيسها تعمل على نشر الصور والبيانات التي توثقها والتي غالباً ما تكون مدهشة للسوريين الذين اعتادوا على زيارة بعض المناطق السياحية كبصرى وتدمر والشاطئ الأزرق وغيرها، ومن هنا ظهرت الحاجة لبذل جهد أكبر في مجال توثيق البيئة السورية في العديد من المناطق كشرق الفرات وشمال حلب وبعض مناطق الساحل السوري، وتحمل الجمعية اليوم على عاتقها جمع بيانات جديدة للتعريف عن سوريا بكل تفاصيلها وبيئاتها المتنوعة.
وكما الجميع في هذه البلاد، طالت سنوات الحرب وتبعاتها هؤلاء المستكشفين، فباتوا يعانون من صعوبة في تأمين معدات الاستكشاف بسبب الحصار الاقتصادي على سوريا، بالإضافة لارتفاع أسعار معدات التصوير وندرتها، لكن روح الشباب الراغب بالاستكشاف والتوثيق تغلبت على هذه الصعوبات المادية. يتنهد قائد العمليات الميدانية بالجمعية السورية للاستكشاف والتوثيق كمن أدى مهمته، فيما يدرك أن مهمته الفعلية كفريق يقوده صوت تلاطم الأمواج وخفق أجنحة الطيور على الجبال لاستكشاف روائع البيئة السورية قد بدأت للتو.
قد يهمك ايضا
نازحون شمال سوريا قلقون من «توطين دائم» بعد بناء وحدات سكنية بدل الخيام
الأردن يغلق معبر "جابر نصيب" الحدودي مع سوريا بسبب التطورات الأمنية في درعا
أرسل تعليقك