رجال مكافحة الحرائق يخدمون النيران المشتعلة في الأشجار
كانبيرا ـ ريتا مهنا
تواجه أستراليا احتمالات المزيد من حرائق الغابات وذلك في ضوء تكهنات الأرصاد الجوية بارتفاع درجة الحرارة الجمعة إلى ما يقرب من 50 درجة مئوية في وسط القارة وإلى 46 درجة مئوية في بعض مناطق ولاية نيو ساوث ويلز. وكانت أستراليا قد شهدت خلال اليومين الماضيين انخفاضًا نسبيًا في درجات الحرارة وذلك
في الوقت الذي تواصل فيه فرق مكافحة حرائق الغابات إطفاء مايزيد عن 100 حريق مازالت مشتعلة في ولايتي نيو ساوث ويلز وفيكتوريا، كما تقوم فرق ببناء الكثير من الحواجز للحيلولة من دون توسع نطاق الحرائق.
ويقول برايداي أو كونور في فرقة مكافحة الحرائق في نيو ساوث ويلز إنهم "يواجهون تحديات خطيرة للغاية خلال الأيام الثلاثة المقبلة، وأوضح أن "الكثير من المناطق في أستراليا ستشهد درجات حرارة تزيد عن 40 درجة مئوية، وذلك في الوقت الذي مازال عدد من الحرائق مشتعلا منذ الثلاثاء الماضي، إضافة إلى وجود بعض الرياح الشمالية الغربية القوية". وأضاف قائلا "إننا في وضع سيىء للغاية".
وكانت السلطات الأسترالية قد أعلنت عن ارتفاع معدلات خطورة الحرائق في الكثير من المناطق، وأشارت إلى "احتمالات خروج الحرائق عن نطاق السيطرة والانتشار السريع على نحو يهدد الممتلكات والعقارات المجاورة". كما أعلنت السلطات أن "معدل الخطورة الحالي يقل بمرحلتين عن "معدل الكارثة" بعد وصول معدلات الحرارة في البلاد إلى ثالث أكثر الأيام حرارة في تاريخ البلاد، وبعد احتراق ما يزيد عن 740 ألف فدان وفقدان كم هائل من الماشية".
وقد شهد لثلاثاء الماضي نشوب حوالي 100 من حرائق الغابات مازالت مشتعلة حتى الآن وأن أحد هذه الحرائق وقع في غابة دينز غاب التي تبعد ثلاث ساعات في البر جنوب العاصمة سيدني والذي أسفر عن دمار ستة آلاف فدان. كما أن جزءًا من الحريق يبعد حوالي ثلاثة كيلومترات عن ساحة تدريبات إطلاق النار العسكرية السابقة والتي لم تعد تستخدم منذ السبعينات والتي تحتوي على بعض العتاد العسكري القابل للانفجار. ويقول أوكونور إن"رجال مكافحة الحرائق يتعاملون مع الموقع كما لو كان وطنهم الذي يدافعون عنه عن طريق منع وصول النيران إليه".
وكانت متوسط درجة الحرارة في أستراليا قد بلغ 40.3 درجة مئوية وهو معدل يتجاوز الرقم القياسي السابق الذي شهدته القارة العام 1972 عندما بلغ متوسط درجة الحرارة 40.1 درجة مئوية. وشهدت أستراليا الثلاثاء ثالث أكبر الأيام ارتفاعًا للحرارة في تاريخها. وقد شهد هذا العام ثمانية أيام من أكثر الأيام العشرين الأكثر حرارة التي شهدها تاريخ القارة. وكان أول ارتفاع في متوسط درجة الحرارة في أستراليا قد بلغ 39 درجة واستمر لمدة سبعة أيام.
كما عانت سيدني أعلى درجة حرارة لها خلال فترة الليل، إذ وصلت درجة الحرارة إلى 34 درجة مئوية عند منتصف الليل.
ويرجع السبب في هذا الموجة الحارة إلى تأخر الرياح الموسمية التي عادة ما تهب في كانون الثاني/ يناير مقبلة من الجنوب في اتجاه شمال أستراليا وتحمل معها السحب والأمطار التي تسهم في خفض درجات الحرارة في هذا الوقت من السنة في أستراليا.
وقد أدى تأخر الرياح الموسمية ثلاثة أسابيع إلى تعرض وسط القارة لأجواء مشمسة على نحو زاد من معدلات الحرارة والجفاف وتمدد الهواء، ويتنبأ خبراء الأرصاد الجوية بأن "أستراليا ستعاني من هذه الظاهرة كثيرًا على مدى السنوات المقبلة. كما يقول هؤلاء إ"ن معدلات ارتفاع الحرارة قد زادت عن الضعف على مدى الخمسين سنة الماضية في أستراليا". كما يتوقع هؤلاء أن "العاصمة سيدني ستشهد سنويًا أيامًا يرتفع فيها معدل الحرارة عن 35 درجة مئوية وأن هذه الأيام سيتضاعف عددها أربع مرات بحلول نهاية القرن الحالي، كما سيتضاعف عدد هذه الأيام تسعة إلى 300 يوم سنويًا مدينة داروين الساحلية شمال أستراليا.
وذكرت تقارير حديثة أن "الموجات الحارة التي تتعرض لها القارة من المرجح أن تزداد سخونة لفترات أطول، الأمر الذي يمكن أن يعرض القارة لمزيد من المخاطر الصحية المتعلقة بارتفاع حرارة الطقس". وأكدت دراسة أجريت في ميلبورن أن "معدلات الإصابة بالأزمات القلبية خلال الفترة من العام 1999 وحتى عام 2004 قد ارتفعت إلى نسبة 40% خلال تعرض البلاد للموجات الحارة عندما كانت متوسط درجة الحرارة يزيد عن 27 درجة مئوية".
وعلى الرغم من التحذيرات المحتملة لتأثير تغير المناخ في أستراليا، لكن الكثير من الدوائر في المجتمع الأسترالي تنظر إلى توقعات تغير المناخ بعين الشك والارتياب، ويصف رئيس حزب المعارضة الرئيسي في أستراليا، تون أبوت هذه التنبؤات العلمية بأنها "حماقة بكل معني الكلمة". كما يعارض في هذا السياق فرض ضرائب على الانبعاثات الكربونية التي قامت الحكومة العمالية بفرضها خلال العام الماضي".
كما يقول نائب زعيم حزب المعارضة، وراين تروس إن "إلقاء اللوم على التغيرات المناخية في الموجات الحارة التي تتعرض لها البلاد حاليا، إنما هو إفراط في التبسيط".
ومن المعروف أن نسبة مساهمة المواطنين في أستراليا في زيادة معدلات الانبعاثات والتلوث الكربوني، تزيد عن نظرائهم في الدول المتقدمة الأخرى بنسب مرتفعة بسبب اعتمادهم على محطات الطاقة الكهربائية التي تعمل بالفحم، لاسيما وأن أستراليا هي ثاني أكبر مصدر في العالم للفحم.
يذكر أن أستراليا التي يبلغ عدد سكانها فقط 22 مليون نسمة، تسهم بنسبة 1.5 % من الانبعاثات الكربونية في العالم، بينما تبلغ نسبة بريطانيا 1.7 % على الرغم من أن عدد سكانها يزيد عن سكان أستراليا ثلاث مرات.
أرسل تعليقك