روى خطاط المصحف الشريف، الشيخ عثمان طه، موقفًا نادرًا وطريفًا، هو اختفاء أحرف القرآن الكريم بعد كتابتها، الذي حيَّره يومًا كاملاً.
وقال للزميل الإعلامي عبدالله العنزي: "من المواقف النادرة التي لا تخطر على بال: في يوم من الأيام كتبتُ صفحة من القرآن، أكملتها، واعتنيت فيها، ثم ذهبت وتوضأت، وأديت صلاة الظهر دون مُضي وقت كبير، بعدها عدت كي أكمل ما كتبتُ من الصفحة، ففوجئت بأن الخطوط غير موجودة! اندهشتُ، واستغربتُ؛ إذ بعد نصف ساعة من الكتابة وجدت الخط كله قد مُحي، وأصبح ورقة بيضاء!".
وأضاف: "تركت العمل، وأصبحت أفكر وأتساءل: يا تُرى، هل سُلط علي الجن حتى محوا ما كتبت!".
وأضاف: "بقيت يومها أفكر ومشغول البال، وفي حيرة. وعند صلاة الصبح، وأثناء ذهابي إلى المسجد، تذكرت الموضوع كيف حدث ذلك. أجدادنا الخطاطون الكبار عبر التاريخ يقولون إذا كتبت شيئًا قيمًا ضع في الحبر شيئًا من العسل؛ ليعطي للخط بريقًا، ويصبح الخط أجمل".
وأردف: "أنا امتثالاً لهذا الأمر عندما أكتب المصاحف أضع شيئًا من العسل على الحبر، فكتبت الصفحة، وظلت طرية، فجاء الذباب والتهم الخط كله!".
ودعا طه الجيل الشاب إلى الاعتناء بالخط العربي، مشيرًا إلى أنه فن وثقافة وحضارة.
وعن طريقته في كتابة المصحف الشريف، الذي كتبه (١٧) مره بيديه، يقول: "تستغرق كتابة المصحف كاملاً سنة ونصف السنة مع التدقيق والتركيز. وبعد الانتهاء من كتابة أي مصحف أسجد لله شكرًا ".
من جانب آخر، يتمنى خطاط المصحف الشريف الشيخ عثمان طه والدموع تفيض من عينيه أن يكون مواطنًا، ويقضي ما تبقى من عمره بالمدينة، ويُدفن فيها.
ويضيف: "لو كنت لاعبًا لكنت أكثر حظًّا، لكني راضٍ بما قسم الله، وأتمنى الفوز بالجنة".
ويتابع: "عمري ٨٥ عامًا. قضيت جُلَّها بالسعودية، وأتمنى الحصول على الجنسية السعودية، وأتمنى من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان تحقيق ذلك؛ لأن أبنائي غادروا السعودية مع عوائلهم بسبب الرسوم!".
واستذكر زوجته التي رآها في المنام بعد وفاتها بالمدينة: "توفيت زوجتي بالمدينة المنورة قبل عام، ودفنتها بالبقيع، وبعد شهر رأيتها بالمنام تقول لي: أنا سبقتك، ونلت شرف الموت بالمدينة. وأتمنى أن أدفن بالبقيع، وأن أقضي حياتي الأخيرة فيها بجوار المصطفى صلى عليه وسلم".
وأشار إلى أنه عُرضت عليه الجنسية من دول عدة، ورفض، ولا يرغب إلا بالسعودية؛ كي يجتمع بأبنائه هنا.
وأشاد طه بقيادة السعودية الرشيدة، ودورها في العناية بالإسلام والمسلمين، وقال: "حكام السعودية كرماء، وقدموا الكثير لخدمة القرآن الكريم، ووجدت كل عناية ورعاية طيلة عملي (٣٥ عامًا) خطاطًا للمصحف الشريف بمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة. وفقهم الله، وحمى مملكتهم".
وكان الخطاط عثمان طه قد كتب أول مصحف في عام 1970 لوزارة الأوقاف السورية.
وفي عام 1988م جاء للمملكة العربية السعودية، وعُيِّن خطاطًا في مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف في المدينة المنورة، وكاتبًا لمصاحف المدينة النبوية منذ عام 1408 هـ الموافق 1988م.
ويمتاز المصحف الذي استخدم خطه بأن كل الصفحات تنتهي مع نهاية إحدى الآيات.
وكتب الخطاط عثمان طه بخط يده لمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف 17 مرة، وطُبع منها ما يزيد على 200 مليون نسخة، وُزِّعت على مختلف دول العالم.
أرسل تعليقك