خطب الملك تسائل الحكومة بشأن جدوى المشاريع وتفشي اللامسؤولية
آخر تحديث GMT10:09:44
 العرب اليوم -

خطب الملك تسائل الحكومة بشأن جدوى المشاريع وتفشي اللامسؤولية

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - خطب الملك تسائل الحكومة بشأن جدوى المشاريع وتفشي اللامسؤولية

الملك محمد السادس
الرباط ـ العرب اليوم

تساءل الباحث كمال الهشومي عن مدى قدرة الحكومة المغربية على اجتثاث مظاهر اللامسؤولية والانعتاق من مظاهرها ونتائجها، حماية للمجتمع من مستنقع الفقر والتخلف، بالرغم من قوة الخطب الملكية المتوالية التي تضع الأصبع على الجرح النازف في جميع المجالات.

وأكد الباحث، أن الخطب الملكية "تشرح واقعا بينا يتطلب معالجات مستعجلة ويقينية، بإجراءات حاسمة، دقيقة ومضبوطة"، مضيفا أن مسلسل الإصلاحات الكبرى عرف تقدما كبيرا، بيْد أن "المشكل يظل في كيفية تنفيذ هذه المخططات".

وهذا نص مقال كمال الهشومي:

بمناسبة افتتاح السنة التشريعية الحالية ألقى جلالة الملك محمد السادس كالعادة وطبقا لدستور المملكة خطابا توجيهيا أكد من خلاله على مجموعة من الإجراءات والمبادرات، وهو الخطاب الذي لا يمكن عزله عن سياق الوضعية المجتمعية التي تناول جلالته واقعها في خطاب العرش وخطاب العشرين من غشت.

يبدو أن جلالة الملك وضع تصورا مدققا، على مدى قريب ومتوسط لا رجعة فيه، كنهه ومنتهاه المواطن المغربي، من أجل وضعية تنموية حقيقية بشكل عمودي، تستفيد منها كل فئات المجتمع، بما فيها تقوية وضعية تلك الفئة المقهورة والفقيرة. فالإكراه، كما جاء في العديد من الخطب، يتمثل في إشكالية البون الشاسع بين المخططات والمشاريع الضخمة وكيفية استفادة المواطن المغربي من نتائجها.

وحظ هذا المواطن هو أن يتتبع على شاشات التلفاز والجرائد وبالمواقع الإلكترونية تدشينات ومبادرات ضخمة دون أن يلمس شيئا من تلك المبادرات، وكأنه يتتبع تغطية لمشاريع في دولة غير تلك التي يحيا في أرضها ويشتم هواءها.

وهو ما يجعل اليوم من حق هذا المواطن أن يسائل الحكومة عن جدوى تلك المشاريع الممولة في جزء كبير منها بأموال ضرائبه التي يؤديها على بساطتها، ويطرح الإشكالية الحقيقية حول ما هي السبل الناجعة لتنزيل المشاريع الضخمة وترجمة نتائجها إلى نتائج ملموسة ومرئية ومحسومة ومعيشة من طرف الطبقات الشعبية.

وعليه يأتي الخطاب الذي يرتبط بمفهوم الكفاءات، والذي أعتقد أنه لا يمكن إخراجه عن هذا السياق، أي عن أية كفاءات نتكلم؟ وما طبيعتها؟ ولأي هدف؟

وحسب ما يبدو، فإن مسلسل الإصلاحات الكبرى في مختلف المجالات عرف تقدما كبيرا، سواء على مستوى التشخيص أو التخطيط أو إبداع الحلول أو توفير الوسائل والإمكانات أو مختلف الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية...

لكن المشكل يظل في كيفية تنفيذ هذه المخططات وهذه الاستراتيجيات المختارة والموجهة، أي أن زمن الإصلاحات الكبرى والمؤسسة بلغ حده أو استنفد مراحله، والإشكال يكمن في عدم مواكبة هذه المراحل مرحلة التنفيذ بنفس الرؤية والروح، وبالتالي ظل حبيسا للتصورات وللمخططات.

ويمكن أن نذكر هنا مئات المشاريع المهيكلة، التي إما عرفت بداية خاطئة في التفعيل أو ظلت رهينة رفوف الإدارات، نتيجة غياب الكفاءة أو الجرأة في المبادرة في التنفيذ. فعلى سبيل المثال لا الحصر؛ مخططات وبرامج التنمية بالجماعات الترابية عَصب وجوهر أي تنمية قاعدية حقيقية، إما لسوء تدبيرها أو لسوء التنسيق بين مكوناتها أو لسوء فهم مخرجاتها، أو لأسباب أخرى يضيق المجال هنا لذكرها، لكن النتيجة ما زالت إلى اليوم واحدة وهي دون المستوى.

فرغم تواجد الإرادة السياسية على أعلى مستوى، وتوفر الإمكانات المالية ما زلنا، مثلا، نجد أن مدينة الدار البيضاء تتخبط في طابعها غير المنظم والمخجل لسكانها ولمدبريها، ورغم تخصيص جلالة الملك خطابا بخصوص وضعيتها الرديئة، ثم وضعية المشاريع المعطلة المرتبطة باستكمال أوراش المشروع الضخم للطرق السيارة، ومشروع المخطط الصناعي، ثم المغرب الأخضر، الذي تعرض لانتقادات كبيرة من طرف الاتحاد الأوربي، الشريك الأساسي في هذا المخطط، هذا الأخير الذي نادى جلالة الملك من خلاله بإنتاج طبقة وسطى فلاحية في البلاد انطلاقا من جيل فلاحي يتواصل مع أهداف التنمية المستدامة، لكن التقييم العلمي لخبراء الاتحاد الأوربي خلص إلى وجود مجموعة من النقائص على مستوى التنفيذ، وعليه سيعرف مجموعة من التغييرات سنة 2020 من أجل المزيد من الفعالية وتحسين الرؤية والأبعاد.. أي أن هناك إشكالية الجرأة والكفاءة المتخصصة الميدانية بعيدا عن ربطات العنق ومكيفات المكاتب الفارهة.

إن فلسفة الخطب الملكية، التي نادت أكثر من مرة بالتكرار والتأكيد على أن المغرب في مرحلة حاسمة يتطلب قوة دفع لا رجعة فيها، تتمثل في القناعة الثابتة بأن شيئا ما ليس على ما يرام! رغم وجود تلك المشاريع الضخمة، في ظل وضعية وطنية مستقرة ومحترمة لجلب الاستثمارات، وقرارات استراتيجية بالتموقع، وتقديم الترشيح كلاعب أساسي في القارة الإفريقية، الفاتح والضامن لصلة الوصل، بلد موثوق به في الشراكة الإقليمية والعالمية، بلد الأمن والأمان والمستقبل، يتميز بوضعية إقليمية وعالمية تتسم بعدم التوازن في ظل عالم متحول ومسار عولمة متوحشة تأتي على الأخضر واليابس، وفِي ظل انهيار جدار الثقة بين الشعوب وممثليها، وانتشار ثقافة عدمية جوهرها رفض المؤسسات ومحاولة فرض الأمر الواقع، الذي يتجه نحو ثقافة حياة الغاب وفرض أساليب حياة وفق أهواء متشبعيها بعيدا عن القيم الكونية، وما حققته الحضارات الإنسانية من تراكم على مستوى القيم ومفاهيم ترتبط بالتنظيم والمدنية والعقلانية المنتصرة لقيم الحرية والعدالة والتضامن والتعاون، وفق قواعد وقناعات ومبادئ، بغض النظر عن التوجهات الفكرية التي تبقى اختيارا حقوقيا، لكن في إطار المتعاقد عليه وأساسا الحفاظ على وحدة المجتمع في تعدده وتنوعه.

لعل واقع الممارسة يوضح بما لا يدع مجالا للشك أن المشكل الراهن يتمثل في القدرة على المتابعة والفعل والتحرك وفق أساليب تدبيرية تترجم عموديا الخطط الموضوعة من أجل الوصول إلى الأهداف المخطط لها، ووفق نباهة وحس المكلف والمسؤول عن المهمة، مع الحفاظ دائما على الروح المرجعية للمبادرة أو للنص، ولنا في ذلك أكثر من مثال؛ بدءا بالإصلاحات الدستورية التي أقدم عليها المغرب منذ 2011، وكيف ابتهج المغاربة بإصلاحات عميقة، وأصبحت مجموعة من الأماني، التي كانت تمثل للحركة الديمقراطية المغربية مجرد حلم، مكتوبة بالخط العريض الواضح، لكن تفعيلها وترجمتها إلى قوانين وإلى إجراءات في كثير منها زاغت عن روحها ومنطلقها ومرجعية السياق الذي تم على بنائه اقتراحها، والأمر نفسه حينما يدشن جلالة الملك أحد المشاريع المهيكلة، التي قد تعود على سكان منطقة معينة أو على كل المجتمع بالخير والمصالح المشتركة، إذ نجد أن المجهود الذي يبذل في الإعداد لانطلاقه وعرضه على أنظار جلالته لا يوازيه أي مجهود، خاصة على مستوى البروتوكول والجمالية، لكن مباشرة بعد لحظة التدشين ومباركة جلالته لانطلاق المبادرة، تظهر في الأفق مشاكل كان من الممكن بقليل من النباهة والتخصص تجاوزها والانتباه إليها منذ البدء، وبالتالي تتسرب بعض الفضائح بكون مشروع ملكي دشن على أنقاض نزاع على العقار، أو كون المشروع دشن في منطقة لا تصلح لطبيعة هذا المشروع، أو كون طبيعة الأهداف المسطرة يصعب على المبادرة الوصول إليها... إلى غيرها من الأسباب التي تبرر وقف المشروع، ثم ما يرتبط بالمؤسسات العمومية، التي تنتشر فيها فضائح بالجملة، ويتم تحويل مسؤوليها وبعض منخرطيها وموظفيها على المسطرة القضائية وتتم إدانتهم، ومباشرة يتم تقديم اقتراح إلى جلالة الملك من أجل التعيين، ولا تكاد تمر مدة معينة حتى تسمع بمسلسل متابعات جديدة في نفس المؤسسة وفي حق المسؤولين الجدد. طبعا لا نعمم هنا بكون الجميع متهم، ولكن فقط في إطار التشخيص ومحاولة إعطاء أمثلة من الحالات التي للأسف تمثل واقعا بئيسا لخيانة الأمانة.

إن الرهان اليوم، ومن خلال التشخيص والأفق الذي وضعته الخطب الملكية، لا يحتاج إلى نباهة واسعة من أجل الفهم والاعتقاد، فهو يشرح واقعا بينا يتطلب معالجات مستعجلة ولكن يقينية، بإجراءات حاسمة، دقيقة ومضبوطة، ترتب الأولويات، وتنفذ وفق منطق علمي براغماتي يستجيب أولا وأخيرا لأسباب النزول، وهو اجتثاث مظاهر اللامسؤولية والانعتاق من مظاهرها ونتائجها، حماية للمجتمع من مستنقع الفقر والتخلف بكل أبعاده، الثقافية والاجتماعية والاقتصادية.

نقلا عن هسبريس

وقد يهمك أيضاً

جميلة المهيري تزور مجندات الخدمة الوطنية الدفعة الـ 8

: ملك المغرب يدين الهجمات المتطرفة في سيريلانكا

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خطب الملك تسائل الحكومة بشأن جدوى المشاريع وتفشي اللامسؤولية خطب الملك تسائل الحكومة بشأن جدوى المشاريع وتفشي اللامسؤولية



GMT 09:57 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يصبح أول رئيس أميركي يبلغ 82 عاماً وهو في السلطة

GMT 07:45 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

منى عبد الغني توجّه رسالة إلى محمد صلاح

GMT 11:06 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نيمار يشتري بنتهاوس بـ 200 مليون درهم في دبي

GMT 04:27 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

باريس هيلتون تحتفل بعيد ميلاد ابنتها الأول في حفل فخم

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله
 العرب اليوم - كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

1000 يوم.. ومازالت الغرابة مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:49 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد الأوروبي يؤجل عودة برشلونة إلى ملعب كامب نو

GMT 14:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئاسة الفلسطينية تعلّق على "إنشاء منطقة عازلة" في شمال غزة

GMT 06:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا لـ3 مناطق في جنوب لبنان

GMT 12:26 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت

GMT 13:22 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الإيراني يناشد البابا فرانسيس التدخل لوقف الحرب

GMT 13:29 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس دولة الإمارات وعاهل الأردن يبحثان العلاقات الثنائية

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 06:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يعلن عن مكافأة 5 ملايين دولار مقابل عودة كل رهينة

GMT 14:17 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نادين نجيم تكشف عن سبب غيابها عن الأعمال المصرية

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 23:34 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

يسرا تشارك في حفل توقيع كتاب «فن الخيال» لميرفت أبو عوف
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab