بغداد - العرب اليوم
يتبادل مجموعة من الشباب التهاني والابتسامات فيما بينهم ابتهاجاً بانقضاء فصل الصيف رسمياً في العراق والدخول في فصل الخريف. ويأتي ذلك الاحتفال بوداع لهيب الدرجات العالية عقب تصريح للأحوال الجوية العراقية اكدت من خلاله انتهاء فصل الصيف على وقع موجة أمطار خلال اليومين المقبلين. يتموضع الشباب عند ناصية جسر يطل على نهر دجلة في العاصمة العراقية بغداد، وهم يستنشقون نسمات هواء تحمل في طياتها رائحة من فصل جديد.
يستذكر محمد ناجي مع رفاقه مواسم الغليان ودرجات الصيف اللاهبة التي بلغت ذروتها خلال شهري يونيو واغسطس، وما ترافق معها من سوء أوضاع في مستويات تجهيز الطاقة الكهربائية. يقول ناجي ذو الـ30 عاماً، إنه على الرغم من أن اغلب العراقيين يعيشون المأساة والمعاناة خلال كل موسم صيفي إلا أن هذا العام كان هو الأقسى. ويستدرك بالقول "لقد خرجنا للتو من جهنم".
وشهدت الطاقة الكهربائية، التي تعاني الضعف منذ عقود، حملات تفجير منظمة استهدفت أبراج نقل الطاقة الكهربائية ذات القدرة الفائقة مما تسبب بتراجع معدلات تجهيز بيوت المواطنين بالتيار.
وترافق مع تلك الهجمات قطع إيران خطوط الإمداد والغاز الذي تعتمده المحطات الكهربائية في العراق لتعويض النقص الحاصل من الإنتاج، وهو ما تسبب بانهيار تام للمنظومة استمر نحو 72 ساعة في حزيران /يونيو الماضي.
عند تلك الأيام، يتحدث مصطفى زميل ناجي، الذي يعمل مندوب توصيل بضائع غذائية عبر سيارة "بوكس"، يجوب بها شوارع العاصمة بغداد. يقول: "نعيش منذ سنوات تحت وطأة لهيب الصيف الذي يسمى عند العراقيين بفصل الفقراء".
يواصل مصطفى القول وهو يطارد بعينيه موجات دجلة من اعلى الجسر: "بعض المحال التجارية امتنعت عن استقبال المواد الغذائية خشية فسادها بسبب انقطاع الكهرباء حتى اضطررت بعض الأيام إلى الجلوس في البيت بعد أن منحت إجازة إجبارية من قبل الشركة التي أعمل بها".
ويستحضر مشهداً آخر كابده مع عائلته المكونة من 4 أفراد، حين عاشت البلاد ظلاماً دامساً عند ذروة الصيف قبل نحو شهرين، فقام بتحويل سيارته المكيفة بالهواء البارد إلى غرفة نوم هرباً من جحيم المنزل.
وأظهرت مقاطع فيديو تناولتها مواقع التواصل الاجتماعي عراقيين يعبرون عن سخطهم من غياب الكهرباء وسخونة الأجواء عبر ملء قناني ماء والانغماس داخلها.
وتسببت موجة الانهيار في المنظمة الكهربائية في خروج تظاهرات مناطقية حاشدة في أغلب مدن جنوب ووسط العراق، طالبوا من خلالها إقالة المسؤولين عن ذلك الملف وتتبع الأموال الطائلة التي صرفت على ذلك القطاع والتي تصل لنحو 80 مليار دولار.
ومع ذلك يعرب الشباب عن مخاوفهم من قدوم الشتاء ومواسم الفيضانات وغرق الشوارع جراء الأمطار في مشهد بات يتكرر في أغلب مناطق العراق.
ويرى زميلهم سيف محسن أن "لوداع الصيف في العراق فرحة لا توصف ولكن سنكون عما قريب في مواجهة فصل آخر من المعاناة جراء قدوم الشتاء وغياب الخدمات الأساسية التي تذلل من لفحات البرد وقسوة أوقاته".
متنبئ الجوي صادق عطية أشار في تدوينة على تويتر إلى أن "انخفاضا متوقعا بدرجات الحرارة تشهده مدن وسط وغرب وشمال البلاد، اعتبارا مـن الجمعة، حيث تودع درجات الحرارة الأربعينية، والأجواء تكون فيها خريفية معتدلة نهارا مع نسمات باردة قليلا خلال ساعات الصباح".
ومنذ سنوات يشهد العراق ارتفاعاً غير مسبوق بدرجات الحرارة خلال فصل الصيف والتي يعزوها مختصون إلى اتساع نطاق التصحر في العراق على حساب المناطق الخضراء.
أرسل تعليقك