أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، أهمية الحفاظ على المواقع التراثية، ومنحها الاهتمام والرعاية الكاملين، كونها تمثل جزءاً محورياً من تاريخ دبي، ودولة الإمارات على وجه العموم؛ إذ تمثل تلك المناطق الجسر الذي يربط الأجيال الحالية والمقبلة، بتاريخهم وثقافتهم الأصيلة؛ وهي العناصر التي تمثل الركيزة الأساسية التي ننطلق منها نحو المستقبل.
وقال سموه: إن «الحداثة والمعاصرة لا تكتملان إلا باستيعاب التاريخ والتعلم من دروسه، والاحتفاء بما منحه إيانا من شواهد تنقل لنا صورة الماضي الذي عاشه آباؤنا وأجدادنا، وكيف صنعوا البدايات الأولى لنهضتنا الحديثة.. الحفاظ على تراثنا الحضاري وثقافتنا التي توارثناها عبر الأجيال، وما قدمته لنا من إرث فكري وإبداعي مسؤولية وطنية وتاريخية نحملها اليوم، وسيحملها أبناؤنا وأحفادنا».
جاء ذلك خلال تفقد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، يرافقه سمو الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم نائب حاكم دبي، وسمو الشيخ أحمد بن محمد بن راشد آل مكتوم، رئيس مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، مشروع تطوير منطقة الشندغة التراثية في دبي، الذي يأتي في سياق عملية التطوير الحضاري للمناطق التراثية في الإمارة، بما يليق بمكانتها كشواهد على مرحلة مهمة من تاريخ دبي لمعاصرتها البدايات الأولى لنهضتها الحديثة، وكانت بمثابة المهد الذي انطلقت منه إنجازاتها المعاصرة.
وأشار صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم إلى أهمية العمارة، كجزء أصيل من التراث الثقافي لدولة الإمارات. وقال إن «العمارة التراثية الإماراتية جزء من ثقافتنا وهويتنا، وعلى الأجيال الجديدة الحفاظ عليها وتطويرها، لتبقى شاهدة على قدرة الإنسان الإماراتي على الإبداع، وحسن توظيف الإمكانات المتاحة لتقديم الحلول الأكثر ملاءمة لبيئته، التي تعينه على تطويع الظروف المحيطة به، وهو ما يتجلى في الإرث العمراني المميز الذي تركه لنا الأجداد، بكل ما يعبر عنه من معانٍ تاريخية وإنسانية كبيرة».
واستمع سموه، خلال الجولة، إلى شرح عن الإنجازات التي تم تحقيقها في مشروع تطوير منطقة الشندغة الذي تقوم بتنفيذه بلدية دبي، بالتعاون مع دائرة السياحة والترويج التجاري في دبي، وهيئة دبي للثقافة والفنون، إذ اطلع سموه على مجموعة من اللوحات التوضيحية، التي شملت مراحل عمل المشروع.
وتناول الشرح العناصر التي روعيت في عملية التطوير، بهدف الحفاظ على الطراز المعماري المميز، النابع من البيئة الصحراوية التي نشأ فيها، والذي يتسم - كما هي الحال في التراث المعماري لمعظم دول منطقة الخليج العربي - ببساطة التصميم، والتناغم في الألوان، ومواد البناء المستخدمة مع البيئة المحيطة، وملاءمة الظروف المناخية، علاوة على مراعاة تصميماتها للعادات والتقاليد العريقة للمنطقة.
وتابع صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم مدى الإنجاز المتحقق في مشروع تطوير المناطق التراثية؛ بما فيها منطقة الشندغة، إذ تم الانتهاء من ترميم 150 مبنى تاريخياً، بما في ذلك بيت الشيخ سعيد بن مكتوم آل مكتوم في حي الشندغة، حيث تتولى إدارة التراث العمراني والآثار ببلدية دبي عمليات الترميم، وفق أرقى المعايير العالمية، وبمشاركة نخبة من الخبراء والمتخصصين.
كما اطلع سموه، خلال زيارة منطقة الشندغة التاريخية، على المجلس التراثي الذي نفذه المكتب الهندسي التابع لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، احتفاء بجانب مهم من التراث الإماراتي، بما يحمله المجلس من قيمة كرمز من الرموز الاجتماعية، التي تعبر عن مدى التلاحم والترابط بين أبناء الإمارات، ويعكس جزءاً مهماً من ثقافتهم وتقاليدهم العريقة، التي لاتزال محتفظة بمكانتها حتى اليوم.
وتعرف سموه إلى مكونات المجلس، الذي يمتد على مساحة تزيد على 11 ألف قدم مربعة، وهو من طابقين، وروعي فيه الطراز المعماري الإماراتي الأصيل، وتناغمه مع المنطقة المحيطة، بكل ما تمثله من قيمة تاريخية وتراثية.
رافق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، خلال الزيارة، رئيس مجلس إدارة هيئة دبي للثقافة عبدالرحمن محمد العويس، ورئيس مجلس أمناء مكتبة محمد بن راشد آل مكتوم محمد المر، ومدير عام بلدية دبي المهندس حسين ناصر لوتاه، ومدير عام دائرة السياحة والتسويق التجاري في دبي هلال سعيد المري، ومدير عام دائرة التشريفات والضيافة في دبي خليفة سعيد سليمان، ومدير عام المكتب الهندسي لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، عبدالله الحباي.
يقوم مشروع تطوير المناطق التراثية على مجموعة ركائز أساسية، أهمها تعزيز روابط المواطنين بتراثهم وجذورهم التاريخية، وترسيخ مكانة دبي كوجهة سياحية من الطراز الأول، تتنوع فيها الخيارات لتجمع بين أصالة الماضي وحداثة المعاصرة، ما يسهم في تحقيق الهدف الاستراتيجي المتمثل في استقطاب 20 مليون سائح بحلول عام 2020، وفق رؤية دبي السياحية؛ وبما يعزز مكانتها كأفضل وجهة ثقافية حيوية، تتجلى فيها مشاهد العراقة جنباً إلى جنب مع المنجزات الحضارية المعاصرة.
وتضم المنطقة العديد من الخدمات المصممة لملاقاة كل متطلبات الزوار؛ مثل مركز الاستقبال والمطاعم والفنادق والمنافذ التجارية ومحال الهدايا التذكارية والمنتجات التراثية؛ وسط أجواء تفوح بعبق الماضي، بما يمنح الزائر تجربة تنقله إلى أجواء تلك المرحلة بكل تفاصيلها العريقة، علاوة على الاهتمام بالجوانب التثقيفية، من خلال ورش عمل تعليمية؛ كالمركز الثقافي المجتمعي، الذي يربط الشباب بالحرف والمهن التقليدية، من أجل إعادة إحيائها في الوقت الحاضر.
أرسل تعليقك