تسربت خلال اليومين الماضين، بالتزامن مع العاصفة الباردة التي ضربت لبنان، مادة نفطية سوداء من القطران (القار) إلى شاطئ الناقورة قرب الحدود الإسرائيلية اللبنانية، وصولا إلى محمية صور الطبيعية، ثم ما لبثت أن وسّعت انتشارها لتصل، الأربعاء، إلى شاطئ الرملة البيضاء في بيروت. رسميا، كلّف رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، كلا من وزيري الدفاع زينة عكر، والبيئة دميانوس قطار، والمجلس الوطني للبحوث العلمية، وضع تقرير في هذا الخصوص، وكذلك التعامل مع هذا التسرب وتجنب أضراره .
ويرجح أن المادة تسرّبت من أمام ميناء أشدود في جنوب تل أبيب، ورصدتها السلطات الإسرائيلية على بعد نحو 50 كلم من الساحل، وقد أدت إلى تلوث شواطئها، ثم انتقلت بفعل التيارات المائية والرياح، قاطعة مسافة كبيرة شمالا.
وذكرت تقارير صحفية إسرائيلية، أن سفينة مرت في مطلع الشهر الجاري على مسافة نحو 50 كلم قبالة سواحلها، وقد تكون المصدر الرئيسي لتسرب رواسب القار السوداء اللزجة، التي تمددت من شاطئ لبنان الجنوبي على ساحل مدينة صور، لتصل إلى شاطئ الرملة البيضاء في بيروت.
وكشف رئيس "المركز الوطني لعلوم البحار" التابع للمجلس الوطني للبحوث العلمية، الدكتور ميلاد فخري، أن المركز سيعد التقرير اللازم "في أسرع وقت ممكن"، ويرفعه إلى السلطات المختصة، بعد دراسة عينات وتحليلها من شاطئ مدينة صور.
وأضاف "المركز بصدد تشكيل فرق عمل من المتطوعين بإشرافه، لجمع مخلفات القطران والقار الأسود عن شواطئ لبنان الجنوبية التي طالها التلوث، بدءا من محمية صور وصولا إلى شاطئ الرملة البيضاء في العاصمة، تمهيدا للتخلص منها بطريقة أمنة وصديقة للبيئة ".
وأوضح فخري أن البداية ستكون نهار السبت المقبل من محمية صور، لأنها تشكل موطنا لكائنات بحرية والسلاحف التي تضع بيوضها على الشاطئ الرملي، بالإضافة إلى الطيور المستوطنة في المحمية، لافتا إلى أنه سيتم جمع المادة المتناثرة التي دفعتها الأمواج البحرية خلال العاصفة.
وعن تقدير الضرر الذي أصاب الكائنات البحرية والطيور في المحمية وعلى الشاطئ، قال: "إنها مادة نفطية كيماوية قد تكون تسربت من بواخر ناقلة للمادة قبالة الساحل الفلسطيني، وهي تضر بالبيئة البحرية بشكل كبير. نحن ما زلنا نعاني من التلوث النفطي الناتج عن قصف الطيران الإسرائيلي لخزانات النفط على الشاطئ اللبناني عام 2006 ".
وبالسؤال عن كيفية إزالة المادة الملوثة، أجاب فخري: "قمنا بالتواصل مع بعض دول الاتحاد الأوروبي، خاصة تلك التي تملك أقمارا اصطناعية فوق المنطقة، لتزودنا بالصور التي تكشف أماكن وجود المادة السوداء".
ولفت إلى أن المادة انتشرت بسرعة لأنها خفيفة الوزن، وقد حملتها الأمواج العالية إلى الشاطئ حيث التصقت بالرمال، مضيفا أن هذا النوع من المواد خفيفة الوزن "يتحول إلى قطع من القطران". وتابع: "سنقوم بالغطس في أعماق البحر، لنكتشف ما إذا كانت المادة الملوثة قد غرقت إلى القاع".
وفيما يتعلق بالخبرات التي تملكها الدولة اللبنانية في هذا المجال، قال: "نعم لدينا الخبرات، وسنستعين أيضا بخبرات دولية وبقوات الأمم المتحدة (يونيفيل) العاملة في جنوب لبنان.. نحضر خطة لإزالة التلوث بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي، وسنقوم السبت بالتحرك ضمن فرق من المتطوعين لجمع هذه المادة الملوثة والتخلص منها بطريقة صديقة للبيئة".
وكان المسؤول عن محمية صور، المهندس حسن حمزة، قد أكد وجود كمية من المواد النفطية منتشرة على شاطئ المحمية، مشيرا إلى رصد بعض السلاحف الملوثة بالمادة المتسربة، التي تهدد التنوع البيولوجي البحري الغني.
جدير بالذكر أن السلاحف البحرية تتخذ من محمية شاطئ صور موطنا للتكاثر، وتحظى باهتمام وإشراف جمعيات بيئية لبنانية منذ سنوات، وقد تعرضت للإصابة بالمادة النفطية، ويكاد قسم كبير منها أن ينفق. ومن المعلوم أن التيارات المائية تتجه من الجنوب نحو الشمال، وهو ما أوصل المادة النفطية من شاطئ الناقورة في أقصى الجنوب، إلى شاطئ مدينة صور ثم إلى شاطئ بيروت.
من جانبه، قال الأمين العام للمجلس الوطني للبحوث العلمية، الدكتور معين حمزة، إنه "من السابق لأوانه التكلم عن بعد زمني لأزمة التلوث في شاطئي صور والناقورة". وأشار إلى أن "نوعية المادة التي استُخرجت من شاطئ صور لم تحدد بعد، وهي عبارة عن مادة القار (القطران) المتجمد".
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
أرسل تعليقك