قدم الأمير تشارلز، أمير ويلز وولي العهد البريطاني، للإمارات العربية المتحدة نسخة إلكترونية من صفحات أقدم مصحف في العالم تم العثور عليها في مكتبة جامعة برمنغهام العام الماضي.
ويُرجح أن الصفحات المكتشفة لأقدم نسخ المصحف في العالم توجد في جامعة برمنغهام، ويبلغ عمر هذه النسخة نحو 1370 عاما واعتبرها الخبراء اكتشافا عظيما.
وتحتفظ الجامعة بهذه الصفحات منذ عشرينات القرن الماضي، حيث بقيت في مكتبتها ولم يلتفت إليها أحد، إلا أنه عند فحصها بالكربون المشع العام الماضي، تبين أنها أقدم مما تصور الجميع.
وكشف الفحص، الذي أجري في وحدة تقنية الكربون المشع بجامعة أوكسفورد، أن النص مكتوب على قطع من جلد الغنم أو الماعز، وأنها كانت من بين أقدم نصوص القرآن المحفوظة في العالم.
وهذه هي المرة الأولى التي تُنقل فيها نسخة إلكترونية من المصحف النادر خارج المملكة المتحدة، وستُعرض في عدد من المناسبات في الإمارات العربية المتحدة.
وتأتي هذه الخطوة ضمن فعاليات عام من التعاون الثقافي والاقتصادي بين بريطانيا والإمارات في مجالات الفنون والتعليم والرياضة والعلوم.
كما أن النسخة الإلكترونية تمثل عودة رمزية لصفحات المصحف إلى الشرق الأوسط، محل كتابتها في السنوات الأولى من ظهور الإسلام.
ويقول البعض من المختصين في الحضارة والتاريخ الإسلامي إن صفحات برمنغهام ذات أهمية كبرى في تاريخ القرآن، حيث يرجح جمال بن حويرب، المدير التنفيذي لمؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للدراسات الإسلامية في الإمارات، أنها ترجع إلى الصـحف التي طالب الخليفة أبوبكر الصـديق بكتابـتها.
وقال “فحصت الصفحات الأثرية بنفسي. أرى أنها كُتبت بشكل منمق على مادة خاصة، يرجح أنها صنعت من أجل شخص مميز مثل الخليفة”.
وعلل بن حويرب تأكيده هذا بما رآه من جودة الخط الذي كتبت به المخطوطة، ونوع الأوراق التي نسخت عليها، هذا إلى جانب نتائج تحليل “الكربون المشع” الذي تم إخضاع المخطوطة له. وطالب بأن تكون تلك المخطوطة العريقة التي لا تقدر بثمن، سببا في معاضدة مبدأ قبول الآخر، ودافعا للمزيد من التسامح بين الأديان، وقال “نحتاج لأن نحترم بعضنا بعضا، وأن نعمل معا. كفانا صراعات بين بعضنا البعض”.
وأكدت الباحثة الإنكليزية ألبا فيديل، التي عثرت على المخطوطة، أنها جزء من المخطوطة غير الكاملة للقرآن الكريم الموجودة في مكتبة باريس الوطنية.
وتشير الأبحاث فعلا إلى إمكانية أن تكون تلك الصفحات المكتشفة في برمنغهام ذات صلة بوثائق مشابهة في باريس، نقلها أحد مستشاري نابليون، وهو ما أكده الخبير الفرنسي المتخصص الدكتور فرنسوا ديروشي، الذي قال إنه “بعد تفحص المخطوطتين تبين أنهما مكتوبتان على ورق واحد وبخط حجازي واحد”.
وقال مختصون في دراسة الحضارة والتاريخ الإسلامي إن المخطوطتين تم أخذهما من مسجد عمرو بن العاص بمصر، وهو ما يبقي المجال مفتوحا أمام المزيد من التكهنات بشأن هذه المخطوطة النادرة. ويقول البروفيسور ديفيد توماس، الأستاذ المختص في المسيحية والإسلام، إن “هذه النصوص قد تعيدنا إلى السنوات الأولى من صدر الإسلام”.
وتعد هذه المخطوطة جزءا من مجموعة “منغنا” التي تضم أكثر من 3000 وثيقة من الشرق الأوسط جمعها في العشرينات من القرن الماضي ألفونس منغنا، القس الكلداني المولود قرب مدينة الموصل في العراق.
وقام منغنا برحلات إلى الشرق الأوسط لجمع تلك الوثائق برعاية من إدوارد كادبري، الذي ينتمي إلى أسرة عرفت بصناعة الشوكولاتة.
أرسل تعليقك