رحلة فتاة أفغانية من التفجيرات واللجوء إلى الالتحاق بجامعة أكسفورد
آخر تحديث GMT12:32:18
 العرب اليوم -

رحلة فتاة أفغانية من التفجيرات واللجوء إلى الالتحاق بجامعة أكسفورد

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - رحلة فتاة أفغانية من التفجيرات واللجوء إلى الالتحاق بجامعة أكسفورد

الفتاة الأفغانية سومية تورا
كابول - العرب اليوم

حياة قاسية تعيشها الفتيات فى أفغانستان بسبب انتشار عناصر التنظيمات المتطرفة فى كثير من البلدات النائية بالبلد الأسيوى، حيث تفرض التنظيمات الإرهابية قيودا على تعليم الفتيات هناك، ويضيق على الأسر ويستهدف الفتيات اللائى يذهبن للمدرسة، إضافة إلى تنفيذ عناصره العمليات التفجيرية التى تزهق أرواح المواطنين الأبرياء.

الوضع المتوتر فى أفغانستان، لم يجعل مشاهد إراقة الدماء تفارق مخيلة المواطنين هنالك، ولم يختلف الأمر كذلك لدى الفتاة الأفغانية سومية تورا، وهى لاجئةً أفغانية فى باكستان، ومن المنزل ذى غرفة النوم الواحدة، الذى كانت تعيش فيه "سومية" مع أربع عائلات، كان يمكن سماع أزيز الطائرات الأمريكية بدون طيار، وهى تهبط غير بعيد من مدينة بيشاور شمال غربى باكستان، حيث لجأت عائلتها فى حقبة التسعينيات هربا من المدّ الطالبانى.
 
وتقول سومية لـ"بى بى سى": "كنت أعيش فى خضم هذا العنف، لكن ذلك كان أمرًا واقعا، لم أكن أستطيع تغييره.. وأحيانا كانت تقع تفجيرات مرة أو مرتين أسبوعيا.. حتى أن الناس كانوا، أحيانا، يفضّلون تناسى الأمر والتعايش مع الوضع".

وتضيف سومية: "لكن هذا الوضع كان أفضل بكثير لدى مقارنته بنظيره فى أفغانستان، على الأقل كنت أستطيع الذهاب إلى المدرسة"، وفى زيارة إلى كابول عام 2002، عقب الاجتياح الأمريكى، لم تكن بنتٌ تستطيع الذهاب إلى المدرسة، إلا عبر التظاهر بأنها ولد، وكانت سومية، فى السادسة من عمرها، لكنها تتذكر جيدًا عندما تعهدت بأن تواصل تعليمها بكل جدّية.
 
وفى أكتوبر، كانت سومية، قد بلغت عامها الثانى والعشرين، وأصبحت بذلك أول أفغانية تحصل على منحة "رودس" بجامعة أكسفورد، بين 102 من الطلاب الحاصلين على مكان فى دفعة 2020 للدراسة ضمن منحة الدراسات العليا الأقدم فى العالم.
 
والآن، وبعد أن أنهت آخر فصل دراسى لها فى كلية إيرلهام للفنون الليبرالية فى ولاية إنديانا الأمريكية، تظهر سومية، بإطلالة برّاقة وهى مبتسمة، كما تُكذّب طلاقتُها فى الحديث ما كابدته من عناء فى رحلتها من اللجوء إلى الدراسات العليا فى أكسفورد.
 
ويقول تقرير "بى بى سى"، إنّ وصْف امرأة أفغانية بالمتعلمة هو أمر نادر فى حدّ ذاته، وتبلغ نسبة الأمية بين الإناث فى أفغانستان اليوم 17%، طبقا لإحصاءات منظمة اليونسكو، كما لا تزال الأرقام ضعيفة فى باكستان المجاورة، حيث يستطيع نحو 45% من النساء فقط القراءة، لكن يُتاح للبنات دخول المدارس، بخلاف الوضع فى أفغانستان، فحتى ذوو الأحوال الميسّرة غير مسموح لهم بإلحاق بناتهن بالمدارس".
 
وبضيف التقرير "إذن كان حظ سومية الجيد أن تنشأ فى باكستان، على حد كلامها، الذى اتسم بنبرة ساخرة وسط ما تحفل به المنطقة من فاقة ومخاطر.. وكانت آلاف العمليات التى تقوم بها الطائرات المسيَّرة الأمريكية تقع فى شمال غربى باكستان منذ 2004، فيما يُعرف بالحرب على الإرهاب.. وظل إقليم خيبر بختونخوا، الذى تقع فيه مدينة بيشاور، مسرحا رئيسيا لمكافحة الجماعات المسلحة على مدى عقود".
 
وفى عام 2014 الذى غادرت فيه سومية، بيشاور، تسببت عملية تفجيرية فى مقتل 139 طالبا، فى واحدة من أسوأ المذابح التى شهدها قطاع التعليم فى العالم على الإطلاق، وتقول سومية: "كنا نعيش فى ظل هذا النوع من التوتر والضغط.، كان هذا الشعور بعدم الأمان ملازما لنا، حيث أى شيء يمكن أن يقع فى أى وقت".
 
وكان طلب العلم مَخرجا، لكن حقوق اللاجئين محدودة؛ فلم يستطع والد سومية تأمين رخصة للقيادة، كما وجد صعوبة فى إلحاق ابنته بالمدرسة، ومن ثمّ كان عليها التطلع إلى الخارج، وفى عملية بحث محظوظة على الإنترنت، عثرت سومية على مدرسة ثانوية -"كليات العالم المتحد" - تمنح الطلاب من أنحاء العالم فرصة للتعلم.
 
ولم تخلُ أجواءُ تجربة تأمين مقعد فى المدرسة، فى نيو مكسيكو، من العنف، فبعد يوم من دخول سومية الامتحان فى كابول، فى مارس  2014، تعرّض الفندق الذى انعقد فيه الامتحان لهجوم دامٍ على أيدى مسلحى طالبان، وخلّف الهجوم على فندق "سيرينا" تسعة قتلى، بينهم رئيسة لجنة الاختيار بكليات العالم المتحد، روشان توماس، وهى كَندية كانت فى المدينة من أجل متابعة الامتحان.
 
وتتذكر سومية، كيف كانت روشان تشجّع الطلاب على استغلال الفرصة؛ أملاً فى "العودة ذات يوم إلى أفغانستان والقيام بشيء من أجل تغيير الأوضاع، لأن هذا هو الهدف الحقيقى"، وتقول سومية: "خاطرتْ روشان بحياتها.. لأنها آمنت بأن طلابا مثلى، من بلاد كأفغانستان، أو لاجئين من باكستان، ينبغى أن يحصلوا على فرصة لطلب العلم".
 
ارتبط اسم "رودس"، التى تقدم أحد أكثر المنح الدراسية شهرةً وتنافسية حول العالم، بالإمبريالية، وكان سيسيل رودس، قد أوصى عام 1902 بتدشين منحة للدراسات العليا فى أكسفورد، تستهدف فى الأساس تشجيع التقارب بين الولايات المتحدة وبريطانيا.. وكانت المنحة، فى معظم تاريخها، مفتوحة لرجال من الولايات المتحدة وألمانيا ودول الكومنويلث البريطانى، وكان رودس يدعم رؤية تستهدف "جمْع العالم كله تحت التاج البريطانى".
 
وتقول سومية: "لقد كان "رودس" إمبرياليا يؤمن بسيادة الجنس الأبيض، ولم يكن يريد أن يحصل أشخاص ملونون أو نساء على هذه المنحة الدراسية.. وهو ما جعلنى فى بادئ الأمر، أعزف عن التقديم للمنحة.. لكننى عدلت عن رأيى عندما اعتقدت أنه سيكون بإمكانى أن أقول لا"، ويتابع التقرير: "لكن الأصعب قبولها، وحمل عبء هذا الإرث، والإقدام على تغييره - إنها حقا مسؤولية"، وتتابع سومية: "هدانى تفكيرى إلى أنه لا مناص من الاعتراف بالتاريخ الاستعمارى.. وأن مسؤولية تغيير إرث منحة رودس تقع على عاتق أشخاص مثلنا".
 
وتضع سومية خططا لما بعد التخرج حول حركة اللجوء والهجرة، على أمل أن تعود يوما إلى ذلك البلد الذى نزحت منه عائلتها، بينما أصبحت أفغانستان، التى شاهدتها سومية، شوارعها خالية، ومبانيها مهدّمة، لكن ثمة أفغانستان أخرى فى مخيلتها، هى تلك التى دأب والدها على الحديث عنها، قبل أن تعصف بها الحرب وتحيلها إلى خراب، تقول سومية: "دائما ما أتخيلها واديا تزينه الجبال وتجرى خلاله الأنهار وعلى أرضه منازل كبيرة وجميلة ذات معمار رائع الطراز.. وفى الشوارع ثمار طازجة وأخرى جافة وجوز الهند.. أفغانستان جديدة تماما".

قد يهمك أيضًا

هجوم انتحاري في أفغانستان ومخاوف من سقوط مدنيين

وصول مسلحين سوريين مرتزقة من التنظيمات المتطرفة جندتهم تركيا إلى ليبيا

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رحلة فتاة أفغانية من التفجيرات واللجوء إلى الالتحاق بجامعة أكسفورد رحلة فتاة أفغانية من التفجيرات واللجوء إلى الالتحاق بجامعة أكسفورد



GMT 00:01 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

كيت ميدلتون ترسل رسالة لنجمة هندية بعد شفائها من السرطان

GMT 00:01 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

ابنة لجين عمران محط اهتمام الجمهور رغم إخفاء ملامحها

GMT 18:04 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تركي ال شيخ يعبر عن إعجابه بغناء محمد ثروت

GMT 18:05 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

رضوى الشربيني تكشف حقيقة زواجها

هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 16:06 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه
 العرب اليوم - بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه

GMT 07:06 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

وزيرا خارجية مصر وأميركا يبحثان هاتفيا الوضع في الشرق الأوسط
 العرب اليوم - وزيرا خارجية مصر وأميركا يبحثان هاتفيا الوضع في الشرق الأوسط

GMT 10:59 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حمية مستوحاة من الصيام تدعم وظائف الكلى وصحتها

GMT 08:56 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

هجرات جديدة على جسور الهلال الخصيب

GMT 17:12 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 31 شخصا على الأقل في هجمات إسرائيلية في قطاع غزة

GMT 03:11 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الخطوط الجوية الفرنسية تعلق رحلاتها فوق البحر الأحمر

GMT 22:38 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال بقوة 5.2 درجة على مقياس ريختر يضرب شمال اليونان

GMT 17:36 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة 32 جنديا بينهم 22 في معارك لبنان و10 في غزة خلال 24 ساعة

GMT 01:36 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

الدولة الفلسطينية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab