حقق اليساري الراديكاري جيريمي كوربن السبت فوزا ساحقا برئاسة حزب العمال البريطاني المعارض، ليصبح بذلك الزعيم السياسي الاكثر يسارية في البلاد منذ اكثر من 30 عاما.
وتم اعلان فوز كوربن البالغ 66 عاما، والمعارض الشرس لسياسات التقشف على غرار حزبي سيريزا اليوناني وبوديموس الاسباني، بعدما حصل على 59,5 في المئة من 422664 صوتا ادلى بها اعضاء حزب العمال ومؤيدوه.
وفي خطاب الفوز امام اعضاء حزبه في وسط لندن، دان الزعيم المنتخب "المستويات المتنافرة من عدم المساواة" و"نظام الرعاية الاجتماعية غير العادل".
ودعا كوربن الحكومة المحافظة الى مزيد من "التعاطف" مع ازمة اللاجئين السوريين، مضيفا ان حزب العمال "موحد وحازم تماما في سعينا الى مجتمع لائق وافضل للجميع".
وفي كلمة القاها كوربن امام عشرات الاف المتظاهرين المؤيدين للهجرة الى بريطانيا قال ان "هدفنا يجب ان يكون ايجاد حلول سلمية لمشاكل هذا العالم"، مضيفا "لدينا مسؤولية بصفتنا دولة موقعة على اتفاقية جنيف لضمان الرعاية والدعم لهؤلاء الناس (اللاجئون)".
واختيار زعيم هو محطة استراتيجية بالنسبة لحزب العمال لانه سيتعين على القائد الجديد النهوض بالحزب بعد خسارته المدوية في الانتخابات التشريعية في 7 ايار/مايو امام المحافظين بزعامة ديفيد كاميرون.
وسيتعين على خلف اد ميليباند ايضا ان يقود الحزب حتى الانتخابات التشريعية المقبلة في 2020 حيث سيكون المرشح الطبيعي لمحاولة وضع حد لعشر سنوات من حكم المحافظين.
وفي هذا السياق، اكد كوربن في خطابه ان "المهمة الآن تمكن في سرعة ووتيرة النهوض بحزبنا".
وتغلب النائب المخضرم على ثلاثة مرشحين وسطيين في الانتخابات، ايفيت كوبر واندي بورنهام وليز كيندال.
وفي رد فعل على النتيجة، هتف مناصرو كوربن بحماسة داخل قاعة المؤتمرات "لقد فعلناها".
وامضى كوربن 32 عاما على المقاعد الخلفية لحزب العمال، وحصل على عدد قليل جدا من اصوات نوابه، لكنه حقق فوزا ساحقا بنجاحه في اثارة حماسة مؤيدي الحزب بعد انتهاء عهد ميليباند.
لكن هذه النتيجة المذهلة، اثارت الاحاديث عن انقسام عميق داخل حزب العمال، الذي دخل في موجة اضطرابات بعد صدمة الانتخابات التي فاز فيها كاميرون في ايار/مايو.
واحيا انتصار كوربن المشاعر المناهضة للتقشف في اوروبا، بسبب خطابه حول انهاء الاقتطاعات التقشفية وفرض ضرائب اضافية على الاكثر ثراء.
وتشمل سياساته زيادة الانفاق على الخدمات العامة كالمدارس والمستشفيات، ونزع الاسلحة النووية، واعادة تأميم الشركات كالسكك الحديد، واشراك التنظيمات الاسلامية كحركة حماس الفلسطينية وحزب الله اللبناني في مفاوضات السلام في الشرق الاوسط.
وقال رئيس اللجنة التنفيذية لحزب العمال جيم كينيدي لحظة اعلانه النتائج "لقد فاز جيريمي كوربن بأكثر من 50 في المئة من الأصوات في هذه الجولة، وبالتالي انا مسرور باعلان انتخابه زعيما لحزب العمال".
ورحب مؤيدوه بالنتيجة وهم يلبسون قمصانا حمراء كتب عليها "فريق كوربن"، ملوحين بلافتات كتب عليها "لقد اعطيت صوتي لسياسات جديدة".
وتلقى كوربن دعما قويا من الطلاب الذين لم يسبق لهم ان صوتوا لكبار السن، خصوصا بعدما اصيبوا بخيبة امل من الحزب منذ دخوله معترك السياسة البريطانية في عهد توني بلير في التسعينات وقاد البلاد الى الانخراط حرب العراق المثيرة للجدل في العام 2003.
وكانت النتيجة متوقعة بشكل كبير بعد ارتفاع المراهنات على فوز كوربن.
وبعيد انتخاب كوربن اختير النائب صادق خان كمرشح الحزب لرئاسة بلدية لندن العام 2016.
واعتبرت صحيفة ذا صن اليمينية "الفوز الصادم" لخان كجزء من "ثورة جيريمي كوربن"، لكنها حذرت من ان الفوز قد يؤدي الى انقسام عميق في الحزب المخلوع من السلطة في العام 2010.
وكتبت الصحيفة ان "الانتصار يهدد باعادة حزب العمال الى الثمانينات، نظرا الى آرائه اليسارية المتشددة حول التأميم، والاسلحة النووية والضرائب والتجارة".
من جهتها، حذرت صحيفة الغادريان اليسارية من ان بعض الوجوه المعروفة لن تعمل في فريق كوربن بسبب الخلافات "الجوهرية" التي من شأنها ان "تزعزع سياسات حزب العمال".
لكن عمدة لندن السابق كين ليفينغستون وصف كوربن بالسياسي "التوافقي" الذي يريد مناقشات مناسبة حول توجه حزب العمال في شأن القضايا الرئيسية قبل الانتخابات العامة المقبلة العام 2020.
وقال ليفينغستون "هذا الاسلوب سينجح اذا بدأ جيريمي بالتواصل مع الناس".
ورغم الحملة الشعبية الكبيرة لكوربن، حذر بلير من ان فوزه سيؤدي الى انقسام الحزب وسيحد بشكل كبير من فرصه في الفوز في الانتخابات التشريعية.
الى ذلك، رحب حزب سيريزا اليوناني بفوز كوربن، معتبرا انه "رسالة امل". وقال الحزب اليساري الراديكالي ان هذا الفوز يشكل خطوة كبيرة في دعم "الجبهة الاوروبية ضد التقشف".
كما اعرب وزير المالية اليوناني السابق يانيس فاروفاكيس عن الامل بان "يصبح كوربن مصدر امل لبقية اوروبا".
في فرنسا اشاد حزب اليسار بانتخاب كوربن وراى فيه "عودة الى اليسار الحقيقي في بلاد تاتشر وبلير".
وقال الحزب الشيوعي الفرنسي ان انتخابه "مؤشر على ان عجلة التاريخ تدور" في حين اكتفى الحزب الاشتراكي الفرنسي ب"الترحيب" بانتخابه.
المصدر أ.ف.ب
أرسل تعليقك