جدة- العرب اليوم
استطاع خلال فترة زمنية قصيرة، أن يكون حديث العالم برؤيته الاقتصادية الصائبة وشفافيته في المعالجة التي تتسم بالشمولية حتى يكتب لها النجاح، أنه الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد ووزير الدفاع ورئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، الذي اختير الجمعة ضمن أكثر 50 شخصية عالمية مؤثرة في الأسواق العالمية، والحقيقة أن هذا الاختيار لم ينبع من فراغ، وإنما جاء ترجمة لعطاء متواصل على مدى 18 شهرًا كاملًا، جاب فيها العالم شرقه وغربه للترويج لرؤية 2030 التي حازت على إعجاب العالم، وكان من أبرز ما يمكن رصده هنا:
1- ترحيب اليابان أكثر من مرة بزيارة الأمير محمد بن سلمان لها مؤخرًا وحرصها على المشاركة في دعم تنفيذ الخطة بالاستثمارات والمشروعات في قطاعات الصناعات وتوطين التقنية، وهي المجالات التي غزت بها مختلف دول العالم.
2- وصف صندوق النقد الدولي الإصلاحات السعودية التي يقودها الأمير محمد بالجادة والدؤوبة، مؤكدًا أنها نجحت في تحجيم عجز الميزانية ليصبح العام المقبل أقل من 10% مقابل 16% خلال العام الماضي.
3- رؤية واضحة لسموه تتسم بالنظرة الثاقبة بضرورة التخلص من الاعتماد على النفط في كل الأحوال، في مؤشر على ضرورة الاستمرار بقوة في الخطة حتى لوعادت أسعار النفط إلى سابق عهدها فوق 100 دولار في عام 2020.
الدراسة والرؤية والتحول
عكف الأمير محمد بن سلمان على مدى عدة شهور متواصلة على دراسة أوضاع الاقتصاد السعودي بصورة متكاملة، مستعينًا بالتجارب العالمية ومستندًا إلى الأوضاع الداخلية، فكانت رؤية 2030 التي أبهرت العالم لتميزها بالشفافية والوضوح والأداء المرحلي للقياس، وكان لزامًا لذلك انطلاق برنامج التحول الوطني 2020 الذي يستهدف وضع الأسس الصحيحة للإصلاحات التي ستمتد حتى 2030.
ويبقى لافتًا في خطة الأمير محمد بن سلمان عدة جوانب تعالج الثغرات السابقة:
1- تشكيل لجان لمتابعة آليات التطبيق والتأكد من صحتها أثناء التنفيذ
2- الالتزام بالبرنامج المعد للخطة متلافيًا بذلك فتور الحماس للتنفيذ في برامج الإصلاح السابقة.
ولعل من الجوانب التي ترسم طريق النجاح للخطة، تكامل دور كافة الجهات الحكومية مع القطاع الخاص والمواطن الذي يعوَّل عليه بصورة شاملة، إذ لا يمكن أن تنجح الخطة على الإطلاق والقطاع الخاص يواصل وضع العراقيل أمام توظيف السعوديين مهما قدمت له من إغراءات، كما سيظل سوق العمل يعاني من أزمة مزمنة للاعتماد على العمالة الوافدة في مختلف التخصصات، وبالتالي لا بد من مقاربة أو موازنة جديدة تأخذ بعين الاعتبار مستجدات سوق العمل وواقع النشاط الاقتصادي، أما العامل الثاني فهو مشاركة كافة الوزارات والإدارات المعنية في الخطة بما يعطى لها صفة الشمولية، ومن أبرز القطاعات المستهدفة الصناعة والتجارة، إذ من الضروري رفع كفاءة المنتج الوطني وتوسع القاعدة الصناعية من أجل تقليل الاعتماد على الواردات من الخارج، في إطار منظومة شاملة تستهدف خفض الاعتماد على النفط من 71 % حاليًا إلى 35 - 40% بنهاية رؤية 2030.
ويستلزم ذلك تعزيز الاستفادة من المعادن الخام في المملكة، والتوسع في المصانع المختلفة التي يمكن أن تستفيد من المواد الخام المحلية والمزايا النسبية الأخرى، ولعل ذلك الأمر يستوجب ضرورة إزالة العراقيل أمام الصناعات الوطنية ومن أبرزها توفير الخدمات الأساسية في المناطق الصناعية. وتبقى الآمال قوية بشآن الأهداف العليا للخطة متمثلة في تنويع قاعدة الاقتصاد وإيقاف اعتماده على النفط، لأن هذا اليوم سيأتي إن عاجلًا أم آجلًا، وهو ما فطن إليه سمو الأمير محمد بن سلمان منذ وقت مبكر، وفي المحصلة النهائية تثبت الأيام صوابية الخطة، إذ لا يمكن لأحد أن يعتمد على اقتصاد ريعي طوال الوقت.
أرسل تعليقك