قضى فريدي بلوم معظم حياته عاملا في المزارع وفي ورش البناء، أثناء حكم التمييز العنصري، في جنوب أفريقيا. وقد يعلن اسمه قريبا أنه أكبر رجل سنا في العالم.
وعلى الرغم من أنه توقف عن شرب الكحول منذ أعوام طويلة، فإنه لا يزال يدخن بانتظام.
يقول فريدي: "أدخن كل يوم سيجارتين أو ثلاث سجائر، ألف سجائري بنفسي. الرغبة في التدخين قوية. أقول مرات إنني سأتوقف، ولكن أكتشف فيما بعد أنني أكذب على نفسي. شيء في صدري يدفعني إلى التدخين، فألف سيجارة. ألوم الشيطان فهو قوي جدا".
الشهرة وزيارة الوزراء
أول ما يثير انتباهك وأنت تقابل الرجل، الذي تجاوز المئة عام من العمر، هو صحته البدنية. فهو قوي البنية وطويل القامة، ويمشي بلا عكاز، وإن كان بطيئا في مشيته. ولا يعاني من أي عجز باستثناء نقص في السمع.
وبلغ فريدي 114 عاما من العمر في 8 مايو/ أيار الماضي، ويعتقد أنه الأكبر سنا في العالم، وإن كان ذلك لما يتم إقراره رسميا في كتاب غنيس للأرقام القياسية.
وكان الرقم بحوزة امرأة من جمايكا تدعى، فيوليت موس براون، ولكنها توفيت في 15 سبتمبر/ أيلول 2017 وعمرها 117 عاما.
وقالت مؤسسة غينيس إنها تجري تحرياتها، مع علماء الأنساب، للتأكد من الشخص الأكبر سنا في العالم.
ولا يخفي فريدي أي سر عن طول عمره، ويقول" ليس هناك أي سر. إنه الله وحده، هو الذي بيده القوة، لا أملك شيئا من أمري، يمكن أن أسقط في أي وقت، ولكنه يسندني.
ويضيف بصوت عال وبلغة الأفريكانز: "أشعر بصحة جيدة، قلبي قوي، فقط رجلاي أصبحتا ضعيفتين، فلم أعد أمشي كما كنت".
وأصبح الرجل من المشاهير يقصده في بيته المتواضع، بمدينة كيب تاون، الكثير من الناس، بينهم وزراء في الحكومة، وهو سعيد بهذا الاهتمام الذي يلقاه. وفي عيد ميلاده أهداه مركز تجاري محلي كعكة عيد ميلاده.
عمل حتى عمر الثمانين
وتقول زوجته جانيتا، التي تصغره بنحو 29 عاما، وتعيش معه منذ 48 عاما، إن زوجها يتمتع بصحة جيدة ولم يذهب إلى المستشفى إلا مرة واحدة، منذ سنوات طويلة لعلاج مشكل في ركبتيه.
وتكشف الزوجة أن الكثيرين شككوا في سن زوجها: "أثيرت شكوك عندما طلب أوراق هوية، ولكن ابنة أخيه ذهبت إلى شرقي لندن واستخرجت شهادة ميلاده، وقدمتها للإدارة".
ويقول المتحدث باسم مصلحة الشؤون الاجتماعية في كيب تاون، سيهلي غوبيز، إن الحكومة أصدرت بطاقة هوية فريدي وهو مولود يوم 8 مايو/ أيار عام 1904.
وترك فريدي قريته أديلاييد في سن مبكرة، وانتقل إلى مدينة كيب تاون، ولم يكن يعرف القراءة والكتابة، لأنه لم يدخل المدرسة في حياته. ولكنه ينتعش عندما يتذكر طفولته.
يقول: "كنت أحب أن أخرج باكرا من البيت لأصطاد العصافير. كنت أشعر بالفخر وأنا أعود بالصيد معلقا في حزامي".
حصل على أول عمل في مزرعة، ثم انتقل بعدها إلى شركة بناء محلية تسمى فيبراكريت، تصنع الجدران.
"كنا نركب الجدران في كل المدينة. عملت في تلك الشركة طويلا، حتى تقاعدت في سن الثمانين".
يعيش فريدي في منطقة ديلفت، التي نتشر فيها الجريمة والعصابات، وهو يرى أن الحياة تغيرت كثيرا طوال السنوات التي عاشها: "كانت الحياة هادئة أكثر. وكان زمانا جميلا. لم تكن هناك جرائم قتل وسرقات. لم يكن أحد يتعرض للأذى، لم تكن هذه الأشياء أبدا. كان يمكنك أن تنام في سريرك طوال اليوم وعندما تستيقظ تجد أغراضك كما هي، لا أحد يقترب منها".
أما بخصوص التغير السياسي الذي حدث في جنوب أفريقيا و نظام التمييز العنصري، فلا يذكر عنه فريدي شيئا: "كنت أعمل في المزارع، ولم يكن لدي وقت لأهتم بشيء آخر. كنا نسمع القليل عن السياسة".
يبدو الأمر غريبا ولكنه حال الكثيرين من عمال المزارع مثل فريدي. فالكثيرون منهم أميون. كانت حياتهم منكبة على العمل ومنقطعة عن العالم الخارجي.
وكان العمال السود يعملون في ظروف قاسية بمزارع البيض، وكانو يمنعون من الاشتغال بالسياسة أو الانخراط في النقابات.
تقول زوجته إنه لا يأكل شيئا معينا. يحب أكل اللحم في كل وجبة، ولكنه يأكل الكثير من الخضروات أيضا.
ولا يزال فريدي قادرا على ارتداء لباسه، حسب زوجته، ولكنه يجد صعوبة في انتعال حذائه.
ويحتاج في بعض الأحيان إلى مساعدة حفيده في حلق ذقنه.
وكان فريدي يستيقظ في الرابعة والنصف صباحا عندما كان يعمل، ولكنه يتأخر الآن في الاستقياظ، ولا يقوم بأعمال كثيرة في البيت. يقول: "لم أعد أستطيع عمل أي شيء، لا أستطيع صعود السلم، أكتفي بالجلوس، ولا وقت لدي للتلفزيون السخيف".
وبدل مشاهدة التلفزيون يفضل الجلوس خارج البيت، ويلف ورقة جريدة أخرى، ويسقط مرة أخرى أمام غوية الشيطان.
أرسل تعليقك