أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، برنامج «الإمارات لروّاد الفضاء»، وهو أول برنامج من نوعه على مستوى الوطن العربي، لاختيار وإعداد وتدريب أربعة رواد فضاء إماراتيين، وإرسالهم في مهمات مختلفة إلى محطة الفضاء الدولية «آي إس إس»، وذلك خلال السنوات الخمس المقبلة.
ووجه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، الدعوة إلى شابات وشباب الإمارات للالتحاق بالبرنامج، الذي يندرج تحت مظلة «مركز محمد بن راشد للفضاء».
وقال سموه: «في يوم من أيامنا الوطنية التي سيخلدها تاريخنا، نعلن عن أول برنامج لاختيار وإعداد وإرسال أول أربعة رواد فضاء إماراتيين في مهمات فضائية»، مؤكداً سموه: «سيكسر أبناء الإمارات حاجزاً جديداً في طموحهم الذي لن تحدّه سماء.. أو فضاء.. ولا توجد قوة تقف أمام إرادة شعب يحب المستحيل».
وأضاف سموه: «طموحاتنا لن تتوقف، لأن وراءها رجالاً.. وإنجازاتنا لن تتباطأ لأن معها عقولاً وأفكاراً.. ومسيرتنا مستمرة بقوة لأننا لا نلتفت للوراء.. ولا يصل متردد.. ولا ينجح مشكك».
ودعا سموه شباب وشابات الإمارات كافة إلى التسجيل في برنامج رواد فضاء الإمارات عبر الموقع الإلكتروني www.mbrsc.ae/astronauts، قائلاً: «أدعو شبابنا وشاباتنا إلى التسجيل في برنامج الإمارات لرواد الفضاء عبر مركز محمد بن راشد للفضاء»، لافتاً سموه إلى أنه: «سيتم اختيار الأفضل والأقدر والأكثر كفاءة ليكونوا سفراءنا للفضاء»، مؤكداً أن «كل شاب وشابة لهم دور في مستقبل الإمارات.. على أرضها.. أو في سمائها.. أو عبر فضاء كونها الفسيح».
ويشكل برنامج «الإمارات لرواد الفضاء» مبادرة علمية رائدة من نوعها تُضاف إلى سلسلة مشروعات ومبادرات دولة الإمارات، التي تسعى إلى تأهيل وبناء كفاءات إماراتية في مجال العلوم المتقدمة كجزء من استراتيجية الدولة لإعداد الأجيال الشابة علمياً لمواجهة التحديات المستقبلية، وتعزيز اقتصاد دولة الإمارات القائم على المعرفة والاستثمار في الصناعات الفضائية وعلوم المستقبل، بما يخدم مصالح الإمارات الوطنية، والمشاركة البنّاءة والفاعلة في الحراك العلمي العالمي لاستكشاف الفضاء الخارجي، وبحث آفاق الحياة البشرية في الفضاء، وإمكانية بناء مستوطنات بشرية في كواكب أخرى.
وينضوي برنامج «الإمارات لرواد الفضاء» تحت مظلة مركز محمد بن راشد للفضاء، ويسعى إلى إعداد وتأهيل روّاد فضاء إماراتيين من الشباب والشابات المتفوقين علمياً، وتمكينهم في علوم الفضاء، كي يسهموا في الارتقاء بقطاع الفضاء ليكون في صدارة العملية التنموية في الدولة خلال السنوات الـ50 المقبلة، ولتكون دولة الإمارات مركزاً للقطاع الفضائي في المنطقة، ومن بين أوائل الدول في العالم في مجال الصناعات الفضائية والتقنيات المرتبطة بها.
ويتيح البرنامج المجال أمام شباب وشابات الإمارات للمشاركة فيه من خلال التسجيل على الموقع الإلكتروني www.mbrsc.ae/astronauts. وستدرس طلبات الانتساب كافة، وتقيم بناء على المؤهلات العلمية للمتقدمين، تمهيداً لاختيار المتأهلين، الذين يحققون الحد الأدنى من الشروط المطلوبة لخوض اختبارات نظرية وعلمية ودورات تدريبية وتأهيلية خاصة، واختبارات القدرات على مدى شهور عدة، بما يتوافق مع المعايير العالمية المطلوبة للمهمات المختلفة. ومن ثم سيخضع المرشحون لتصفيات عدة، قبل اختيار أربعة رواد فضاء إماراتيين يشكلون فريق رواد فضاء الإمارات، ويتبع ذلك اختيار الأنسب والأفضل منهم للانضمام إلى محطة الفضاء الدولية «آي إس إس»، في أول رحلة فضاء إماراتية ليتبادلوا المعرفة والخبرة مع رواد فضاء عالميين آخرين، وليسهموا في تعزيز المنجز الإماراتي في قطاع الفضاء، من خلال سلسلة من التجارب العلمية التي سيجرونها في الفضاء الخارجي ضمن مشروع متكامل يهدف إلى استقصاء أنماط الحياة البيولوجية وسبل تكيف الكائنات الحية في بيئات غير أرضية، بما يعود بالنفع على البشرية.
ويتبع برنامج «الإمارات لروّاد الفضاء» برنامج الإمارات الوطني للفضاء الذي أطلقه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، في أبريل الماضي. وهو يُعد الأول من نوعه في المنطقة كمنظومة علمية وبحثية متكاملة تتطلع للنهوض بمستقبل القطاع الفضائي في الدولة، والمساهمة في استغلال علوم الفضاء في تطوير تقنيات ترتقي بحياة الأجيال المستقبلية، إلى جانب تطوير حلول مبتكرة للعديد من تحديات العصر، بما يسهم في تحسين حياة البشر في كوكب الأرض. ويتضمن البرنامج إعداد رواد فضاء إماراتيين وبناء أول مستوطنة بشرية على المريخ في عام 2117، والوصول بمسبار الأمل إلى الكوكب الأحمر في عام 2021 بالتزامن مع اليوبيل الذهبي للإمارات.
وإلى جانب تأهيل وتدريب رواد فضاء إماراتيين وإعداد الأرضية اللازمة لبناء كوادر إماراتية متخصصة في علوم الفضاء، يتضمن برنامج الإمارات الوطني للفضاء إنشاء مدينة المريخ العلمية التي تم الإعلان عنها خلال أعمال الاجتماعات السنوية لحكومة دولة الإمارات في سبتمبر الماضي. وتُعد هذه المدينة الأولى والأكبر من نوعها التي ستحاكي الحياة على الكوكب الأحمر. وتضم المدينة التي سيتم بناؤها بقيادة فريق هندسي إماراتي بإشراف «مركز محمد بن راشد للفضاء» مختبرات للغذاء والطاقة والمياه. كما تشمل إجراء تجارب مختلفة لتلبية احتياجات الدولة المستقبلية في الأمن الغذائي، وغيرها من مرافق حيوية وتعليمية تسعى إلى اختبار الحياة بكل جوانبها على الكوكب الأحمر، ما يسهم في إنشاء جيل مدفوع بشغف استكشاف الفضاء.
كما يشمل برنامج الإمارات الوطني للفضاء إطلاق البرنامج العربي لاستكشاف الفضاء لتبادل المعارف والخبرات في علوم وتقنيات الفضاء في جامعات ومؤسسات الدول العربية، وإنشاء منصة بيانات علماء الفضاء العرب، إضافة إلى إطلاق مجمع تصنيع الأقمار الاصطناعية ضمن مركز محمد بن راشد للفضاء، كي تكون الإمارات أول دولة في الوطن العربي تصنع الأقمار الاصطناعية بشكل كامل، إلى جانب إنشاء المجلس العالمي لاستيطان الفضاء، بالتعاون مع جامعات ومراكز بحثية عالمية مرموقة.
وقد أظهرت دولة الإمارات اهتماماً كبيراً بقطاع علوم وصناعات الفضاء، انطلاقاً من وعي القيادة بأهمية هذا القطاع الحيوي، والسعي لدعم الابتكارات علمية والمشروعات التقنية لدفع عجلة التنمية.
وقد رعى المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، بذرة هذا الاهتمام في سبعينات القرن الماضي، حين التقى برواد فضاء «أبولو» الذين هبطوا على سطح القمر، وفريق وكالة الفضاء الأميركية «ناسا» المسؤول عن رحلة «أبولو» إلى القمر، واطلع على تفاصيل هذه الرحلة التاريخية التي شهدت الخطوات الأولى للبشرية على سطح القمر، ليكون ذلك اللقاء التاريخي بداية لانطلاق اهتمام الإمارات بعلوم الفضاء.
وجاء تأسيس شركة الثريا للاتصالات في عام 1997 لتكون نواة القطاع الوطني للفضاء، تلاها بعد 10 سنوات تأسيس «شركة الياه للاتصالات الفضائية (ياه سات) في عام 2007 بهدف تصميم أول نظام أقمار اصطناعية متعدد الأغراض في المنطقة، مرتبط ببنية تحتية أرضية متطورة.
وتحققت النقلة النوعية في قطاع الصناعات الفضائية المتطورة من خلال «مؤسسة الإمارات للعلوم والتقنية المتقدمة» (إياست)، التي أنشأها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، في عام 2006 بغية تعزيز أبحاث الفضاء في الإمارات وإطلاق مشروعات علمية ذات تقنيات متقدمة. وظلت المؤسسة تعمل حتى عام 2015 قبل دمجها مع «مركز محمد بن راشد للفضاء»، الذي تأسس آنذاك بهدف تعزيز مكانة دولة الإمارات والعالمين العربي والإسلامي كوجهة رائدة في قطاع استكشاف الفضاء والعلوم والتقنيات المتقدمة، وترسيخ دور الإمارات والوطن العربي في الاكتشافات العلمية.
وتشمل مشروعات مركز محمد بن راشد للفضاء إطلاق القمرين الاصطناعيين «دبي سات 1» في 2009 و«دبي سات 2» في 2013، كما يعمل المركز حالياً على تطوير القمر الاصطناعي «خليفة سات» الذي سيكون الأكثر تقدماً. وإلى ذلك، يقوم المركز أيضاً بتصميم وبناء «مسبار الأمل» المشروع التاريخي الأول من نوعه، حيث سيتم إرساله إلى المريخ في عام 2021 بالتزامن مع الذكرى الـ50 لقيام اتحاد الإمارات.
وسيوفر المسبار من خلال رحلته إلى الكوكب الأحمر كماً هائلاً من المعلومات والبيانات العلمية، التي ستكون متاحة للعلماء ومراكز الأبحاث والجامعات في مختلف أنحاء العالم، بما يعمل على دعم المعرفة العلمية وخدمة البشرية.
في السياق ذاته، تم في عام 2014 إنشاء «وكالة الإمارات للفضاء» بغية تنظيم وتطوير قطاع الفضاء في الدولة كي يكون مساهماً في تعزيز الاقتصاد الوطني والتنمية المستدامة، إلى جانب العمل على إعداد وتأهيل الأجيال الإماراتية الشابة التي تتمتع بمهارات علمية ومهنية رفيعة المستوى، وتطوير الأبحاث وبرامج الفضاء وعقد الشراكات الاستراتيجية في هذا المجال.
أرسل تعليقك