دعا الشيخ عبد اللطيف دريان الذي انتخب الاحد مفتيا جديدا للجمهورية اللبنانية، الى الاصلاح والى مكافحة "العنف باسم الدين"، منددا بطرد مسلحي تنظيم الدولة الاسلامية للمسيحيين من العراق، ومطالبا بتحسين العلاقات السنية الشيعية.
وشدد دريان (61 عاما) على توحيد دار الفتوى، اعلى مرجعية دينية للسنة في لبنان، والتي شهدت خلال العامين الاخيرين من ولاية سلفه الشيخ محمد رشيد قباني، خلافات مرتبطة بقضايا فساد، واخرى سياسية على خلفية النزاع السوري الذي يقسم لبنان بين متعاطفين مع المعارضة ابرزهم "تيار المستقبل" بزعامة رئيس الحكومة السابق السني سعد الحريري، ومتحالفين مع النظام ابرزهم حزب الله الشيعي.
وقال دريان "اننا محتاجون اليوم وغدا الى مكافحة الفقر والحاجات الاجتماعية، ومكافحة التشدد والتطرف والعنف باسم الدين في اوساطنا، ومحتاجون الى تواصل وتفاهم اكبر في العلاقات الاسلامية الاسلامية والاسلامية المسيحية".
اضاف في خطاب بعد انتخابه "(اننا) محتاجون لبلوغ كل ذلك الى فكر اصلاحي ومبادرات اصلاحية كبرى"، مضيفا ان هذه المهمات "تتطلب منا ان نقوم بواجباتنا في الاصلاح ومكافحة التشدد".
وتابع "ديننا دين الاعتدال، وديننا دين التسامح والعيش المشترك، ولست ازعم ان التربية الاسلامية لو استقامت سوف تعالج كل مشكلات التطرف، ولكن لنقم بمهماتنا الاصلاحية، ثم لنطالب الآخرين بالقيام بواجباتهم".
ونال دريان 74 صوتا من اصوات اعضاء "مجلس الانتخاب الاسلامي" في الجلسة التي اقيمت في دار الفتوى في بيروت. وشارك في التصويت 93 عضوا من اصل 103 يشكلون المجلس المؤلف من شخصيات سنية ابرزها رؤساء حكومة سابقون ونواب ووزراء.
وانتقد دريان التطرف وتنفيذ الجهاديين الذين يسيطرون على مناطق واسعة في سوريا والعراق، عمليات قتل واعدامات وطرد الاقليات الدينية خصوصا المسيحيين في شمال العراق.
اضاف "بيننا وبين المسيحيين في الوطن والثقافة والقومية شراكات ووجوه عيش عريق فكيف يرغم المسيحي بالموصل وغير الموصل على ترك الدين والدار، وتتهدد حريته وكرامته وحياته من هذه الجهة أو تلك وباسم قهر فاجر ما أنزل الله به من سلطان؟".
اضاف "إن الدفاع عن الدين والوطن والعيش المشترك يقتضينا نحن اللبنانيين جميعا، ونحن العرب جميعا، أن نقوم معا بالواجب الديني والأخلاقي والوطني والعربي في مكافحة هذه الفئة الباغية على المسيحيين كما كافحنا ونكافح هذا التطرف دفاعا عن ديننا وإنساننا".
واعتبر "تهجير المسيحيين والفئات الأخرى أو اضطهادهم من ضمن ظواهر الطغيان والتطرف والتمييز، والتي ينبغي مكافحتها اليوم قبل الغد"، معربا عن مشاعر "التضامن والتعاطف" مع "الشركاء المسيحيين".
وقال "ما يجري في العراق وسوريا ولبنان واليمن وليبيا هول هائل، وما نصنعه بانفسنا يكاد يعجز عن صنعه الاسرائيليون في غزة وفلسطين، ولا علة لذلك غير الطغيان والتطرف".
كما دعا الى تحسين العلاقات بين السنة والشيعة، لا سيما في لبنان ذي التركيبة السياسية والطائفية الهشة، حيث ادى النزاع السوري والخلاف حول سلاح حزب الله، الى تعميق الخلاف بينهما.
وقال "العلاقات بين الشيعة والسنة في داخل الاسلام وفي داخل لبنان، اقل ما يقال فيها انها ليست على ما يرام، وانا على يقين ان احدا منا سواء اكان رجل دين او سياسيا، ما قصد الاساءة الى وحدة المسلمين او اللبنانيين".
اضاف "لكن وقعت الواقعة، وتفاقمت النزعة المذهبية والطائفية لا بد من المبادرة، لأن الخسائر هائلة، ولأن الفتنة بحسب ما جاء في القرآن الكريم لا تنال من المتورطين فقط".
اضاف "إن هذا الشر المستطير لا ينال فقط من وحدة الأوطان لكنه إنما ينال أول ما ينال من ديننا الذي ساء مشهده ليس في العالم البعيد فقط، بل وفي العالمين العربي والإسلامي".
واتى انتخاب دريان المقرب من "تيار المستقبل"، ثمرة توافق بين التيار والمفتي قباني، اثر مفاوضات قادتها مصر. وشهدت الدار خلافات بدأتبين قباني و"تيار المستقبل" على خلفية الموقف من النزاع السوري، وتشعبت لتشمل اتهامات بالفساد للمفتي ومقربين منه، ما ادى الى انقسام كان يهدد بانتخاب مفتيين في 15 ايلول/سبتمبر، مع نهاية ولاية قباني الذي يشغل منصبه منذ العام 1996.
وقال دريان ""لقد أصاب دار الفتوى، ما أصاب الوطن في السنوات الماضية من انقسام من حولها، وانقسامات في قلب مؤسساتها"، معتبرا العملية الانتخابية "إرادة قوية من جانب كل المسلمين في لبنان في مواجهة المشكلات وتسديد المسار".
وبعيد انتخابه، زار دريان مع قباني دارة رئيس الحكومة السابق سعد الحريري الذي عاد الى بيروت الجمعة اثر غياب دام ثلاثة اعوام.
ودعا الحريري في كلمة خلال مأدبة غداء على شرف المفتيين، دار الفتوى والعلماء المسلمين الى عدم "التردد، أو التخلف عن مواجهة التطرف، وإنقاذ رسالة الإسلام والمسلمين من السقوط في هاوية الإرهاب".
وشهد لبنان سلسلة تداعيات للنزاع السوري، آخرها قيام مسلحين جهاديين الاسبوع الماضي بمهاجمة حواجز للجيش واقتحام بلدة عرسال (شرق) الحدودية. وقتل في المعارك التي استمرت خمسة ايام، 18 عسكريا. كما اسر المسلحون 19 جنديا و17 عنصرا من قوى الامن الداخلي، قبل انسحابهم الاربعاء الى الجرود.
المصدر: أ ف ب
أرسل تعليقك