عمان - العرب اليوم
قال الدكتور والباحث الأردني أنور الجازي وهو أكاديمي في جامعة الحسين بن طلال كان لـ المملكة العربية السعودية ومنذ عهود طويلة مواقف كبيرة في دعم القضية الفلسطينية، على مختلف الأصعدة ومن كافة النواحي .
وأضاف: بدأت هذه المواقف مبكراً وقبل إنشاء دولة الاحتلال الإسرائيلي عام 1948، وحينما استشعر العرب وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية الخطر المحدق بفلسطين، رأوا أنه من الضروري إنشاء مؤسسة جامعة تجمع كلمتهم، وتوحّد صفهم.
الجامعة العربية
وتابع :" كان تأسيس الجامعة العربية عام 1945 والتي كانت السعودية إحدى الدول العربية الرئيسة التي ساهمت في تأسيسها، وأصرت على أن تكون القضية الفلسطينية على رأس أولويات وأجندات عمل الجامعة، وبعد ذلك بعام أي في 1946 كان للسعودية دور رئيسي آخر في تنظيم مؤتمري انشاص وبلودان وفي المقررات التي صدرت عن المؤتمرين الذين خصصا لمناقشة القضية الفلسطينية من مبدأ أن قضية فلسطين هي قلب القضايا القومية العربية، وباعتبارها بلد لا ينفصل عن باقي البلاد العربية، مع التأكيد على ضرورة مساعدة عرب فلسطين بالمال وبكل الوسائل الممكنة، عدا عن الدفاع عنها في حالة الاعتداء عليها.
جرأة وشجاعة
وتابع الدكتور أنور: "كانت السعودية في طليعة الدول العربية التي أرسلت قواتها للدفاع عن فلسطين في حرب 1948، ونقتبس من المصادر التاريخية ما يؤكد أهمية دور السعودية في هذه الحرب، ومن هذه المصادر ما وثّقه المؤرخ الفلسطيني عارف العارف، الذي يُعَد من أهم المؤرخين الذين كتبوا في تاريخ فلسطين؛ حيث قال العارف عن المعارك التي خاضها الجيش السعودي في فلسطين: "لقد أبلى جنود الجيش السعودي بلاءً حسناً في المعارك التي خاض غمارها، وكان الجنود من الجرأة والشجاعة وقوة الإيمان على جانب عظيم، وقد اشتبكوا مع اليهود في مواضع عديدة من جنوب فلسطين"، وتظهر التضحيات الكبيرة التي قدّمها الجيش السعودي إذا ما عرفنا أن هذا الجيش قدّم في الحرب أكثر من ثمانين شهيداً من مختلف الرتب العسكرية؛ من ضباط وضباط صف وجنود، هذا عدا عشرات الشهداء من المتطوعين المدنيين الذين أرسلتهم القيادة السعودية للمشاركة في الدفاع عن فلسطين.. وقد أفرد "العارف" فصلاً من مؤلفه عن تضحيات الجيش السعودي، وأسماء الشهداء الذين امتزجت دماؤهم الطاهرة بتراب فلسطين.
الدور السعودي
وتابع الأكاديمي في جامعة الحسين بن طلال: يستمر الدور السعودي الكبير في دعم القضية الفلسطينية من النواحي السياسية والمالية والعسكرية، خلال عقد الخمسينيات من القرن الماضي، وصولاً إلى عام 1956 حيث العدوان الثلاثي على مصر، والذي شاركت فيه إسرائيل، وحينها أعلن الملك سعود بن عبدالعزيز -رحمه الله- وقوفه إلى جانب مصر بكل الإمكانات المتاحة، كما أعلن التعبئة العامة في الجيش السعودي، وحث الدول العربية على إعلانها أيضاً، كما وقفت السعودية إلى جانب الأردن عندما تزايدت الاعتداءات الإسرائيلية على الحدود؛ فأرسلت في ذات العام لواءً من الجيش السعودي تمركزت قطاعاته في غور الأردن، كجزء من المبدأ الذي قطعته السعودية على نفسها بالوقوف مع أي بلد عربي يتعرض لعدوان.
الرد الفوري
وأضاف الدكتور أنور: "كان للسعودية في حرب حزيران 1967، دور محوري مهم في مساندة الأردن؛ فقد تمركزت قطاعات من الجيش السعودي بالقرب من العقبة، وأصدرت القيادة السعودية أوامرها بالرد الفوري على أي اعتداء تقوم به إسرائيل على هذه المنطقة، وبقيت هذه القوات ترابط في مكانها في جنوب الأردن حتى عام 1975، وفي مؤتمر الخرطوم الذي عُقد بعد انتهاء الحرب؛ برز دور السعودية في دعم القضية الفلسطينية والدول العربية التي تضررت من الحرب والتي تعرف بـ"دول الطوق العربي"؛ وذلك من خلال الدعم السياسي لمقررات المؤتمر، وتقديم المساعدات المالية الكبيرة لهذه الدول.. وفي حرب رمضان عام 1973 رابطت القوات السعودية على جبهة الجولان للدفاع عن سوريا، وخاضت المدرعات السعودية معارك شرسة ضد القوات المعتدية.
الدعم الاقتصادي
ويتابع الدكتور الجازي: في جانب الدعم الاقتصادي والمالي؛ فإن إسهامات المملكة العربية السعودية لا يمكن حصرها؛ فقد كانت -ولا تزال- من أكبر الداعمين والمساهمين لدعم صمود الشعب الفلسطيني، وقدّمت تبرعات سخية له منذ خمسينيات القرن الماضي؛ فكانت تدعم الصناديق المالية التي تقرها القمم العربية منذ قمة الخرطوم عام 1967 بمبالغ كبيرة، وكانت تُوفِي بالتزاماتها بشكل فوري؛ هذا عدا دعمها المالي لهيئات الأمم المتحدة المختصة بشؤون اللاجئين الفلسطينيين مثل الأنروا واليونسكو؛ حيث تُعَد السعودية من أكبر الداعمين لهذه الهيئات، بالإضافة للتمويل الإنمائي في فلسطين الذي يقدمه الصندوق السعودي للتنمية في قطاعات حيوية مهمة مثل الصحة والتعليم والإسكان. ومنذ تأسيس السلطة الفلسطينية كانت السعودية -ولا تزال- تساهم بشكل كبير في دعم موازنة السلطة لتتمكن من القيام بمشاريعها ودفع رواتب موظفيها.
الكرم العربي:
ويقول الدكتور "الجازي": "هذه المواقف الكبيرة والمشرفة للمملكة العربية السعودية مع فلسطين وشعبها؛ ليست وليدة حدث معين أو مرتبطة بزمن؛ بل لها جذور ممتدة في عمق التاريخ منذ عهد الملك عبدالعزيز آل سعود، ومستمرة عبر تاريخ المملكة الطويل وحتى هذه الأيام في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود يحفظه الله، وهي من الثوابت الرئيسية وفي مقدمة أولويات السياسة السعودية، مواقف لا يتبعها مِنة؛ فهي نابعة من كرمهم العربي الأصيل الذي لا ينكره إلا جاحد.
أرسل تعليقك