في وسط العاصمة العراقية بغداد، يتوافد العراقيون أيام العطل والجمع شبابًا ورجالًا وكبارًا في السن إلى "سوق الغزل"، ويعد من أشهر الأسواق في بغداد حيث يتم فيه بيع وشراء الطيور بأنواعها، فضلًا عن الكلاب الأليفة والمفترسة وكذلك الأسماك والطيور والزواحف والقطط.
ويقع السوق في جوار جامع الخلفاء الذي بناه الخليفة العباسي المكتفي بالله، واسم السوق مستمد من غزول الصوف، كون السوق بني لأول مرة لشراء وبيع الغزول القطنية والصوفية التي تستخرج من شعر الخراف.
ويعود تاريخ السوق إلى العصر العباسي، وبالتحديد في عهد الخليفة المستنصر بالله "حكم في بغداد بين العامين 1226 و1242م"، ورغم اختفاء الغزول الصوفية إلا أنه مازال يحمل اسم "سوق الغزل".
ويتميز السوق نكهة عراقية خالصة، خصوصًا وأن رواده يستمتعون بمشاهدة أنواع جميلة من الطيور بألوانها الزاهية، وتسمع هنا وهناك أصوات لباعة هذه الطيور أو الكلاب يُعرِّفون الناس بمواصفات الحيوانات التي جاؤوا لبيعها، أو أصوات الباعة أصحاب المحال الذين يضعون حيواناتهم داخل أقفاص، وهؤلاء لهم باعٌ طويل في هذه المهنة التي تدر عليهم ربحًا جيدا.
وطالب أصحاب المحال في "سوق الغزل" المسؤولين في العاصمة بغداد، الاهتمام بهذا السوق الأجانب والعرب وحتى العراقيين يترددون عليه كل جمعة، المواطن يوسف منصور أحد عشاق سوق "الغزل"، يذكر نتمنى من الحكومة تأهيل هذا السوق كونه سوقًا تاريخيا حيويا يتوارثه الأجيال.
وذكر في تصريح إلى "العرب اليوم"، "نطالب المسؤولين في العاصمة بغداد أو الحكومة بالاهتمام بهذا السوق من الناحية الخدمية من الأرصفة والشوارع حيث يغرق السوق في أيام الأمطار، كما نطلب منهم رفع الأنقاض والأوساخ المتكدسة التي تفقد هذا السوق جماله".
وأشار محمد هادي صاحب أحد المحال، في حديثه لـ"العرب اليوم "، إلى أنه " اختص مع والدي وجدي في هذا العمل منذ ما يقارب (20) عاما ، حيث توفي جدي وأنا ووالدي توارثنا المحل وهو مصدر رزق العائلة الوحيد،ومنذ القدم نتمركز في هذا السوق بما يزيد على مائتي عام".
وبيّن وسام نافع ، أحد أصحاب المحال، أن "الإقبال على السوق يزداد بدافع الرغبة لدى مرتاديه في تربية الحيوانات وخصوصا في العطل الرسمية وأيام الجمع، وأضاف نافع وهو من سكان المنطقة أن "السوق بدا يستعيد عافيته من جديد بعد تحسن الأوضاع في الآونة الأخيرة واخذ الشباب يتردد بشكل كبير لهذا السوق.
ولفت إلى ازدياد الانتعاش الاقتصادي بعد قيام تجار سوق "الغزل" باستيراد الحيوانات من الدول العربية والأجنبية منها تركيا والسعودية وإيران، مشيرا الى منع استيراد الحيوانات في السابق ،مما جعل الاقبال الى هذا السوق في الماضي قليل وكاد ان ينعدم.
ويرى منير محمود وهو من عشاق هذا السوق لـ"العرب اليوم "، أن موقع سوق الغزل في هذا المكان المكتظ بالمارة وأصوات الضوضاء جعل المواطن العراقي يستصعب الذهاب لذلك السوق، إضافة إلى صعوبة التنقل وعدم وجود أماكن لوقوف السيارات.
ويقترح محمود تبني أمانة بغداد اختيار موقع هادئ وبعيد عن الضوضاء والازدحام ويكون وسط أماكن خضراء، مبررا ذلك الاقتراح لفتح المجال أمام المارة ومؤسسات الدولة من تخفيف الازدحام عليهم .
ولاشك أن انتشار المحال المخصصة لبيع الطيور وازدياد مظاهر تربيتها في المنازل، دفعت العديد من مربيها إلى تشكيل أول رابطة تعنى بهذه الحرفة ضمت أشخاصا من مختلف الشرائح والمهن، يجمعهم حب الطيور والشغف بها فضلا عن بيعها وشرائها كونها تجارة رائجة هذه الأيام .
في غضون ذلك قال احمد الكبيسي احد أعضاء جمعية تربية الطيور لـ"العرب اليوم " ومن المختصين بأمور الحيوانات في سوق "الغزل "، من أهم الأنواع المتداولة في سوق البيع العراقي اليوم ما يسمى بالمسكي والعنبرلي والأورفلي والسكسوني "، لافتا إلى أن "جميع الطيور آنفة الذكر تنتمي إلى فصيلة شهيرة تعرف باسم الأزرق" واستدرك الكبيسي بالقول "ولكن الحمام الزاجل يبقى هو الأغلى ثمنا والأقرب إلى قلوب عشاق الطيور ومن الزاجل ما يصل ثمنه إلى 800 – 1200".
وأشار أيمن العبيدي صاحب محال لبيع الطيور في ذلك السوق من منطقة الصالحية في بغداد إلى أن "العراق يعاني من انتشار الفقر والبطالة، وتحولت أرصفة الأسواق الشعبية بناء على ذلك إلى أمكنة لباعة الطيور "، منوها إلى أن "الكثير منهم لا يملكون الشهادات ولم يحضوا بفرصة فاتخذوا من تربية الطيور وبيعها باب رزق لهم ".
وأضاف العبيدي "أنا لدي 73 طيرا من الحمام ، 61 منها مطيار، والبقية للزينة ومنها النادر وسعره باهظ يصل إلى ألف ومائة دولار أميركي للسكسونيات والزرق والبلجيكيلت والزاجل البصراوي ومن هذه الأنواع ما يتراوح سعره بين 500- 700 ألف دينار"، مستطردا أن هناك من يتصور أن الطيور تجلب الفقر والمشاكل وربما يكون بعض هذا الكلام صحيحا وبعضه لا.
وتابع العبيدي أن تجارة الطيور شيء مثمر وخصوصاَ بعد فتح المنافذ الحدودية فأنا اجلب الطيور عن طريق إيران عبر محافظة ديالى إلى سوق الغزل ،فيما تجلب أخرى من الهند والباكستان عن طريق أصفهان ونحن أصحاب هذه المهنة لدينا تجار يصدرون إلى سوريا ولبنان والكويت والأردن ".
أرسل تعليقك